أولى خيوط القضية بدأت عندما وطأت أقدام 26 فتاة باب مطار محمد الخامس الدولي بالدارالبيضاء، في شكل «قافلة» تتلون بأزياء لافتة. كان مظهر الفتيات، ... من جديد، تعود شبكات تهجير الفتيات المغربيات لممارسة الدعارة في بلدان الخليج، عبر نقاط مختلفة من أقطار العالم العربي، إلى الواجهة مع اكتشاف شبكة جديدة بالدارالبيضاء، وجهتها هذه المرة لبنان. وحسب مصادر مختلفة، فإن الأمر يتعلق بشبكة تقودها امرأة في الخمسينات من العمر بتواطؤ مع شقيقتها وابنة أختها المقيمة بدولة بالإمارات برفقة زوجها، الذي يحمل جنسية هذا البلد.وهن يتثاقلن بأكعابهن العالية ملفتا للانتباه، مما حدا بشرطة المطار إلى إيقافهن ومطالعة جوازات سفرهن، التي تحمل جلها مهنة «فنانة»، فاقتيد الجميع إلى مقر ولاية أمن الدارالبيضاء للتحقيق في موضوع هجرة كل هؤلاء «الفنانات» جملة واحدة. نفس القصة تتكرر بتفاصيل مختلفة تتطابق أحيانا...الشرطة توقف فتيات يشتبه في هجرتهن لممارسة الدعارة في دول الخليج... وبين توقيف وآخر تعبر مئات أخريات للالتحاق بملاهي دمشق وبيروت وعمان، ومنها إلى بلاد الحلم العربي دبي، قبل أن تنتهي الرحلة في فنادق البحرين الرخيصة، كآخر محطة من محطات رحلة فتيات المغرب إلى عالم البغاء. «أزيد من 22 ألف فتاة يعملن في مجال الدعارة بالملاهي الليلية بالأردن»، يقول شاهد الحديد، نقيب الفنانين بالأردن. ويضيف الحديد في تصريح ل«المساء»، أن «الغالبية العظمى من هؤلاء الفتيات هن مغربيات»، مشيرا إلى أن الأمر يتفاقم بشكل كبير في لبنان وسوريا. قبل حوالي سنة ونصف، أصدرت مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية بوزارة الشؤون الخارجية بالمغرب تقريرا أشار إلى أن «شبكات تهجير الفتيات المغربيات إلى سوريا بدأت تأخذ أبعادا خطيرة». تقرير الخارجية المغربية الذي صدر عقب توقيف عدة شبكات لتهجير الفتيات إلى سوريا، وصف طريقة عمل هذه الشبكات ب«مافيات المخدرات»، مشددا على أن الأمر يتطلب تدخلا استعجاليا، خاصة وأن هذا العمل يدخل ضمن إطار سياسة استقطاب السياح وخاصة منهم الخليجيين. التقرير الذي شن هجوما لاذعا على نقابة الفنانين ومصلحة الجوازات السورية، لم يشر بأي أصبع اتهام إلى أي جهاز وطني، وخاصة الجهات التي تسهل عبور هؤلاء الفتيات إلى الضفة الأخرى من دون أدنى مشكلة. وعلى الرغم من اعتراف الكثير من الفتيات، وأفراد بعض الشبكات الذين تم اعتقالهم، بتورط عناصر من أمن المطارات ومصالح الجوازات، التي «تمتع» فتيات المغرب بصفة «فنانة» بسهولة، فإنه لا أحد دخل على خط المحاسبة. ومن جملة المعلومات التي قدمها تقرير الخارجية المغربية، أنه في العاصمة السورية وحدها بلغ عدد ما يسمى «الفنانات» المغربيات 2000 مواطنة مغربية، إضافة إلى اللواتي يشتغلن في المراقص الليلية بمختلف المحافظات السورية. وقد بعثت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون بعد ذلك رسالة إلى المدير العام للأمن الوطني تطالبه بفتح تحقيق حول شبكة تهجير فتيات مغربيات إلى سوريا، وذلك بعد أن تقدمت إحدى الفتيات إلى سفارة المغرب بدمشق تطالب بضرورة التدخل من أجل حمايتها من إحدى شبكات الدعارة التي حاولت استغلالها والنصب عليها، ومؤكدة أنها وبدون سابق إنذار وجدت نفسها في شقة بالعاصمة السورية بين ما يقارب 50 فتاة. وكشفت الرسالة أن الفتيات يتم جلبهن مقابل منحهن ما بين 2500 و7500 درهم. وأفاد التقرير بأن الفتيات المغربيات بعد مغادرتهن لمطار دمشق، يدخلن في نفق مغلق تبتدئ أطواره بالتسجيل في نقابة الفنانين بعد إجراء فحوصات وتحاليل طبية، لتأتي مرحلة النوادي الليلية، وبعد التوقيع على عقود يتم اقتياد الفتيات إلى فنادق إيواء «الفنانات». بعد هذا التقرير، الذي يعتبر سابقة في تاريخ المغرب، كثفت مصالح الأمن، وخصوصا شرطة المطارات، حراستها، وبدأ التحقيق مع عدد من الفتيات المتوجهات إلى أقطار عربية، وخصوصا سوريا ولبنان والأردن للتأكد من عقود العمل التي يتوفرن عليها. كما صدرت دورية أمنية وزعت على مختلف مطارات المملكة لتوقيف كل من اشتبه في سفرها بهدف ممارسة الدعارة، وذلك من خلال البحث في العقود التي يتوفرن عليها. لم تتمكن الفتيات ال26 اللواتي تم إيقافهن أخيرا بمطار محمد الخامس بالدارالبيضاء للاشتباه في «تعاطيهن للدعارة» من تخطي الحدود المغربية على خلفية دورية أمنية تدعو إلى مراقبة الفتيات المتوجهات إلى بلدان عربية، وخاصة تونس وتركيا ولبنان، تحديدا الفتيات اللواتي تقل أعمارهن عن 30 سنة، وتحمل بطاقات تعريفهن مهنة «فنانات»،أو «بدون». هذه الخطوط تعرف نشاطا كبيرا، حيث تستغل من قبل مافيا البغاء، التي صارت تركز على كل من تونس وتركيا، وهما بلدان لا يتطلب الدخول إليهما أي تأشيرة. التركيز على هذه البلدان تنامى، بعد اشتداد الخناق على شبكات الدعارة من قبل بلدان خليجية أخرى، خاصة الإمارات العربية المتحدة، التي أصبح الحصول على تأشيرة الدخول إليها أمرا صعب المنال، وخصوصا من المغرب. شبكات التهجير لم تقف مكتوفة الأيدي في ظل التشديد الذي فرضته بعض الدول، فصارت