الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    إعادة انتخاب باتريس موتسيبي رئيسا للاتحاد الإفريقي لكرة القدم    أنشيلوتي: "أثق بقدرة الريال على إقصاء أتلتيكو"    إحباط عملية تهريب 26 كيلوغراما من "الشيرا" بميناء الناظور    يسار يقدم "لمهيب" في الدار البيضاء    رياض مزور يوقع اتفاقية شراكة مع "التجاري وفا بنك" لتعزيز رقمنة التجار    بعد التساقطات المطرية..النسبة الإجمالية لحقينة السدود بالمملكة تتجاوز 30 في المائة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    روسيا تقصف سفينة "قمح جزائري"    القضاة يحاصرون نتنياهو والأخير يخرج عن طوره أثناء المحاكمة    المعارضة تكتسح انتخابات غرينلاند    أوروبا تؤكد الرد على رسوم ترامب    أخنوش يؤكد مواصلة الحكومة تحسين العرض الصحي استجابة لمتطلبات ورش الحماية الاجتماعية    توتر في باماكو بسبب ترحيل المهاجرين غير النظاميين من موريتانيا    أبطال أوروبا.. برشلونة يستعيد هيبته و"PSG" يقهر ليفربول وإنتر يلاقي البايرن في الربع    الركراكي يعلن الجمعة عن لائحة المنتخب الوطني التي ستواجه النيجر وتنزانيا    إنزو نجل مارسيلو ينضم لمنتخب إسبانيا    أليو سيسيه على رأس العارضة الفنية لمنتخب ليبيا    بعد أزيد من 40 يوما من الاعتصام.. مسيرة ليلية ببني ملال احتجاجا على استمرار طرد حراس الأمن بالمستشفى الجهوي    لجنة العدل بمجلس النواب تشرع في مناقشة لمشروع قانون المسطرة الجنائية    دراسة: التغذية غير الصحية للحامل تزيد خطر إصابة المولود بالتوحد    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    انهيار منزل بحي العكاري يخلّف حالة من الهلع ووفاة سيدة    كيوسك الأربعاء | انتعاش متفاوت لسدود المغرب.. بعض الأحواض تجاوزت 50 %    استئناف المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وموسكو لا تستبعد التواصل مع واشنطن بشأن اقتراح الهدنة    الذهب يستقر في هذا المستوى    مرتيل.. ضبط مستودع مليء بمواد غذائية فاسدة ومنتهية الصلاحية    الأسلحة والمعادن ‬وإنهاء ‬نفقات ‬المينورسو‮!‬ (‬(3    أطعمة يفضل الابتعاد عنها في السحور لصيام صحي    أمن تطوان يجهض عملية تهريب 17 ألف قرص مخدر ويوقف أربعة متورطين    الصين: ارتفاع في إنتاج ومبيعات السيارات في فبراير 2025    مفتي تونس: عيد الأضحى سُنة مؤكدة ولا يمكن إلغاؤه    دعم إفريقي لترشيح السيدة بوعياش لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    تصوير الأنشطة الملكية.. ضعف الأداء يسيء للصورة والمقام    زلزال إداري يهز قطاع التربية الوطنية بعد إعفاء 16 مديرا إقليميا    انطلاق مسابقات تجويد القرآن الكريم في إطار رمضانيات طنجة الكبرى    أنفوغرافيك | المغرب ومؤشر القوة الناعمة العالمية لعام 2025    الشرقاوي: وكالة بيت المال القدس الشريف نفذت أزيد من 200 مشروعا كبيرا لفائدة المقدسيين منذ إحداثها    الحقائق تنتصر والشائعات تتلاشى    وهبي يقْسِم أنه لن يعدل المادة 3 من المسطرة الجنائية للتبليغ عن الفساد    مغرب الحضارة الضرورة التاريخية : شركات عمومية للأمن الغذائي    موكوينا يدخل في صراع مع جماهير الوداد    أمطار الخير ترفع مخزون سدود الحوض المائي لأم الربيع إلى 84.5 مليون متر مكعب    الناصيري ينفي الإساءة إلى حجيب    صيدلاني يشجع الشك في "الوعود الدعائية" للعقاقير الطبية    بنكيران .. القرار الملكي لا يدخل ضمن الأمور الدينية وإنما رفع للحرج    المسرح يضيء ليالي الناظور بعرض مميز لمسرحية "الرابوز"    كيف يؤثر الصيام في رمضان على الصحة ويحسنها؟    14 مدينة هندية من بين العشرين عالميا ذات الهواء الأكثر تلوثا    تناول السمك يتيح تطور الشخصية الاجتماعية عند الأطفال    تنظيم الملتقى الأول ل''رمضانيات السماع و المديح للجديدة    ‬"وترة" يدخل دور العرض بعد رمضان    شخصيات عربية وإفريقية وأوروبية بارزة تنعى الراحل محمدا بن عيسى    برعاية إبراهيم دياز .. أورنج المغرب تطلق برنامج Orange Koora Talents    ملخص كتاب الإرث الرقمي -مقاربة تشريعي قضائية فقهية- للدكتور جمال الخمار    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عزت الأحمر» أو فينيق بغداد
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 05 - 07 - 2014

قيل أنه مات، لكن عزت ابراهيم الدوري الذراع الأيمن لصدام حسين المُطارَد من القوات الأمريكية بالعراق التي خصصت جائزة بقيمة عشرة ملايين دولار لكل من يساعد في القبض عليه، لا زال مختفيا و هو يخوض اليوم إلى جانب جهاديي داعش انتفاضة تُغرق البلاد في الدم.
