طنجة .. مناظرة تناقش التدبير الحكماتي للممتلكات الجماعية كمدخل للتنمية    المدير العام لإدارة السجون يلوح بالاستقالة بعد "إهانته" في اجتماع بالبرلمان    الموقف العقلاني والعدمي لطلبة الطب        المغرب يمنح الضوء الأخضر للبرازيل لتصدير زيت الزيتون في ظل أزمة إنتاج محلية    مجلس الجالية يشيد بقرار الملك إحداث تحول جديد في تدبير شؤون الجالية    المنصوري تكشف عن برنامج خماسي جديد للقضاء على السكن الصفيحي وتحسين ظروف آلاف الأسر    إحصاء سكان إقليم الجديدة حسب كل جماعة.. اليكم اللائحة الكاملة ل27 جماعة    حموشي يترأس وفد المغرب في الجمعية العامة للأنتربول بغلاسكو    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"    الكعبي يستمر في هز الشباك باليونان        هذه حقيقة الربط الجوي للداخلة بمدريد    المغرب يعتمد إصلاحات شاملة في أنظمة التأمين الصحي الإجباري    لحظة تسليم علم منظمة "الأنتربول" للحموشي باعتباره رئيس الوفد الأمني للدولة التي ستحتضن الدورة المقبلة للجمعية العامة للأنتربول (فيديو)    1000 صيدلية تفتح أبوابها للكشف المبكر والمجاني عن مرض السكري    الأسباب الحقيقية وراء إبعاد حكيم زياش المنتخب المغربي … !    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    بايدن يتعهد بانتقال "سلمي" مع ترامب    اعتقال رئيس الاتحاد البيروفي لكرة القدم للاشتباه في ارتباطه بمنظمة إجرامية    توقيف 08 منظمين مغاربة للهجرة السرية و175 مرشحا من جنسيات مختلفة بطانطان وسيدي إفني    «كلنا نغني».. جولة عربية وأوروبية للعرض الذي يعيد إحياء الأغاني الخالدة    ‬‮«‬بسيكوجغرافيا‮»‬ ‬المنفذ ‬إلى ‬الأطلسي‮:‬ ‬بين ‬الجغرافيا ‬السياسية ‬والتحليل ‬النفسي‮!‬    الخطاب الملكي: خارطة طريق لتعزيز دور الجالية في التنمية الاقتصادية    المنصوري تكشف حصيلة برنامج "دعم السكن" ومحاربة دور الصفيح بالمغرب    الجماهير تتساءل عن سبب غياب زياش    "أجيال" يحتفي بالعام المغربي القطري    ياسين بونو يجاور كبار متحف أساطير كرة القدم في مدريد    2024 يتفوق على 2023 ليصبح العام الأكثر سخونة في التاريخ    مجلس جهة كلميم واد نون يطلق مشاريع تنموية كبرى بالجهة    ليلى كيلاني رئيسة للجنة تحكيم مهرجان تطوان الدولي لمعاهد السينما في تطوان    انطلاق الدورة الرابعة من أيام الفنيدق المسرحية    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    صَخرَة سيزيف الجَاثِمَة على كوَاهِلَنا !    ما هي انعكاسات عودة ترامب للبيت الأبيض على قضية الصحراء؟    انتخاب السيدة نزهة بدوان بالإجماع نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع …    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    البنيات التحتية الأمنية بالحسيمة تتعز بافتتاح مقر الدائرة الثانية للشرطة    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    تظاهرات واشتباكات مع الشرطة احتجاجا على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين        خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق .. جريدة الاتحاد الاشتراكي تخترق شبكات دعارة المغربيات بإفريقيا جنوب الصحراء

