شن أحمد الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعضو المكتب التنفيذي لحركة الإصلاح والتوحيد، هجوما عنيفا على المملكة العربية السعودية التي قضى فيها قبل ذلك سنتين بسبب حظرها لأنشطة حركة الإخوان المسلمين وإدراجها ضمن التنظيمات الإرهابية. الريسوني الذي كان يتحدث على قناة الجزيرة القطرية ليلة أول أمس الأحد في برنامج «سياسة في دين»، اتهم «النظام السعودي بالانسياق وراء حكم العسكر الغاصب بمصر»، معتبرا قرار السعودية «غير مقبول وموغل في الغرابة»، ذلك أن «الآلاف من الإخوان المسلمين المنحدرين من مختلف الأقطار العربية يستقرون بالسعودية منذ عشرات السنين، وهم من بنوا الاقتصاد السعودي، لكن فجأة أصبحوا إرهابيين، وهذا مؤسف للسعودية التي انحدرت وراء حكم العسكر في مصر» يضيف زعيم حركة التوحيد والإصلاح... الريسوني تولى في ذات البرنامج مهمة تبييض صحيفة حركة الإخوان المسلمين، نافيا عنهم تهمة جنوحهم إلى العنف لفرض آرائهم السياسية، زاعما أن «أدبيات الحركة منذ نشأتها تؤكد أنها جماعة دعوية تربوية سلفية»، معتبرا كل من يسعى إلى إلصاق تهمة الإرهاب بهاته الحركة هم مجموعة من الكذابين، حيث لم يتردد في اتهام مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة «بتزوير تعاليم الدين الإسلامي وشيطنته»، معتبرا إياه ينتمي «لفئة علماء السلاطين اللاهثة وراء المال والمناصب»... نائب القرضاوي في هيئة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذراع الدعوي لتنظيم الإخوان العالمي، اعترف بارتكاب إخوان مصر وتونس لأخطاء قاتلة شخصها في هرولتهم نحو الإمساك بمقاليد الحكم والانغماس في أتون السلطة. وفي ما يشبه الوصفة التي على الإخوان المسلمين التقيد بها، دعا الفقيه الريسوني الحركات الإسلامية إلى التأني والتريث في الانجذاب نحو السيطرة على مقاليد الحكم، وعليهم التمسك بمواقعهم الاستراتيجية التي يجب أن تبقى هي الحصن المنيع لهاته الحركات، ويعني بها التمسك بالمهام الدعوية والتربوية والاجتماعية، والتغلغل بحذر في دواليب الحكم، ويبدو أن وصفة الريسوني هي الملتزم بها حرفيا من طرف حزب بنكيران... التصريحات الخطيرة وغير المحسوبة العواقب الريسوني ، الرجل القوي في حركة الإصلاح والتوحيد، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية الحاكم، في حق الشقيقة السعودية من شأنها أن تؤدي إلى إفساد العلاقات الأخوية بين الرباط والرياض، وهو ما ستكون له انعكاسات وخيمة على المصالح الاستراتيجية لبلادنا في وقت يحتاج فيه المغرب إلى كل حلفائه المخلصين، وهذا يطرح علامات استفهام كبرى حول موقف الصمت الذي يركن إليه عبد الإله بنكيران كلما تعلق الأمر بتصريحات ومواقف قيادات حركة الوحيد والإصلاح. غير أن ما فاه به الريسوني على قناة الجزيرة قد تجاوز كل الحدود، حيث صار الريسوني أداة طيعة في يد إمارة قطر، ورهن إشارتها للضغط على دول الخليج التي أعلنت اصطفافها إلى جانب النظام المصري بعد خلع الرئيس مرسي، فالزعيم الروحي لحزب العدالة والتنمية يثبت بما لا يدع مجالا للشك ارتباطه بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وبذلك فإنه تحول عن سبق إصرار إلى خادم لأجندة أجنبية معاكسة للمصالح العليا للوطن، وهو ما يستوجب من عبد الإله بنكيران، بصفته الدستورية، موقفا صريحا وواضحا ضد هذا التخريب الممنهج للعمق الاستراتيجي لبلادنا.