مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    مدرسة التكنولوجيا تستقبل طلبة بنصالح    جماعة طنجة تصادق على ميزانية 2025 بقيمة تفوق 1،16 مليار درهم    المغرب يعتبر نفسه غير معني بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري        إقليم تطوان .. حجز واتلاف أزيد من 1470 كلغ من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك خلال 4 أشهر    منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في الدورة الثانية من مناظرة الصناعات الثقافية والإبداعية    التعادل ينصف مباراة المحمدية والسوالم    خطاب خامنئي.. مزايدات فارغة وتجاهل للواقع في مواجهة إسرائيل    هكذا تفاعلت الحكومة الإسبانية مع قرار محكمة العدل الأوروبية    مصدرو الخضر والفواكه جنوب المملكة يعتزمون قصْدَ سوقي روسيا وبريطانيا    أساتذة كليات الطب: تقليص مدة التكوين لا يبرر المقاطعة و الطلبة مدعوون لمراجعة موقفهم    مغاربة يحيون ذكرى "طوفان الأقصى"    قرار محكمة العدل الأوروبية: فرنسا تجدد التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب    وزير خارجية إسبانيا يجدد دعم سيادة المغرب على صحرائه بعد قرار محكمة العدل الأوربية    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ودخول 30 مركزا صحيا حضريا وقرويا حيز الخدمة بجهة فاس مكناس    ثلاثة مستشفيات في لبنان تعلن تعليق خدماتها جراء الغارات الإسرائيلية    ريدوان: رفضت التمثيل في هوليوود.. وفيلم "البطل" تجربة مليئة بالإيجابية    مسؤول فرنسي: الرئيس ماكرون يزور المغرب لتقوية دعامات العلاقات الثنائية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    امزورن.. سيارة ترسل تلميذاً إلى قسم المستعجلات    المحامون يقاطعون جلسات الجنايات وصناديق المحاكم لأسبوعين    مرصد الشمال لحقوق الإنسان يجمد أنشطته بعد رفض السلطات تمكينه من الوصولات القانونية    ابتدائية تطوان تصدر حكمها في حق مواطنة جزائرية حرضت على الهجرة    صرف معاشات ما يناهز 7000 من المتقاعدين الجدد في قطاع التربية والتعليم    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    بوريس جونسون: اكتشفنا جهاز تنصت بحمامي بعد استخدامه من قبل نتنياهو        باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    آسفي.. حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب التيارات..هل هي بداية نهاية حزب الاتحاد الاشتراكي؟
الصراع وصل إلى درجة أن الفريقين المتصارعين شرعا في لعبة الضرب تحت الحزام
نشر في المساء يوم 03 - 03 - 2014


محمد أحداد
الصراع داخل البيت الاتحادي، تجاوز كل الحدود المنطقية والأخلاقية ولم يبق حبيس الهيئات والهياكل الداخلية، بل وصل إلى درجة أن الفريقين المتصارعين شرعا في لعبة الضرب تحت الحزام. اللعبة الجديدة ليست وليدة صراع لحظي بين قيادات تبتغي الزعامة، وتتناطح من أجل الكراسي والمواقع، إنما هي مسلسل طويل من التراجعات ومن التنازلات التي قدمها حزب «بوعبيد» في صراعه الطاحن مع ماكينة السلطة.
لا أحد ينكر، اليوم، أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يعيش مرحلة فاصلة من تاريخه السياسي، أبرز تجلياتها، الانقسام الحاد لمناضلي الحزب بعدما آثر أحمد الزايدي أن ينشئ تيارا جديدا مباشرة بعد نهاية المؤتمر الأخير لحزب الوردة والداعي إلى: اتهام أنصار إدريس لشكر المزهو بانتصاره على خصومه بتزوير مقررات المؤتمر، والقيام بإنزال مكثف لموالين للشكر و»ذبح» الديمقراطية في المؤتمرات المحلية والجهوية بغاية الإحكام على أجهزة الحزب.
شد الحبل بين التيار الموالي لإدريس لشكر وبين التيار الموالي لأحمد الزايدي، وحمى الاصطفافات بدت واضحة حين استطاع الزايدي أن يستقطب مجموعة من المناضلين الاتحاديين إلى صفه، بل حتى الفريق البرلماني، الذي يعد النواة الحقيقية للحزب تمرد على أمينه العام، وأعلن دعمه الصريح لرئيس فريقه في صراعه المرير مع قيادة الحزب. بطبيعة الحال، لا يمكن لأحد أن يتكهن إلى أين سيصل هذا الصراع، لكن الأكيد في المرحلة الحالية أن كل الاحتمالات تبقى واردة، مادام أن قيادات وازنة في التيار المناصر للزايدي قررت أن تحتج أمام مقر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
الواضح، أن الصراع الدائر حاليا لن يحل بطرق ودية أو باللجوء إلى الترضيات خاصة أن إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وفي خطوة تصعيدية، قرر أن يستدعي مناضلين موالين للزايدي إلى المجالس التأديبية. كل شيء ممكن في الفترة الحالية، فتاريخ الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يحفل بمثل هذه الصراعات التي تصل إلى درجة إعلان «الطلاق».