تبحث عن منافذ أخرى، خاصة تونس وتركيا، اللذين لا يمثلان إلا بوابة للعبور نحو الإمارات أو البحرين أو لبنان وسوريا، حيث تنشط أكبر شبكات البغاء بهذه البلدان، والتي تلجأ إلى «استيراد» فتيات مغربيات للعمل لديها بأكبر الكازينوهات والنوادي الليلية المعروفة على الصعيد الدولي، غير أن نقطة النهاية تكون دائما بالبلدان الخليجية، وخاصة الإمارات. وحسب معطيات توصلت إليها «المساء»، فإن عدد المسافرين إلى تونس على متن طائرات الخطوط الجوية المغربية خلال سنة 2008 بلغ 89 ألف مسافر، فيما تخطى عدد المسافرين على متن طائرات «لارام» إلى لبنان 40 ألفا و680 مسافرا خلال السنة ذاتها. وحسب مصادر أمنية، فإن ثلثي عدد المسافرين هن فتيات عازبات يوجهن للعمل كفنانات بفنادق أو في ميدان الحلاقة والتجميل. شبكات تهجير الفتيات المغربيات إلى الدول العربية، ومنها إلى الخليج، «قوة» متجذرة وموجودة، ويتعذر على المراقبين وضع حدود دقيقة لشبكاتها الممتدة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا لأسباب مختلفة، منها تورط أجهزة المراقبة وسهولة شرائها وإسكاتها، حيث تشكل هذه الشبكات لوبيا يتقوى بجميع السلط، وزعماء المافيا يتبادلون فيما بينهم خدمات ومساعدات ومنافع وتعقد الاتفاقيات... لأنها بكل بساطة «مافيا» متعددة الأوجه. وحسب تصريحات العديد من الفتيات اللواتي خضن غمار تجربة استثنائية في سوريا ولبنان، فإنه يوجد هناك «معسكرات إذلال» حقيقية تتعرض فيها نساء شابات للاغتصاب والترويض، حيث يتم الاحتفاظ بالفتيات «معتقلات في ما يشبه السجن»، لاستغلالهن في مجال الدعارة. وتوجد أماكن «اعتقال» خاصة بالفتيات والنساء المومسات. وتقود هذه «النخاسة»، التي تحترفها شبكات التهجير إلى سجنهن داخل بيوت مغلقة في ظروف شبيهة بظروف السجن. وتوجد أيضا أماكن تباع فيها المومس يوميا بثمن بخس لعدد كبير من الرجال... والواقع أن مقصورات الدعارة هذه تشبه بدورها الأقفاص. ويمكن القول إن مراكز اللذة الجنسية لم تعد مجرد بيوت مغلقة، بل أصبحت أسواقا ممتازة للجنس تديرها شبكات قوية من المحيط الهادر إلى الخليج الغادر وسيطات يقتنصن تلميذات الثانويات كانت التلميذة عائشة(اسم مستعار) تعيش رفقة أمها المطلقة، وقد دأبت على زيارة والدها كلما استطاعت إلى ذلك سبيلا، لكن تم التغرير بهذه التلميذة من قبل شبكة للدعارة الراقية في الرباط. في أحد الأيام خرجت عائشة من الإعدادية التي تدرس بها، تجرأت إحدى الوسيطات على التحدث معها، شرحت لها أن الأمر لا يعدو أن يكون زيارات بريئة تقوم بها الكثير من التلميذات لشخصيات نافذة وغنية في الرباط، لكن عائشة رفضت مجاراة الوسيطة في طلبها ذلك اليوم، لتوعز الوسيطة إلى تلميذة تدرس مع عائشة في نفس الفصل الدراسي لإقناعها بمرافقتها، وبعد أسبوع من اللقاء الأول كان للوسيطة ما أرادت. حيل المراهقات لتبرير التغيب عن منزل الأسرة متعددة، ولتتمكن عائشة من المبيت خارج المنزل أخبرت والدتها بأنها ستقضي الليل عند زميلتها في الفصل لمراجعة دروس في الرياضيات، لكنها ذهبت في سيارة خاصة إلى فيلا فاخرة بحي الرياض في الرباط. داخل الفيلا، طلبت الوسيطات من الفتيات تغيير ملابسهن بأخرى تكشف عن مفاتنهن، ارتدين ثيابا قصيرة وقمصانا لاصقة بالجلد وكان المدعوون إلى الحفل تلك الليلة يشربون الخمر، الفتيات اللواتي رافقتهن عائشة اكتفين بالجلوس على الأرض لتأثيث الفضاء، وعندما انفضت السهرة تسلمت عائشة مبلغ 1000 درهم، سلمت منه للوسيطة مبلغ 200 درهم، وصرفت 800 درهم المتبقية على شراء أغراض الزينة ودعوة رفيقاتها لتناول شطائر «الهوت دوغ». بعد ذلك، بدأت عائشة تختلق الأعذار للتغيب عن منزل والدتها ليلا، وذكرت للمحققين أنها ركبت سيارة قادتها مع أخريات إلى فيلا بحي أكدال لملاقاة زبناء خليجيين، وقالت لهم إنها وجدت نفسها تغرق بسرعة في الرذيلة، بعد أن أصبحت تتقاضى أجرا يبلغ 3000 درهم عن كل ليلة تقضيها مع «الحوالا»، في إشارة إلى الخليجيين. وقالت عائشة، بجرعة عالية من اليأس، إنه وبعد أن اكتشفت أنها فقدت بكارتها اضطرت إلى الهرب من بيت والدتها باتجاه مدينة القنيطرة لتقطن مع صديقاتها حيث قضت أياما لترتحل مجددا إلى بيت خالتها ،إلا أن أمرها انكشف، ووجدت نفسها في وضع حرج عندما أحضر والدها الشرطة إلى بيت خالتها، ليتم اقتيادها إلى مفوضية الأمن لتعترف للمحققين بوجود شبكة لجلب الفتيات الراغبات في الترويح عن الخليجيين في فيلات راقية بالرباط مقابل الحصول على مبالغ مالية مهمة. لا تتذكر عائشة أسماء زبناء شبكة الدعارة، فقط تعرف الأحياء التي تضم فيلات راقية بأكدال والسويسي، مشيرة إلى أن الفتيات كن يذهبن ليلا (مابين السابعة والثامنة والنصف ليلا) مع سائقين يقودون سياراتهم بطريقة تصعب معها معرفة المكان، أما الحفلات فغالبا ما تنفض قرابة الساعة الخامسة صباحا،إذ تنسحب الفتيات بعد انتهاء السهرة صباحا برفقة «الجرَّارات»، الاسم الذي تطلقه محترفات الدعارة على الوسيطات في البغاء. سمعة في الحضيض سبق لناشطات مغربيات ينتمين إلى مؤسسات في المجتمع