مخطىء من يعتقد أن دعارة المغربيات تتوقف عند دول الخليج، قد تكون نقطة البداية، لكنها بالتأكيد ليست النهاية، ذلك ما استنتجته وأنا أحدث «سناء» - إسم مستعار- ذات الأربعة وعشرين ربيعاً هنا بواكادوكو عاصمة بوركينا فاصو. الصدفة فقط هي التي جمعتني بها في هذا البلد الافريقي جنوب الصحراء، إنه مكر القدر، لم نلتق هناك في العاصمة الاقتصادية للمغرب، لكن شاءت الظروف أن نلتقي وسط دهشة زملائي الصحفيين، الذين ما كانوا ليصدقوا ذلك، لو لم يكونوا شهود عيان على موعد ضربه القدر لي مع مغربية كانت عند عائلتها «مَظلمة» وزارتنا والدتها في مقر الجريدة، وقمنا بما يمليه الضمير علينا ونالت حقوقها وانقطع الاتصال، إلى أن التقينا بأحد «الملاهي» بالعاصمة واكادوكو. لقاء لم أشأ أن يمر مرور الكرام بدون أن أحصل على أجوبة مقنعة عن سؤال كان يؤرقني منذ أن علمت بوجود مغربيات هنا ببوركينافاصو يمتهنّ أقدم مهنة في تاريخ الإنسانية، لماذا إفريقيا الآن؟
كيف وصلن إلى هنا ومن يتكلف بالسفر والإقامة، وكيف هي ظروف المعيشة في هذا البلد وفي غيره من البلدان التي أصبحت محجاً لبائعات الهوى المغربيات؟ بالفعل، لم أجد كل الإجابات عندها، بل أحالتني على مغربيات أخريات وثقن في منبرنا الإعلامي وفتحن له صندوق أسرارهن ، تقاسمناها معهن بعيداً عن القصص التقليدية للمومسات، والتي لا تخرج عن إطار الظروف التي دفعتهن إلى ذلك، فتلك قصص ألفنا سماعها.
كنت أبحث عن شيء آخر، عن الحضور المغربي في سوق الدعارة بإفريقيا جنوب الصحراء، عن حجم الحضور، عن الشبكات العاملة فيه ، وعن أشياء أخرى. وبالفعل، كانت المفاجأة ، للأسف الشديد ، أن المغربيات يأتين في مرتبة متقدمة في سوق الدعارة بإفريقيا وبامتياز. كيف ذلك، هذا ما سيتضمنه هذا الروبورطاج من قلب عاصمة بوركينافاصو واكادوكو...فعن أي عقار يضيف المستشار الاتحادي نتحدث، و أي تعمير يستهدفه المعنيون بالأمر؟ في هذا الإطار طالب مجددا الجهات المعنية بفتح بحث دقيق في كيفية  السطو والاستيلاء على أراضي الأملاك المخزنية  وأراضي الجموع التي هجر أصحابها ، ومن نماذج ذلك استماتة النساء السلاليات اللائي ينتمين لقبيلة أولاد هاتن، حيث يطالبن بأرضهن التي سلبت منهن غصبا .
تناولنا وجبة العشاء في أحد المطاعم الفاخرة بالعاصمة، اقترح علينا مرافقنا أن نتوقف في أحد الملاهي الليلية لنكتشف الوجه الآخر لواكادوكو، لم نمانع، توجهنا إلى الملهى الذي كان شبه فارغ، إلا من العاملات الشقراوات اللواتي يتصيدن الزبائن، أصلا لم يكن هناك زبائن كثر، ففي وسط الأسبوع، يقل نشاط الملاهي، حيث وقت الذروة من الجمعة إلى الأحد.
جلسنا قبالة الكونطوار وطلب مرافقنا من الديدجي أغاني عربية. وبمجرد ما لمحتنا «سناء» مغربية تشتغل في الملهى، حتى انضمت إلينا وهي تطير من الفرح قائلة: «مغاربة ياك، باينا فيكم مغاربة»، اندمجت في الحديث معنا، كانت فرحة لدرجة لا تتصور، فقد خففنا عنها غربتها. بدأت تستفسر عن سبب تواجدنا في هذا المكان، أخبرناها أننا ممثلو وسائل إعلام وأننا في زيارة عمل، اكتشفت فجأة أنني أمثل المنبر الإعلامي الذي وقف إلى جانب والدتها في محنتها بالمغرب، بل اكتشفت أنني أنا من استقبلها وقام بمتابعة ملفها إعلامياً إلى حين حصولها على حقوقها، وقف زملائي مشدوهين من هذه الصدفة العجيبة، في الوقت الذي قامت هي بمعانقتي تعبيراً عن فرحها بهذه الصدفة التي لم تكن تتوقعها. استفسرتها عن تطور الأمور، فأخبرتني بأن المشكل وجد طريقه إلى الحل.
