دخل 10 أساتذة وأطباء عاملين بمصلحة جراحة الدماغ والعمود الفقري في المستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة في إضراب مفتوح يشمل جميع الأنشطة غير الاستعجالية، ابتداء من أمس الثلاثاء، احتجاجا على ما وصفوه ب"الوضع المتردي الذي تشهده مؤسستنا، نتيجة سوء التسيير الذي أثّر سلبا على سير العمل وجودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين"، مهددين بخوض احتجاجات؛ تنطلق من الإدارة العامة للمستشفى الجامعي بوجدة، مرورا بعمادة كلية الطب والصيدلة بوجدة، وصولا إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التعليم العالي والابتكار. وأكد الأساتذة الموقعون على بيان، توصلت به هسبريس، أنهم "فوجئوا"، يوم 14 فبراير 2025، بقرار وصفوه ب"التعسفي" يقضي بتغيير رئيس مصلحة جراحة الدماغ والعمود الفقري "دون احترام المعايير القانونية والمهنية المتبعة؛ مما انعكس سلبا على أداء الفريق الطبي"، معتبرين أن هذا القرار "لم يكن مبنيا على أي مبرر موضوعي، بل جاء بناء على تقديرات شخصية من المدير العام للمؤسسة، مما يقوّض ثقة العاملين فيها". وأورد البيان ذاته أنه جرى استبدال رئيس المصلحة ب"أستاذ متخصص في الجراحة الباطنية؛ وهو إجراء غير منطقي وغير مهني، نظرا لما يتطلبه هذا المنصب من خبرة متخصصة في جراحة الدماغ والعمود الفقري"، وفق تعبير البيان. وأشار الأساتذة الموقعون على البيان إلى أنه "على الرغم من التحديات والصعوبات، بما في ذلك النقص الحاد في المستلزمات الطبية، فإن مصلحة جراحة الدماغ والعمود الفقري قد تمكنت، تحت إشراف رئيسها السابق، من تحقيق نتائج إيجابية ملموسة، متصدرة المراتب الأولى من حيث الأداء مقارنة بالمصالح الجراحية الأخرى، وفقا للإحصائيات الإدارية للمؤسسة"، مبرزين أن "سوء التسيير وغياب ترتيب الأولويات بالمستشفى يفاقمان الوضع، حيث يعاني الطاقم الطبي من نقص حاد في المستلزمات الطبية، مما يهدد سلامة المرضى". في سياق متصل، أكد البيان ذاته أن المدير العام للمستشفى "يسعى إلى إعادة إدماج أستاذ منقطع عن العمل منذ أكثر من ثلاث سنوات، رغم إهانته العلنية للفريق الطبي بألفاظ غير لائقة. وعلى الرغم من إحالة ملفه إلى المجلس التأديبي، لم يُتخذ بحقه أي إجراء تأديبي، في ظل التستر والتهاون الواضحين من قبل الإدارة"، وفق تعبير البيان. إثر ذلك، قرر الأساتذة والأطباء العاملون بمصلحة جراحة الدماغ والعمود الفقري في المستشفى الجامعي محمد السادس بوجدة الامتناع عن إجراء الاستشارات الطبية، والتوقف عن إصدار الشهادات والتقارير الطبية، وتعليق الأنشطة الجراحية غير المستعجلة، والامتناع عن تقديم الوصفات الطبية واستخدام الأختام الطبية، ثم التوقف عن الأنشطة البيداغوجية؛ بما في ذلك امتحانات طلبة الطب والصيدلة بكلية الطب والصيدلة بوجدة. ردًّا على ما جاء في بيان الأساتذة والأطباء، قال بدر سرجي، المدير العام للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس، إن إعفاء رئيس مصلحة جراحة الدماغ والعمود الفقري بالنيابة "جاء بناء على قرار للجنة مستندة إلى القانون المسير للمستشفيات الجامعية 70-13 تم تكوينها للنظر في رفضه (رئيس المصلحة) إعادة إدماج أستاذ في التخصص نفسه، كان قد تم توقيفه نتيجة منازعة بينه وبين رئيس المصلحة السابق لجأ على إثرها إلى القضاء وبلغت مرحلة النقض". وأضاف سرجي، في تصريح لهسبريس، أن الأستاذ موضوع النزاع يتقاضى أجرا منذ سنة 2021 دون أن يشتغل "وقد طلب مني حين توليت مهمة الإدارة العامة للمركز الاستشفائي عودته إلى العمل؛ الأمر الذي استجبت له بشرط إلغاء دعواه القضائية من أجل التوصل إلى حل ودي مع رئيس المصلحة التي ينتمي إليها ومن أجل استفادة المرتفقين من خدمته"، مؤكدا أن الأستاذ المعني بالإضافة إلى تخصصه في جراحة الدماغ والأعصاب المطلوب في المنطقة فهو أستاذ مبرز. إثر ذلك، لجأ المدير العام للمستشفى الجامعي إلى مسطرة إعادة الإدماج ومراسلة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية من أجل هذا الغرض، قبل أن تتوصل الإدارة، حسب سرجي، بمراسلة وزارية تؤكد أن المعني "لا تطبق عليه مسطرة التوقيف" وتدعو إلى "إعادة إدماجه بما يضمن الصالح العام". وأشار المسؤول ذاته إلى أن رئيس المصلحة المعفى "رفض التحاق الأستاذ سالف الذكر بعمله رغم اطلاعه على المراسلة الوزارية وتلقيه دعوات إلى تنفيذها منذ يونيو 2024، مرجعا ذلك إلى أنه معروض على مجلس تأديبي في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية"؛ غير أن هذا المجلس، حسب سرجي، "تم تأجيله لثلاث أو أربع مرات قبل أن تبلغنا مراسلة من الوزارة بأن هذه الجلسات ستؤجل إلى أجل لاحق، وسيُحال اختصاص عقدها على وزارة التعليم العالي". وبشأن ضم البيان لتوقيعات أطباء داخليين ومقيمين، أكد المدير العام للمستشفى أن رئيس المصلحة السابق "أقحم في خلافه مع الأستاذ الذي التحق بعمله، أمس الثلاثاء بعد ثلاث سنوات من التوقيف، بعض الأطباء الذين التحقوا بالمصلحة المعنية خلال هذه السنوات الثلاث؛ وبالتالي فهم منطقيا لم يجربوا سلفا العمل أو التدريب إلى جانبه ويلتقون به لأول مرة". ونبه المصرح ذاته إلى أنه، إلى حدود اليوم، "ليس هناك أي تعيين لرئيس مصلحة الدماغ والعمود الفقري"، مبرزا أن الأمر يتعلق ب"مجرد تكليف لمدير مستشفى الاختصاصات بتسيير المصلحة لفترة انتقالية، ثم إعادة الأمور إلى مجاريها". يُشار إلى أن المدير العام للمركز الاستشفائي الجامعي اجتمع، صباح اليوم الأربعاء، مع ممثلين عن المكتب المحلي لنقابة الأساتذة الذين اقترحوا حلا لهذا المشكل (لم يرغب في الإفصاح عنه مكتفيا بالقول إنه يروم الاحترام المتبادل لحقوق جميع العاملين بالمصلحة)، قائلا في هذا السياق: "من جانبنا، قبِلنا بالحل المقترح، والكرة الآن في ملعب المعنيين"، وفق تعبير المسؤول ذاته.