أصدرت الأمانة العامة لهيئة علماء المسلمين في العراق رسالة مفتوحة الى الشعب العراقي بمناسبة الذكرى السادسة لاحتلال العراق،أوضحت مسيرة الدمار الذي خلفه الاحتلال وأعوانه كما ذكرت الشعب العراقي والأمة االعربية بما أنجزته المقاومة العراقية خلال جهادها ومقاومتها للعدوان والاحتلال على مدى السنين الست الماضية ودور المرأة وما قامت به من أعمال بطولية من أجل تحرير بلدها كما دعت الهيئة في ختام رسالتها المفتوحة أبناء الشعب العراقي إلى مزيد من الصبر والثبات، والبذل والعطاء حتى يأتي اليوم الذي يحتفلون فيه بخروج الاحتلال من بلدهم الصامد. وفيما يلي نص الرسالة : بسم الله الرحمن الرحيم رسالة مفتوحة إلى أبناء الشعب العراقي بمناسبة الذكرى السادسة لاحتلال العراق الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: أيها الشعب العراقي الكريم، يا أبناء شعبنا الأباة السلام عليكم ورحمه الله وبركاته في هذه الأيام القاتمة من تأريخ بلدنا وامتنا، تحل الذكرى السادسة للعدوان عليه واحتلاله من قبل الغرب الغاشم، بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبمساعدة من بعض جيرانه وغيرهم، وهو لا يزال جاثما على ثراه الطاهر مستمرا وبكل ما لديه من وسائل الإجرام، على سفك دماء أبنائه وتحطيم مؤسساته، والاستيلاء على مصادر ثرواته، فتسبب في سفك دم ما يقرب من مليون ونصف مليون إنسان عراقي، وترميل ما يقرب من مليوني امرأة وخمسة ملايين يتيم، عدا مئات الآلاف من المرضى والمعوقين، ومئات الآلاف من الأسرى والمساجين في سجونه وسجون حكومته، وملايين المشردين والمهاجرين داخل العراق وخارجه، والعاطلين عن العمل، ومئات الآلاف من المتسولين والذين يعيشون على النفايات ويسكنون الأكواخ في بلد يعد من أغنى البلدان في العالم، في حين يصفه سراقه والمهيمنون عليه في ظل الاحتلال: بالعراق الجديد، نعم هو جديد في الدماء والتخريب، والتخلف والفساد، وفي النهب والسلب، حتى عُد من أكثر دول العالم تخلفا وفسادا، وهذا قليل من كثير مما فعله الاحتلال في بلدنا الجريح، ويجري هذا كله تحت ذريعة مقاومة الإرهاب الذي لم يعرفه العراق من قبل . أيها الإخوة الكرام: لقد وعد الرئيس الأمريكي الحالي ( باراك اوباما ) في حملته الانتخابية بسحب قوات بلاده من العراق فور انتخابه رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية، وخلال فترة لا تزيد عن ستة عشر شهرا، وكنا نتوقع أن يفي بهذا الوعد لشعبه قبل غيره، لأن هذا الوعد هو الذي أسهم بفوزه على خصمه الجمهوري فوزا ساحقا، ولكنه بعد تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة أبدل الانسحاب بجدولة، وأبدل الستة عشر شهرا بما يقرب من ثلاثة أعوام، على وفق ما نصت عليه اتفاقية الإكراه التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق ومجرم الحرب ( بوش الابن ) على حلفائه وأسرى فضله في بغداد دون ضمانات لتحقيق هذا الانسحاب، ودون تغيير لمهام قوات الاحتلال العسكرية والأمنية في العراق، فهي لازالت تقتل وتعتقل وتعيث في ارض العراق فسادا، تماما كما كانت تفعل في عهد بوش . ولهذا فإن هيئة علماء