سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لشكر: الاتحاد الاشتراكي ريادي في ترسيخ مبادئ الحكامة الحزبية في المشهد السياسي المغربي أدبياته ومقرراته التنظيمية وبياناته السياسية شاهدة على نوع الحكامة الحزبية للاتحاد
اعتبر إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أنه بالرغم من أن الحزب السياسي مؤسسة سياسية لها دورها الأساسي في بناء الديمقراطية والحياة السياسية اليومية للبلدان، ولا تقل أهمية عن المؤسسات السياسية الأخرى كالحكومة والبرلمان ... فموضوع حكامة الحزب السياسي ظل موضوعا «طابو»، والدخول فيه يعتبر مغامرة في غياب مراجع وكتب وتراكم معرفي وعلمي في هذا المجال. وأوضح لشكر الذي حل ضيفا على جمعية خريجي المعهد العالي للإدارة مساء أول أمس بالرباط في مائدة حول «حكامة الأحزاب السياسية»، أن الأحزاب السياسية في الديمقراطيات العريقة والتي راكمت مسارا ديمقراطيا متطورا، سواء كانت في الأغلبية أو المعارضة، هي المؤسسات الصانعة للقرار السياسي، واليوم لم يعد ينظر كذلك للحزب السياسي بنفس النظرة التي كانت سائدة لدى الحكام في مراحل الاستبداد والظلم، والمتمثلة في أن الحزب مصدر للشغب والتشويش على عمل الحكومات. وشدد الكاتب الأول لحزب الاتحاد خلال نفس اللقاء الذي حضره عدد من الفاعليين السياسيين والإعلاميين، وطلبة وخريجي المعهد العالي للإدارة، فضلا عن أعضاء للمكتب السياسي للحزب، على أنه ليس بالسهولة بمكان لأي باحث في موضوع «حكامة الأحزاب السياسية « أي الوصول إلى سلطة القرار الحزبي، الآلة الحزبية أو الجهاز التنظيمي، علاقة العضو بالعضو وعلاقة الأجهزة الحزبية ببعضها البعض، كيفية صناعة القرار السياسي داخلها، تدبير مالية الحزب، .... سيتعذر وجود ذلك من خلال مراجع وكتب في هذا الإطار. وعزا لشكر ذلك إلى الغموض الذي يكتنف هذا الموضوع من قبل القيادات الحزبية، خاصة القدماء والحكماء منهم الذين في غالب الأحيان يلتزمون الصمت، موضحا في السياق ذاته أنه خلال التجربة الحزبية المغربية سادت التقاليد وبعض الأعراف التي تحولت نفسها إلى ضوابط وقوانين، والمتحكم فيها هو عنصر الأقدمية في الحزب. ودعا لشكر بنفس المناسبة، إلى جعل موضوع «حكامة الأحزاب السياسية» أحد الفروع للعلوم للسياسية بالرغم من أن البلاد لم تعرف الأحزاب السياسية منذ عهد قديم بالمقارنة مع الدول الديمقراطية التي لها مسار ديمقراطي متطور ومتقدم. واستعرض خلال هذا اللقاء لشكر تجربة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ تأسيسه من خلال المؤتمرات التي عقدها إلى المؤتمر الوطني التاسع بارتباط بموضوع الحكامة خلال هذه المسيرة التنظيمية للحزب، و القرارات السياسية التاريخية التي اتخذها خلال مراحل تنظيمية وسياسية. كما أبرز خلال هذا العرض التاريخي لمسار الاتحاد والحكامة الحزبية داخله على أنه كان حزبا حيا يسوده الحوار الديمقراطي وتدبير الخلافات من خلال النقاشات التي كانت تسود داخل مؤتمراته والمحطات التنظيمية، ما أهله كحزب سياسي لأن يكون صانعا لعدد من النخب المغربية والتي