بعيداً عن فضول الزملاء، سألتها «آش كاتديري هنايا، وواش كاينين مغربيات أخريات؟»، فضلت عدم الدخول في التفاصيل وضربت لي موعداً لتحدثني بكل شيء، بل أعطتني أسماء أخريات يمكنني التواصل معهن، لمعرفة المزيد من المعطيات حول دعارة المغربيات في بلدان جنوب الصحراء.
دعارة عابرة للقارات
التقيت بسناء، كانت لديها رغبة في الحديث ، فنحن أهل ثقة بالنسبة لها، بادرت بالقول: «شوف ماتدير تصويرة، ما تجبد سميتي، جئت قبل 20 يوماً من التايلاند وقبلها من البرازيل، أقضي حوالي ثلاثة أشهر في كل دولة، لكن نحن نشتغل بشكل راق، ولسنا من طينة من تلهث وراء زبون بأي ثمن، أفضل البقاء وحيدة والاكتفاء بما يدره عليّ عملي في الملهى من نسبة مائوية، مما يتم استهلاكه على أن أقضي الليل مع أحدهم ويتصدق عليّ ببعض الدولارات...».
إنهن يشتغلن بنظام التناوب الدولي، بمعنى أن كل مجموعة تشتغل في بلد ما لمدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر، ويتم ترحيلها بحسب حاجيات سوق الدعارة ورغبتها أحياناً ، إلى دولة أخرى، على أن الرحلة تكون بالاتفاق ما بين الملهى المُستقبل والملهى المُودع، بحسب درجة جمال وصغر سن البنات، وغالباً ما تتم هذه العملية على أيدي لبنانيين يتاجرون فيهن. عملية الانتقال هاته تخضع لشروط مسبقة، بحيث إذا تكفل «المشغل» بالرحلة وبأوراق الإقامة، فإن الفتيات يُعتبرْن تحت إمرته، وهذا ما حدث بالطبع لمجموعة من المغربيات لا يتجاوز عمرهن 22 سنة، يشتغلن بحانة فندق التقاهن زملائي، حيث المشغل اللبناني هو الذي يتحكم في تحركاتهن ولقاءاتهن وبطبيعة الحال، يجني من ورائهن نصيبه من المال، أما إذا أرادت الواحدة منهن حريتها، فعليها أن تتدبر أمرها لوحدها للوصول إلى البلد الذي تقرر ترحيلها إليه.
المثير أن هناك لبنانيين يقومون باحتجاز مغربيات، بمجرد وصولهن، ويفرضن عليهن برنامج عمل، خاصة خلال فترة ازدهار السياحة الجنسية.
لماذا بوركينافاصو؟
لا يتواجد هنا إلا القليل من المغربيات، حوالي 25 مغربية، يشتغلن في حانات وملاهي العاصمة واكادوكو ويمنع عليهن مغادرة مكان العمل، إلا بعد إغلاق المحل، بعدها يمكن للواحدة أن ترافق من تشاء إذا كانت حرة، ومن يشاء المشغل، إن كانت ملتزمة بعقد معه، وسعر المتعة هنا لا يقل عن 150 أورو أو 200 دولار. فالدعارة هنا راقية وتزاحم المغربيات هنا بواكادوكو، الأوكرانيات والأوزبكستانيات، لكن المغربيات ، بحسب تصريحات من التقيناهن، يأتين في المرتبة الأولى، إن كن صغيرات في السن وذوات قوام مثير.
اختيار المغربيات لواكادوكو لم يكن بمحض الصدفة، فهي ملاذ البعض منهن ممن يردن العمل، بعيداً عن الأضواء وعن المشاكل التي تتسبب فيها المغربيات فيما بينهن أو باقي الجنسيات من دول آسيا وأوربا الشرقية. أما بائعات الهوى من أصل بوركينابي أو دول جنوب الصحراء، فلا يدخلن في نطاق المنافسة، فلهن دوائر اشتغالهن وبأسعار بخسة، من عشر إلى عشرين دولاراً على أبعد تقدير، ثم إنهن يشتغلن إما في بورديلات مؤطرة من قِبل بلدية المدينة أو في شوارع العاصمة ليلا، وغالباً ما تتحرك بعضهن عبر الدراجات النارية بعد منتصف الليل، حيث تصادفهن و هن يتصيدن الزبائن، ولأن البلد يحتل المراتب الأولى في انتشار مرض فقدان المناعة السيدا، فإن الاحتياطات التي اتخذتها الدولة صارمة هنا، إذ لكل مومس كيفما كانت، دفترها الطبي، والذي تلتزم بتقديمه عند ولوج الفندق مع الزبون، كما أن العازل الطبي يوزع في الاستقبال، وذلك للحد من انتشار المرض، فالدعارة هنا مقننة.
