المداخلة مشاركة في الندوة العلمية التي نظمها المجلس العلمي لخنيفرة بتنسيق مع المندوبية الإقليمية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وبتعاون مع عمالة الاقليم، إحياء للذكرى الثامنة والخمسين لحصول المغرب على الاستقلال، والذكرى الثامنة والثلاثين للمسيرة الخضراء ، والذكرى التاسعة والتسعين لمعركة الهري التاريخية . مما لا مجال للشك فيه أن أي باحث منصف أو دارس محقق لتاريخ المغرب، لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يتنكر للأدوار البطولية التي أبان عنها سكان هذا القطر نساء ورجالا منذ سالف العهود إلى اليوم ، رغبة منهم في المحافظة على وحدة البلاد ، وحراسة دينها ، وصيانة كيان الشخصية المغربية وهويتها المتميزة . لقد قدم المغرب عبر تاريخه الطويل مختلف الأدلة والبراهين على إبائه وكبريائه ورفضه القاطع للذل والهوان والتبعية ، والعيش تحت قهر الاستعمار والاستبداد ، حيث جاهد وقاوم كل من سولت له نفسه الترامي على حقوقه ومقدساته كائنا من كان ، فحافظ بذلك على الينابيع الصافية لدينه وعقيدته ووحدة بلده وإنسانه. السياق التاريخي للمقاومة النسائية بالمغرب إذا كان أهل المغرب قد أبانوا عن استماتتهم في الذود عن الوطن إضافة إلى الكشف عن علو كعبهم في المجالات العلمية المختلفة ، فإن ذلك لم يكن حكرا على رجاله فحسب ، بل شاركت النساء إخوانهن الرجال في هذا الصنيع . فلم تكن المرأة المغربية يوما غائبة عن هذه المجالات ولو للحظة من اللحظات ، يقول جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله في خطابه بمناسبة الذكرى 15 لثورة الملك والشعب «إن النصر لم يحالف أمتنا إلا لأن نصفها الثاني لم يبق معزولا عن الكفاح ، فقد خاضت أمهاتنا وبناتنا غماره بإيمان صادق ، وعزم ثابت لم تنل منه السيطرة والسطوة ، ولم يثنه العنف والقسوة ، فأسهمن في العراك بالنصيب الموفور ، وأبدين من الشجاعة والشهامة والإقدام ما هو معروف ومأثور». وإذا كان العديد من الكتابات التاريخية قد أهملت دور المرأة وإسهامها في هذه البطولات والمفاخر ، كما يشير إلى ذلك الأستاذ عثمان المنصوري اذ يقول : « والاثنان الرجل والمرأة ساهما كل بطريقته في صنع أحداث الماضي ، لكن دور المرأة بالاستنتاج لا يظهر في المادة المكتوبة التي عليها يتم الاعتماد عند كتابة التاريخ » (مجلة الأمل عدد 13- 14 ص 151 ) ، فإن المرأة المغربية استطاعت عن جدارة واستحقاق عبر تاريخ المغرب التليد، أن تسجل اسمها بمداد من ذهب في مختلف محطاته الجهادية والنضالية . وقد يقول قائل إن مقاومة المرأة المغربية كانت وليدة ظروف الاستعمار التي عاشها المغرب خلال القرن العشرين ، والحال أن المقاومة النسائية في المغرب متجذرة منذ القديم ، بل إنها عقيدة ومبدأ ورثته المرأة المغربية أبا عن جد ، وكابرا عن كابر، لاسيما بعد اعتناق المغرب للإسلام . وفي التاريخ المغربي شواهد متعددة للمقاومة النسائية خلال عهود الدول الإسلامية المتعاقبة على الحكم منذ الأدارسة إلى الدولة العلوية مرورا بالمرابطين والموحدين والمرينيين وغيرهم. ففي العهد المرابطي مثلا برزت في الساحة السياسية والعسكرية السيدة زينب النفزاوية المعروفة بفطنتها وذكائها وشجاعتها وحكمتها