"نعطيو الكلمة للطفل" شعار احتفالية بوزان باليوم العالمي للطفل    بين الأخلاق والمهنة: الجدل حول رفض الدفاع عن "ولد الشينوية" ومحامي يدخل على الخط    ارتفاع إنتاج الطاقة الكهربائية الوطني بنسبة 2,4 في المائة عند متم شتنبر الماضي    الجنائية الدولية :نعم ثم نعم … ولكن! 1 القرار تتويج تاريخي ل15 سنة من الترافع القانوني الفلسطيني    إنجلترا: وفاة أكبر معمر في العالم عن 112 سنة    النظام العسكري الجزائري أصبح يشكل خطرا على منطقة شمال إفريقيا    سعد لمجرد يصدر أغنيته الهندية الجديدة «هوما دول»    الاعتداء على مدير مستشفى سانية الرمل بالسلاح الأبيض    بينهم آيت منا وأحمد أحمد.. المحكمة تؤجل البت في طلبات استدعاء شخصيات بارزة في قضية "إسكوبار الصحراء"        الجواهري: مخاطر تهدد الاستقرار المالي لإفريقيا.. وكبح التضخم إنجاز تاريخي    معاملات "الفوسفاط" 69 مليار درهم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    ما هي أبرز مضامين اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل بين لبنان وإسرائيل؟    المغرب جزء منها.. زعيم المعارضة بإسرائيل يعرض خطته لإنهاء الحرب في غزة ولبنان    دين الخزينة يبلغ 1.071,5 مليار درهم بارتفاع 7,2 في المائة    المغرب التطواني يندد ب"الإساءة" إلى اتحاد طنجة بعد مباراة الديربي    النقابة الوطنية للإعلام والصحافة … يستنكر بشدة مخطط الإجهاز والترامي على قطاع الصحافة الرياضية    "بين الحكمة" تضع الضوء على ظاهرة العنف الرقمي ضد النساء    الجزائر و "الريف المغربي" خطوة استفزازية أم تكتيك دفاعي؟    في حلقة اليوم من برنامج "مدارات" : عبد المجيد بن جلون : رائد الأدب القصصي والسيرة الروائية في الثقافة المغربية الحديثة    العائلة الملكية المغربية في إطلالة جديدة من باريس: لحظات تجمع بين الأناقة والدفء العائلي    التوفيق: قلت لوزير الداخلية الفرنسي إننا "علمانيون" والمغرب دائما مع الاعتدال والحرية    أساتذة اللغة الأمازيغية يضربون    نزاع بالمحطة الطرقية بابن جرير ينتهي باعتقال 6 أشخاص بينهم قاصر    الجديدة مهرجان دكالة في دورته 16 يحتفي بالثقافة الفرنسية    توقيف ستة أشخاص في قضية تتعلق بالضرب والجرح باستعمال السلاح الأبيض ببن جرير    اللحوم المستوردة تُحدث تراجعا طفيفا على الأسعار    توهج مغربي في منافسة كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي بأكادير    مسرح البدوي يواصل جولته بمسرحية "في انتظار القطار"    شيرين اللجمي تطلق أولى أغانيها باللهجة المغربية    اتحاد طنجة يكشف عن مداخيل مباراة "ديربي الشمال"            برقية شكر من الملك محمد السادس إلى رئيس بنما على إثر قرار بلاده بخصوص القضية الوطنية الأولى للمملكة    القنيطرة.. تعزيز الخدمات الشرطية بإحداث قاعة للقيادة والتنسيق من الجيل الجديد (صور)    الأمم المتحدة.. انتخاب هلال رئيسا للمؤتمر السادس لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    غوارديولا قبل مواجهة فينورد: "أنا لا أستسلم ولدي شعور أننا سنحقق نتيجة إيجابية"    مواجهة مغربية بين الرجاء والجيش الملكي في دور مجموعات دوري أبطال أفريقيا    حوار مع جني : لقاء !    مرشد إيران يطالب ب"إعدام" نتنياهو    الدولار يرتفع بعد تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا والصين    المناظرة الوطنية الثانية للفنون التشكيلية والبصرية تبلور أهدافها    عبد اللطيف حموشي يبحث مع المديرة العامة لأمن الدولة البلجيكية التعاون الأمني المشترك    تزايد معدلات اكتئاب ما بعد الولادة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي    اندلاع حريق ضخم في موقع تجارب إطلاق صواريخ فضائية باليابان    ملتقى النقل السياحي بمراكش نحو رؤية جديدة لتعزيز التنمية المستدامة والابتكار    إطلاق شراكة استراتيجية بين البريد بنك وGuichet.com    صقر الصحراء.. طائرة مغربية بدون طيار تعيد رسم ملامح الصناعة الدفاعية الوطنية    الرباط.. انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشخاص من ذوي النفوذ نهبوا المخطوطات النادرة من الخزانة الوطنية

{ أستاذ إدريس خروز، بعد عقد من الزمن من تحمل المسؤولية على رأس المكتبة الوطنية للملكة المغربية، ما هي المياه التي جرت تحت النهر؟ كيف كان حال المكتبة؟ وما هو وضعها اليوم؟
أولا العمل الذي أعتز به هو أن المكتبة الوطنية التي كانت خزانة عامة، كانت مؤسسة مهملة، بدون ميزانية، بدون تكوين وبدون مشروع وبدون مقر. لقد كانت خزانة عامة موروثة عن الحماية، وأدَّت دورها إلى نهاية الخمسينيات. ومباشرة بعد الاستقلال بدأت الخزانة تنهار على مستوى التمويل والميزيانية، وعلى مستوى الإمكانات البشرية.
