كثيرة هي المشاهد المؤلمة التي أضحت الملاعب الرياضية بشكل عام وملاعب كرة القدم بشكل خاص مسرحا لها ، حيث تتعدد الحوادث التي تنتج عنها إصابات متفاوتة الخطورة نتيجة للاندفاع البدني ولارتفاع حدة التنافس وللمجهود الجسماني المبذول، الأمر الذي يحتم تدخلا آنيا مستعجلا لما لبعض هذه الإصابات من تداعيات خطيرة على حياة الرياضيين، كما هو الحال بالنسبة لبلع اللسان الذي هو عبارة عن عضلة، ويمكن للإنسان عند فقدانه للوعى أن يحدث ارتخاء لهذه العضلة مما يجعلها تسقط وتسد مجرى الهواء، وهو المشهد المأساوي الذي عاشت تفاصيله بعض ملاعبنا الوطنية. ارتداد اللسان للخلف: الذي يقع عند من «يبتلع لسانه»، هو أن عضلة اللسان ترتخي فيرتد إلى الخلف نحو الحلق، مما يؤدي لإغلاق مجرى التنفس، وهذا أمر لا يحدث في الوضع الطبيعي للإنسان، ولكنه قد ينتج عن إصابات معينة تؤدي لفقدان الوعي، مثل: التعرض لإصابة بالدماغ أثناء اللعب، كالسقوط على الأرض أو الاصطدام بالعارضة أو لاعب آخر الإصابة بمشاكل في عضلة القلب كالرجفان أو النوبة القلبية، كما قد يؤدي اختلال مستوى الأملاح والسكر في الدم إلى حدوث تشنجات لدى الرياضي وفقدانه الوعي، مما قد يقود إلى ابتلاع اللسان. أين تكمن خطورة بلع اللسان؟ ارتداد اللسان إلى الحلق يؤدي إلى إغلاق المجاري التنفسية وبالتالي اختناق المصاب وعدم قدرته على التنفس. بلع اللسان مؤشر على إصابة عادة ما تكون خطيرة، مثل النوبة القلبية أو ارتجاج الدماغ أو التشنجات. لذلك فإن التعامل مع «بلع» اللسان يتطلب فتح المجاري التنفسية بسرعة، وذلك للسماح للمصاب بالتنفس ووصول الأوكسجين إلى الرئتين، ثم نقله إلى المستعجلات في المستشفى مباشرة للتعامل مع الإصابة الأصلية التي تسببت في «بلع» اللسان، ونعني هنا ارتداد اللسان للخلف وإغلاقه الحلق. الإسعاف الأولي في حالة ابتلاع اللسان: تمديد الشخص على الأرض. يقوم المسعف برفق ومن دون عنف بإمالة رأس المصاب إلى الخلف والذقن إلى الأعلى، مما يؤدي إلى إعادة فتح المجاري التنفسية. بعد ذلك يقوم المسعف بإمالة المصاب قليلا إلى أحد جانبيه مع الحفاظ على وضعية الرأس السابقة، مما يمكن اللعاب في فمه من النزول إلى خارج الفم وعدم الدخول في حلقه وتسببه بالاختناق. في حال فشل الإجراء السابق في إزاحة اللسان قد يتطلب الأمر إجراء مناورة «دفع الفك»، أو إدخال أنبوب القصبة الهوائية (الأنبوب الرغامي)، مما يتطلب وجود فريق إسعاف في الموقع مدرب على التعامل مع الإصابات والطوارئ الرياضية. ويجب التذكير بأن انقطاع التنفس قد تكون له أسباب أخرى، مثل الاختناق بالطعام أو جسم غريب، أو حدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية. لذلك يجب تقييم الوضع من طرف المسعفين والقيام بما يلزم مثل إجراء الإنعاش القلبي ونقل المصاب للمستعجلات بأسرع ما يمكن. موت الرياضيين: هنا يجب التفريق بين نوعين من الوفيات، الأول يطلق عليه اسم الموت المفاجئ، وينتج عن توقف القلب فجأة وحدوث نوبة قلبية، ويمكن أن يصيب سنويا رياضيا واحدا إلى اثنين من بين كل مائتي ألف رياضي، وهو أكثر شيوعا عند الذكور، غالبية حالات الموت المفاجئ تحدث لدى لاعبي كرة القدم. وتشير المعطيات الطبية إلى أن غالبية حالات الموت المفاجئ لدى الرياضيين ترتبط بإصابة الشخص بأمراض أو تشوهات خلقية في القلب، يكون الرياضي غالبا على غير دراية بها، مما يعني أنه قد تمر سنوات وهو يمارس الرياضة دون مشاكل إلى أن تحين اللحظة التي يحدث فيها توقف مفاجئ للقلب. وتشمل الأعراض التحذيرية للموت المفاجئ، شعور الرياضي بتعب وألم في الصدر وانقطاع النفس، وخفقان القلب أو عدم انتظام دقاته، ويتطلب هذا مراجعة الطبيب مباشرة. أما النوع الثاني من الوفيات فيرتبط بالإصابة الدماغية الناجمة عن الرضّ» Traumatic Brain Injury «، مثل التعرض لضربة على الدماغ، أو سقوط على الرأس أو الاصطدام بلاعب أو أداة، مما يؤدي لحدوث ارتجاج وضرر في الدماغ، وقد تؤدي إلى الوفاة مباشرة أو تتسبب في مضاعفات قصيرة وطويلة المدى على الرياضي. وتشير جمعية جراحي الأعصاب الأمريكية إلى أن أعراض الإصابة الدماغية تشمل الشعور بالصداع وفقدان التوازن، والصعوبة في التكلم والسمع، والحساسية الشديد للصوت أو الضوء، والارتباك. هذا في حالة إذا لم تكن الإصابة شديدة وأدت إلى فقدان الشخص الوعي في اللحظة نفسها. ويتعين مراقبة الرياضي بعد تعرضه للإصابة الدماغية ومتابعته للتأكد من تطور تماثله للشفاء، خاصة أنه في لحظة الإصابة نفسها قد لا تظهر عليه أعراض واضحة أو شديدة. إجراءات الوقاية: القيام بفحوصات دورية للرياضيين للتأكد من وضعهم الصحي، وهل لديهم أمراض وراثية أو تشوهات خلقية في القلب أو الشرايين. على الرياضي إبلاغ الطبيب إذا كانت لديه سيرة مرضية لمرض القلب، أو هناك حالة عائلية للموت المفاجئ أو مرض القلب. عدم تعاطي المنشطات الرياضية والتدخين والخمر. ممارسة الرياضة وفق الإرشادات الطبية، فمثلا من الخطأ اللعب في حالة التعب الشديد أو المرض أو الحمى مثلا، ويجب استشارة الطبيب قبل ذلك. عيادة الطبيب فورا عند الشعور بصعوبات أثناء اللعب أو الراحة، أو انقطاع في التنفس، وعدم إهمال الأمر. ارتداء الملابس الواقية المناسبة لحماية الجسم والرأس، مثل تجهيزات راكبي الدراجات الهوائية. يجب تجهيز الملاعب الرياضية بفرق طبية حاصلة على تدريب في مجال طوارئ الإصابات والإسعافات الأولية الرياضية، وذلك لإجراء الإسعافات للرياضيين المصابين بسرعة، خاصة أن الدقائق الأولى بعد إصابة الرياضي قد تحدد حياته أو موته. بعد وقوع الإصابة يجب متابعة الرياضي بشكل مستمر للتأكد من القلب والدماغ وعدم حدوث مضاعفات. ممرض متخصص في التخدير والانعاش