فكانت تدبر أمر السلطان يوسف بن تاشفين وتشير عليه في تسيير الحكم ، يقول عنها صاحب الاستقصاء :«كانت عنوان سعده ، والقائمة بملكه ، والمدبرة لأمره ، والفاتحة عليه بحسن سياستها....» (الاستقصاء ج 2 ص 22 ). وفي زمن اللمثونيين ظهرت «السيدة فانو بنت عمر» التي قاتلت بحد السيف في صفة رجل دفاعا عن الدولة اللمثونية وحماية لقصر الخلافة بمراكش ، إذ لم يتمكن الموحدون من الدخول إلى مراكش إلا بعد موتها» (أخبار المهدي بن تومرت ص: 64 ) واعتناق المرأة المغربية للإسلام و اقتناعها به وتشبعها بمبادئه، واستفادتها من سير الصحابيات الجليلات أذكى فيها الحماس و روح التضحية و الجهاد دفاعا عن العقيدة ونصرة للدين وتطهيرا للبلاد من براثين الاحتلال . فهذه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما المعروفة بذات النطاقين كتمت سر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج مهاجرا إلى المدينة هو وأبوها أبوبكر. وبلغ بها الأمر أن لطمت على خدها من قبل أبي جهل حتى طار القرط من أذنها. ولم تتفان في خدمة النبي عليه الصلاة السلام ووالدها وهما بالغار، ترحل إليهما بالماء والطعام وأخبار المشركين . وهذه سمية بنت خياط أم عمار بن ياسر سجل لها التاريخ بطولتها وجهادها وثباتها على العقيدة والمبدأ حتى استشهدت على يد أبي جهل فكانت أول شهيدة في الإسلام .فدونت ملحمة من أجل ملاحم الصمود أمام طغيان كفار قريش في سبيل الدين والحرية والكرامة . ولا يغيب عنا مشهد أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها خالة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ، المعروفة بشهيدة البحر، ما تركت غزوة إلا خرجت مع المجاهدين تداوي الجرحى ، وتطعم وتسقي ...،ولما كان زمن معاوية بن أبي سفيان سنة اثنتين وأربعين للهجرة ركبت البحر رفقة زوجها عبادة بن الصامت رضي الله عنه في جمع من المجاهدين ، فلما خرج المركب من البحر جيء لها بدابة لتركبها فسقطت من فوقها فاندلق عنقها فماتت ولقبت بشهيدة البحر. هذه النماذج وغيرها من النساء المومنات المجاهدات الصامدات شكلت أسوة حسنة للمرأة المغربية ، نهلت من معينها واستلهمت من بطولاتها ومواقفها، فأبدت عن ملاحم جهادية قوية احتفظ لها بها التاريخ عبرت من خلالها عن رفضها التام للاحتلال والاضطهاد والقمع . وتذكر المصادر التاريخية أن أول قتيل من جنود الاحتلال البرتغالي لشمال المغرب كان على يد امرأة في أول يوم من احتلال مدينة سبتة في شهر غشت من عام 1415 للميلاد، إذ ألقت عليه حجرة ضخمة من برج عال فأردته قتيلا ، ولا يزال هذا البرج إلى اليوم يعرف ببرج المغربية .(ندوة دور المرأة المغربية في ملحمة الاستقلال والوحدة ص: 139) . وهذا الحدث تؤكده المصادر التاريخية البرتغالية حيث ورد فيها ما يلي :«وشاء القدر أن يلقى حتفه أول شهيد برتغالي يوم افتتاح سبتة وهو الضابط ( فاسكو أطايدي ) على يد امرأة مغربية ألقت عليه حجرة من أعلى البرج الذي يعرف اليوم ببرج المغربية ». (نقلا من مجلة التعاون الوطني ع : 23 ص: 21 .) المرأة في منطقة خنيفرة ودورها في المقاومة لقد أبلت المرأة المغربية عموما البلاء الحسن في معركة التحرير والوحدة بغض النظر عن كونها تنحدر من أصول عربية أو من