مع الحماية، بعد الجنرال الفرنسي «ليوطي»، أُعطيت للخزانة مكانة هامة في معرفة المغرب أنتثروبولوجيا، ثقافة ودينا. وهي المهمة التي كانت تقوم بها كلية الآداب ومهد الدراسات الإسلامية العليا. كل هذا تُرجم في الخزانة العامة كمؤسسة مكلفة، من طرف الفرنسيين، بخلق ذكاء ثقافي ومعرفي في خدمة المغرب.
الدليل على هذا الأسماء التي كانت مسؤولة في الخزانة العامة مثل: ليفي بروفنسال، ونحن نعرف أن أسماء مثل روبير مونتاني وجاك بريرك... باحثون كانوا يشتغلون في المخابرات الفرنسية. هؤلاء كانوا يشتغلون في الإطار الذي خلقته الخزانة العامة والأرشيف، مثل دوكاستري الذي كان ليوتنا في المخابرات الفرنسية. لكن ما بقي للتاريخ هو أنه من أحسن المؤلفين في البحث تاريخ المغرب. لا يمكن للمرء أن يشتغل على تاريخ المغرب دون الرجوع إلى هذه الأعمال، لقد بدأ «دو كاستري»مساره في الجيش الفرنسي ثم انتهى باحثا في تاريخ المغرب.
{ ماذا أصبح دور مؤسسة الخزانة العامة بعد استقلال المغرب؟
مباشرة بعد الاستقلال بدأت الخزانة العامة تعرف مشاكل كثيرة، لأنها كانت مهملة، المخطوطات نهبت والمجموعات سُرقت وأُهديت.
{ من سرق المخطوطات؟
السرقة كانت تتم على المستوى الرسمي. ناس في مستوى عال كانوا يأخذون المخطوطات وينهبونها ويقدمونها هدايا.
{ مخطوطات مثل ماذا؟
مثل مخطوطات الملحون التي نعرف من أخذها ولكننا لا نعرف إلى أين ذهبت أو لمن أُهديت. إلى أن جاء سي أحمد التوفيق وحاول العمل في مجال المخطوطات. ورغم قلة الإمكانات عمل مجهودات جبارة على مستوى المخطوطات إلى حدود وصول حكومة التناوب التي أخذت على عاتقها العمل على إخراج المكتبة الوطنية إلى الوجود.
{ ماذا عن جمعية أصدقاء المكتبة الوطنية؟
نعم، جمعية أصدقاء المكتبة الوطنية التي تضم سي أحمد التوفيق، وأعضاؤها اشتغلوا إلى جانب محمد الأشعري الذي كان وزيرا للثقافة آنذاك. وذلك لقي استجابة من طر ف الحسن الثاني. تم اتخاذ القرار في سنة 1999 وأعطي لها اسم «المكتبة الوطنية للمكتبة المغربية». صدر الظهير المؤسس وتم تعييني في سبتمير 2003.