من هو هذا البعثي العتيد، كيف كان مساره و هل من مكان له في العراق المدمى و المقسم حاليا؟
في مكان ما بالموصل، في شقة سرية، رأت النور طفلة احتضنها والدها بين ذراعيه لبرهة قبل أن يواصل الهرب.أطلق عليها إسم «تحرير». هذا الحدث السعيد ، الذي نقلته صحيفة الحياة اليومية، حصل في يونيه 2005. في تلك الفترة، كانت الموصل ، عاصمة الشمال العراقي، على شفير الحرب الأهلية.فالهجمات ضد القوات الأمريكية كانت شبه يومية و دموية في غالب الأحيان.
اختيار إسم الطفلة لم يتم احتفاء بميلاد عراق جديد، متحرر من ربقة الدكتاتور، بل يجسد على العكس، الوعد بالثأر و أحلام استرجاع والدها لسطوته، لأن الصغيرة تحرير هي البنت الحادية عشر لعزت إبراهيم الدوري، الذراع الأيمن و أمين أسرار و صديق الطفولة المخلص أبدا لصدام حسين. ففي بداية ذاك الصيف من العام 2005 ، استبدل الحاكم السابق للعراق صولجان الحكم و المجد بمنامة المساجين و أظهره التلفزيون شيخا فاقدا للكرامة يستعد لملاقاة قضاة بغداد.
أما عزت ابراهيم الدوري الذي تريده الولايات المتحدة حيا أو ميتا، عارضة على كل من يقدم معلومات تُفضي إلى اعتقاله، جائزة بعشرة ملايين دولار، فلا زال في منأى عن الأسر. و يبدو أن الهارب مصاب بلوكيميا تضطره إلى استبدال دمه بشكل منتظم، كما أن صوره قبل الاختفاء تظهره شاحبا و نحيلا. قيل أنه مات في المعركة في منطقة تكريت و قيل أنه يحتضر ثم اختفى فأشيع بأنه لجأ إلى سوريا أو تركيا أو السعودية، و من منفاه ذاك كان يمول و يسير الانتفاضة المسلحة ضد الاحتلال الأمريكي.
اليوم، أحد عشر عاما بعد سقوط النظام السابق بفضل الأمريكيين، فإن عودته إلى الساحة العراقية عودة عاصفة. فمن سخرية القدر أن استيلاء قوات داعش على الموصل تتصادف، يوما بيوم تقريبا، مع ذكرى ميلاد ابنته تحرير، و كذا مع ذكرى وفاة ميشيل عفلق، أحد مؤسسي حزب البعث، الذي ظل عزت الدوري دوما أحد أعضائه المتحمسين. فهو اليوم يقود القوات البعثية العالية التدريب التي ترافق قوات داعش و «تمسك» المدن التي يحررها الجهاديون.
لقد كبر عزت إبراهيم الدوري إلى جانب صدام حسين. أصغر منه بخمس سنوات ، ولد عزت إبراهيم في صيف 1942 بقرية الدورة في محافظة صلاح الدين. ترعرع وسط أسرة متواضعة بدأ مساره كبائع مثلجات في حي فاضل ببغداد. و يقول أتباعه أن هذه الحرفة كانت في الواقع غطاء له كي يقوم ، بعيدا عن الأعين، بالثورة على الجنرال الشيوعي عبد الكريم قاسم، الحاكم منذ 1958.
في نهاية الخمسينات، انضم إلى خلية سرية لحزب البعث. التقى فيها بصدام حسين، و هو شاب طموح سيصبح تابعا له و يخدمه بل يعبده حتة النهاية المأساوية لهذا الأخير..هذه التحركات السياسية الأولى تسببت له في اعتقال دام ثلاث سنوات بين 1963 و 1966 . و فور إطلاق سراحه سيقوم بانقلاب جديد في 30 يوليوز 1968، حيث كان يقود الدبابة الثانية التي اقتحمت القصر الرئاسي. كللت العملية بالنجاح و تم تثبيت حزب البعث في الحكم. تحت رئاسة أحمد حسن البكر، أصبح عزت ابراهيم وزيرا للفلاحة (1972) ثم وزيرا للداخلية (1974)، و في سنة 1979 حين تولى صدام حسين الحكم قام فورا بترقية عزت ابراهيم الدوري إلى منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة الهيأة العليا في الهرم البعثي .