أصول أمازيغية، لأن ثمة أمرا عظيما يجمع بين مختلف عناصر ومكونات الأمة المغربية ويشكل مرجعية أساسية لها ، إنه الدين الإسلامي الذي جاء للإنسانية جمعاء دون تمييز، يجمع ولا يفرق ، يوحد ولا يشتت ، قال عز من قائل : «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا » آل عمران 103 . ثم إن هناك هما كبيرا يؤرق بال المغاربة جميعا هو جهاد المحتل ومقاومته من أجل نيل الحرية والكرامة وتطهير البلاد من براثين الكفر والوثنية . وحقيقة المقاومة لا تقف عند المشاركة في المعارك أو حمل السلاح أو القلم أو غير ذلك فحسب ، بل إن معنى المقاومة وحقيقتها يتسع أكثر من ذلك ، ليشمل كل موقف يعبر الشخص من خلاله عن رفضه القولي أو الفعلي لأي شكل من أشكال استعباد الإنسان للإنسان ، أو إهانته أو الاعتداء عليه ، أو سلبه حقا من حقوقه . والمغاربة قاطبة نساء ورجالا عبروا عن رفضهم التام لمختلف أشكال الاحتلال والاستعباد ، ووقفوا أمام كل من يستهدف إذلالهم وإخضاعهم ، مما يفيد تشبعهم بمبادئ الحرية والكرامة ، باستثناء شرذمة قليلة تمكن المحتل من توظيفها للعمالة والخيانة نتيجة ما متعها به من امتيازات وإغراءات ، وما ذهبت إليه هذه الشرذمة يعد شاذا والشاذ لا يقاس عليه، كما هو معروف . أشكال المقاومة النسائية بمنطقة خنيفرة شاركت النساء بمنطقة خنيفرة في ملحمة الاستقلال والوحدة بنصيب وافر إيمانا منهن بعدالة القضية الوطنية وشرعية المطالب ، وسعيا لطرد المحتل وتطهير البلاد والتنعم بالحرية والاستقلال ، ومن هؤلاء النساء من قضت نحبها نسأل الله أن يتغمد الجميع بواسع رحمته ، ويسكنه فسيح جناته ، ومنهن من لا يزال على قيد الحياة أطال الله في عمرهن . وقد تجلت مقاومتهن في جوانب متعددة منها : - الجانب السياسي : حيث قام العديد من نساء المنطقة بتوعية السكان بالقضية الوطنية وتحسيسهم بالخطر الذي يتهددهم ويتهدد البلاد جراء ما يقوم به المحتل من التعذيب والتقتيل والتنكيل واستغلال الثروات ونهب الممتلكات . وإذكاء لحماس المواطنين والمواطنات وتقوية لعزائمهم لمناهضة العدو تصدرت النساء العديد من المظاهرات ، ورفعت الشعارات ، ووزعت المنشورات ، وعلقتها هي وصور جلالة الملك محمد الخامس على الجدران بما لديها من اللصاق آنذاك وهو العجين ، وقد تعرض الكثير من هؤلاء النساء للاعتقال والسجن والتعذيب وغير ذلك من صنوف التنكيل ، منهن السيدة رابحة أنوار التي شاركت في حركة المقاومة وعمرها لا يتجاوز سبع عشرة سنة ، فبالإضافة إلى قيامها بمثل هذه الأعمال شاركت في الهجوم على السجن المدني في ثورة غشت 1955 قصد تسريح الوطنيين المعتقلين ، كما شاركت في مهاجمة مركز الشرطة فألقي عليها القبض وسجنت ، ثم تقرر نفيها إلى الصحراء إبعادا لها وإطفاء لحماسها ، غير أنه تم العدول عن ذلك وأبعدت إلى إحدى بوادي خنيفرة فمكثت فيها إلى أن عاد محمد الخامس رحمه الله وحصل المغرب على الاستقلال ، ولا تزال المرأة تنعم بالحياة أطال الله عمرها .