المدني أن طالبن بضرورة صدور قرارات سياسية لمواجهة ظاهرة شبكات الدعارة التي تستغل النساء المغربيات بطريقة تشوه صورة المرأة المغربية في الكثير من البلدان العربية، إلى حد أصبحت معه بعض البلدان تمتنع عن منح تأشيرات للقادمات من المملكة المغربية، كدولة الأردن التي تمتنع عن منح تأشيرة دخول المغربيات إلى أراضيها إذا كان عمرهن يقل عن 36 سنة، وقد سبق للمملكة الأردنية الهاشمية أن منعت محامية مغربية من الحصول على التأشيرة بدعوى أن سنها يقل عن 36 سنة. هذا القرار الأردني بالامتناع عن منح التأشيرة للمغربيات دون سن ال36 سنة، يحمل في طياته رسالة مبطنة مفادها أن المغربيات مشبوهات، لكن للإخوة الأردنيين أيضا نصيبا في السمعة السيئة لبنات المملكة المغربية. إذ سبق لمحكمة الدارالبيضاء الابتدائية أن أدانت العام الماضي مواطنا أردنيا بالحبس بثلاث سنوات حبسا نافذا، بعد أن تابعته بتهمة جلب أشخاص لممارسة البغاء في قضية تتعلق بتهجير الفتيات للدعارة بالأردن. أما أفراد الشبكة الخمسة فقد اعتقلوا بناء على شكاية تقدمت بها فتاة مغربية، أكدت من خلالها أنها وقعت ضحية شبكة منظمة أجبرتها على تعاطي الرذيلة بدولة الإمارات، بعد أن أوهموها في البداية بأنهم سيساعدونها على الهجرة إلى الإمارات للعمل في صالون للحلاقة. المعلومات التي قدمتها الضحية قادت تحريات المحققين إلى التوصل إلى الفتاة التي توسطت لها في عملية السفر إلى الأردن، ليتم اعتقالها وحجز مجموعة من الجوازات وصور لفتيات شبه عاريات، وقد قالت الوسيطة للمحققين إنها تعود إلى فتيات يرغبن في الهجرة إلى الأردن لامتهان الدعارة وبأن الشخص المكلف بعملية الانتقاء هو مواطن أردني كان ساعتها يوجد بالمغرب. لتنتقل الشرطة القضائية إلى الشقة التي يكتريها المتهم. العذارى يتصدرن قائمة الطلبيات تتصدر الفتيات العذراوات قائمة المطلوبات للسفر إلى دول الخليج، وكلما كانت الراغبة في التوجه إلى الإمارات العربية المتحدة أو الأردن لم تفقد غشاء بكارتها بعد فإنها مطلوبة بشدة لدى الأمراء والشيوخ هناك، وغالبا ما تعقد الوسيطة صفقة مع أسرة الفتاة البكر لتستفيد من مبلغ مالي قد يصل إلى 20 مليون سنتيم، مقابل تمكين الوسيطة من جزء من الأرباح. حسب أحد رواد النوادي الليلية، «فإن من بين الأساليب المتبعة في استقدام المغربيات إلى الخليج، أن يقوم صاحب النادي الليلي بزيارة إلى المغرب، ليقوم بالزواج بعقود شرعية وموثقة من مغربيات، لتسهيل أذونات دخولهن إلى الأردن، وبالتالي تشغيلهن في أعمال مختلفة. وفقا لإحصائيات أردنية غير رسمية، فإن أزيد من 15000 مغربية يعملن حاليا في الأردن، غالبيتهن يشتغلن ك«فنانات»، يقمن بالغناء والرقص في ملاه ليلية أخذت بالانتشار بشكل لافت في الأردن خلال السنوات الماضية. أما المواصفات المحددة للوسيطات لجلب الفتيات الراغبات في السفر إلى دول الخليج العربي فترتبط بالجمال وحسن القوام وحداثة السن ولون البشرة. إضافة إلى مواصفات أخرى خاصة يطلبها بعض الزبائن، على رأسها جلب العذارى من الفتيات ممن لايزلن يحتفظن ببكارتهن، مقابل الحصول على أموال قد تصل إلى 40 مليون سنتيم كتعويض عن افتضاض البكارة، يذهب نصفها إلى الوسيطة والآخر إلى أسرة الفتاة التي ستفقد بكارتها في الخليج. عملية انتقاء الضحايا تتم في الحمامات العمومية وأمام أبواب المؤسسات التعليمية وفي المقاهي ومحلات بيع الماكياج وصالونات الحلاقة ومحلات بيع الملابس الجاهزة. تائهة في مدينة حمص عند وصولها سنة 2005 إلى مطار دمشق، وجدت ربيعة في انتظارها هي وبعض الفتيات صاحب الفندق الشامي على أساس أنه صاحب العمل الذي ستشتغل معه. أولى خطوات الانحدار نحو العالم السفلي بدأت مع أول خطوة لهذه المغربية بالمطار, إذ شرع صاحب الفندق الشامي في الاتصال برجل سوري آخر يقطن مدينة حمص ويملك فندقا هناك، وسرعان ما باع الشحنة لمالك الفندق في مدينة حمص، وركبت الفتيات حافلة قادتهن إلى حمص، وأقنعهن بأن العمل سيكون في «الرقص الاستعراضي». عند وصول المجموعة إلى فندق «ك» في حمص، طلب صاحب العمل من المغربيات أن يجهزن أنفسهن للعمل بالمشاركة في حفلة منظمة على شرفهن خاصة بالشركة التي تشغلهن. تبين أن العمل المطلوب ليس سوى الرقص الاستعراضي، ومع مرور الأيام تمكن صاحب الفندق من السيطرة على الفتيات، من خلال السلفات المالية التي كان يقدمها لهن مقابل إمضائهن على كمبيالات لصالحه. حسب ربيعة فإن عملها في الرقص الاستعراضي أنهكها بالكامل، وحتى عندما رغبت في الاستقالة والعودة إلى بلدها لفق لها صاحب الفندق تهمة وزج بها في السجن، لكنها غادرت السجن بعد أن أنصفها القضاء السوري بحكم بالبراءة من التهمة الملفقة لها. فكرت ربيعة أيضا في الزواج لترتاح من العمل كراقصة استعراضية، فتزوجها صاحب العمل بشكل قانوني، لكن بعد أيام صدر قانون يمنع المغربيات والأجنبيات من العمل، وفي هذا الوقت كانت ربيعة حاملا من زوج بدأ يتهرب منها. ربيعة الآن بدون عمل، وهي تحمل باستمرار طفلتها بين يديها وتتسول الناس في أزقة مدينة حمص، وبحسب إحدى صديقاتها