خلّد المغرب، قبل أيام، اليوم الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة، ونتمنى أن تكون هذه الذكرى حافزا لإخراج فئة الأشخاص في وضعية إعاقة من بؤر التهميش والإقصاء، وهو الأمل الذي لن يتحقق إلا بالقيام بمجموعة من الخطوات منها: - وجوب تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بجميع حقوق الإنسان المعترف بها ، بما فيها أدوات حقوق الإنسان الدولية و ممارستها عمليا على قدم المساواة مع الآخرين، و هكذا فإنه يجب تفعيل ديباجة دستور المغرب و العمل كذلك على تفعيل الفصل 34 من الدستور . - وجوب تمتع الأشخاص في وضعية إعاقة ببيئة مؤهلة سهلة الارتياد حتى يساهموا بصورة كاملة في تنمية اقتصاد بلادنا. - ايلاء الاهتمام اللازم للفتيات و الأمهات و النساء ذوات الإعاقة، و أمهات الأطفال في وضعية إعاقة. - نذكر بأن المغرب ملزم بما جاء في الاجتماع رفيع المستوى بخصوص الإعاقة و التنمية المنعقد بالأممالمتحدة في شتنبر 2013 والذي شدد على أهمية «إمكانية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة و دمجهم في جميع نواحي التنمية ومعالمها و الدراسة المناسبة لجميع حالات الأشخاص ذوي الإعاقة في أجندة الأممالمتحدة الصاعدة للتنمية لما بعد 2015 «. من أجل كل ما سبق، و من أجل تنمية دامجة حقيقية لكل الأشخاص في وضعية إعاقة ببلادنا، فإننا نهيب بالجميع، مسؤولين حكوميين، على الصعيد المركزي ولكن أيضا على الصعيد الجهوي والمحلي وصناع القرار بالوكالات الوطنية للتنمية، واللجان المحلية، والجهوية والوطنية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تعبئة وحشد جميع الموارد المالية و البشرية المناسبة ل : 1- ضمان شمول جميع خطط التنمية و برامجها للأشخاص في وضعية إعاقة و بجعلها متاحة أمامهم بكل تنوعها. 2- ضمان حق مشاركة الأشخاص في وضعية إعاقة بكل فئاتهم العمرية و الجنسية، مشاركة فعالة و دقيقة و نشيطة من خلال جمعياتهم و هيئاتهم في تصميم و تتبع جميع البرامج و السياسات التي تؤثر في حياتهم و في اعتمادها و تطبيقها و متابعتها و مراقبتها. 3- المساهمة في تنمية الطاقات و القدرات لجمعيات الأشخاص في وضعية إعاقة حتى تساهم في تمكين هؤلاء الأشخاص و جعلهم في وضع المقترح للخطط الفعالة للتنمية. 4- إعطاء انتباه خاص و أولوية لإشراك النساء و الأطفال و الأشخاص المسنين في البرامج الخاصة بهم. 5- بذل جهود هامة لتقوية أعمال البحث، و جمع البيانات في ما يتعلق بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي تسمح بتعريف مناسب للبرامج و السياسات، علاوة على المراقبة أو المتابعة للسياسات و البرامج الحالية و المستقبلية، و في هذا الإطار نطالب بضرورة تحيين نتائج البحث الوطني حول الإعاقة الذي تعود نتائجه إلى 2004، كما نؤكد على ضرورة أن يشمل الإحصاء الوطني للسكان المزمع إجراؤه في شتنبر 2014، جميع البيانات حول الإعاقة و الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب. 6 - ندعو إلى تضمين أهداف أجندة التنمية لما بعد 2015 ومؤشراتها ، الإعاقة و الأشخاص في وضعية إعاقة، وتحديدا من خلال المجالات الأساسية التالية، و التي لا يزال المغرب يعرف فيها نقصا كبيرا. مكافحة الفقر و القضاء عليه : تعتبر الإعاقة و الفقر متلازمتين يعيش بينهما أغلب الأشخاص في وضعية إعاقة ببلادنا، حيث نجد مثلا أن 16% من الأشخاص في وضعية إعاقة يسكنون في مساكن غير لائقة و لا تتوفر