المسلمين وغيرها من القوى العراقية المناهضة للاحتلال بكل فئاتها ومكوناتها، لا تعد هذا الجدولة مقدمة لانسحاب حقيقي من العراق، بل هي بمثابة إعادة انتشار لقوات الاحتلال لا غير، مهما أطلق على هذه القوات من أسماء أو أوصاف كالمعاونة والمشورة وغيرها. وعلى هذا فإنها لا تعول عليها شيئا، ومثلها قوى المقاومة التي أعلنت فصائلها استمرار الجهاد والمقاومة حتى يخرج آخر جندي من العراق، كل العراق، مدنا وقواعد وغيرها بعون الله تعالى. أيها الإخوة النجباء: كانت المقاومة العراقية الباسلة ـ وما تزال ـ الشعلة الوضاءة والأمل الوحيد في ردع العدوان الأمريكي اللامبرر والمخالف لكل القوانين والأعراف الدولية على العراق، والانتصاف منه على ما ارتكب ولا يزال يرتكب من أعمال إجرامية ووحشية يندى لها جبين الإنسانية، وردّ كرامة العراق والأمة التي هدرها هذا العدوان البربري الإجرامي، الذي ارتكبه الغرب ضد العراق وشعبه، وهي تنطلق في ذلك من حقها المشروع في الدفاع عن دينها ووطنها وحضارتها ومقدراتها، هذا الحق الذي ضمنته لها الشرائع السماوية والقوانين الوضعية والقيم والتقاليد الإنسانية. ولإطلاع أبناء شعبنا وامتنا على ما أنجزته المقاومة العراقية خلال جهادها ومقاومتها للعدوان والاحتلال على مدى السنين الست الماضية، نذكر المنجزات الهامة الآتية: 1. وقوف المقاومة العراقية أمام اكبر قوة عسكرية وتكنولوجية في العالم، على الرغم من التفاوت الهائل في ميزان القوى بينهما، وإرغامها على تبديل خططها وإستراتيجيتها في العراق أكثر من مرة، كما صرح بذلك بعض قادة الاحتلال أنفسهم. 2. إفشال المشروع الأمريكي للهيمنة على العراق والمنطقة، وإفشال ما سمي بمشروع الشرق الأوسط الجديد الذي كان يهدف إلى تقسيم العراق، وتقسيم دول المنطقة الرئيسية فيها، وتغيير خريطة المنطقة وفق رغبة المحافظين الجدد والقوى التي تقف وراءهم. 3. دفعت المقاومة العراقية شر العدوان عن بعض دول المنطقة، لإشغالها لقوات الاحتلال عنها، وتكبيدها الكثير من الخسائر التي لم تكن تتوقعها، وذلك بشهادة الكثير من المراقبين من الأعداء والأصدقاء على حد سواء، ومنهم الرئيس الأمريكي السابق ( بوش ) نفسه، حيث ذكر في خطاب له في بداية عام 2007م قال فيه: كنا نروج لمزاعم النصر خشية أن تستولي روح الهزيمة على شعبنا، إلى آخر ما قال. 4. أثبتت المقاومة أن الشعب العراقي لم يستقبل المحتلين بالورود والأزهار كما كانوا يتوقعون، أو كما كان يروج لهم عملاؤهم وإنما استقبلهم بالنار والشرار، كما استقبل آباؤهم وأجدادهم في عشرينات القرن الماضي المحتلين الانكليز بالسيف و الفالة والمكوار. 5. مشارفتها على تحقيق هدفها الأهم، وهو تحرير العراق، فهي الآن في نهاية مرحلة الانجاز بعون الله تعالى، الذي وقف وحده إلى جانبها، يوم تخلى عنها القريب والبعيد وحاصرها العدو والصديق، وادعى أبوتها أو العلاقة بها كل متاجر ومريب، وشوش عليها وهون من أمرها كل حاقد وحاسد. يا أبناء شعبنا الغيارى: لقد كان لكم دور بارز في رفض الاحتلال ومشاريعه من الأيام الأولى له، ولا زلتم على ذلك، على الرغم من التعتيم على هذا الدور ومحاولات إخفائه من