في رسالة لجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في «ملتقى إبراهيم لنهاية الأسبوع حول الحكامة»: أكد جلالة الملك محمد السادس، أول أمس السبت بمراكش، أن إفريقيا منظمة ومتضامنة، قائمة على حكامة ناجعة، قادرة على توفير المنافع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي تتطلع إليها شعوبها بكل مشروعية. وشدد جلالة الملك في رسالة وجهها إلى المشاركين في «ملتقى إبراهيم لنهاية الأسبوع حول الحكامة»، الذي ينظم بمراكش تحت الرعاية السامية لجلالته، على أن «الحكامة المثالية بالنسبة لقارتنا، يجب أن تستند على مجموعة متناسقة وناجحة من التجارب الخارجية وملاءمتها مع السياق الإفريقي، وعلى طرق عمل داخلية متجددة، وممارسات مبتكرة على المستوى القاري». وأشار إلى أن الدول الإفريقية ملتزمة بالقيم الكونية، غير أنها لا يمكن أن تقبل باستيراد أو فرض نماذج جاهزة للحكامة، لكونها نتاج تراكمات تاريخية محددة، ومسارات خاصة. وقال جلالة الملك في هذا الصدد «بيد أنه يمكن الاستفادة من هذه النماذج، من خلال ملاءمتها وتعديلها، لتصبح مناسبة للسياق الإفريقي، وبالتالي تنفيذها بنجاعة، وتبنيها من طرف الجميع». وعلاوة على ذلك، تضيف الرسالة الملكية، فإن إفريقيا تمتلك آليات تضامن متأصلة فيها، وممارسات عريقة، ليس من العدل تجاهلها، بل ينبغي فقط تحديثها وتعديلها. وأشارت الرسالة الملكية إلى أن «إفريقيا اليوم، قادرة بوسائلها الخاصة، على إبداع قواعد عمل ومخططات تنظيمية مبتكرة، من أجل شعوبها، وإذا أردنا أن ندعم التعاون البيني الإفريقي بالوسائل اللازمة لبلوغ هذا الهدف الاستراتيجي، فلا بد لنا من تبادل تجاربنا وخبراتنا، ومن الاستثمار الأمثل لنقاط التكامل بيننا». وتابع جلالة الملك «هذا هو التوجه الذي اعتمدته المملكة في عملها، منذ عدة سنوات، من خلال تعاونها مع شركائها المتعددين في إفريقيا : وهو ما تجسده مصادقتها على العديد من اتفاقيات التعاون، وفتح جامعاتها ومعاهدها في وجه الطلبة الأفارقة، وتفعيل مجموعة من المبادرات الهامة على المستويين الثنائي والإقليمي، خاصة في مجالات الأمن الغذائي والطاقة وبنيات الإنتاج والخدمات، إضافة إلى التنمية البشرية». وفي هذا السياق، أكد جلالة الملك أن «أولوياتنا ترتكز على تشجيع سلاسل القيم، إقليميا وقاريا، ودعمها باستثمارات جديدة، وتحديد الأولويات، وبلورة هندسة مالية مبتكرة وتدابير مواكبة مناسبة»، مضيفا جلالته أن «طموحنا من أجل إفريقيا يرتبط بالقدرة على الاختيار، وقياس الآثار، ووضع وتنفيذ المشاريع، وعلى تعبئة التوفير المحلي». كما يتعين، تؤكد الرسالة الملكية، إنجاز كل مراحل هذا المسار، في إطار من الشفافية والحكامة الجيدة، مع الحرص على أن يتم تبنيه من طرف كل الفاعلين وتركيز الجهود، في كل أرجاء القارة، على التربية والتكوين، ودعم قدرات الأجيال الصاعدة. وشدد جلالة الملك على أن إفريقيا «لا تشكل أي تهديد، لا لذاتها ولا لغيرها. بل على العكس من ذلك، فهي تشكل فضاء للتنمية المستدامة الواعدة، ومجالا منفتحا على كل الشراكات»، مشيرا إلى أن الموارد الهائلة، التي تزخر بها القارة، ما تزال تنتظر تثمينها والاستغلال الأمثل الجدير بها. وأكد جلالته أن كل الفاعلين، من