حددها في نسبة تصل لأكثر من 80 في المائة، منها من مرت من خلال الاتحاد سواء تعلق الأمر بنخب سياسية أو نخب ثقافية، حقوقية، واجتماعية، مسجلا في هذا الصدد أنه في الوقت الذي كانت فيه الدولة المغربية تبني مؤسساتها، كان الاتحاد الاشتراكي آنذاك يبني مؤسسات المجتمع المدني المغربي على مستوى الوجهات الثقافية والحقوقية والاجتماعية. وعلى مستوى آخر يتعلق أيضا بالحكامة الحزبية بارتباط بالديمقراطية الداخلية، سجل لشكر أن جيله من الشباب في الاتحاد الاشتراكي، اصطدم بما أسماه بجدار المشروعية التاريخية، فلم تكن هناك صناديق للاقتراع، في الوقت الذي سادت فيه ثقافة المركزية الديمقراطية ولجنة الترشيحات... وفيما بعد تمت إزاحة هذا الجدار في المؤتمر الوطني السادس للحزب. وبخصوص تجربة التناوب التي قادها عبد الرحمان اليوسفي كوزير أول، أقر الكاتب الأول للحزب على أن الاتحاد لم يعط أهمية كبيرة للتواصل مع المواطنين حول حصيلة هذه التجربة الحكومية، كما أن الاتحاد لم تؤرقه قسوة نتائج الاقتراع بقدر ما كان الخطير في ذلك هو حكم النخب، خاصة أننا كنا ندير قطاع الثقافة آنذاك. ولم تفت الفرصة لشكر للتذكير بأهم تقييم قام به الحزب بعد تجربة حكومة التناوب، ونتائج انتخابات شتنبر 2007 ، مشيرا في نفس الوقت الى أن هذا التقييم لم يكن شفويا بل كان عبارة عن ندوة وطنية حول التنظيم رصدت جميع مكامن نقط الضعف والسلبيات التي أثرت في مسار الحزب، بل تطرقت إلى كل التفاصيل التنظيمية التي جعلت من الاتحاد يعرف نوعا من الاضمحلال والتراجع، ويفقد مكانته المعتادة في المشهد السياسي، وتوجت هذه الندوة بتقرير تقييمي حول التنظيم من أجل تفعيله. وفي علاقة بموضوع المائدة المتعلق «بحكامة الأحزاب السياسية»، سجل لشكر الذي كان يتحدث بارتياح كبير أن المؤتمر الوطني التاسع هو المؤتمر الوحيد الذي خرج فيه الاتحاد بأقل الخسائر التنظيمية، حيث انتخب قيادة منسجمة ومتضامنة بالنظر لتاريخ مؤتمرات الحزب ونتائجها، مضيفا في هذا الاتجاه أن المؤتمر عرف تحضيرا جيدا، سواء على المستوى الأدبي أو التنظيمي، والأول من نوعه الذي دخله الاتحاديون والكل يعرف الكتلة الناخبة المتمثلة في عدد المنخرطين بالحزب التي قاربت 30 ألف منخرط يتوفر على بطاقة الانخراط التي أدى عنها واجب الانخراط المحدد في 50 درهما، والمؤتمر الوطني الذي تم فيه فرز لائحة الكتلة الناخبة داخل المؤتمر للأجهزة، من قبل لجنة الفرز التي ضمت المرشحين الأربعة للكتابة. كما عدد لشكر عددا من الإجراءات والخطوات التنظيمية التي أقدم عليها الاتحاد في الإطار الحكامة الحزبية، كفتح لأول مرة المنافسة أمام الاتحاديين للترشيح للكتابة الأولى، بالإضافة إلى جعل هذا المنافسة شريفة من خلال انفتاحها على الإعلام العمومي والمكتوب، وبالتالي إشراك الرأي العام الوطني، ثم لأول مرة كان الترشيح مبنيا على أرضيات وبرنامج، ثم أول حزب في المغرب ينتخب فيه الكاتب الأول من قبل المؤتمر الوطني وفي دورتين، كما جعل هذه الانتخابات مفتوحة أمام المراقبين والملاحظين الحقوقيين ووسائل الإعلام، فضلا