اليوم، يواجه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خطر الانشقاق، رغم أن الاشتراكيين المنتفضين ضد لشكر أكدوا غير ما مرة أنهم يريدون قيادة تغيير من الداخل، وهو التغيير الذي يجد شرعيته فيما يسميه أنصار الزايدي بتدخل أياد خارجية في المؤتمر الأخير، فضلا على أن الحزب زاغ عن سكة الصواب السياسي وصار رهينا بتوجهات غريبة عن الحزب، وعن مرجعياته السياسية واختياراته الإيديولوجية.
تبريرات التيار المساند لإدريس لشكر تحمل في طياتها حقيقة واحدة تتمثل في أن التيار المناوئ له، يريد أن يطيح بقيادة الحزب وجره إلى حرب داخلية تنخر جسمه المختل أصلا. الأمر لم يعد مقتصرا عند لشكر بجماعة تبتغي التغيير من الداخل، بل بحملة معروفة المقاصد يقودها حزب العدالة والتنمية، تحمل أهداف مرسومة تريد تقويض الهياكل الداخلية للحزب.
ما يقع داخل المشهد السياسي بالمغرب من تجادبات غذى بشكل أو بأخر الصراعات الطاحنة في بيت الاتحاد الاشتراكي، ولا غرابة أن نلفي، والحالة هذه، أن أنصار أحمد الزايدي، اتهموا في الكثير من الخرجات الإعلامية إلياس العماري، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة بالتدخل في نتائج المؤتمر الأخير، فيما أنصار لشكر يوجهون أصابع الاتهام إلى قيادات العدالة والتنمية. وأمام صمت حكماء الاتحاد الاشتراكي وقياداته التاريخية عما يفور داخل حزب الوردة، فإن الصراع مرشح للتطور في الأيام القليلة المقبلة، وبيان ذلك أن أنصار الزايدي انتقلوا إلى مرحلة التأسيس القانوني للتيار وهيكلته من الداخل.
لشكر، لم يستفد كثيرا من تجربة حزب الاستقلال، الذي مازالت أصداء مؤتمره الأخير تتردد داخل قاعات المحاكم، ومازال الكثير من المناضلين يخوضون حربا» بلا هوادة» ضد الأمين العام الجديد عبد الحميد شباط، وبات لزاما على الأمين العام الجديد أن يحضر إلى المحكمة بعدما وافقت على الدعوى المرفوعة ضده من تيار»بلا هوادة». السؤال الملح: هل يقدر لشكر والزايدي أن يصلا إلى حل توافقي ينهي الأزمة المتمخضة عن المؤتمر الأخير؟ على المدى القريب، يبدو الانفراج بعيد المنال، ذلك أن لشكر متمسك بقرار تأديب الخارجين عن عصا الطاعة، وتمسك أنصار الزايدي بمقاطعة كل أنشطة الحزب، والأغرب في كل القصة أن الفريق البرلماني، الذي يرأسه الزايدي رفض الانصياع لقرار الكتابة الأولى بإقالة الأخير، مما يؤشر على أن الحزب يسير برأسين، بل ثمة من يخشى من تبلور تيار ثالث داخل الحزب يبعثر الأوراق ويرسم مستقبلا غامضا لحزب كانت تخشاه الدولة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
كل السيناريوهات تبقى مطروحة في ظل الغبار الكثيف المحيط بالبيت الاتحادي، والسيناريو الأسوأ في تقدير الكثير من المتتبعين يكمن في قدرة تيار الزايدي على الإعلان عن ميلاد حزب جديد من رحم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. يقينا أن هناك من داخل التيار من يدافع عن خيار الانشقاق، لكن الزايدي عبر في مرات كثيرة بأن الانشقاق ليس من الأهداف المسطرة حاليا ولا يمكن مهما كانت الظروف.
الحزب مقبل على الانتخابات الجماعية، وهو يحمل في رصيده مسلسلا طويلا من الخيبات منذ مشاركته في حكومة التناوب، ولم يستفق بعد من صدمة الانتخابات التشريعية التي بينت إلى أي حد صار الحزب مشروخا من الداخل وتهاوت شعبيته كثيرا. إذا دخل الحزب إلى الانتخابات بتمزقاته الحالية فسيخسر الكثير في ميزان الأصوات الانتخابية، والذي يعول على خيار آخر غير خيار»الجماهير الشعبية» فهو واهم، وما لم تفهمه القيادة الحالية للاتحاد الاشتراكي هو أن»السياسة هي أن تعرف متى تصمت ومتى تتكلم» كما قال تشرشل يوما.