{ ما هي المستويات التي انطلق منها المشروع؟
انطلق المشروع على أربعة مستويات:
1 - على المستوى المؤسساتي المكتبة الوطنية مؤسسة عمومية تحظى بالاستقلال المادي والقانوني، تابعة لوزارة الثقافة على مستوى المجلس الإداري، لكنها مستقلة، بمعنى أن ميزانيتها تُناقش مع وزارة المالية، ومعناه أيضا أن المدير مسؤول ويحاسب. أي أنها مؤسسة قائمة الذات. أما مهامها فهي في جمع وحفظ والتعريف بالتراث المغربي المكتوب وغير المكتوب بصفة عامة خدمة للقراء، وهذا مستوى جد مهم.
المستوى الثاني هو أن المغرب نجح في بناء مقر جديد انطلق في بداية 2004، وكان حظ المكتبة الوطنية أن المدير المعين أشرف على بناء المؤسسة الجديدة. لقد ساهمتُ في تهيئ المشروع على المستوى النظري، الذي على أساسه وضعنا تصورا للبناية كي تكون بناية ذات قيمة تليق بمكانة المغرب وبتاريخه. فكان من أولى مهامي وضع تصور للبناية، بمعنى جعل المكتبة الوطنية تنخرط في مغرب ما بعد 1999، مابعد اعتلاء محمد السادس العرش.
ثالثا، يمكن الحديث على مستوى الطموح والأمل الذي كان عندنا بعد حكومة التناوب في بداية 2003. وهذا ما جعل البناية من الطراز العالمي.
المستوى الرابع هو مستوى التجاوب مع حركية القراء والباحثين، ومستوى انفتاح المكتبة كبناية على مدينة الرباط، على حدائقها وبهوها. فهي بناية مفتوحة لا يحيط بها سور، بل الحدائق، والزجاج يعطي الشفافية والهدوء والهيبة مما يفرض على القارئ والباحث احترام المؤسسة.
{ يمكن الحديث هنا عن دور المهندسين وكفاءتهم؟
نعم، التصور كان بناء على تجاوب المهندسين والمكتبيين والباحثين والمثقفين. فالجمعية تضم باحثين وفنانين ورسامين. كما قمنا بزيارات للمكتبات العالمية لأخذ أحسن نموذج وتكييفه مع واقع الرباط.
{ ذلك معناه أنكم صرفتم ميزانية كبيرة.
صحيح، لقد صرفنا ميزانية كبيرة. خاصة أن هذه البناية جاءت غير بعيدة عن البناية التاريخية الأم التي بنيت سنة 1926، وهي بناية عتيقة ومهمة تقع بين كلية الآداب، وهي اليوم ملحقة بالمكتبة الوطنية.
هناك أيضا مستوى مهم، فمباشرة بعد تعييني، وأنا في الأصل أستاذ باحث متخصص في الاقتصاد، وكممارس للسياسة وكباحث في العلاقات الأرومتوسطية، سبق أن شاركت في العديد من المجالات، هذه العلاقات والخبرات وظفتها لصالح المكتبة. وأعتبر أن علاقاتي يجب أن تكون في خدمة المكتبة.
{ تقصد العلاقات التي تربطك بشخصيات ومؤسسات دولية؟
بالضبط، فهذه العلاقات ساعدتني على عقد اتفاقيات التعاون مع جامعات في فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا وانجلترا. مما جعلنا مباشرة، منذ 2005 نبدأ في تطبيق الاتفاقيات وتكوين الموارد البشرية. فسنة بعد تعييني بدأنا في تكوين الموارد البشرية. لأن من قبل كان موظفو الخزانة العامة، للأسف، لا يأتي إليها من تربطهم علاقة بأشخاص لهم نفوذ أو غير مرغوب فيهم، أي أن المكتبة كانت مجالا للتهميش. لقد وجدت عقلية عند الموظفين جعلتهم يشعرون بعدم الاهتمام بالعمل. فتكوين الموارد البشرية كان يقتضي إعطاء الاعتبار لهؤلاء الذين انخرطوا في مجال الكتاب. والنتيجة ظاهرة اليوم.
{ في ماذا ساعدهم التكوين؟
التكوين ألزمهم الانخراتط في المشروع لاكتساب قناعة مقاولة الثقافة، بمعنى أن المكتبة تحاسب على مستوى المردودية، وهذا يقتضي أن يكون للمدير مشروع يترجمه إلى برامج وعمليات، حتى ينخرط كل موظف في جزء من هذا المشروع حتى تكون المشاريع متكاملة خدمة للمشروع الشمولي للمكتبة الوطنية.
