قررت محكمة جنايات القاهرة الخميس أرجاء محاكمة صحفيي «الجزيرة» إلى الخامس من مارس المقبل، وهي قضية تسببت في انتقادات واتهامات للسلطات المصرية بفرض قيود على حرية الإعلام. ويواجه الصحافيون، ومن بينهم الاسترالي بيتر غراست والمصري الكندي محمد فاضل فهمي، اتهامات بدعم جماعة الإخوان المسلمين التي صنفتها الحكومة المصرية «تنظيما إرهابيا» وبنشر تقارير خاطئة والتلاعب بالصور. وقررت المحكمة الاستماع في الجلسة المقبلة الى شهود الاثبات وكشف ما ضبط مع المتهمين. ودفع الصحافيون المتهمون ببراءتهم. وتم توقيف ثمانية فقط من 20 متهما في هذه القضية مثلوا في قفص الاتهام الخميس بينما يحاكم الاخرون غيابيا.وقال غراست للصحافيين من داخل قفص الاتهام إن «الخدمات (في السجن) جيدة ولكني منهك نفسيا وإذا طبق القانون فسيتم إطلاق سراحنا قريبا».وغراست هو الصحافي الأجنبي الوحيد الذي تم توقيفه ويحاكم حضوريا في هذه القضية.وقال محمد فاضل فهمي «سمعنا (دعما) من (المسؤولين) الامريكيين والبريطانيين ونأمل أن نسمع رئيسي الوزراء الاسترالي والكندي». وأضاف «نحن أقوياء للغاية وجميعنا في زنزانة واحدة». من جهتها، أصدرت قناة «الجزيرة» بيانا أعربت فيه عن «خيبتها» إزاء إبقاء صحافييها في السجن ودعت إلى «يوم تحرك عالمي» في 27 فبراير. وقال المدير التنفيذي لقناة «الجزيرة الانكليزية» إل أنستي في البيان «لقد أصبنا بخيبة كبيرة لأن (صحافيي القناة) لم يفرج عنهم اليوم، فالتهم الموجهة إلى موظفينا لا أساس لها وهي غير مقبولة ولا مبرر لها». وتأتي القضية وسط توتر في العلاقات بين القاهرة وقطر التي دعمت الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين. وتنفي «الجزيرة» التهم الموجهة لمراسليها وتؤكد أن تسعة فقط من المتهمين هم من صحافييها. وألقت السلطات المصرية القبض على فهمي الذي عمل من قبل مع شبكة «سي إن إن»، وغراست الذي سبق أن عمل مع «بي بي سي»، في فندق في القاهرة نهاية دجنبر الماضي. وثلاثة من الأجانب المدرجين على لائحة الاتهام موجودون خارج مصر وسيحاكمون غيابيا وهم البريطانيان سو تورتون ودومينيك كاين، والصحافية الهولندية رينا نيتجيتس. وتواجه رينا اتهامات في القضية رغم أنها تؤكد أنها لم تعمل في «الجزيرة» وقد فرت من مصر في 4 فبراير. وقالت تورتون التي كانت تعمل مع شبكة «سكاي نيوز» البريطانية والقناة الرابعة البريطانية إنها تأمل أن تسقط المحكمة الاتهامات الموجهة إليها. وقالت في اتصال هاتفي مع فرانس برس إن «الاتهامات الموجهة لي أساسا تتعلق بمساعدة منظمة إرهابية من خلال إمدادها بالمال والتجهيزات». وأضافت «شعرت بإحباط كبير عندما وضع الصحافيون في السجن، لقد كنا جميعا نعتقد أن السلطات ستدرك أنها ترتكب خطأ كبيرا». وتابعت «إننا نعتمد بالكامل على القضاة والنظام القضائي المصري لاسقاط الاتهامات» مشيرة إلى أنها غادرت مصر في نونبر الماضي، بعد مهمة صحافية قصيرة، أي قبل شهر من إعلان الإخوان تنظيما إرهابيا. وفي وقت تشهد مصر انقساما بين أنصار الجيش وأنصار الإخوان المسلمين، نددت منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان وعن حرية الصحافة وكذلك الاممالمتحدة بحملة قمع ضد وسائل الإعلام. وفور إعلان التهم الموجهة إلى الصحافيين أسفت منظمة العفو الدولية لما اعتبرته «انتكاسة كبرى لحرية الصحافة» مؤكدة ان ذلك «يوجه رسالة مخيفة بأن رواية واحدة للوقائع مقبولة اليوم في مصر وهي تلك التي تسمح بها السلطات»، ووصفت الصحافيين بأنهم «سجناء رأي». وحث معهد الصحافة الدولي الأربعاء القضاء المصري على الإفراج عن الصحافيين المتهمين. وقال المعهد في بيان إن «الدلائل الاولية لزيارة المعهد لمصر وجدت أن مصر تتهم الصحفيين بشكل منهجي بتهم غير مسندة بمعاونة إرهابيين أو نشر أخبار كاذبة في مسعى لاخافة كل الصحافيين وعرقلة نقل الأخبار بشكل مستقل». واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن المحاكمة جزء من حملة قمع على المعارضين تشنها الحكومة الانتقالية. وقالت المنظمة في بيان الخميس إن «السلطات المصرية لم تسمح خلال الشهور الأخيرة بالمرة بأي شكل من المعارضة فاوقفت وأحالت للمحاكمة صحفيين ومتظاهرين وأكاديميين لأنهم عبروا عن آرائهم سلميا». وندد غراست في رسالة كتبها من محبسه في سجن طرة ونشرتها «الجزيرة»، بغياب حرية الصحافة في مصر. وأضاف غراست أن «الدولة لن تقبل بأي صوت مغاير، سواء من الإخوان المسلمين أو من أي منتقدين آخرين» مشيرا إلى أن «السجون تعج بكل الذين عارضوا الحكومة أو تحدوها». ويبدو أن أيا من الصحافيين الموقوفين لم يعمل في مصر بموجب ترخيص صحافي رسمي. ويصر مسؤولون مصريون على أن قناة «الجزيرة» تعمل لصالح الدوحة، وأنها منحازة للإخوان المسلمين. وتستضيف القناة باستمرار أنصارا للإخوان ومرسي من بينهم قيادات إسلامية مطلوبة في مصر. وداهمت الشرطة المصرية من قبل مكاتب ل«الجزيرة» في القاهرة حيث جرت مصادرة معدات بث. وقال مسؤول مصري بارز لفرانس برس إن «الجزيرة» «هي محطة قطرية وقطر الدولة الخليجية العربية الوحيدة التي تدعم الإخوان». وسبق وتعرضت محطة «الجزيرة»، لا سيما قناتها الناطقة باللغة العربية، لانتقادات بسبب تغطيتها التي يقول البعض أنها منحازة في العالم العربي. والأربعاء، تظاهر خمسون شخصا أمام السفارة المصرية في لندن للمطالبة بالإفراج فورا عن الصحافيين. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «العمل الصحافي ليس جريمة» و«الصحافة ليست إرهابا» ووضع البعض على افواههم شريطا لاصقا.