قادة سياسيين ومسؤولين حكوميين ومنتخبين ورجال أعمال وفاعلين من المجتمع المدني، مطالبون بالمساهمة في هذا المجهود، في إطار من التنسيق الشامل. من أجل منظمة أممية أكثر ديمقراطية وأكثر تمثيلية من جهته، أكد الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان على أهمية إدخال إصلاح على النظام المعتمد داخل هذه الهيئة الأممية حتى يتلاءم مع التغيرات التي يعرفها العالم حاليا. وقال إن إصلاح هذه الهيئة الدولية الكبيرة يتطلب إعادة النظر في تركيبتها المعقدة. وأشار إلى أنه قدم سنة 2005 برنامجا لإصلاح هذه المنظمة الدولية غير أنه تراجع عن قراره بعد مرور ستة أسابيع على ذلك قبل أن يقدم اعتذاره لعدم بلوغ هذا الهدف، مذكرا بأن التركيبة الحالية للمنظمة ترتكز على الواقع الجيو- سياسي القائم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. من جهة أخرى، أوضح عنان أن منظمة الأممالمتحدة لا تستطيع تدبير المشاكل المطروحة على الصعيد العالمي بمفردها، مشددا على كون هذه الهيئة أصبحت في حاجة ماسة إلى شراكات، وخاصة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لما يزخران به من طاقات خلاقة ومبدعة. وبعد أن استعرض تجربته الغنية داخل منظمة الأممالمتحدة، أعرب كوفي عنان عن أسفه لعدم استغلال الفرصة التي أتيحت آنذاك من أجل إحداث مقاعد دائمة جديدة لجعل مجلس الأمن أكثر ديمقراطية وأكثر تمثيلية. ويشكل هذا المنتدى، الذي يتزامن هذه السنة مع احتفال مؤسسة محمد إبراهيم بمرور عشر سنوات على اتخاذها موضوع الحكامة الرشيدة في صلب خطابها التنموي الشامل، مناسبة سانحة لإجراء حوار بناء ومستنير وصريح يهدف إلى تعزيز الحكامة الرشيدة والقيادة في إفريقيا. كما يعد هذا الملتقى، الذي يسعى إلى طرح التحديات التي تواجه القيادة في القرن ال21 ومناقشة التحديات المقبلة والفرص الماثلة أمام القارة الإفريقية، احتفالا سنويا بارزا تقيمه مؤسسة محمد إبراهيم كل سنة في مدينة إفريقية . كما يعتبر الملتقى حدثا للحوار رفيع المستوى حول القضايا التي تشكل أهمية كبيرة بالنسبة لإفريقيا. إفريقيا تقف عند نقطة تحول أكد التقرير الأخير ل»مؤسسة محمد إبراهيم» أن مستقبل القارة الافريقية يعتمد على قدرتها على الاستجابة بشكل جيد لانتظارات وتطلعات شبابها. وأبرز التقرير الذي تم نشره بمناسبة انعقاد «ملتقى إبراهيم لنهاية الأسبوع حول الحكامة» الذي تنظمه «مؤسسة محمد إبراهيم»، على مدى ثلاثة أيام (7-9 أبريل الجاري) أنه «على الرغم من التطور الملحوظ التي تحققه القارة إلا أنها تواجه اليوم خطرا حقيقيا بالتراجع»، مؤكدا أن مستقبل القارة يعتمد وقبل كل شيء، على قدرتها على تسخير طاقاتها والاستجابة على النحو الأمثل لانتظارات وآمال فئة الشباب التي تشكل غالبية سكان القارة. وأضاف التقرير، الذي يحمل عنوان «افريقيا عند نقطة التحول»، أن فئة الشباب دون 25 عاما تشكل اليوم 60 في المائة من ساكنة القارة، وأن هذه الأخيرة ستصبح في 2050 موطنا لنحو 452 مليون نسمة تقل أعمارهم عن 25 سنة أي أزيد من 60 في المائة من إجمالي الساكنة بأوروبا سنة 2015. وسجل التقرير، الذي اعتمد كأرضية للنقاشات الرفيعة المستوى بهذا الملتقى بين شخصيات متميزة من القطاعين الخاص