ساهم أيضا هذا التكوين على مستوى العطاء والمحاسبة، أن الموظف أصبح يعتبر المكتبة منتمية إليه، وليست للمدير أو للوزارة. وهناك أيضا التكوين على مستوى المجال المكتبي. آنذاك كنا بعيدين حتى عن تونس أو الجزائر. لكن التكوين على مستوى الفهرسة والمنظومة المعلوماتية، وعلى مستوى الرقمنة، ومعالجة المجموعات، تطلّب منا عددا من السنين المتلاحقة. وقد كان التمويل كان على مستوى عالمي.
{ كيف كان عملكم على مستوى مجموعات الكتب، خصوصا وأنها كانت مهملة كما أشرتم.
كانت المجموعات مهملة، وغير معروفة، وأطنان الجرائد توضع على الكتب في مختلف المعارف، باستثناء المخطوطات التي عمل عليها الأستاذ التوفيق. فأعطينا أهمية للعمل في مجال تنظيف المخازن وإعادة بناء الرفوف واقتناء رفوف جديدة، مع أن الميزانية ضعيفة. وقد استعملت علاقاتي وشرعت في البحث عن الدعم. فالمخازن التاريخية كانت في وضع يرثى له. فكان من الضروري التنظيم على مستوى التسلسل التاريخي للمجموعات. هذا تطلب منا عملا جبارا.
{ إذن العمل الأولي كان هو إنقاذ ما هو موجود.
نعم، لقد بدأنا العمل في 2004 من أجل حماية الشيء الموجود. كانت الكتب تُسرق، وهناك من يرشي الموظف ليخرج له الكتاب، والأناس الذين لهم نفوذ هم من قاموا بذلك.
{ هل هناك حادثة معينة يمكن ذكرها في سياق ذوي النفوذ؟
حين بدأت أحارب عملية نهب المكتبة من طرف ذوي النفوذ، جاء أحد النافذين ليحتج ويطلب الولوج إلى المخازن. لكننا أقنعناه بضرورة إنهاء التسيب حماية لثروتنا الثقافية والحضارية، فاقتنع وأصبح يلج المكتبة كالآخرين. هكذا انتهى التسيب. في 2006، بدأنا عملية نقل وترحيل المجموعات من الملحقة إلى المقر الجديد. وهذا أيضا تطلب الأخذ بعين الاعتبار القاعات.
{ ما هي مفاهيمكم الكبرى في مجال تنظيم مكتبة من حجم عالمي؟
هناك أربعة مصطلحات، أما الأول فهو الولوج المباشر للقاعات قصد البحث بشكل منظم. ثم مصطلح البرج: الذي يضم 12 طبقة، مجهزة ومكيفة بجميع الوسائل لحماية النوادر والإيداع القانوني. في مجال النوادر نملك نسخا قليلة ونعمل على إعادة نشرها من طرفنا أو نعمل على رقنها أو يرممها. المصطلح الثالث هو المخازن التي توجد تحت القاعات. هناك مخازن فيها كتب لم تعد تنشر وهي خاصة بالباحثين. المصطلح الرابع هو القاعات المتخصصة في السمعي البصري، في مجال المكتبة الرقمية المغربية، هناك خرائط وصور، والسمعي البصري يدفع إلى تعلُّم اللغات و الانكباب على الوثائق. هذا ما جعلنا إلى حدود 2008 نشتغل في كل هذا. وطبعا كي تنسجم هذه المستويات الأربعة لابد من مصاحبة. وأقصد الحكامة والتسيير، كما لابد من تطبيق الوسائل الحديثة للتسيير، وخاصة على مستوى اقتناء نظام معلوماتي جديد ومتطرو وهو باهظ الثمن، وقد اقتنيناه في 2007، وهيأنا له الظروف قبل ذلك.
{ الفهرسة، أي فهرست الكتب والمجلات هي أيضا عملية كبرى.