دعارة حلال
تضيف مخاطبتي سناء: «نحن هنا نشتغل بعيداً عن المشاكل، اللهم بعض المناوشات الكلامية مع البعض من جنسيات أخرى. فالعمل في الخليج أصبح محفوفاً بالمخاطر، ففي كل مرة، وبفعل الضغط الإعلامي، يتم ضبط المغربيات العاملات هناك ويتم ترحيلهن إلى المغرب. كما أن دخول الإمارات أصبح مستحيلا للبعض منا. فهناك من رحلت من المطار للاشتباه فيها، خاصة إذا كان عمرها يقل عن الثلاثين ، وفي آخر مرة، تم ضبط حوالي 1000 مغربية رحلت منها حوالي 800 والباقي ، لسبب أو لآخر، لم يرحلن.
الدعارة في الخليج لم تعد بالشكل الذي يضخمه الإعلام، خفت درجتها بالنسبة للمغربيات هناك. فالقليل منهن يشتغلن لحسابهن وهؤلاء هن من يتهددهن الطرد، أما اللواتي يربطن علاقات قوية مع بعض الأثرياء، فلا خوف عليهن، وكذلك من يشتغلن تحت حماية الشبكات الوازنة هناك، وهناك مغربيات يشتغلن بالحلال بعيداً عن الأعين...».
الحلال ، بحسب ما استنتجت من حديثي مع مجموعة من المغربيات، هو زواج المتعة، حيث يتم إنجاز العقد طبقاً للقانون وحتى لا يحس (الحاج) بأنه يرتكب معصية! فلهم مفهومهم الخاص للآية القرآنية: «وأنكحوا ما طاب لكم مثنى وثلاث ورباع...» ، هنا يعتقدون بأنهم لا يزنون، فالزواج شرعي إلى أن يلبي رغبته ولا مجال للحديث عن الحمل والولادة، قد تستمر العشرة شهرا أو أكثر بحسب درجة الجمال والتجاوب على السرير...!
وتضيف حسناء: «كنا نعمل في بيروت، وكان الحال ميسراً، لكن الآن بيروت ممنوعة على المغربيات بشكل رسمي بعد الفضائح التي وقعت هناك بين المغربيات، وبعد انتحار مغربيتين قبل حوالي سنتين، حينها رفض أصحاب الحانات والملاهي الليلية التعامل مع المغربيات، بل تم طردهن من هناك، وبقي القليل منهن ممن يشتغلن لفائدة أشخاص معينين...».
بعد محطتي دبي وبيروت وما رافقهما من مشاكل، كانت الهجرة الجماعية في غفلة من الجميع إلى بلدان افريقيا جنوب الصحراء، خاصة البلدان التي لا تفرض نظام التأشيرة على المغاربة. شبكات الدعارة نقلت عملها إلى كل من أبيدجان بالكوت ديفوار وكوتونو بالبنين، ولومي بالطوغو بالدرجة الأولى، في حين تنشط بشكل أقل في باقي البلدان الافريقية كبوركينافاصو مثلا.
شهادات صادمة
قبل أكثر من سنة نبهت رئيسة جمعية النساء المغربيات بالكوت ديفوار إلى ظاهرة استغلال المغربيات بإفريقيا جنوب الصحراء، كانت تعرف جيدا حجم الظاهرة التي يحاول بعض المسؤولين التعامل معها باستخفاف، بل ويدرجونها ضمن الحملات التي تستهدف سمعة المغرب للنيل منه!
الأمرهنا لايرتبط بحملة تشويه سمعة المغرب للنيل منه، بل يتعلق بشبكات منظمة تحتال على فتيات، بداعي استقدامهن للعمل في مهن كالحلاقة وغيرها، قبل أن يتم إرغامهن على امتهان البغاء.