و رغم ما تعرض له العديد من رفاق صدام حسين من إقصاء أو تصفيات، إلا أن عزت ابراهيم المخلص الوفي ظل في منأى عن هذه العواصف بل زادت الروابط بين الرجلين بوشائج أسرية، إذ أن ابنته هوازن تزوجت لفترة قصيرة عدي ابن صدام حسين قبل أن يطلقها. و مع ذلك لم يؤثر هذا الحدث على علاقة الصهرين صدام و عزت.
و قد استفاد عدد من أقارب عزت الدوري من ترقيات كبيرة وسط النخبة الحاكمة. و هكذا تم تعيين صابر عبد العزيز حسين الدوري و هو ابن عم عزت ابراهيم، قائدا للاستخبارات العسكرية العتيدة، خلال الحرب ضد ايران (1980-1988). كان محافظا لبغداد سنة 2003 فتم اعتقاله و محاكمته و تم الحكم عليه بخمسة عشر عاما سجنا. و منذ رحيل الأمريكيين، لا زال يقبع في المكان الذي أعدم فيه صدام حسين، في الكاظمية،معقل المخابرات العسكرية للنظام السابق الذي كان مركزا لتعذيب المعارضين و الشيعة على وجه الخصوص.
كما تم تعيين عدد آخر من أبناء عمومة الدوري من طرف صدام حسين كسفراء أو ضباط مخابرات.و و كلهم ينتمون إلى الطريقة الصوفية النقشبندية، و هي الطائفة القوية في مناطق كركوك و الموصل. و يبدو أن صدام حسين قد قرب منه هذه الأقلية كي يراقبها أكثر و يسيطر عليها، خاصة أن التكتم و السرية اللذين يطبعان الطائفة النقشبندية يفيد عمل أجهزة الاستخبارات بشكل جيد.
يبدو عزت ابراهيم الدوري المدعو «أبو حمرا» بلونه الأمهق و بلباسه الواسع عليه دوما، و كأنه مريض، بيد أن هذا المظهر المرضي لم يمنعه من تنظيم حملات قمعية بيد من حديد. و في الثمانينات قام «عزت الأحمر» كما أصبح يُدعى، و «علي الكيماوي» (علي حسن الماجد) بحملة «الأنفال» ضد الانتفاضة الكردية مما أدى إلى مقتل حوالي 180 ألف كردي، من بينهم خمسة آلاف في حلبجة في يوم واحد هو 16 مارس 1988 . و لذلك تابعته العديد من منظمات حقوق الإنسان معتبرة إياه مجرم حرب، و في 1999 أثناء تواجده بأحد مستشفيات فيينا طالبت هذه المنظمات باعتقاله إلا أن السلطات النمساوية تركته يعود بدون أدنى مشكل.
و من المعروف أن «عزت الأحمر» قام بنسج تحالفات مع البعث السوري بقيادة حافظ الأسد. ففي 1990 نسبت إليه الصحافة علاقات جيدة مع أنجال حافظ الأسد خاصة منهم باسل الأسد (الإبن البكر الذي لقي مصرعه في 1996) و ماهر قائد الحرس الجمهوري حاليا و اللواء الرابع المعروف بوحشيته و دمويته. و حسب مصادر أمريكية فإن هذا الثلاثي مارس لعدة سنوات تهريب النفط الأمر الذي ضخم بشكل هائل من ثروة عزت الدوري و هي الثروة التي يمول بها الانتفاضة الحالية في العراق.
بعد تنفيذ عقوبة الإعدام في صدام حسين، أصبح عزت إبراهيم القائد الرسمي لحزب البعث العراقي. و بذلك جمع معظم قواته تحت لواء «جيش الطريقة النقشبندية». و يُعتبر النقشبنديون مرتدين من طرف السنيين الراديكاليين مثل القاعدة، غير أن هذا لم يمنع من قيامهما معا بعمليات مشتركة ضد الأمريكيين أو الاحتفال بقيام الخلافة الإسلامية ل»داعش».
بيد أن هذه الشراكة الظرفية، هناك مفارقات تحمل منذ الآن بذور خلاف لا مناص منه. فحاليا يحتاج الدوري إلى القوة الضاربة ل»داعش»، و بعد ذلك ؟ يبدو الرجل في عدد من الفيديوهات مُعافى سليما معتمدا على رجال مسلحين أقوياء، جامعا الشرعية التاريخية و السياسية بالعراق، مما يجعله متحوزا على ورقة ذات أهمية قصوى في نظر بغداد و الأمريكيين و هي ورقة «الجوكر».
«سيسيل هينيون»
عن صحيفة «لوموند» الفرنسية
فاتح يوليوز 2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.