استقبلت حركة التوحيد والإصلاح، المهيمنة على حزب العدالة والتنمية، وفي ظرف وجيز باستقبال الداعية السعودي سلمان بن فهد العودة، الذي خصصت له الحركة جولات بفروعها،ويوسف القرضاوي،رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين ومفتي قناة "الجزيرة" القطرية، وهي خطوة يرى فيها المعنيون بشأن الحركة الإسلامية المغربية، أنها محاولة تحاول من خلالها حركة التوحيد والإصلاح أن تترأس عملية استقطاب المرجعيات من المشرق رغم أنها تتباكى على وحدة المغرب المذهبية. فالشيخ القرضاوي، الذي قال في حضرة عبد الاله بنكيران،الأمين العام لحزب العدالة والتنمية،إن وحدة المغرب المذهبية أمانة وضمانة لاستقراره لا يؤمن أصلا بالمذهبية ويعتبر نفسه عالما فوق المذاهب،ويتغنى دائما بابن تيمية لأنه فوق المذهبية كما يرى، كما أنه لا يرجح الإمام مالك بتاتا إلا إذا طابق تماما المرجع السلفي الكبير ابن تيمية، وهنا يطرح السؤال على أبناء التوحيد والإصلاح،ومن ورائهم سياسيو حزب العدالة والتنمية، هل باستطاعتهم رد فتوى للقرضاوي إذا ما خالف فيها مالك؟ لا يمكن لأبناء التوحيد والإصلاح رد فتوى للقرضاوي حتى لو خالف فيها الإمام مالك بعدما أصبح جزء من قيادتهم تلاميذ للشيخ المذكور في مؤتمر "التلاميذ والأصحاب" الذي عقد بقطر،والذي تم فيه اختيار القرضاوي إماما للأمة وفقيها للعصر بلا منازع، فهل يمكن أن يتم مناقشة فتوى اجترحها فقيه أعطته الحركة هذا الحجم؟ فكيف يتماهى أبناء التوحيد والإصلاح وهو ليس مالكيا؟ فهل في القضية تركيبة دعوية جديدة يعود فيها أبناء الحركة إلى أصلهم السلفي الذي أخفوه بعدما اشتعلت الحرب العالمية على الإرهاب،والتي بدأت في التراجع حاليا؟ أما لماذا اختار القرضاوي الغرب الإسلامي في الوقت الراهن؟ فالجواب يكمن في سقوط القرضاوي من عرش "اسلام أونلاين" الذي تموله قطر وهي البداية لسقوطه القطري المنتظر، وبالتالي فإنه يبحث له عن موقع قدم بعد أن أفل نجمه في الشرق حيث أنه لو خرج من قطر سيجد نفسه محرجا ولن تقبله مصر موطنه الأصلي نظرا لوجود قوة أزهرية هائلة، وقد حاول في الشرق الأدنى ولم يجد له أتباعا هناك، وما دامت حركة التوحيد والإصلاح اختارته إماما للأمة،وفقيها للعصر بدون منازع فإن القرضاوي يعتبر المغرب منطلقا له للبحث عن تعزيز مرجعيته بالغرب الاسلامي، وزيارته للسينغال وموريتانيا وأخيرا المغرب دلالة واضحة على هذا التوجه. ولم يكتف القرضاوي بزيارة تلاميذه، بل شرع في إملاء دروسه على المغرب داعيا الدولة إلى الحوار مع سجناء السلفية الجهادية حاشرا أنفه في شأن مغربي لكن معززا دعوة العدالة والتنمية السابقة للحوار. ومما يعزز ما ذهبت إليه كل التوجهات التي ترى في قدوم القرضاوي عند تلاميذته محاولة للبحث عن الشرعية من الخارج هو زيارة الداعية السعودي سلمان بن فهد العودة لحركة التوحيد والإصلاح، وسلمان بن فهد العودة محسوب على ما يسمى "الصحوات" فبعد تاريخ في دعم التطرف والإرهاب عاد للدعوة إلى سلفية محمد بن عبد الوهاب التي هي أصل السلفيات الجهادية، وسلمان يبحث له الآن عن امبراطورية دعوية خاصة ويجد له عند التوحيد والإصلاح مرتعا وسوقا لترويج أفكاره. وتزامن احتفاء التوحيد والإصلاح بالدعاة المشرقيين بالخطاب الذي وجهه أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح وضيف الوهابية حاليا بجدة، الذي وجهه إلى المغني الإنجليزي التون جون قائلا له "أهلا وسهلا، فأنت فعلا تنزل عند أهلك وأحبائك، وتطأ بلدا سهلا عليك وعلى أمثالك ». وأضاف أنه لم يعد سرا أن بالمغرب « إخوانا وأهلين، ومحبين ومحتضنين للشواذ، من جميع الأصناف؛ من اليمين واليسار والوسط. فكل من أتى المغربَ منهم فقد نزل أهلا ووطئ سهلا. بل إن المغرب هو أسهل السهول في هذا المجال". وأضاف ساخرا من العلماء المغاربة "وأما علماؤنا الكبار، الذين دوخهم موضوع الفتوى، فأقول لهم : استريحوا في مضاجعكم، فهذا الكلام لا علاقة له بالفتوى، وإنما هو مجرد تعليق صحفي. فلعل هذا التوضيح يعفيكم من المسارعة إلى الرد والتفنيد والتنديد" وأشار الريسوني الى أن آخر " صيحات الفجور السياسي هو تجند عدد من المتنفذين، من السياسيين والصحفيين والسياحيين، لكل إنجاز يمثل في نظرهم تحديا وهزيمة للإسلاميين والمحافظين والمتدينين أجمعين، مهما بلغت كلفته ووقاحته. فلا صوت يعلو فوق صوت الفسق والفجور، والعري والخمور. وغدا وبعده، سنجد من يحدثنا عن الفن وأعداء الفن"، فماذا بقي لأبناء التوحيد والاصلاح غير القرضاوي والعودة بعد أن سفه فقيههم علماء المغرب. وبالعودة الى تاريخ البحث عن مرجعيات خارجية من طرف أبناء التوحيد والإصلاح هو الذهاب بعيدا في النفاق السياسي، بعد أن ذهب عبد الاله بنكيران وهو آنذاك رئيس لحركة الإصلاح والتجديد ليقول في طهران "إننا كنا أول من ساند الثورة الإيرانية" تاركا وراءه أعداد جريدة الراية التي نشرت على حلقات كتاب سعيد حوى "الخمينية شذوذ في العقائد وشذوذ في المواقف" ولأن بنكيران ورفاقه لا يفقهون شيئا في التشيع فإنهم لم يتمكنوا من تحقيق موقع في هذه الجبهة. وتوجهوا نحو القارة السوداء يوم كانت لحسن الترابي، زعيم المؤتمر الشعبي السوداني، صولة وجولة في الحكم بتحالفه مع عمر حسن البشير الرئيس السوداني، كما حاولوا عقد توأمة مع حزب العدالة والتنمية التركي بل ادعوا أنه استعار شعاره منهم إلى أن صدمهم زعيم الحزب أخيرا عندما قال إنه لا يعرف حزبا بهذا الاسم ،وكيف اللقاء بين حزب يصنع السياسة العالمية وحزب لم يقدم ويؤخر في السياسة المغربية سوى احتضان بعض التيارات السلفية.