بعد سنة، أي في أواخر 2009، انخرطنا في فهرسة الكتب والمجلات طبقا للنمط الجديد للنظام المعلوماتي. واليوم وصلنا إلى مستوى نقارن أنفسنا فيه مع المكتبات العالمية. والفهرس معروف ويقرأ عن بعد، ومتواجد في المجال العلني، ولكن جميع الكتب لم تفهرس لحد الآن نظرا لقلة الموارد البشرية. لكننا منخرطون فيه. هذا ما جعلنا اليوم أصبحنا مكتبة حديثة على المستوى التقني، حديثة كذلك على مستوى اقتناء مجموعة الكتب والمجلات الحديثة وكذلك على مستوى المشاركة في الروابط الالكترونية. لأن المكتبة عانت مابين 1965 إلى 2007، لم تكن هناك ميزانية للاقتناءات، الرصيد الوحيد كان يدخل من الإيداع القانوني. وبما أن المغرب لا ينشر كثيرا من العناوين فقد قمنا بمجهود كبير للاقتناء، وبدأنا نقتني كتب المعرفة العامة، وليس الكتب الموجهة للطلبة أو التلاميذ. وما زلنا نقتني وقد وصلنا مستوى عال: مابين 3 مليون إلى 8 مليون درهم، وهذا غير كاف ولكنه جد مهم مقارنة بالسابق. نحن نقتني طبقا للميثاق التوثيقي: التوازن بين اللغات والمواد، تعطى الأسبقية للتراث المغربي، وما كتب للمغرب وعن المغرب، ولكننا كذلك نعتبر أن دورنا هو توفير اللقاء بين ما هو مغربي وبين ما هو مهم على مستوى الكوني، فليس للثقافة حدود.
س: الذي يزور المكتبة يلاحظ أن هناك مواكبة من طرفكم للوسائل الحديثة.
{ كان لابد من هذه المصاحبة وهي مواكبة التحولات في التقنيات الحديثة. أي العلاقة بين التراث والثقافة والمعرفة وبين الاقتصاد الرقمي العالمي والثقافة الرقمية العالمية. منذ 2010 انخرطنا في مجال الاقتصاد الرقمي والثقافة الرقمية، لماذا؟ لأن ذلك يُعرّف العالم والمغاربة بالتراث المغربي بطريقة أسهل وبتكلفة أبسط. ثانيا ما هو مرقمن يساعدك على الاحتفاظ بالأصل
لقد خطونا مراحل مهمة، بعد تكوين الموارد وبعد تهيئ مختبر، إذ قمنا أولا برقمنة المخطوطات النادرة والمتلاشية عبر القرون، والتي لا يمكن أن تُقرا بطريقة مبارشة، فتم ترميمها والاحتفاظ بها في البرج. إلى حدود اليوم قمنا برقمننة مليوني صفحة. وفي أخر 2015 سنرقمن أكثر من أربع ملايين ونصف صفحة، أي 35 ألف عنوانا ستكون كلها مرقمنة. بمعنى أنها عندما تكون مرقمنة ستُقرأ في الحاسوب من طرف القارئ عبر ولوجه إلى بوابة المكتبة، وهذا أمر جد مهم.
{ ماذا عن رقمنة المجلات ؟
رقمنا عددا مهما من المجلات النادرة، ما يقرب خمسين مجلة. مثلا أنفاس، لاماليف، هسبريس...و 42 مجلة تارخية مهمة مرقمنة، بعد شراء حقوق التأليف أو الحقوق الحرة، هذا أمر مهم بالنسبة للمغرب. لقد كان حلما.
كذلك بدأنا في رقمنة بعض الكتب النادرة كي تتواجد المكتبة على مستوى الشبكات العالمية: غوغل، اليونسكو والشبكات الأخرى. وسنبدأ في رقمنة الجرائد التاريخية. للمكتبة الوطنية رصيد من الجرائد يبدأ من القرن 19، إضافة إلى الجرائد المعروفة. هذا كله مرتب وموجود في علب حسب المعايير الحديثة في الترتيب. لكنه غير مرقمن بسبب التكلفة الهائلة، إضافة إلى أنه في المغرب لا وجود لمن يقوم بعملية الرقمنة، إذن، لا بد من رقمنتها داخليا. كما أننا نساعد العديد من المكتبات على رقمنة رصيدها.
منذ 2008 انخرطنا في الشبكة الفرانكفونية للرقمنة، وهي تجمع عددا من المكتبات العالمية، وكنت قد دخلت إلى مكتب الشبكة منذ سنتين وتم انتخابي كاتبا عاما للشبكة في الجمع العام الذي تم في سويسرا. وهذا اعتراف عالمي بكون المكتبة المغربية دخلت إلى العالم، بسبب رصيدنا ومجهودنا.
{ بالإضافة إلى أن ذلك يدفع المكتبة إلى استغلال مشروعها الكبير.