عن عدد من القرارات التي اتخذها الاتحاديون في هذه المحطة والتي تدخل في إطار الحكامة الحزبية، أولها فصل السلط وتوازنها بين الأجهزة الحزبية التقريرية والتنفيذية بهدف الانتقال إلى حزب المؤسسة، المحاسبة على أساس المسؤولية الفردية والجماعية، إعطاء صلاحيات قوية للتنظيمات الجهوية والإقليمية في إطار اللامركزية الحزبية، المأسسة والتقنين بتحصيل قواعد مسطرية وعدد من الإجراءات التنظيمية المتقدمة لحماية الحقوق والواجبات للأفراد والجماعات داخل الحزب، التي يتضمنها المقرر التنظيمي الذي صادق عليه المؤتمر. وأهم هذه القرارات التي رسخناها في الحكامة الحزبية والتجربة الديمقراطية للحزب، اعتماد الاقتراع السري في انتخاب الأجهزة، فضلا عن وضوح المهام والوظائف للأجهزة الحزبية لتفادي الخلط التدبيري بين ما هو تقرير وتنفيذي وتنظيمي، بالإضافة إلى تقديم تصريح بالممتلكات قبل تحمل المسؤولية في أي مؤسسة عمومية، وتقديم أيضا حصيلة العمل في آخر تحمل لهذه المسؤولية، فضلا عن أن الاتحاد قد دبر عملية إشراك النساء والشباب عبر كوطا في إطار التمييز الايجابي للنساء والتشجيع على المشاركة السياسية للشباب، كما ان أنه لأول مرة يتم عرض ميزانية الحزب السنوية أمام اللجنة الإدارية للمصادقة عليها، بالإضافة الى تسليم السلط ما بين الكاتب الأول السابق والكاتب الأول المنتخب بشكل مكتوب، بالإضافة الى انتخاب لجنة المالية والممتلكات الحزبية التي تتبع الإدارة الحزبية ومالية الحزب وكل ممتلكاته. وفي معرض رده على إحدى الأسئلة المتعلقة بتجربة التناوب التوافقي ووضع الحزب الحالي، أكد لشكر أن القيادة الحزبية جد مرتاحة للدينامية التي يعرفها الحزب، سواء على المستوى التنظيمي أو الإشعاع السياسي وتملك المبادرة السياسية، كما أوضح أن الاتحاد له حصيلة واضحة ومكتوبة وأرقامه تدل عليها سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي والاجتماعي، بالرغم من أن الظروف والسياقات مختلفة عما هو عليه اليوم المتمثلة في دستور 2011 المتقدم. كما أشار لشكر إلى أن الاتحاد في أدبياته ومحطاته النضالية والتنظيمي المتوجة ببيانات سياسية، كان دائما سباقا للدعوة إلى عدة شعارات سياسية والتي أصبحت اليوم شعارات ومطالب للشعب المغربي كله، وساق مثلا على ذلك أن الاتحاد كان سباقا من خلال مذكرة الإصلاحات الدستورية التي وجهها إلى ملك البلاد في سنة 2009، ثم المطالبة بالملكية البرلمانية التي يعتقد البعض أنها شعار جديد بل كانت من ضمن مطالب المؤتمر الأخير والثامن. وعدد لشكر مجموعة من المكتسبات التي حققها الاتحاد للشعب المغربي وناضل من أجلها، والتي يخاف عليها اليوم الشعب في ظل هذه الحكومة المحافظة سواء على المستوى السياسي أو الدستوري أو التشريعي، مشددا في هذا الإطار على أن هذه الحكومة عاجزة عن العطاء والاقتراح والمبادرة والإبداع على جميع المستويات وتغتصب حق المعارضة في ذلك، لذلك «ندعو مرة أخرى للتعبئة من أجل تفعيل الدستور تفعيلا ديمقراطيا، وأن يتحمل رئيس الحكومة مسؤولياته واختصاصاته كاملة كما هي في الدستور. «