هل تدخلت أطراف خارجية في الأزمة الداخلية للاتحاد الاشتراكي ؟
بلقاضي: تصريحات لشكر تكشف أن الحزب فقد بكارته وأصبح سهل الاختراق
المهدي السجاري
فتحت التصريحات الأخيرة لإدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، حول ما اعتبره مغازلة أنصار أحمد الزايدي لحزب العدالة والتنمية، الباب على مصراعيه، في اتهام أطراف خارجية في الصراع المستمر داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
تصريحات لشكر كانت واضحة، عندما توعد كل من يريد أن يغازل العدالة والتنمية بأنه سيكون خارج الاتحاد، حيث قال إن من أعجب غير الاتحاديين والمغاربة سيكون «باع الماتش»، وبأن «القيادة الجديدة للحزب لن تفرط في أي اتحادي، ولكن لن نسمح لأي فرد بتدمير الحزب وتبخيس أعماله واتهام قياداته وشتمها».
اتهامات، وإن كانت موجهة إلى تيار «الديمقراطية والانفتاح»، وبشكل خاص إلى برلمانيي الحزب الداعمين لرئيس الفريق الذي تمت إقالته، فإنها من جهة أخرى تحمل اتهامات مبطنة لحزب العدالة والتنمية في التدخل في الصراع الداخلي للحزب، لتعيد من جديد النقاش الذي بدأ مع صعود لشكر إلى القيادة الاتحادية، وما رافق ذلك من اتهامات لأطراف خارجية، بصناعة الزعيم الجديد لحزب الوردة.
ومقابل الاتهامات الموجهة إلى العدالة والتنمية، فإن أنصار الزايدي داخل الفريق البرلماني سبق أن أعلنوا رفضهم أن يكونوا أداة لخدمة أجندة الكاتب الأول للحزب، في علاقته بالأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال في حربهما على الحكومة.
ويرى ميلود بلقاضي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أنه «إذا اتفقنا مع إدريس لشكر في اعتبار أن هناك قوى تتدخل في الحزب، فهذا مؤشر خطير على أن الحزب أصبح مخترقا بكيفية سهلة، وهو ما يعني أن الاتحاد الاشتراكي فقد بكارته، وحان الوقت لجعل الحزب يتوفر على مناعة تصمد أمام كل تدخل خارجي، على أساس الحكامة والديمقراطية الداخلية وتدبير الاختلاف».
وأوضح بلقاضي، في هذا السياق، أن ثقافة المؤامرة أصبحت من اختصاص المؤسسات الحزبية المغربية، بل حتى الدولة، إذ حين تكون هناك أزمة داخلية ترتبط بأسباب ذاتية أو داخلية، فإن بعض المؤسسات الحزبية تحاول ربطها بجهات خارجية، بشكل يذكر بالمعادلة التي قالها ماوتسي تونغ إن كل ظاهرة من الظواهر كيفما كانت حزبية أو اقتصادية أو إعلامية أو غيرها تتحكم فيها مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، وأحيانا فالعوامل الخارجية يمكن أن تكون حاسمة في تغيير العوامل الداخلية أو العكس.
وسجل الخبير السياسي أن ما جاء على لسان لشكر لم يقدم أدلة موضوعية تكشف بأن حزب العدالة والتنمية يتدخل في الشؤون الداخلية لحزب الاتحاد الاشتراكي، خصوصا في علاقته بتيار «الديمقراطية والانفتاح»، كما أن الذين تحدثوا عن وجود جهات خارجية تدخلت في المؤتمر الأخير للحزب، والذي أسفر عن فوز لشكر بالكتابة العامة للاتحاد، لم يقدموا أدلة موضوعية على ما يقولونه.
ويقول بلقاضي، محللا هذا الوضع، إنه يدخل في إطار الحرب النفسية بين لشكر وتيار الزايدي، مضيفا أنه يمكن في الآن ذاته قراءة هذه الاتهامات من زوايا متعددة، منها فشل الاتحاديين والقيادات الاتحادية، سواء في تيار الزايدي أو قيادة لشكر، في احترام مبادئ الديمقراطية الداخلية، واحترام نتائج المؤتمر، وقدرتهما على أن يجعلا المؤسسة الحزبية فوق كل اعتبار، والعمل في المقابل على تهميش الصراعات الشخصية.
