ينظم بيت الشعر في المغرب بدعم من الجماعة الحضرية لمدينة فاس وبتعاون مع مؤسسة نادي الكتاب بالمغرب، ندوة نقدية في محور « الشعر و الذاكرة « بمشاركة نقاد وباحثين مغاربة يومي 30 و 31 ماي 2014 بالمركب الثقافي الحرية بمدينة فاس. وذلك وفق البرنامج التالي: الجمعة 30 ماي 2014 ، الساعة السادسة مساء الجلسة الأولى: الذاكرة في الشعر: قضايا نظريّة المتدخلون: عبد الرحمان طنكول، محمد أيت لعميم، رشيد المومني، عبد العزيز بومسهولي، إدريس كثير. تسيير: حسن نجمي. السبت 31 ماي 2014 ، الساعة العاشرة صباحا الجلسة الثانية : المنجز الشعريّ المغربي المعاصر بين الذاكرة والنسيان المتدخلون: محمد بودويك، عبد السلام الموساوي، يوسف ناوري، نبيل منصر، علي آيت أوشان. تسيير: خالد بلقاسم. الساعة الخامسة مساء الجلسة الثالثة : الذاكرة وبناء المعنى في الشعر المغربي المعاصر المتدخلون: بشير قمري، حسن المودن، يحيى بن الوليد، إبراهيم أولحيان، محمد رمصيص، تسيير : عبد المالك أشهبون. ورقة الندوة الشعر والذاكرة لا ينفكّ الشعرُ المغربيّ يُنادي، عبْر الشِّعاب التي خطَّها متنُهُ، على قراءاتٍ مُتجدِّدة، بما يُهيِّئُ الإنصاتَ لسيرورةِ ما تحققَ في هذا الشعر وما فتحَهُ أيضاً من احتمالٍ كتابيّ. الاستجابة لِهذا النداء هي الخليقة بتخصيبِ المسافة بيْن التأويل والمُنجَز النصّيّ. ولعلّ ذلك ما تحكّمَ في اختيار مفهوم الذاكرةِ، من بيْن مفهومات أخرى واعدة قرائيّاً، مكاناً للإنصات للشعر المغربي المُعاصر. يقتضي هذا الاختيارُ تسييجاً نظريّاً ومُراجَعَة في آن. وهُما معاً يقودان، في البدء، إلى تحرير مفهوم الذاكرة من التقابُل الذي يجعلهُ مُعارضاً لمفهوم النسيان، إذ لا يستقيمُ تصوّر المفهوميْن مُنفصليْن بصورةٍ تامّة. طغيانُ أحدهما على الآخر والنعتُ الذي يتولّدُ من هذا الطغيان هو الذي يخلقُ التقابُل. قد تحضرُ الذاكرةُ في المُنجَز الشعريّ انطلاقاً من هيْمنة الماضي، أي قد تحضرُ بوصفها ذاكرةً ميِّتة لا ترقى حتى إلى قيمةِ ما تتذكّرُه، فيضيقُ النسيانُ وَفقَ ذلك إلى أقصى الحدود. وقد تكون، خِلافاً لذلك، ذاكرةً مُضادّة، أي ذاكرةً للنسيان. تُقوّضُ ما تتذكّرُه، جاعلة مِنَ النسيان الفعّال انفصالاً مُنتجاً. في الحالة الأولى، تتماهَى الذاكرةُ بالامتلاء وبهيْمنة الماضي والصوت الجماعي، فيما هي، في الحالة الثانية، ذاكرةٌ للنسيان؛ سواء في تركيب اللغة وبناء المعنى، أو في ترسيخ رُؤيةٍ تنبني على الانفصال. في هذا المنحى الثاني، تحتفي الذاكرةُ بالنسيان والفراغ والاحتمال والنقص، أي أنّها تكونُ ذاكرةَ مُستقبَل لا ذاكرةَ ماضٍ. ذاكرةُ الامتلاء تجعلُ الإنجازَ النّصيّ امتداداً لصوْتٍ جمعيّ، الذي بهِ يَضيقُ الاحتمالُ اللانهائيّ لتركيبِ اللغةِ وإيقاعِها ومُتخيَّلها. ذلك أنّ حيويّة الكتابة تُقاسُ بما تنساه وبتحقق ذلك في بنائها. يتبدّى هذا النسيان من درجَة المحو الذي يضطلعُ به النّصّ الشعري، ومن الدّمغة المستقبليّة المتملّصة من ضوابط الماضي. وهكذا فإنّ بناءَ ذاكرةٍ للنصّ الشعريّ عبر الانفصال هو أسُّ كلِّ نسيان مُتطلّع إلى المستقبل. لابدّ في كلِّ نسيان من ذاكرةٍ فسيحة، هي ما يُهيّئُ له أن يتمّ عبر التقويض والهدم والانفصال. وهكذا فإنّ حيويّة مفهوم الذاكرة، بما هو مكان قرائيّ، تبدأ، كما هي الحال مع كلِّ المفهومات، مِنْ تجديدِ النظر إليه، على نحو يستتبعُ تجديدَ المُقارَبة. وبذلك فإنّ الحمولة النظريّة المُستنبَتة في المفهوم هي ما يتحكّمُ في وجْهَتِهِ التأويليّة. ولعلّ ذلك ما يُتيحه مفهوم الذاكرة في الشعر، انطلاقاً من التشابك المُعقّد الذي يصلهُ بالنسيان ويفصله عنه في آن. ومع أنّ قضايا الذاكرة في الشعر المغربيّ المعاصر تستجيبُ إلى مداخلَ بلا حدّ هي ما كان وراء اختيار محور هذه الندوة، فإنّ مِنَ المُمْكن تسييج بعض هذه القضايا في الأسئلة التالية: كيف تشتغلُ الذاكرة في الشعر؟ ما المسافة التي تنفتِحُ في الكتابة بين الذاكرة والنسيان؟ ما أثر الذوات الكاتبة في بناء هذه المسافة وصوْن اختلافها؟ ما المُتحكّم في اختلاف هذه المسافة في الكتابة الشعريّة المغربيّة المُعاصِرة؟ ما هو التصور الذي تبنيه الكتابة الشعريّة المغربيّة المُعاصرة للزّمن، في ضوء الذاكرة والنسيان؟ ما تجليات الذاكرة والنسيان في العناصر البنائية لهذه الكتابة؟ وكيف يحضرُ الجسدُ، من هذا الموقع القرائيّ ذاتِه، في الشعر المغربيّ المُعاصر؟ أهوَ جسدٌ يابسٌ مُكبَّلٌ بصوتٍ جمعيّ قادم من ذاكرة مُغلقة، أم جسدٌ حيٌّ يُنصتُ لحواسِّه ناسياً ما امتلأت به الذاكرةُ الجمعيّة؟