على أدنى شروط الكرامة الإنسانية. إن أية سياسة تتوخى محاربة الفقر لدى الأشخاص في وضعية إعاقة ، لا يمكنها أن تنجح إلا عن طريق تطوير هذه البرامج و جعلها أكثر قربا من هذه الشريحة و كذلك عن طريق تشجيع برامج التمكين الاقتصادي و الحماية الاجتماعية و السياسات الخاصة بهما الدامجة للأشخاص في وضعية إعاقة، و كذلك البرامج التي تمكن الأشخاص في وضعية إعاقة من تغطية التكاليف الإضافية الملازمة لإعاقتهم. التربية والتعليم : يعتبر عدم ولوج الأشخاص في وضعية إعاقة للتعليم بجميع أسلاكه من أهم العراقيل التي تواجههم . فهي تحرمهم من فرصة تنمية كامل ملكاتهم و قدراتهم على قدم المساواة مع الآخرين. ففي بلدنا ، و حسب معطيات البحث الوطني للإعاقة ، فإن 68% من الأطفال في وضعية إعاقة ما بين 4 إلى 15 سنة ليسوا ممدرسين . و يعتبر 87% من أولياء الأطفال المعاقين غير الممدرسين إن الإعاقة تعتبر السبب الرئيسي، لذلك لا بد من مطالبة مسؤولي التربية الوطنية بجعل ولوج الأطفال للمدرسة العمومية من الأولويات. الصحة : تعتبر صعوبة الولوج إلى الرعاية الصحية و الحصول عليها من أهم العراقيل التي تقف أمام إدماج حقيقي للأشخاص في وضعية إعاقة ، و يدخل في هذا الإطار، التأهيل و إعادة التأهيل و النمو السليم، من أجل كل هذا يجب على المغرب أن يضمن إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية و ملاءمتها، و إمكانية الوصول إلى الأجهزة المساعدة التعويضية و الحصول عليها. و يجب كذلك جعل RAMED في متناول هؤلاء الأشخاص. التشغيل و العمل اللائق و المناسب للجميع: يعتبر الأشخاص في وضعية إعاقة من أكثر الشرائح في المجتمع عرضة للبطالة، حيث نجد أن أكثر من 55,2% من هؤلاء و البالغين أكثر من 15 سنة ، لا يلجون سوق الشغل بسبب الإعاقة، و أن 39,5% غير مؤهلين للعمل لأسباب طبية و 15,6% لم يجدوا شغلا رغم البحث المستمر . أمام هذه الوضعية، لا يسعنا إلا أن نؤكد على ضرورة اعتماد إطار قانوني مناسب و كافٍ لحماية الأشخاص في وضعية إعاقة من التمييز، و تشجيع التكافؤ في الحصول على الشغل و الأعمال اللائقة، بما في ذلك التدريب المهني المناسب، و في هذا الإطار يجب على المسؤولين عن التكوين المهني بالمغرب إدماج بعد الإعاقة في برامجهم المستقبلية. الولوجيات : بالرغم من توفر بلدنا على قانون الولوجيات منذ سنة 2003 ، فإن المعيش اليومي للأشخاص في وضعية إعاقة، يجعل منهم فئة تعيش على هامش المجتمع، حيث يعانون يوميا من أجل التنقل، فشوارعنا و مدننا و قرانا ليست صالحة للولوج، و كذلك وسائل النقل العمومي و التنقل بالقطارات يعتبر في عداد المستحيلات. إن مشكل الولوجيات لا يقتصر على المعمار والنقل ،بل يتعداه إلى مجالات أخرى، فالأشخاص في وضعية إعاقة يواجهون حواجز متعددة للولوج للقضاء ووقوفهم أمامه، خاصة للصم والبكم. وكذلك الشأن بالنسبة لوسائل الإعلام من تلفزة وإذاعة. نأمل أن لا يبقى الاحتفال باليوم الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة يوما احتفاليا فقط، و لكن يوما للعمل الحق و الجاد و البناء من أجل هذه الشريحة، نعتقد جازمين أن إخراج إطار قانون يتماشى مع المواثيق الدولية خاصة الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة التي صادق عليها المغرب و على بروتوكولها الاختياري و كذلك الالتزام بما جاء به دستور 2011 ، من أهم الأسس اللازمة و الضرورية لإنجاح أية سياسة دامجة. * مهتم بقضايا الإعاقة