(تراجم عن حياة المرأة المقاومة ج:2 ص: 139- 140) - الجانب الإعلامي : يتجلى الدور الإعلامي من خلال ما قامت به المرأة في منطقة خنيفرة من معرفة الأخبار والاجتهاد في الحصول عليها لفضح مخططات المحتل ومناهضة برامجه ونقلها إلى المجاهدين والمقاومين للاستعداد للمجابهة ، وأخذ الحيطة والحذر، وقد تأتى لها ذلك بفضل النساء اللواتي يعملن في بيوت المحتلين ، أو من خلال العلاقات والتواصل مع من كان يشتغل فيها . وقد كانت النساء أشد حرصا على الحصول على الأخبار ، ومعرفة ما يدور في هذه البيوت من البرامج والمخططات والنوايا التي يبيتها المحتل للنيل من البلاد وأهلها ، ويبلغن ذلك بسرية تامة وأمانة كاملة للمجاهدين والوطنيين الغيورين . ومن هؤلاء النساء السيدة «ظهو نعيشة « التي أخبرت المجاهد موحى أوحمو الزياني بنزول تعزيزات الاحتلال من جنود وآليات ومعدات حربية بمدينة خنيفرة وقد كان مرابطا مع المجاهدين بضواحي المدينة ، فأعلمته أن ثمة خطرا يتهدده ومن معه ، ليكون على بينة من أمره ، ويستعد لمواجهة ما قد يقوم به العدو في أية لحظة من اللحظات . بل ولم يقف الأمر بخصوص هذه المقاومة عند الاستعلام والاستخبار والنقل والتبليغ ، بل بلغ بها أن أقدمت على قتل زوجها لما علمت خيانته وعمالته للمحتل ، وفي هذا الفعل من الأدوار البطولية ما فيه نصرة للدين ودفاعا عن قضية الوطن . (المقاومة المسلحة والحركة الوطنية بالأطلس المتوسط ص: 191). - الجانب الاجتماعي : عرف المغاربة عموما بالتضامن والتكافل الاجتماعي ، وكرم الضيافة في السراء والضراء ، وأهل الأطلس ومنطقة خنيفرة لا يستثنون من هذا الصنيع ، ومن إسهامات المرأة بهذه المنطقة في المقاومة من هذا الجانب الاعتناء بالمجاهدين المرابطين في قمم الجبال والكهوف والمغارات وبعائلاتهم ، بالإطعام الإيواء والكسوة وغير ذلك مما تتطلبه الحاجة ، وقد ثبت أن النساء هن اللواتي كن ينقلن الطعام والشراب وغيرهما من الإمدادات إلى البطل الشهيد موحى أوحمو الزياني والى غيره من المجاهدين . كما كانت النساء تهتم بالسجناء والمعتقلين وبعائلاتهم . وبالإضافة إلى ذلك كانت المرأة تتعهد الجرحى والمرضى بالمعالجة والرعاية وتستضيف لقاءات واجتماعات المقاومين وتكرمهم وتغسل ثيابهم وتسهر على راحتهم ...وقد بلغ اهتمام المرأة بالمقاومة بالمنطقة أن باعت حليها ومجوهراتها وكل ما هو نفيس عندها نصرة للمقاومة وكفلا بالمجاهدين وعائلاتهم - جانب المشاركة الفعلية في المعارك: تتميز المرأة في منطقة الأطلس المتوسط بجملة من المميزات أهلتها لتكون أكثر فاعلية في عمليات الجهاد والمقاومة ، أقف عند ميزتين أساسيتين : الأولى :القوة البدنية ، وهذا يرجع إلى البيئة التي تعيش فيها ، فالحياة في هذه المنطقة تتطلب القوة والصبر والتجلد لمقاومة الظروف الطبيعية القاسية ، وهذا ما تجلى في البنية الجسدية لهؤلاء النساء ، الأمر الذي ساعدهن على المشاركة في المعارك إلى جانب الرجال دون خوف أو شعور بالضعف ، ومن نماذج هؤلاء النساء السيدة زهرة الهلالية التي كانت تحطم أبواب متاجر ودكاكين المحتلين أثناء المظاهرات بضربة كتف مما يزرع الرعب في نفوس المعمرين وهم ينظرون إلى هذه المشاهد والى أمتعتهم وسلعهم يستفيد منها المتظاهرون. كما كانت النساء يقمن بتحريض الرجال على القتال وتشجيعهم على الإقدام ، ويعتبرن الذي يتراجع عن الجهاد أو يفر من القتال جبانا وحقيرا وخائنا ولا قيمة له ، وهذا الموقف مستمد من كتاب الله تعالى ، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي القرآن الكريم نجد قوله تبارك وتعالى «ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وساءت مصيرا » الأنفال 8 . وفي السنة النبوية نجد قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري ومسلم «اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا يا رسول الله ما هن ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المومنات ». وزيادة في حقارة ودناءة الذي يفر من المعركة كانت المرأة تلبسه لباس النساء ، وتقوم بنتف لحيته ، وتربطه إلى جذع شجرة ويمكث على هذا الحال أياما ، وتهجره إن كان زوجها وقد تطلب منه الطلاق . الثانية : الشجاعة ، وهذه الميزة سمحت لنساء المنطقة بالانخراط في صفوف المقاومة والجهاد دون خوف أو تردد ، فأخفت المجاهدين في البيوت ، وساهمت في تهريبهم من فوق السطوح حال مطاردتهم من قبل العدو ، وأخفت السلاح ، ونقلته من مكان إلى آخر حسب ما تتطلبه أحوال المقاومة ، وأكثر من هذا فقد قامت بعمليات جراحية للمجاهدين الذين أصيبوا في المعارك ، يقول أحمد المنصوري :«المرأة خلال بعض المعارك في الأطلس المتوسط قامت بخياطة بطون المقاومين التي فجرتها قنابل العدو ، وكذلك خياطة أعضائهم المبتورة بواسطة خيوط انتزعتها من منديل رأسها (السبنية) وعقمتها » كباء العنبر ص: 257 . ومن نماذج هؤلاء النساء السيدة رقية قدوري بضواحي خنيفرة التي تم اختيار سكناها لإخفاء الأسلحة والمتفجرات لبعدها عن عيون العملاء والخونة ، وتكلفت بإيصال الإمداد والتموين للمقاومين وإخفائهم عند الضرورة ، ولما افتضح أمرها ذاقت ألوان العذاب بمخفر الدرك بأبي الجعد حيث سجنت به مدة خمسة أشهر ، ثم نقلت إلى سجن الدارالبيضاء فمكثت به خمسة أشهر أخرى ، لتنتقل بعد ذلك إلى سجن سيدي سعيد بمكناس . ولم يفرج عنها إلا بعد عودة الملك محمد الخامس وبزوغ فجر الاستقلال ، وقد تم تكريمها مؤخرا وأطلق اسمها على المركب الاجتماعي للمرأة بمركز مولاي بوعزة بضواحي خنيفرة . ومن هؤلاء النساء أيضا السيدة «لالة يطو» زوجة الشهيد موحى أوحمو الزياني التي كان لها الفضل الكبير في حسن توجيه زوجها ومساعدته والوقوف إلى جنبه في مختلف الشدائد ولعل المثل القائل «ما من عظيم إلا ووراءه امرأة » يجد ما يبرره في شأن أمر هذه السيدة . ومنهن أيضا المرحومة يامنة إقبال التي انخرطت منذ صغر سنها في حركة المقاومة سيما وأن والدها حمو إقبال كان مجاهدا شارك في معركة الهري التاريخية ، وإثر نفي جلالة الملك محمد الخامس تقوت حركة المقاومة ونشطت فيها هذه المجاهدة فخشي عليها أبوها فزوجها إلى مكناس لكنها فرت راجعة إلى خنيفرة للمشاركة في معركة تحرير الوطن رغم منع زوجها لها في العديد من المرات ، شاركت في مظاهرات غشت 1955 حيث امتطت صهوة الجواد وتقدمت المتظاهرين تحمل صورة الملك وتردد الشعارات ، فألقي عليها القبض وسجنت وخضعت للتحقيق والتنكيل ، ثم تقرر نفيها إلى مركز امريرت لتبقى به إلى رجوع الملك وحصول المغرب على الاستقلال . ومما يؤكد حماس هذه المرأة وتشربها لقضايا الوطن استجابتها لنداء الملك الحسن الثاني رحمه الله للمشاركة في المسيرة السلمية الخضراء لاسترجاع الأقاليم الجنوبية إلى حضيرة الوطن . عضو المجلس العلمي المحلي لخنيفرة