وأضاف بلقاضي أن «ما يجري داخل الاتحاد يمكن أن يقول البعض إنه صراع بين أشخاص معينين على حساب المؤسسة»، مشيرا إلى أن «الاتحاد الاشتراكي لم يعرف قط مثل هذه الصراعات كما عرفها اليوم، في حين أن الحزب عليه في ظل الدستور الجديد وقانون الأحزب ومختلف التحديات أن يقوم بأدوار أخرى تتجاوز الصراع بين لشكر والزايدي، وتتجاوز أيضا بعض الصراعات الداخلية.
وبصفة عامة، يقول بلقاضي، فإن ربط ما يجري داخل الأحزاب بعوامل خارجية فيه كثير من الدعاية والتأويل وغياب البرهنة، وفيه قليل من تقديم الإثباتات والأدلة، «فإذا كان أي طرف له أدلة موضوعية بأن هذه الفئة تتحالف ضد الحزب مع قوى خارجية يمكنه اللجوء إلى مبادئ النظام الأساسي للحسم في ذلك».
وأوضح في هذا السياق أن النظام الأساسي لحزب الاتحاد الاشتراكي يتضمن آليات متعددة للحكامة، مشيرا إلى أن «القيادة الاشتراكية في حاجة إلى كثير من الحكمة والتبصر، والرجوع إلى مواد القانون الأساسي للحزب في حال ما ثبت أن هناك شخصا أو فئة ما تتحايل أو تتآمر على الحزب مع قوى خارجية».
وفي تعليقه على تهديد لشكر بطرد مخالفيه، أكد بلقاضي أن «ذلك يشكل رد فعل على قرار مجلس النواب»، إذ أن قول لشكر بأن كل من يخالف سيكون خارج الحزب فيه الكثير من المغامرة لأن الديمقراطية تعني منهجية تدبير الاختلاف. وأضاف: «يصعب على أي حزب أن يحقق الإجماع والاتفاق، وأن يكون كلام الزعيم وتدبيره للحزب غير قابل للنقاش، فهذا الأمر انتهى، واليوم نحن في مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة».
حزب الاتحاد الاشتراكي دخل اليوم نفقا مسدودا أمام لعبة التحدي التي أعلنها الكاتب الأول للحزب في وجه معارضيه، ورفض تيار الزايدي الانبطاح لمحاولات إرغامه على الاستسلام للرأي الوحيد داخل حزب الوردة. وضع قد يجر سفينة الاتحاد إلى ما لا تحمد عقباه، بعدما أصبح قلب القيادة لا يتسع لآراء المخالفين.
احرزير: الاتحاد يتجه نحو موت بطيء واحتمال الانشقاق وارد بقوة
محمد أحداد
اتسع بشكل غير مسبوق حجم الشرخ الذي يعاني منه حزب الاتحاد الاشتراكي بعد التطورات المتسارعة التي حفلت بها الأيام الماضية، وهو ما جعل عددا من المتتبعين يتوقعون بأن الحزب محكوم عليه بسيناريوهين اثنين، إذا نجا من أحدهما سيسقط في الآخر، بعد أن تعرض لهزات متتالية وقوية منذ مشاركته في حكومة التناوب.
السيناريو الأول يتمثل في حدوث انشقاق بعد أن أصبح تدبير الخلاف داخل حزب الاتحاد الاشتراكي يعتمد على التخوين، وتوظيف التأديب، والطرد في حق المخالفين. أما السيناريو الثاني فسيجعل الحزب يلاقي نفس مصير الحركة الوطنية، حسب عبد المالك احرزير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة المولى إسماعيل بمكناس، الذي أكد أن الصراع الأفقي الذي يعيشه الحزب بعيدا عن القواعد، سيقوده إلى الموت البطيء، كما وقع للحركة الوطنية سابقا، دون أن يستبعد إمكانية حدوث انشقاق داخل حزب الاتحاد الاشتراكي. وقال إن هذا الاحتمال وارد بقوة، خاصة أن الأمر مرتبط بخارطة مستقبلية قوامها حاجة حزب الأصالة والمعاصرة إلى تحالف مع حزب مجتمعي في مخطط يتحفظ عليه عدد من الاتحاديين.