والعام وشركاء بارزين من خارج القارة، أن حوافز وقدرات وطموحات فئة الشباب تشكل مقومات أساسية للبلدان الافريقية، محذرا في هذا السياق، من أن « المكاسب الديمقراطية بإفريقيا معرضة لخطر التبديد». وأبرزت المؤسسة في تقريرها أن هناك أعدادا كبيرة من شباب افريقيا تشعر بأنها مجردة من الآفاق الاقتصادية ومحرومة من التعبير عن آرائها في ما يتعلق ببناء مستقبل قارتها. وأشار إلى أن دورة السلع الأولية ساهمت في الرفع من نمو الناتج الداخلي الخام للعديد من الدول الإفريقية غير أنها لم تخلق بالمقابل فرصا جديدة للشغل. وجاء في التقرير أنه على مدى السنوات العشر الأخيرة وفي الوقت الذي شهد فيه إجمالي الناتج الداخلي الخام في افريقيا نموا بمعدل سنوي بلغ 5ر4 في المائة، ظلت مستويات البطالة بين فئة الشباب عند مستوى مرتفع، مستحضرا في هذا السياق، حالة جنوب افريقيا التي تعتبر ثاني أكبر اقتصاد في افريقيا إلا أنها غير قادرة على توفير وظائف لأكثر من نصف سكانها من فئة الشباب. ولفت الانتباه إلى أن من شأن «الشعور بالخيبة اتجاه الديمقراطية وانعدام الفرص الاقتصادية تأجيج النزوح إلى الهجرة وأشكال التطرف العنيف». وأبرز واضعوا التقرير في هذا الصدد، أن «الارهاب أصبح مؤسسة تتصف بالتنظيم الجيد وتبلغ قيمتها المليارات الدولارات مع تنامي سيطرتها على تجارة المخدرات والاتجار في البشر وعلى أنحاء أخرى من السوق السوداء»، معتبرين أن «الوظائف والمكانة والشعور بالانتماء الذي يبدو أن هذه المؤسسة تمنحه للشباب المعزولين عن الاقتصاد السائد قد تشكل عناصر أكثر جذبا لهم من الايدلوجيا في حد ذاتها». وحسب السيد محمد ابراهيم رئيس مجلس إدارة مؤسسة «محمد ابراهيم» فإن طاقات وطموحات الشاب بإفريقيا تشكل المورد الأفضل لتعزيز جهود التقدم في أنحاء القارة، قائلا «إن آمال الشباب قد تتحول إلى مزيج من الاحباط والغضب ما لم يحصلوا على عمل ويحظوا بفرصة لإحداث تأثير في مستقبلهم الخاص». واستطرد قائلا إن «افريقيا تقف عند نقطة تحول، فالقرارات التي تتخذ اليوم ستحدد ما إذا كانت القارة ستواصل نهوضها أم أنها ستتراجع، كما أن القيادة الحكيمة والإدارة الرشيدة تشكلان عنصرا أساسيا في ذلك أكثر من أي وقت مضى». ويعرف «ملتقى إبراهيم لنهاية الأسبوع حول الحكامة» مشاركة شخصيات من عوالم السياسة والأعمال والإعلام والمجتمع المدني من إفريقيا والعالم. وتشكل هذه التظاهرة، التي تتزامن هذه السنة مع احتفال «مؤسسة محمد إبراهيم» بمرور عشر سنوات على اتخاذها موضوع الحكامة الرشيدة في صلب خطابها التنموي الشامل، مناسبة سانحة لإجراء حوار بناء ومستنير وصريح يهدف إلى تعزيز الحكامة الرشيدة والقيادة في إفريقيا. كما يسعى الملتقى، الذي يستند إلى مؤشر «إبراهيم للحكامة في إفريقيا لعام 2016 : عقد من الحكامة في إفريقيا» للنظر في العقد القادم وتحديد المسار للمضي قدما من أجل تطور القارة، إلى طرح التحديات التي تواجه القيادة في القرن ال21 ومناقشة التحديات المقبلة والفرص الماثلة أمام القارة الإفريقية. ويشكل هذا الملتقى احتفالا بارزا تقيمه «مؤسسة محمد إبراهيم» كل سنة في مدينة افريقية، كما يعتبر حدثا للحوار رفيع المستوى حول القضايا التي تشكل أهمية كبيرة بالنسبة لإفريقيا.