العائدات إلى المغرب فإن زوج ربيعة السوري لم يرسل لابنته ولو علبة حليب أو يقدم العون لزوجته، مشيرة إلى أن ربيعة تعيش حاليا في بيت مؤجر، ولا تملك عملا أو رجلا وحتى الآن لا تعرف لماذا تزوجها صاحب الفندق السوري. تتابع صديقة ربيعة الحديث الذي قطعه سؤال حول إحجام ربيعة عن طلب الطلاق والانفصال عن زوجها بالقول إن وضعها كأي امرأة تريد أن لا يخرب بيتها، وتريد الستر، زوجها السوري يريد أن يطلقها لكن بعد أن تتنازل له ربيعة عن الطفلة وعن جميع حقوقها، وإذا حصلت على الطلاق سيتم تسفيرها إلى المغرب، زد على ذلك أن ربيعة خرجت من بيت أهلها للعمل ومساعدة أسرتها ماديا وسيكون غير مرحب بها إذا ما هي عادت ومعها طفلة تحملها بين ذراعيها. مغربيات يشتغلن في كازينوهات دمشق فتيحة، الملقبة ب«بنت المراكشية»،عادت من سوريا مكسورة الجناح، بعد أن قضت قرابة ثلاث سنوات كراقصة في عالم دمشق الليلي المعتم. كانت فتيحة تحلم بأن تصير ممثلة تلفزيونية ذات شأن. شخصيات مسلسلات نجدت إسماعيل أنزور كانت تداعب خيالها قبل أن تغادر المغرب. حلمت ب»الباشق» والكاسر»، وتمنت أن تكون «جمانة» و«زمردة» عندما قررت السفر إلى سوريا لدراسة الفن بعد أن حازت شهادة الباكلويا، جمعت أغراضها ورحلت بعد أن غررت بها صاحبة صالون حلاقة على حد قولها، وأخبرتها بأن له معارف هناك سيساعدونها على التسجيل في جامعة دمشق. قدمتها الوسيطة إل لشخص سوري كان يتواجد ساعتها بالمغرب، وبدوره أنجز معها عقد عمل مؤقت لتشتغل كفنانة استعراضية قبل إلحاقها بمدرسة لتعليم التمثيل. قالت فتيحة إنها عملت في سوريا في كازينو، لكنها سرعان ما تركته لتشتغل في ملهى، طردت من هذا الملهى بعد أن تشاجرت مع غريمة لها حول زبون إماراتي، كان يغدق عليها بسخاء وحاولت غريمتها تلك سرقته منها، طردها صاحبه فتوسط لها سائق طاكسي يعمل كوسيط في الدعارة لتشتغل في ملهى آخر. لتنسى آلامها كانت تشرب كثيرا، عندما تثمل كانت تتكوم على نفسها كقطة مريضة، أحيانا تسكر ويلعب الشراب برأسها وتتفوه بكلمات نابية تلعن فيها رواد المحل،وسرعان ما تفقد وظيفتها كمنشطة سهرات يكون للرقص والطرب فيها النصيب الأوفر تحت الأضواء الخافتة. خلال فترة عملي في الصالة الأرضية لهذا المرقص مرور دورية تفتيش من فرع الأمن الجنائي السوري. كنا قرابة 15 فتاة مغربية عندما أوقفونا. بعد أن مكثنا يومين بمفوضية الشرطة جرى ترحيلنا إلى مطار دمشق، وهناك قالوا لنا اذهبن إلى حال سبيلكن بدعوى أن صاحب الكازينو كان يشغلنا بدون أوراق رسمية، كما أخبرونا بأن السلطات السورية ستقتص منه بإغلاق محله لمدة شهر كامل». حسب هذه المغربية العائدة من العالم السفلي لحانات سوريا، فإنها تركت وراءها الكثير من المغربيات، لكن أكثر ما يحز في نفسها هو نظرة احتقار رماها بها شرطي سوري في المطار قبل أن تستقل الطائرة،مضيفة أنها تمنت لو انشقت الأرض وابتلعتها على أن ترشقها نظرات احتقار أو تخترق طبلة أذنها كلمات نابية كتلك التي رددها على مسمعها وزميلاتها المرحلات رفقتها رجل أمن سوري قبل أن يهددهن بالسجن إن هن عدن لممارسة البغاء. إعلانات بقالب وردي «مطلوب كوافيرات وحلاقات مغربيات للعمل بدول الخليج للجادات فقط.. لا يهم العمر والخبرة، العرض محدود وشكرا». هذا الإعلان مبثوث حرفيا على شبكة الأنترنيت وعدد الزائرات اللواتي تفحصنه بلغ 325 متصفحة. بدوره، يتضمن محرك البحث «غوعل» إعلانات أخرى، تبدأ بعبارة «السلام عليكم»، صاحبة الإعلان جمعية نسائية لها تعامل مع شابات راغبات في العمل في إحدى دول الخليج، إلى من يهمه الأمر الاتصال بنا على الإيميل التالي. عقود العمل الصورية التي تقضي بتشغيل الفتيات في وظائف مختلفة، كالعمل في الفنادق وصالات الحلاقة أو مساعدات طبيات أو في بيوت العائلات الراقية، سرعان ما يبطل مفعولها وتصبح لاغية وتلك الوظائف المعلن عنها في تلك العقود الصورية تتحول إلى مهام أخرى مسكوت عنها تكون هي الدافع الحقيقي وراء تسفير الفتيات المغربيات: الاشتغال في أقدم مهنة في التاريخ. مصادر صحافية أكدت أن السلطات الأمنية في دولة الإمارات العربية المتحدة، قامت ما بين سنة2001 و2004، بتسجيل أكثر من 800 حالة اعتقال همت فتيات مغربيات ضبطن متلبسات في شقق ممارسة الدعارة، قبل أن يتم ترحيلهن إلى المملكة المغربية. وأشارت مصادرنا إلى أنه في نفس الفترة منعت السلطات الإماراتية قرابة 500 فتاة من دخول أراضيها بعد التأكد من أن عقود العمل التي حصلن من خلالها على التأشيرة، هي مجرد عقود مزورة أبرمت للدخول إلى الإمارة الخليجية، قصد العمل في سوق النخاسة. بريق الحلم الخادع سميرة ما إن وطأت قدماها دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد أن غادرت المغرب سنة2003 لتعمل كمربية في منزل عائلة، حتى تحولت حياتها إلى جحيم لا يطاق. تعرفت سميرة على سيدة محترمة بناد لرياضة «الأيروبيك» بحي المعاريف في الداراليبضاء، سرعان ما توطدت صداقتهما. ما أن علمت هذه السيدة أن سميرة تبحث عن عمل حتى اقترحت عليها أن تتوسط لها للاستفادة من عقد عمل بإحدى الدول