ويجمع عدد من المحللين على أن حزب الاتحاد الاشتراكي يدفع الآن فاتورة اختيارات وقرارات سابقة، حيث تحول إلى رجل مريض منذ تجربة التناوب التي انطلق معها مسلسل التشرذم، والتي احتدمت فيها الصراعات حول المكتب السياسي، الأمر الذي أدى إلى التفريط في الرصيد الشعبي للحزب، بفعل التخلي عن الخطاب الذي كان يفرضه موقع المعارضة، والقبول بالمشاركة في القرار داخل الحكومة مع شريك غير منتخب، ممثلا في التقنوقراطي. وفي هذا الصدد يقول احرزير إن الاتحاد الاشتراكي جر تداعيات أزمة انطلقت ككرة ثلج منذ مشاركته في العمل الحكومي، بالنظر إلى الإكراهات التي يفرضها هذا الأخير، والتي تتجاوز الجانب السياسي، بحكم أن الاشتغال في المعارضة يمكن أن ينجح فيربح الحزب مشروعيته اعتمادا على خطاب المعارضة الذي يكون له امتداد في الشارع.
كما أكد احرزير أن التمزق الداخلي الحاصل في الحزب ظهر بشكل واضح مع بروز أزمة الاستوزار، بعد تكليف إدريس لشكر بحقيبة الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، حيث ارتفعت أصوات عدة أسماء اتحادية تطالب بأحقيتها في العودة إلى كراسي الحكومة، في إطار «صراع كنا نراه في أحزاب اليمين»، قبل أن يحين الدور على بعض أعضاء الشبيبة الاتحادية من الجيل الجديد، الذين دخلوا على الخط، وطالبوا أيضا بأحقيتهم في الاستوزار، وهو ما جعل الصراع حول المواقع يحتد استباقا لأي هندسة مستقبلية للحكومة، في ظل السعي نحو منح الشرعية للأصالة والمعاصرة من خلال الترتيب لتحالف مع الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال.
ويرى عدد من الاتحاديين، ممن لازال لديهم أمل، أن إنقاذ ما تبقى من الحزب ممكن من خلال عودة بعض الوجوه التي تحظى بالاحترام، والتي فضلت التواري عن الأنظار واجترار مرارة الإقصاء، الذي نجم عن حرب ملوك الطوائف داخل الحزب. وهي الحرب التي طغى فيها الجانب الشخصي على حساب مبادئ ومرجعيات الاتحاد، إذ نبه احرزير إلى أن كلا الطرفين، الممثلين في تيار لشكر والزايدي، لا يحاولان إعادة قراءة المرجعية المذهبية للحزب. وأضاف أنه «بالعودة إلى الوراء نرى أن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية انطلق منه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لكن بمرجعية المؤتمر الاستثنائي على أساس نبذ الصراع الطائفي والسعي نحو الديمقراطية». وأوضح بأن الخطر الحقيقي الذي يبين عمق أزمة الاتحاد الاشتراكي هو حدوث انشقاق دون أرضية، لمجرد تحقيق طموحات شخصية، بعضها مرتبط بالاستوزار. وأشار إلى أن الاتحاد الاشتراكي لم تسجل عليه أي دينامية نابعة من قراءة جديدة للواقع السياسي، وللميكانيزمات الاقتصادية، وهو ما يفسر عدم السعي إلى تصحيح الاختلالات القاتلة التي يعاني منها، والإصرار على التمادي في شخصنة الحزب عوض مأسسته ضمن جيل جديد من الشبيبة الاتحادية حتى يمكنه السير إلى الأمام.
وقال احرزير إن ما يحدد نقطة قوة أي حزب هو صندوق الاقتراع، وهو المعطى الذي أصبح متجاوزا في الصراع بين الاتحاديين، رغم الانتكاسة التي مني بها الحزب بعد أن تفوقت عليه أحزاب ظلت إلى وقت قريب يصفها هو نفسه بالإدارية، وأنها من صنع المخزن، ولا تمثل المغاربة. وأضاف أن الحزب واصل خروجه عن المسار الشعبي رغم وجوده في المعارضة، وبالتالي ابتعد عن القواعد التي كانت وقودا له، رغبة في العودة إلى الحكم بعد أن تم إدماجه في النظام السياسي بشروط، ليبقى ضمن المنطق الملكي.
وأضاف احرزير بأن «هذه الصراعات ستزيد من ضعف وتسريع ملاقاته لمصير محتوم، فحسب شون بيتر، وهو من كبار المهتمين بدارسة النخب، فإن هذه الأخيرة عندما تقل تصبح أكثر وزنا وقيمة، وكلما كثرت تتشرذم وتتعرض للانشقاقات». وأعطى احرزير مثالا لذلك بالأعيان الذين كان لهم وزن في الستينيات قبل اعتماد التنظيم الجماعي والسماح لمن من هب ودب بأن يكون منتخبا جماعيا، مضيفا أن نفس الأمر ينطبق على الأحزاب التي ارتفع عددها على حساب قوتها تحت غطاء التعددية.
