يقتحم مشروع الكتاب الإلكتروني والرقمي عوالم القراءة في المغرب تدريجيا، رغم محدودية انتشاره حتى الآن. ورغم أن بعض المكتبات التجارية الخاصة عملت على تقديم خدمة الكتاب الإلكتروني والرقمي لقرائها إلا أن الجهات الرسمية، سواء على المستوى الحكومي أو على مستوى المؤسسات العمومية، لم تعمل بعد على إنجاز المبادرة التي انطلقت رسميا سنة 2007 خلال مؤتمر عربي انعقد في ليبيا. تتوجه الجارة الجزائر نحو إنشاء مشروع مكتبة رقمية تضاهي المكتبات العالمية المعروفة. وإذا كان مشروع الانتقال من المكتوب والورقي إلى العالم الرقمي يكتسي أهمية بالغة، فإن المغرب لم يبلور بعد استراتيجية خاصة من أجل اقتحام هذا المجال الواعد، رغم أن أجياله الجديدة انخرطت بقوة في استعمال الأجهزة الإلكترونية، ورغم أن بعض مؤسساته استطاعت أن ترقمن جزءا من أرشيفاتها أو تحصل على وثائق مرقمنة، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، التي حصلت منذ قرابة سنتين على نسخ ميكروفيلمية لبعض المخطوطات المحفوظة بمكتبة دير الإسكوريال بمدريد. وكانت الوفود العربية التي شاركت في فعاليات اللقاء السادس لأعضاء الفهرس العربي الموحد، الذي نظم بمكتبة آل سعود بالدار البيضاء خلال شتنبر من العام الماضي قد اعترفت بتخلف العالم العربي، بما في ذلك المغرب، عن الركب العالمي في مجال المكتبات والكتب الرقمية. إذ أشار حينها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، مدير المكتبة المذكورة، إلى أن «إنشاء البنيات المكتبية بكل أصنافها وتمكينها من الموارد المطلوبة لبلورة سياسات تزويد قوية وفعالية، تعد شروطا ضرورية لنشر المعرفة وتشجيع البحث العلمي». وقد كشف هذا اللقاء أن بوابة المكتبات المغربية لا تتضمن سوى ستة أعضاء هم: مؤسسة الملك عبدالعزيز للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء، الخزانة الوسائطية لمسجد الحسن الثاني بالبيضاء، المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، المكتبة الجامعية- جامعة الحسن الثاني (محمد السقاط) بالبيضاء، مكتبة المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، وأخيرا المكتبة الوسائطية عبد الصمد الكنفاوي. كما كشف أن أغلب محتويات هذه المكتبات لا تتوفر على نسخ إلكترونية أو رقمية، حيث لا تتوفر مكتبة المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، مثلا، إلا على 4 آلاف كتاب إلكتروني. من جهة ثانية، لا تتضمن المكتبة الرقمية المغربية، التي تظهر موقع المكتبة الوطنية، سوى معلومات عن فهرسة المخطوطات والمطبوعات الحجرية والكتب، الخ، حيث لا يقدم الموقع محتويات الكتب في صيغتها الرقمية. في هذا السياق، قال عبده حقي، مدير موقع اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة، الذي أشرف على إنجاز العديد من الكتب الإلكترونية، آخرها الأعمال الكاملة للشاعر الفلسطيني عزالدين المناصرة، إن مشروع الكتاب الرقمي لازال متأخرا في المغرب. كما اعتبر، في اتصال «أخبار اليوم»، أن المبادرة الأولى انطلقت خلال المؤتمر العربي الأول حول المكتبة الرقمية الذي انعقد في طرابلس الليبية سنة 2007، لكنه أكد أن المبادرة لم تتحقق حتى الآن، مرجعا السبب إلى الربيع العربي الذي انطلق قبل ثلاث سنوات. وأضاف أن الجهات الرسمية، وكذا المؤسسات العمومية والخاصة، لم تفكر بعد في الانخراط في هذا المشروع، رغم أن الكتاب الإلكتروني والرقمي سيتحول إلى سند أساسي بالنسبة إلى القراء خلال سنوات فقط. وكان الكاتب والناقد سعيد يقطين، قد قال في محاضرة بمؤسسة مسجد الحسن الثاني إن التخلف الحاصل في مجال رقمنة الكتاب سيزيد من تعميق أزمة القراءة في المغرب والعالم العربي. كما أشار إلى أن صنّاع الكتاب مطالبون باستغلال التفاعل الحاصل مع الوسائط التكنولوجية الجديدة من أجل ترويج وانتشار الكتاب، موضحا أن الكتاب لن يكون منسجما مع ذوق العصر ما لم يكن تفاعليا.