لقد نبهت إلى ما تعانيه المغربيات في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء من مشاكل تتعلق باستغلالهن من طرف الشبكات المتخصصة في الدعارة، وأشارت إلى أن تركٌّز نساء مغربيات في أبيدجان لم يجعلهن في منأى من الاستغلال الجنسي. ورسمت حيدرة صورة دراماتيكية عن وضعية المرأة المغربية الشابة في كوت ديفوار، مشيرة إلى أن هذا الاستغلال الجنسي أدى إلى بروز مجموعة من الظواهر المرضية في صفوف النساء المغربيات بهذا البلد الإفريقي كالإجرام والمخدرات.
وأشارت إلى سقوط عدد كبير من المغربيات في شبكات تنشط لاستقطاب النساء المغربيات للعمل في الدعارة؛ خاصة اللواتي يتراوح عمرهن بين 18 و 25 سنة، واللواتي تم إقناعهن بالعمل الليلي والاشتغال في المقاهي والكاباريهات، ليجدن أنفسهن ضحية شبكات متخصصة في البغاء.
سلوى إحدى الفارات من «جحيم» أبيدجان، وصلت للتو إلى بوركينا فاصو، أصرت على فضح مايحدث بعاصمة الكوت ديفوار ، بل على فضح إحدى أهم الشبكات العاملة في مجال استقطاب الفتيات المغربيات والاتجار بأجسادهن.
التقيتها خلسة من الجميع بعد أن زارتني في الفندق في الصباح الباكر لليوم الموالي، بعد موعد سابق على الفايسبوك، فقد صادف أن كانت الليلة السابقة راحة بالنسبة لها، كانت تريدني أن أنقل حقيقة مايقع هناك، لم تتحفظ في حديثها إليّ ، كانت تتحدث بطلاقة وأحيانا بتأثر بالغ، فالأكيد أنها تعرف الكثير مما يحدث للمغربيات هناك، وذلك ما اكتشفته خلال حديثي معها.
«.. هناك شبكة كانت تنشط عبر بعض صالونات الحلاقة المشبوهة بكل من الدار البيضاء، مراكش، أكادير وفاس، بل وفي بعض المدن الصغرى، كان يتم تصيد الفتيات الجميلات لأقل من 24 سنة، الآن تطورت الأمور، فاشتغال الشبكة يركز على مواقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، وهنا أود تنبيه الجميع إلى أن هناك شبكات دعارة عالمية تبحث في صفحات الفايسبوك عن مغربيات ذات مواصفات محددة، ويتم الاغراء بكافة السبل للإيقاع بهن. لاتتم مصارحتهن بطبيعة عملهن، ولكن غالبا مايتم إيهامهن بعقود عمل، بل أكثر من ذلك تتم صياغة عقد العمل ومنهن من يتقاضين تسبيقَ أجرة ، خاصة بالنسبة للجميلات منهن، حيث أن شبكات تهجير المغربيات للخليج لامتهان الدعارة تعتمد على وسيطات يعملن على استدراج الضحايا بإعلانات ظاهرها رغبة جهات مشرقية في تشغيل مربيات أو حلاّقات أو مرشدات سياحيات أو مُدلكات ، نادلات أو عارضات أزياء.. عبر عقود عمل خاصة بأجور مغرية تتراوح بين 1000 و2000 دولار شهريا.
عاصمة البغاء بافريقيا
بعد ذلك يقمن بالمرور عبر تونس للتوجه نحو الخليج أو آسيا ، لقد وصلت المغربيات إلى الهند، فيما تتكفل شبكة إفريقيا والتي يديرها لبنانيون، بمتوسطات الجمال ويتم تهجيرهن إلى أبيدجان ، كوتونو ولومي... للعمل هناك في دور الدعارة والحانات، واللواتي يرفضن يتعرضن للابتزاز ، إما الرضوخ أو إعادة كل المبالغ التي تم صرفها عليهن، بما فيها مصاريف الأكل والتنقل، ونادرا مايحدث ذلك، لأن السقوط في الفخ يتم بإتقان ..»!
وصفت تلك اللحظات بالعصيبة، بل هناك من أصيبت بانهيار عصبي وهي تكتشف الأمر ، ولأن الشبكة تتوقع كل شيء، فإنها تهيء الظروف النفسية لمعالجة الوضع وتتقبل الفتيات الأمر بمضاضة، خوفا من العودة ولسان حال الجميع يقول « شكون عارفك فاش خدامة ديري لفلوس ورجعي لبلادك راسك مرفوع »!