قبل الاحتلال وبعض القوى الداخلية والخارجية التي لا يروق لها أن تحوزوا مثل هذا الشرف، ومن ذلك رفضكم المتكرر للاحتلال في أكثر من مناسبة، في المظاهرات في الشوارع وفي الجامعات وفي الملاعب الرياضية وفي الاجتماعات الشعبية والعشائرية وغيرها، ورفضكم لمشاريعه الخطيرة، كالمحاصصة الطائفية والعرقية، واتفاقية الإكراه المسماة بالأمنية. كما كان لكم الدور نفسه في إبطال عدد من المشاريع المشبوهة، التي دبر أمرها بليل ، مثل مشروع فصل البصرة عن العراق الأم الذي أسقطه أبناء البصرة الفيحاء، ومشروع الفيدرالية الذي هزمه وهزم دعاته أبناء الجنوب الشرفاء، وخاصة أبناء كربلاء، كربلاء الشهداء، ومشروع الهيمنة على الموصل من قبل بعض القوى العنصرية الذي هزمه أبناء الموصل الحدباء. ومن ذلك أيضا: ما قام به الأبطال من أبنائكم دفاعا عن بلدكم وكرامتكم وشرف حرائركم، كقيصر الجبوري، وبرزان الحديدي، وإبراهيم كريم القرة غولي، ومحمد الجحيشي، ومنتظر الزيدي الذي زاد العراقيين رفعة بما فعل، وهذا قليل من كثير من بطولات أبنائكم المشرقة. فالي المزيد يا أبناء شعبنا من الصبر و الثبات والرفض للاحتلال ومشاريعه، ومشاريع حلفائه وبكل الوسائل الممكنة، حتى يتحرر العراق منه ومن مشاريعه الخطيرة، وهو أمر آت وقريبا بمشيئة الله تعالى. وفي هذا المقام لا ننسى دور المرأة العراقية في رفض الاحتلال ومقاومته، فلقد كان لها دور متميز بهذا الصدد، وما قامت به من أعمال بطولية من أجل تحرير بلدها شيء يجل عن الوصف، ويرفع رأس العراقيين عاليا، فالي جانب كونها الأم والأخت والزوجة للمجاهدين، وتقديم الواحدة منهن أحيانا أكثر من ولد، وأحيانا الزوج والأخ والولد معا؛ كانت تعد الطعام للمجاهدين، وتنقل المؤن والعتاد لهم وغير ذلك، بل شاركت المرأة العراقية بالمعارك بنفسها في عدد من الجولات، ويسجل للتاريخ أن كثيرات منهن كن أكثر حماسة في كره الاحتلال و تأييد المقاومة من كثير من الرجال، وقد فازت الكثيرات منهن بالشهادة وبالصبر على الأذى من الاحتلال وعملائه، كما اشتمل سِفّرهن الجهادي على نماذج رائعة وكثيرة من الأعمال البطولية التي ستخلدهن على مدى التأريخ، فلهن من هيئة علماء المسلمين ومني شخصيا ومن كل شرفاء العراق ألف شكر وتحية، والى المزيد من الرفض للاحتلال وتثقيف النشء على كراهته وكراهة عملائه، يا حفيدات الزهراء والخنساء وخولة بنت الأزور وحفصة العمري. أيها العراقيون الأماجد: لقد بذلتم الكثير، وقدمتم أبناءكم من رجال ونساء وأطفال بسخاء، دفاعا عن دينكم ووطنكم وأمتكم، ولقد صبرتم وثبتم، وها انتم أولاء تقاربون النصر، بل انتم على أبوابه إن شاء الله تعالى. فإلى مزيد من الصبر والثبات، والبذل والعطاء حتى يأتي اليوم الذي تحتفلون فيه بخروج الاحتلال من بلدكم الصامد، وهو يوم قريب بإذن الله، آت لا ريب فيه، وعندها ستفرحون بنصر الله تعالى لكم، وتبدءون حياة ملؤها العز والكرامة والعيش الرغيد. (( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون)). والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأمانة العامة لهيئة علماء المسلمين في العراق 13 ربيع الثاني 1430هـ