مأسسة التيارات وسيلة لتدبير الخلاف أم آلية لإضعاف الأحزاب
خديجة عليموسى
أعاد الاحتقان الحاد الذي يشهده البيت الاتحادي الحديث عن مأسسة التيارات داخل الأحزاب السياسية، والسؤال حول جدواها وضرورتها، وما إذا كانت تمثل وسيلة ديمقراطية لتدبير الخلاف الداخلي أم هي مجرد آلية لإضعاف الأحزاب السياسية من الداخل.
ويعتبر منار السليمي، أستاذ العلوم السياسية، أن مأسسة التيارات داخل الأحزاب السياسية تظل صعبة التحقق لكون الهيئات السياسية لم تصل بعد إلى مرحلة الاعتراف بالتعدد والخلاف الإيديولوجي، إلى جانب أن الأثر القانوني محدود ولم يغير طبيعة الهيكل التنظيمي للأحزاب.
ويرى المحلل السياسي، في حديثه ل»المساء» أن مأسسة التيارات هي وسيلة لتدبير التعددية داخل العمل السياسي، ويدل على درجة تطور الديمقراطية الحزبية، وهو الرأي الذي يذهب إليه تيار الانفتاح والديمقراطية الذي يؤكد أن مأسسة التيارات ستؤدي إلى تفعيل الديمقراطية الداخلية من أجل تدبير التباين والاختلافات التي يمكن أن تكون داخل الحزب، في هذا الصدد أكد محمد بوبكري، القيادي الاتحادي وأحد أعضاء التيار، في تصريح ل»المساء» إن مأسسة التيارات تظل الوسيلة الوحيدة للتعبير عن وجهات النظر، وهي الحل لتدبير الاختلافات الكبرى داخل حزب الاتحاد الاشتراكي.
وإذا كان تيار الانفتاح والديمقراطية يتشبث بضرورة الاعتراف به كمكون وجزء من الحزب، إلا أن التصريحات الإعلامية الأخيرة للكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، تعتبر أن الاعتراف بالتيار مخالف لمقررات المؤتمر، ويقول إن من يطالبون اليوم بمأسسة التيارات داخل الحزب هم أنفسهم من عارضوا الفكرة في اللجنة الوطنية للتنظيم، وإن الداعين للتيار يمثلون فقط أربعة أشخاص، وإن الحزب يضم 35 ألف منخرط، ولا يمكن الاستجابة لأفراد وعدم تلبية مطالب الآخرين».
شد الحبل بين إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي وبين أحمد الزايدي متزعم تيار الانفتاح والديمقراطية، مرده حسب متتبعين، إلى عدم وفاء الكاتب الأول لحزب الوردة بالوعود التي قدمها لأتباع التيار بالاعتراف بهم كتيار داخل الأسرة الاتحادية، وفي هذا الصدد أكد بوبكري أن الكاتب الأول للحزب سبق أن وعد أكثر من مرة في لقاءات جمعت بينه وبين أعضاء سكرتارية تيار الانفتاح والديمقراطية بأنه سيعترف بالتيار، بل أكثر من ذلك، يقول بوبكري، إن لشكر قال، في لقاء جمعه مع الفريق الاشتراكي، إن التيار من شأنه تدبير الاختلاف داخل الحزب، وإنه سيفاجئ الجميع وسيحقق أكثر ما يطالب به التيار، فكانت المفاجأة، إصدار قرارات تأديبية في حق المخالفين، يقول بوبكري.
وحول ما إذا كان تأسيس التيارات من شأنه إضعاف الحزب من الداخل، قال بوبكري «لم نصل إلى هذا النقاش لأن الكاتب الأول اتخذ قراره بعدم مناقشة تأسيس التيارات، وإغلاق باب الحوار لم يفسح المجال للمناقشة خلال انعقاد اللجنة الإدارية، وهذا يبين ضيق الأفق لدى الطرف الآخر وعدم قدرته على سماع الرأي الآخر».
وإذا كان هناك من يرى أن التيارات من شأنها تقوية ثقافة الاختلاف داخل الحزب وتعد وسيلة للحد من الانشقاقات التي شهدتها الأحزاب السياسية عبر التاريخ، فإن الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي يعتبر أن تأسيس التيارات من شأنه إضعاف الأحزاب وذلك استنادا إلى تجارب دولية لأحزاب اشتراكية، وفق تعبيره خلال ندوة صحافية نظمها يوم الخميس الماضي.
اللجوء إلى تأسيس التيار من لدن معارضي لشكر هدفه الحفاظ على وحدة الصف والحيلولة دون تعرض الحزب لانشقاق جديد، إذ
جاء تأسيس تيار الانفتاح والديمقراطية بعد المؤتمر التاسع لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي عادت فيه الكتابة الأولى لإدريس لشكر، وإقصاء عدد من أنصار الزايدي من الأجهزة التقريرية للحزب، وهو ما كان ينذر بانشقاق داخل الحزب، غير أن معارضي الكاتب الأول ارتأوا تأسيس تيار يحمل اسم «الانفتاح والديمقراطية» والعمل من داخل الحزب.