نعم، هذا يدفع المكتبة إلى أن تستغل مشروعها في ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول هو خدمة القراء، المكتبة الوطنية توفر ظروفا جد حسنة للقراء وتوفر مجموعات مهمة بواسطة تكنولوجيا حديثة. لكننا أصبحنا نعاني من قلة المقاعد، في غياب أدوار مهمة للمكتبات الجامعية. فالمكتبة الوطنية هي آخر لجوء. وهذا دليل على أن المغاربة يقرؤون، لذلك جعلنا من المكتبة فضاء مفتوحا، وهناك قانون داخلي على الجميع احترامه. وهذه التجربة يجب أن تدفعنا إلى خلق فضاءات جديدة، هذه هي روح الديمقراطية. فمن حق الجميع أن تكون بقربه مكتبة.
الاتجاه الثاني هو أنني كأستاذ جامعي يمارس السياسة أعتبر أن المكتبة مدخل إلى المواطنة، بما يعني احترام الثقافة والتراث الوطني. لذلك هيأنا مشروعا ثقافيا للمغرب. فالقضايا الكبرى تناقش في المكتبة الوطنية. هذا نقوم به وقد قمنا بأكثر من 250 نشاطا سنويا. كما استقبلانا شخصيات: صاحب الجلالة، خوان كارلوس، هولاند،...وهذا بفضل مشاريعها التي فتحت الثقافة على الشارع المغربي بالمعنى الإيجابي.كما أنني أعتبر أن من مهام المكتبة تربية الشاب المغربي على مناقشة الأفكار واحترام الرأي. وأنا أعتز بنجاحي في هذه التجربة رفقة زملائي. كل شيء يناقش، وأنا أسهر على هذا الأمر وسنستمر فيه، و90 بالمائة من أنشطتنا تتم عبر الشراكات، شريطة الجدية والجدة والمسؤولية. العديد من الجمعيات مارست هنا النقاش في جل الحقول السياسية والدستورية والدينية. وأنا أدعو الجامعات إلى الانخراط فيه.
{ ماذا عن الشراكات الدولية؟
على مستوى العلاقات الدولية الشراكات موجودة بطريقة إيجابية. كما أن تواجد على المستوى العالمي. المكتب الشريف ، اتصالات المغرب، لاماندا...الرقمنة مثلا تمت بمساعدة المكتب الشريف للفوسفاط، كما أننا نساعد الشركاء أيضا، فمنذ سنة انخرطنا في تكوين المكتبيين وتقنيي المكتبات، كما هيكلنا أحسن في هذا المجال. كما انخرطنا في تنسيق الشبكات من خلال تكوين الخبراء، ولنا برنامج وطلبات كثيرة، ففي الكوت دي فوار كونا الإفواريين والمكتبة الايفوارية اليوم تشتغل بالنظام المغربي.
كما انخرطنا مع مكتبة آل سعود في مشروع إنجاز الفهرس المغربي الموحد. فكل باحث يمكنه وهو في بيته الولوج إلى العمل في جميع الفهارس والباحث يجدها في أي مكان. وفي أكتوبر المقبل سيكون الفهرس المغربي الموحد جاهزا. وقد اتفقنا على مسطرة هي مسطرة الفهرس المغربي الموحد.
اليوم المكتبة أوفت جميع شروطها.
{ الأستاذ إدريس خروز، في نهاية الحوار ما هي توصياتك؟ أحلامك؟
أجمل توصياتي وأحلامي في أربع نقط:
1 المكتبة الوطنية نجحت وبينت العديد من النواقص الموجودة في المغرب، يجب أن تكون مكتبات حديثة في المغرب
2 الشاب المغربي يقرأ لا بد من إعطاء أهمية كبيرة للنشر والقراءة.
3 بناء المكتبات على جميع المستويات الجهوية والبلدية لا اختيار فيه. الإصلاح يبدأ من الثقافة والفكر والمعرفة. لابد من بناء المكتبات داخل المدارس والجامعات، تحت مسؤولية أشخاص لهم تكوين في هذا المجال.
4 المغرب لم يع بعد مسألة الرقمنة والقراءة عن بعد.
وأخيرا أعتبر أن المكتبات مجال لتدعيم الثقافة والثقافة ذكاء، وبدونهما لا وجود لسياسة، بدون ثقافة أو ذكاء لا يمكن إدماج المغاربة في العمل السياسي. والمواطنة سلوك يومي وقيّم، في المجال الديني والمؤسساتي، كما في معرفة المغرب ومعرفة العالم. لهذا المكتبة الوطنية مشروع رائد ووحده لا يكفي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.