تضيف سلوى «.. الوجهة تكون في المرحلة الأولى إجبارية، بمعنى أنه لامجال للاختيار، فالشبكة هي التي توجهك نحو البلد الذي تعرف حاناته خصاصا ، إما نتيجة تقدم سن العاملات ورغبة الزبائن في الوجوه الجديدة، وإما نظرا لهروب البعض منهن واشتغالهن لحسابهن الخاص، لكن هناك مغربيات ينتقلن بمحض إرادتهن لدول افريقية، للعمل عن سبق إصرار في مجال الدعارة، بأبيدجان ، مثلا، هناك شبكات تشغل المغربيات حيث يقدر عددهن هناك بأكثر من 1500 يشتغلن ويقدمن عمولات لمن يتكفل بحمايتهن، فهناك نعيمة، سعاد، ندى، ناريمان من المغرب، وهناك زيزي من مصر، ورشيدة من الجزائر، العاملات تحت إمرتهن يتم عرضهن على الزبائن مقابل 200 دولار لاتحصل منها إلا على 100 دولار فقط يتم ذلك بالمنطقة الرابعة من المدينة..».
سردت حكايات مأساوية لمغربيات انتهى بهن المطاف إلى تعاطي المخدرات ، تقدم بهن السن ولم يعد مرغوبا فيهن ضمن الشبكة ، لأن الزبناء لا يلتفتن إليهن، هؤلاء ينتقلن للإشتغال لحسابهن بمقابل مادي يقل عن 50 دولارا في أحسن الحالات ، ويتعرضن للمشاكل مع نساء البلد اللواتي ينظرن إليهن باعتبارهن مُنافسات يزاحمنهن في جلب الزبناء ذوي الدخل المتوسط، فشبكات دعارة المغربيات والجزائريات والمصريات تركز على أصحاب المال من رجال الأعمال والسياح والتجار ورجال الدولة، من أفارقة وعرب وأوربيين وغيرهم من جنسيات أخرى، أما بنات البلد فغالبية زبنائهن من الطبقات المتوسطة ..
خطر الإصابة بداء فقدان المناعة السيدا، وارد هنا، إلا أن هناك صرامة في التعامل مع الزبناء، تضيف مُخاطبتي، فالاحتياط واجب واكتشاف الإصابة بالفيروس يعني إخلاء المكان فورا .
حجم الظاهرة في ارتفاع
يذكر أن عدد شبكات الاتجار بالبشر بالمغرب، والتي تمكنت مصالح الأمن الوطنية من إلقاء القبض على أعضائها ما بين سنوات 2009 و2012 فقط ، وصل إلى ما مجموعه 405 شبكات ، بحسب التصريحات الرسمية، فظاهرة الاتجار بالمغربيات واستغلالهن في الدعارة بدول المشرق العربي والآن بإفريقيا جنوب الصحراء، ترجع إلى وجود شبكات منظمة تنشط داخليا وخارجيا ، حيث تفيد آخر الدراسات  بأن 70 في المائة من المغربيات اللواتي هاجرن إلى بلدان عربية خليجية تم عن طريق شبكات الدعارة، فيما أشارت إلى أن دراسات ميدانية أخرى أظهرت وجود ما لايقل عن 20 ألف مغربية معظمهن قاصرات في سوق الدعارة، مما يجعلهن يعشن في ظل استغلال جنسي بشع في بلدان عربية وإفريقية الآن.
تركنا واكادوكو، عاصمة بوركينا فاصو، ونحن نتساءل إن كان الأمر سيزداد تفاقما بهذه البلدان لدرجة أن هناك نساء مغربيات يشتغلن بكيفية قانونية، أصبح الحرج يطوقهن بمطارات المغرب وبمطارات هذه البلدان جراء النظرة السيئة التي خلفتها المغربيات اللواتي يمتهن الدعارة بهذه البلدان، وهو واقع لايمكن القفز عليه والإختباء وراء وهم الترويج لخطاب أن الأمر مؤامرة لخصوم المغرب، فلمن أراد معرفة الحقيقة ماعليه إلا التجول ب«المنطقة الرابعة» زُونْ 4 بأبيدجان أو زيارة حانات واكادوكو، كوتونو ولومي ...
تنبيه
الأسماء الواردة في التحقيق مستعارة تلبية لطلب من التقيناهن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.