تيار الانفتاح والديمقراطية سيلقى المصير نفسه، الذي عرفه تيار «بلا هوادة» داخل حزب الاستقلال، وفق رأي منار السليمي، والذي سيصبح خارج إطار البنية الحزبية، بسبب السلطوية التي تعرفها الأحزاب السياسية المغربية، التي تعيش وهم «الزعامات» ومازالت لديها النزعة الشخصانية، حسب تعبيره.
ويبدو، حسب رأي السليمي، أن الأحزاب السياسية التي لها خلفية إيديولوجية لا تقبل بالتيارات، والتي وإن كان بعضها يبدي أنه موحد، مثل حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة، فإنه من المتوقع أن يعرف ما عرفته الأحزاب التاريخية، وتكون النتيجة هي رفض مأسسة التيارات، في وقت توجد أحزاب سياسية، يقول المتحدث نفسه، في غنى عن التيارات، لأنها لا توجد لديها أي إيديولوجية مثل الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري.
شقير: تاريخ لشكر وأسلوبه الشعبوي جعلا الكثير من القيادات تنسحب من الاتحاد الاشتراكي
قال إن الصراع إذا لم يتم احتواؤه لن يزيد إلا في إضعاف الحزب وتقزيم دوره
حاوره:
عادل نجدي
- كيف تنظرون إلى ما يعيشه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حاليا من صراع بين إدريس لشكر وأحمد الزايدي، وهو الصراع الذي يهدد وحدته؟
أخال أن هذا الصراع بين إدريس لشكر وأحمد الزايدي على خلفية نتائج انتخابات المؤتمر الأخير للحزب لم ينته بعد، لأن المسألة في العمق مسألة تاريخية ترتبط بالأساس بأن هذا الحزب منذ انشقاقه عن حزب الاستقلال في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي وهو يتعرض لانشقاقات داخلية، مردها إلى الطبيعة الدوغمائية للحزب، وكذا لجمع الحزب لمرجعيات فكرية واجتماعية تفرز دائما هذه الانشقاقات بصعود قيادة جديدة للحزب، فقد رافق صعود الراحل عبد الرحيم بوعبيد انشقاق بنجلون وعبد الرحمان بنعمر، كما رافق صعود عبد الرحمان اليوسفي خروج محمد الساسي ورفاقه، وصعود اليازغي خروج محمد نوبير الأموي ورفاقه وهكذا. كما أن الانشقاقات التي عرفها الاتحاد مردها كذلك إلى الطبيعة التنظيمية التي ترتبط ببنية الحزب ككل، إذ تعكس غياب آليات داخلية لتدبير الخلاف بين صفوف الحزب وعدم تشبع العقلية السائدة داخله بروح الديمقراطية التي تمتثل لنتائج الانتخابات المؤتمر الوطني كيفما كانت، بالإضافة إلى إغراءات المنصب التي ترى في الوصول إلى المناصب القيادية قناة من قنوات الحصول على مناصب سامية كانت وزارية أو إدارية.
- بعد نهاية المؤتمر التاسع سادت هدنة بين معسكري لشكر والزايدي بعد اتفاقهما على ضرورة وضع ضوابط تنظيمية تسمح بتعايش التيارات داخل الحزب، وانتعاشها وممارسة نشاطها في حدود متطلبات الحفاظ على وحدة الحزب كخط أحمر لا يجوز تجاوزه، لكن الأيام الأخيرة عرفت انقلاب تلك الهدنة إلى حرب شرسة. بماذا تفسرون هذا الانقلاب؟
إن المسألة هي قبل كل شيء هدنة بين معسكرين فقدت الثقة بينهما، بحيث أن الاتفاق على هذه الهدنة لم يكن مبدئيا على أسس تنظيمية، ما دام الأمر لم يصل إلى التكريس القانوني والتنظيمي لوجود تيارات داخل الحزب، وشرعنة هذا الوجود، فكان من الطبيعي أن ينفجر الخلاف من جديد. فلشكر كان محتاجا لهدنة تمكنه من التحكم في الدواليب التنظيمية للحزب من خلال العمل على إدماج فعاليات جديدة من أحزاب أخرى، والقيام بجولات لفروع الحزب لتكريس انتخابه، وعقد تحالفات مع الأمين العام لحزب الاستقلال الذي يعاني بدوره من التشكيك من تيار لا يعترف بشرعيته، لكن يبدو أن رئاسة الزايدي للفريق الاتحادي داخل مجلس النواب بقيت مصدر قلق للشكر الذي يرى بأنه مادام الزايدي على رأس الفريق، فإنه سيشكل خطرا على قيادته للحزب، وسيضعف من سيطرته على دواليبه، بعدما تحول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى آلة انتخابية بالدرجة الأولى، وبعدما فقد قواعده الشعبية نتيجة ل«الاهتلاك السياسي» الذي تعرض له عندما كان في حكومة التناوب. كما أن هناك في رأيي سبب آخر يتمثل في انسحاب كل الشخصيات الحكيمة من داخل الحزب كمحمد الحبابي وعبد الرحمان اليوسفي وغيرهما، والذين كان من الممكن أن يقوموا بوساطات لحل هذا الصراع بين لشكر والزايدي. فالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يفتقد لمجلس حكماء على غرار حزب الاستقلال، والذي لعب دورا كبيرا في حل الكثير من الخلافات الداخلية لهذا الحزب.