الخليجية كمربية. أمام الأجر المغري وافقت سميرة بدون تردد، خصوصا وأنه سبق لإحدى صديقاتها أن تمكنت من الزواج بمواطن إماراتي تعرفت عليه عبر شبكة الانترنيت، وظهرت عليها وعلى ذويها علامات النعمة. رتبت السيدة لسميرة لقاء مع إحدى المقيمات بالإمارات، وحصل الاتفاق بين المرأتين على تمكين سميرة من عقد عمل كمربية لدى عائلة في إمارة الشارقة بأجر شهري قدره 12 ألف درهم. وتضيف «سميرة»: سلمت الوثائق المطلوبة مع مبلغ 30 ألف درهم للوسيطة فمنحتني عقدا للعمل موقع من طرف رب الأسرة. وبعد حصولي على التأشيرة طرت إلى الإمارات». تصمت «سميرة» وتنخرط في نوبة بكاء عميق... قبل أن تستطرد قائلة:«رمت بي الأقدار في أحضان شخص عربي لم أتعرف على جنسيته، لكنه كان يرطن بكلمات خليجية. شرع في اغتصابي وافتضاض بكارتي، ثم فرض علي مضاجعة بعض الأشخاص في مختلف الوضعيات، ودام هذا الحال أسبوعا كاملا. كلما كنت أرفض الانصياع للأوامر كان يتم احتجازي بالمرحاض. لم أقو على الصمود فاستسلمت للأمر في انتظار فرصة للإفلات. بعد أيام، رافقته إلى إحدى المنازل وسلمني لامرأة أفهمتني قواعد اللعبة وكيف يجب أن أتعامل مع الزبناء. كنت ألاحظ أنه كلما زاد استسلامي لبيت مطالبي بخصوص المأكل والملبس وبعث النقود إلى عائلتي، كان أحد الأشخاص يتكلف بالقيام بكل الإجراءات، في كل مرة أبعث فيها نقودا إلى أهلي كانوا يسمحوا لي بالتحدث إليهم عبر هاتف نقال تحت مراقبة أحد الأشخاص. ضاقت السبل في وجهي.. وللإفلات من هذا الجحيم التجأت إلى استعمال حبوب وأصبحت مدمنة عليها. وكلما زاد إدماني عليها تدهورت صحتي، فسمحوا لي بمغادرة المنزل بعد أن أرجعوا إلي جواز سفري وساعدتني إحدى المغربيات على اقتناء تذكرة الطائرة وعدت إلى الدارالبيضاء على متن أول رحلة. بن زاكور: الخارجية والمخابرات مسؤولتان عن تزايد ظاهرة الدعارة المغربية في الشرق - بماذا تفسرون تركيز شبكات التهجير على المغرب رغم وجود دول لها نفس الوضع الاقتصادي؟ العامل الاقتصادي له دور مهم، فالدعارة كما يقال أقدم حرفة في العالم، لكن السؤال الذي ينبغي طرحه هو لماذا تتواجد لدى الكثير من الفتيات المغربيات قابلية لتعاطي الدعارة خارج الوطن. في الوقت الحالي أصبحنا أمام ثلاث فئات، فئة بدأت في سن صغيرة بعد الإغراءات التي قدمتها شبكات التهجير، وهنا تقع مسؤولية كبيرة على المسؤولين المغاربة، وفئة أخرى تتمثل في العاهرات المحترفات أو «بنات الحرفة» واللواتي يساهمن بدورهن في توسيع قاعدة المستقطبين، ثم الفئة الثالثة والتي أعتبرها أخطر فئة، وتتمثل في فتيات مثقفات ولهن درجة عالية من التعليم. من الناحية النفسية معظم المتعاطيات للدعارة في دول الخليج يبحثن عن مبررات لذلك وليس عن أسباب، لأن الأمر يتعلق بارتكاب خطأ والكذب على الذات من خلال اختلاق مبررات تختلف في التفاصيل. وهنا أيضا يطرح سؤال علمي حول السبب الذي يدفع هذه الفئة دوما إلى تبرير أعمالها. اعتقد أن الأمر تقف وراءه عناصر متعددة ومتداخلة، إما أن المجتمع المغربي لم يفتح المجال بشكل معلن للدعارة، والعنصر الثاني يتمثل في الحضور الديني ومفهوم الحرام والعرض، والعنصر الرابع وهو الأهم، ترك باب الأمل مفتوحا من أجل الرجوع اجتماعيا، وتكوين أسرة وطي صفحة الماضي. - لماذا الخليج بالضبط؟ الفكرة الشعبية السائدة تعتبر أن الخليج مصدر للمال السريع، فإذا كانت أوربا مصدرا للعمل فإن الخليج في المتخيل الشعبي هو طريق قصير نحو الثراء، وهي الفكرة التي يزيد من ترسيخها الإقبال المهووس الموجود عند الخليجيين على العاهرات المغربيات. - صورة الجالية المغربية بالخليج تضررت كثيرا من الظاهرة إلى درجة تجعل بعض موظفي المطارات يتعاملن بطريقة تحقيرية مع كل فتاة تحمل جواز سفر مغربي، ألا ترون بأن الصمت الحكومي إزاء الظاهرة زاد من استفحالها؟ الدبلوماسية والمخابرات المغربية يتحملان مسؤولية كبيرة في وصول الدعارة إلى هذا المستوى. لا أعتقد أن المخابرات والمصالح التابعة لوزارة الخارجية بما فيها السفارات والقنصليات غبية إلى هذا الحد، ولا تعلم بحقيقة ما يجري، وبالتالي هل هذا السكوت الذي تتبناه هو تزكية ودعم للتجارة الجنسية التي تتم بشكل علني، أم هو إرضاء للطرف الآخر بشكل قد يقودنا إلى التساؤل حول ما إذا كان المغرب قد اختار الدبلوماسية الجنسية كوسيلة لضبط علاقاته خاصة مع دول الخليج. لقد سمعت أشياء خطيرة من بينها أن الجلباب المغربي أصبح ممنوعا ببعض دول الخليج، لأن فيه إيحاء بكون الفتاة التي تلبسه سهلة ومستعدة. والأكيد أن الوضع أصبح بحاجة إلى تدخل فوري من أجل تصحيح صورة المغرب والمغاربة، حتى لا يتم تكريس الصورة النمطية الحالية، والتي تعتبر المغرب كبلد مصدر للعاهرات، الموضوع بحاجة إلى معالجة موضوعية تقتضي الاعتراف بالظاهرة على أعلى المستويات. - مؤخرا تم توقيف 26 فتاة مغربية بمطار محمد الخامس للاشتباه فيهن، هل تعتقدون بأن المقاربة الأمنية هي الحل؟ المراقبة والأمن صورة من صور حماية المجتمع لوضع حد ل«السيبة» الموجودة، لكنها تبقى مجرد وسيلة ضمن وسائل أخرى . العاهرة في الوقت الحالي لم تعد تلك الإنسانة مكسورة الجناح أو المحطمة اجتماعيا، فجميع المستويات الاجتماعية بالمغرب أصبحت ممثلة في الدعارة. - هل تقصد الدعارة الراقية والمنظمة؟ المغرب يعرف دعارة منظمة تقف وراءها عصابات لها قوانينها ومناطق نفوذ وتتمتع بحماية جهات نافذة، دون أن ننسى التداخل الحاصل بين الدعارة وأشكال أخرى من الجريمة مثل المخدرات وهذا تطور خطير ينبغي التوقف عنده بالدراسة والتحليل. - ألا ترون أن المجتمع المغربي أصبح متسامحا نسبيا مع الدعارة، بعد أن توالت الحكايات حول أسر يدفعن بناتهن للاشتغال بالخليج في الدعارة تحت غطاء الفن؟ لا يمكن التعميم فالمسألة تتعلق بالمجال الحضري فقط، خاصة التجمع السكاني الممتد من القنيطرة إلى مراكش، في حين أن بعض المدن مازالت محافظة ومتشددة في هذا الشأن. - لماذا حصرتم الأمر في الشريط الممتد من القنيطرة إلى مراكش؟ لسبب أساسي مرتبط بالعقلية، وتغير العقلية لا يكون بالضرورة نحو الأفضل. أكيد أن النظرة نحو الدعارة في المغرب تغيرت، وهناك عوامل ساعدت على ذلك منها الانفتاح على ثقافة الآخر بسلبياتها، والتخلي عن الثقافة المغربية الإسلامية. فالدعارة بعد أن كانت محرمة وتدخل في نطاق المحظور، أصبحت حاليا وسيلة تلقى إقبالا متزايدا، ومع تطور الأمور على هذا النحو قد تصبح مباحة. وتعايش بعض الأسر مع دعارة فتياتها قد يقودنا إلى طرح السؤال حول ما إذا كان النمط الاستهلاكي وصل إلى درجة متطرفة، دفعت البعض إلى التنازل عن المبادئ الأخلاقية والدينية مقابل الحفاظ أو الوصول إلى مستوى استهلاكي معين. - هل الخوف من العنوسة يجعل الفتيات يرتمين في أحضان الدعارة من أجل تحقيق رصيد مالي قد يمكنهن من الإيقاع بزوج مثالي؟ هذا خطأ كبير، الخوف من العنوسة ليست له علاقة بالدعارة، ولا يفسر إقبال الفتيات على الهجرة إلى الخليج. دول الخليج نفسها فيها نسب قياسية من العنوسة لماذا إذن لا توجد فيها دعارة؟ ثم إن الإحصائيات على المستوى العالمي أثبتت أن نسبة كبير ة من العانسات لم يكن من الممارسات للدعارة، وهنا يجب التمييز بين الدعارة والتحرر الجنسي، فالدعارة تتم مقابل أجر، أما التحرر فيكون أمام علاقة قد تقود إلى ممارسة الجنس. - يلاحظ أن الجمعيات النسائية في المغرب لا تتبنى قضية الدعارة، رغم أن الأمر يتعلق بصورة المرأة العربية فما هو السبب؟ الجمعيات لها أهداف سياسية في العمق وبالتالي فإن تبني هذا الملف ستكون له تأثيرات ستضعف صورة المرأة، وحضورها على المستوى السياسي. هذه الجمعيات تتفادى تناول ملف الدعارة وقد تطرحها بشكل ضيق ومتخصص، رغم أن وظيفتها الأساسية هي الدفاع عن المرأة وكرامتها، إلا إذا كانت هذه الجمعيات تعتبر الدعارة مهنة. النفالي: هناك 6 آلاف مغربية تمارس الدعارة باسم الفن في سوريا فقط - أوقفت مصالح الأمن أخيرا 26 فتاة كن في طريقهن إلى عدد من الدول العربية للعمل وفق عقود تشير إلى أنهن «فنانات»، ما هو تعليقكم؟ بالنسبة إلى الفتيات اللواتي تم إيقافهن أخيرا بمطار محمد الخامس، نستغرب توفرهن على وثائق تثبت أنهن فنانات، ونحن كنقابة للفنانين ندين ونستنكر هذا الأمر بشدة. وأعتقد أن هناك لوبيات تتاجر في الفتيات. لوبيات داخل المغرب و خارجه، وبالضبط في الدول المضيفة والتي تقوم بالتلاعب لاستصدار وثائق خاصة للفتيات المزمع تهجيرهن كفنانات. - ألا تؤثر، برأيكم، مثل هذه الأمور على صورة الفنان المغربي؟ بالفعل، فهذه المسألة تخدش صورة الفنان المغربي وتضرب كرامته بعد النضال الطويل الذي استطاع خلاله أن يحظى بالاعتراف الرسمي من طرف الدولة وحصوله على مكاسب اجتماعية وصحية أخرى. من موقعنا كنقابة نقول إنه يجب على المسؤولين الذين يستصدرون الوثائق لجميع المواطنين المغاربة أن يعلموا أن الفنان لديه بطاقة تصدر عن الجهة الوصية، وبالتالي يجب أن يطلب من أي شخص تقدم إلى المصالح الرسمية كفنان أن يكون متوفرا على بطاقة فنان أو على الأقل أن يكون حاملا لشهادة من إحدى النقابات الفنية. - لماذا إذن لا يصدر عنكم أي موقف في هذا الاتجاه؟ ما وقع للفتيات اللواتي تم إيقافهن بمطار محمد الخامس يستدعي فتح تحقيق قضائي في الموضوع، للوصول إلى الكيفية التي حصلوا بها على صفة فنانات. وللتوضيح أنا أعلم أن صفة فنانة بالشرق تعد أمرا طبيعيا بمعنى أن الفتيات اللواتي يشتغلن بالعلب الليلية وفي المطاعم يتم احتضانهن من قبل النقابات الفنية بالشرق مثل سوريا والأردن، لكن إذا كن فنانات حقيقيات في الرقص مثلا، أما إذا كانت لديهن أغراض أخرى غير الفن ويتخذن من الفن مجرد غطاء للحصول على بطاقة فنانة فهذا أمر غير مقبول. وأكرر أنه يجب فتح تحقيق قضائي في الموضوع لمعرفة من أعطى لنفسه حق منح جوازات سفر أو بطاقة وطنية تتضمن صفة فنانة ومن أعطى لهؤلاء شهادات تثبت أنهن فنانات. ويجب الضرب على أيادي كل شخص متورط سواء كان مسؤولا حكوميا أو نقابيا أو جمعويا. - بعض العقود التي يتم بها تهجير الفتيات المغربيات تتضمن عبارة «فنانة مجالسة زبائن»، هل نقابة الفنانين المغاربة يمكن أن تقبل بأن تقترن هذه الصفة بالفن؟ هؤلاء ليسوا فنانات ولا أعتقد أن أي فنانة مغربية لها كرامة ستتوصل بعقد يتضمن به مثل هذه الجملة وتقبل به. نحن نرفض هذا الأمر بشدة، فمعظم الفنانات المغربيات اللواتي يشتغلن حاليا بالخليج يذهبن للاشتغال إما كمطربات أو ممثلات، بناء على عقود صريحة وواضحة أما اللواتي قبلن الإمضاء على عقود بهذا الشكل، فهذا دور القضاء الذي يجب أن يبحث في هذا الموضوع للوقوف على الجهة التي تقف وراء هذه المخالفات المشينة. - ما هي الشروط التي تحددها النقابة للحصول على صفة فنان؟ في نقابة المسرح هناك ملف ينبغي ملؤه يتضمن معلومات شخصية ونبذة عن التداريب المهنية والجامعية التي حصل عليها طالب الصفة، إضافة إلى الدبلومات التي حصل عليها صاحب الطلب وخانة تتعلق بالأعمال الفنية التي سبق له أن شارك فيها تتضمن اسم الفرقة واسم المسؤول الذي شارك معه، وكذا إثبات ذلك من خلال شواهد أو قصاصات صحفية. والملف يتم تقديمه للفرع الذي ينتمي إليه، حيث تتم دراسته وإعطاء الملاحظات الأولية سواء بالسلب أو الإيجاب ثم تتسلم اللجنة التنفيذية المكونة من ستة أعضاء الطلب الذين يشهدون بأن صاحبه يستحق أولا العضوية داخل النقابة الوطنية. - هل سبق أن تم تسليم صفة الفنان لشخص من طرف النقابة وتم استغلالها في أغراض أخرى؟ إلى حد الساعة لم تقع مثل هذه الأمور، قد تكون هناك حالات لم تكن لها انعكاسات جعلتها تطفو على السطح، لكننا لم نقف عليها. وقانون النقابة يمكن من سحب بطاقة العضوية في أي وقت. كما أن النقابة عندما تمنح فنانا منخرطا شهادة لإنجاز وثائق إدارية، فإنها لا تسلمه شهادة تؤكد أنه فنان، بل نؤكد أن المعني بالأمر منخرط في النقابة الوطنية مع الإشارة إلى تاريخ الانخراط، أما الصفة فتقوم بمنحها لجنة على مستوى وزارة الثقافة. - ما هي الخطوات التي يمكن أن تقوم بها النقابة للحفاظ على صفة «الفن» من مثل هذه الانزلاقات؟ كنت قد التقيت بنقباء الفن بالأردن وسوريا في نشاط بالإمارات وتداولنا في هذا الأمر، وبصراحة «خلعوني»، ففي سوريا مثلا هناك حوالي 6000 فتاة من هذا النوع، صدمت لسماع هذا الرقم المهول، وقد طلبت منهم الإحصاءات المتوفرة، وطلبوا مني بدورهم ضرورة عقد اتفاقية لضبط هذه المسألة. وأشدد أننا لا يمكن أن نقبل أن نتفق مع أي جهة معينة لتصدير الفتيات لممارسة أشياء أخرى غير الفن. شاهر الحديد* : 22 ألف فتاة يشتغلنفي الأردن مقابل المأكل والمشرب - تلجأ عدد من شبكات التهجير إلى استغلال صفة الفن من أجل إدارة شبكات للدعارة بفنادق والأردن، هل وقفتم كنقابة على مثل هذه الحالات؟ إن ما يحدث فعلا هو استهتار، لأن عدة فتيات يفدن للعمل بملاه ليلية ويسهمن في تشويه صورة المغرب، حقيقة يعز علينا أن تصل بعض المغربيات إلى هذا المستوى من الانحطاط. ونحن كنقابة للفنانين الأردنيين ندعو الحكومة المغربية إلى التدخل بقوة وبحزم لإنقاذ ماء وجه المغاربة، فما يحدث لا يبعث على الارتياح مطلقا. ويحز في أنفسنا أن ترسم صورة سيئة عن المغرب من خلال ما تفعله هؤلاء الفتيات اللواتي يتذرعن بالفن لممارسة أغراض أخرى. -هل لديكم أرقام حول عدد الفتيات اللواتي حصلن على صفة فنانة ويشتغلن بالملاهي الليلية بالأردن؟ لدي رقم خطير، وقد أخبرت به عددا من زملائي المغاربة، حيث إن هناك ما يفوق 22 ألف فتاة من المغرب وتونس وفلسطين والعراق يشتغلن دون إذن رسمي من نقابة الفنانين، ومجال عملهن معروف. الواقع أن الأمر لا يتعلق بالأردن فقط بل إن هذا الوباء يشمل سوريا ولبنان أيضا. -ما هي طبيعة العمل الذي تختفي وراءه الفتيات قبل التحول إلى ممارسة الدعارة؟ بالفعل هذا ما يحدث حيث تفد الفتيات تحت غطاء مهن أخرى لإخفاء طبيعة عملهن الحقيقية، والحكومة الأردنية تقوم بتسفير عدد كبير من هؤلاء الفتيات بشكل دوري. -هل تعتقدون بأن التسفير هو الحل؟ الحقيقة أن نقيب الفنانين بالمغرب يبذل مجهودات كبيرة حيث طالب بوضع حد للعمالة الوافدة من المغرب،لكن السوق مفتوح على مصراعيه وحتى الأجور التي تتقاضاها الفتيات المغربيات من البغاء والدعارة هي أجور تافهة. -هل لك أن تكشف لنا عن قيمة الأسعار؟ في لبنان هناك أسعار محددة في مائة دولار للفتاة، وفي الأردن الفتاة تساوم بأكلها وشربها. - بأكلها وشربها فقط ؟ نعم ليس هناك مقابل، فقط الأكل والشرب ودون أي مقابل مادي، فوضعية هؤلاء الفتيات عادة ما تكون مزرية. وأحب أن أشير إلى أن أجر المغربية ضعيف جدا في الأردن. -هل هناك أماكن خاصة تجتمع فيها الفتيات؟ الفتيات منتشرات في جميع المحافظات الأردنية، وأنا أتمنى أن يتم طرح هذا الموضوع لأن الأمر يتعلق بسمعة المغرب، ولا بد أن يكون هناك اهتمام أكبر للدولة المغربية بهذا الموضوع. - ألا تلجأ السلطات الأردنية إلى فرض بعض الإجراءات على الفتيات لمحاصرة الظاهرة كما فعلت سلطات دبي؟ الأردن بلد مفتوح ولا يستطيع منع أي زائر من الدخول إلى ترابه، والقضية بيد السلطات المغربية التي ينبغي لها التأكد من طبيعة عقد العمل الذي يصل إلى الفتاة هل هو متعلق بالتمريض في المستشفيات أو الهندسة، وهذه عمالة نرحب بها لكن للأسف العمالة الموجودة تأتي تحت تسميات مختلفة ومزيفة. - ما هي هذه التسميات؟ * نقيب الفنانين بالأردن من نجمة تضيء ليالي الخليج إلى فتاة على كرسي متحرك «متعة» الاسم الذي اشتهرت به في الخليج هي فتاة مغربية عادية كانت تتمتع بجمال أخاذ عرف وسطاء التهجير كيف يوظفونه لصالحهم، لتنتقل لبنى وهو اسمها الحقيقي ذات 22 ربيعا من مسكن الأسرة المتواضع بأحد الأحياء الشعبية بمدينة القنيطرة إلى عاصمة الإمارات، حيث تحولت إلى نجمة في عالم فني من نوع خاص. وهناك استطاعت في ظرف وجيز أن تراكم ثروة من فن بيع الجسد دون أن تدرك أنها ستعود في يوم من الأيام على كرسي متحرك إلى المغرب. بدأت حكاية لبنى بعد أن تعرفت عن طريق صديقة لها سبق أن جربت السفر إلى بلدان البترودولار، على وسيط بحريني أكد لها أن باب المستقبل مفتوح أمامها على مصراعيه بسبب مواهبها الفنية التي لا تخفى على أحد، وما عليها سوى أن تعد جواز السفر في انتظار عقد شغل كفنانة مقابل 7 ملايين سنتيم وعمولة 30 في المائة من الأرباح. بسرعة طافت لبنى على أبواب الإدارات وهي تسابق الوقت للحصول على جواز السفر الذي تسلمته وقلبها يخفق من شدة الفرح، فأخيرا سيبتسم الحظ لتجد نفسها بعد شهر واحد في الإمارات العربية المتحدة. بعد أن وصلت وأمضت ثلاثة أيام في إحدى الشقق المفروشة، شرح الوسيط للبنى الدور الفني الذي عليها أن تجسده في إحدى العلب الليلية، حيث كان عليها أن تجالس الزبناء المخمورين وتدفعهم إلى الإنفاق بسخاء، قبل أن يلحق بها الزبون في الغرفة بمقابل يصل في بعض الأحيان إلى 3000 درهم مغربية، يتسلم منها الوسيط نسبة مهمة لاستكمال ثمن العقد والعمولة. بعد أشهر قليلة، استطاعت لبنى أن تفك عقد الاحتكار مع الوسيط مقابل 10ملايين سنتيم، وتأخذ فترة شهر كنقاهة من أجل استعادة لياقتها التي ذهب بها السهر المتواصل والشرب والتدخين. بعد ذلك قررت لبنى أن تدير أعمالها بنفسها لكن هذه المرة على مستوى أرقى وبشروط مسبقة، حيث حرصت على اختيار زبنائها من علية القوم المستعدين لدفع أي مبلغ مقابل التمتع بجسدها وجمالها، وكانت في كل نصف شهر تحرص على إرسال مبلغ مالي مهم إلى أسرتها، بعضه مخصص للاستهلاك، والباقي يتم إيداعه في حسابها البنكي. وحتى تعم الفائدة، قررت لبنى أن ترسل في طلب أختها سناء ذات ال20 سنة لتلتحق بها بعد أن أقنعتها بأن بقاءها في المغرب سيجعلها ضحية للمخادعين الذين لا يهمهم سوى الضحك على الفتيات واستغلال سذاجتهن. بعد أن وصلت الأخت الصغرى شرحت لها لبنى أصول اللعبة، وسلمتها مبلغا ماديا لتؤجر شقة وتطلق مشروعها الفني الخاص، وهو الأمر الذي نجحت فيه سناء بعد أن استطاعت في ظرف وجيز أن تضم في قائمة زبنائها رجال أعمال وشخصيات من الأعيان. واصلت «متعة» أداء دورها بامتياز، وكانت تتلقى مقابله هدايا ثمينة ومبالغ مالية كبيرة، إلى أن اتصل بهاتفها النقال أحد الأشخاص، وأخبرها بأن شخصية مهمة ترغب في لقائها ليحدد معها موعدا. نزلت لبنى من شقتها لتجد في استقبالها سيارة «ليموزين» أوصلتها إلى إقامة فاخرة، لتلج بقدمين ثابتتين بوابة الإقامة التي انبعثت منها رائحة صندل قوية. قادها الخادم إلى غرفة واسعة لتجد في انتظارها شخصا في العقد الخامس، وبعد أن شربا معا بعض الكؤوس، شرع في تقبيلها قبل أن يطلب منها ممارسة أشياء غريبة، الأمر الذي رفضته بشدة ليقوم بصفعها، وهو ما أثار غضب لبنى التي ردت بالمثل، لتجد نفسها ضحية لعلقة ساخنة بواسطة عصا تستعمل كعكاز، قبل أن يأمر صاحب الإقامة حرسه بحملها إلى السيارة ونقلها إلى الخلاء. حمل الحراس لبنى بطريقة عنيفة وتم إدخالها بالقوة إلى السيارة، لينطلق السائق باتجاه طريق صحراوي يقود إلى منطقة معزولة. أثناء ذلك كانت لبنى تتخيل سيناريوهات عديدة، منها أن يتم إحراقها أو إعدامها بالرصاص، ودون تفكير فتحت باب السيارة المسرعة، ورمت بنفسها إلى الخارج. نقلت لبنى بعد ذلك إلى المستشفى بإصابات بليغة، وبعد حوالي 10 أيام من العناية المركزة استفاقت، لكن بإطراف مشلولة، وبوجه وجسد يحمل جروحا عميقة، قبل أن تعمل أختها الصغرى على نقلها إلى المغرب لتقضي شهورا طويلة في رحلة علاج وترويض استنزفت كل ما لديها من ودائع مالية، دون أن تنجح في استعادة قدرتها على المشي. في حين فضلت الأخت الصغرى العودة إلى الإمارات من أجل استئناف العمل، وتوفير المال لعلاج لبنى التي قضت عليها «المتعة». بالنسبة إلي عندما تأتي فتاة لا تحمل صفة فنانة في جواز سفرها لا أعترف بها كنقابة فنانين، ثم إن المراقص الليلية تعتمد بشكل كلي على هؤلاء الساقطات. - ما هي أهم النقط التي يتركز فيها عمل الفتيات المغربيات؟ الأردن يفتح أبوابه لجميع الزوار العرب،هناك طرق يتعامل بها أشخاص من داخل المغرب والذين يعملون على تسويق هذه البضاعة لتأتي جاهزة ومجهزة، وأنا كنقيب للفنانين توصلت بعدة شكايات من قبل فتيات تم حجز جواز سفرهن ومنعن من أخذ أجورهن. - ما هو معدل سن هؤلاء الفتيات؟ نحن في الأردن لا نسمح للفئة العمرية أقل من 18 سنة بالعمل، وعموما هناك فتيات تتراوح أعمارهن ما بين 18 وثلاثين سنة.