- هل يمكن القول بأن القيادة الحالية للاتحاد ممثلة في لشكر فشلت في تدبير الاختلاف، ولم تستطع أن تكون ممثلة لجميع الاتحاديين؟
إن فشل لشكر في تدبير الاختلاف يعود في نظري لعدة أسباب، من أهمها شخصية هذا الأخير المثيرة للجدل، إذ أن الحزب بعد خروجه من رئاسة الحكومة بشكل مهين، وبعد رفضه الانضمام إلى حكومة عبد الإله بنكيران، كان في حاجة إلى شخصية كاريزمية تجمع حولها كل الشخصيات والتيارات لتعيد هيكلة حزب المهدي بنبركة، وترجع له إشعاعه الفكري والإيديولوجي، في حين أن تاريخ لشكر داخل الحزب الذي كان يعد اليد اليمنى للكاتب الأول الأسبق محمد اليازغي قبل أن ينقلب عليه، وتقلده لمنصب وزاري في حكومة الاستقلالي عباس الفاسي وأسلوبه الشعبوي، جعل الكثير من القيادات وشخصيات الحزب تنسحب من الحزب كمحمد الحبابي ومحمد الأشعري والعربي العجول وآخرين. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحزب يحتاج إلى تكريس آلية تنظيمية لتدبير الاختلاف وعلى رأسها الاعتراف القانوني بالتيارات، حتى لو اقتضى الأمر عقد مؤتمر استثنائي يتم فيه الاتفاق على مجموعة من الآليات لتدبير الاختلاف، خاصة أن الحزب مقبل على استحقاقات انتخابية، من المفروض أن يتهيأ لها بوحدة تنظيمية وصفوف متراصة.
- تهديد لشكر بطرد بعض الأعضاء يثير عدداً من الأسئلة حول تدبير الديمقراطية، وأسبقية الولاء للزعيم داخل حزب المهدي بنبركة؟
إن الأحزاب المغربية على العموم والاتحاد الاشتراكي على وجه الخصوص استندت في تنظيمها منذ التأسيس على ما سمي بالمركزية التنظيمية، والتي مازالت ترسباتها متجذرة داخل الحزب. فالديمقراطية الداخلية مازالت شعارا لم يترسخ، بدليل أن الانتخابات عادة ما تفرز خلافات شخصية من الصعب تجاوزها، وبالتالي فتهديد لشكر بطرد بعض الأعضاء يعكس هذه النزعة التي مازالت مترسخة ومتجذرة في بنية الحزب الفكرية والإيديولوجية والتنظيمية.
- كيف ترى تدبير المعسكرين للاختلاف بينهما؟
إن تدبير الاختلاف داخل حزب الاتحاد ينبغي أن لا يتم على أساس هدنة أو اتفاقات شخصية، بل يجب أن يتم التشاور والاتفاق على الاعتراف القانوني والتنظيمي للتيارات داخل الحزب، فقد آن الأوان لكي يعطي هذا الحزب المثال لباقي الأحزاب في مأسسة التيارات الداخلية وإيجاد الآليات القمينة بتدبير الخلافات لأكبر الأحزاب العريقة بالمملكة، والذي عصفت به صراعاته وخلافاته الداخلية ليفقد إشعاعه كأعتى الأحزاب التي واجهت سلطة الملك الراحل الحسن الثاني.
- ما تبعات الصراع الدائر بين لشكر والزايدي على حزب المهدي بنبركة؟
يمكن القول إن هذا الصراع، إذا لم يتم احتواؤه، لن يزيد إلا في إضعاف الحزب، وتقزيم دوره، خاصة وأن هناك انتخابات جماعية وجهوية على الأبواب، من المفروض على الحزب أن يستعد لها تنظيميا وبصفوف متراصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.