في الوقت الذي أعلن فيه حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر، أنه يرشح «رسميا» الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة في الانتخابات المقررة في أبريل 2014، انتعشت أنشطة المهربين بالجهة الشرقية، رغم الحراسة الأمنية المضروبة على الشريط الحدودي المغربي-الجزائري، وادعاء وزراء قصر المرادية التصدي لما أسموه ب «تهريب الثروة الوطنية»، أصبح المتتبعون لقضايا التهريب يلاحظون أن السلطات الجزائرية تغض الطرف عن الظاهرة، خاصة في المرحلة السياسية الراهنة التي تمر منها دولة الجوار، خشية معاقبة الرئيس الجزائري في الانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة وأن سكان الشريط الحدودي في الغرب الجزائري يعتمدون على التهريب كوسيلة وحيدة لكسب قوت العيش، أمام تزايد عدد العاطلين عن العمل بالمنطقة. وأدى ترشح «بوتفلقية»، إلى انتعاش أنشطة مافيات التهريب، التي تنشط على طول الشريط الحدودي المغربي - الجزائري الذي يمتد على طول 1559 كيلومترا، خاصة بمنطقة مغنية التي تقدم كل الدعم والسند له في الانتخابات الرئاسية للجزائر، لكونه ينحدر من نفس المنطقة «مغنية» رغم ترعرعه بمدينة وجدة. وتأتي هذه الحركية التجارية المحظورة، في الوقت الذي لم تمض فيه سوى بضعة أشهر على الخطاب الرسمي للسلطات الجزائرية، الذي صعدت فيه من لهجتها تجاه المغرب، مستعينة في الوقت نفسه بخطباء المساجد لتمرير قراراتها الرامية إلى محاربة التهريب، بالإضافة إلى قيامها بحفر الخنادق على جنبات الحدود، والاستعانة بالأعيان والمخبرين من سكان المناطق الغربية في الجزائر لمجابهة الظاهرة. وذكرت مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، أن المهربين بالجهة الشرقية للمغرب، والجهة الغربية للجزائر، شرعوا في تكثيف الاتصالات في ما بينهم على أساس التزود بالبنزين المهرب، في الوقت الذي يراهن فيه الطرفان على انخفاض سعر البنزين الذي كان قد ارتفع ثمنه في الآونة الأخيرة، إبان محاولة السلطات الجزائرية مجابهة الظاهرة، في حين تشير مصادر من المهربين المغاربة الى أن زملاءهم في الجزائر تلقوا ضمانات من طرف (...) لاستئناف أنشطتهم !. وتتداول ألسنة المهتمين بالشأن السياسي، أن غض السلطات الجزائرية الطرف عن أنشطة المهربين، يأتي في الوقت الذي استوعبت فيه الدرس، إبان إقدام المهربين بمنطقي «مغنية» و «تلمسان»على إضرام النار في محطات البنزين بالجزائر، احتجاجا على القرار الذي اتخذته من قبل، في حين تكون سلطات قصر المرادية ملزمة بتجاوز فرضية التصويت العقابي على الرئيس الجزائري «بوتفليقة» في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أو بالأحرى متجاوزة عزوف المواطنين عن صناديق الاقتراع. ويكون تساهل السلطات الجزائرية مع المهربين بمنطقة مغنية التي عاشت ساكنتها في الآونة الأخيرة أوضاعا اجتماعية مزرية بسبب تشديد الخناق عليهم، هو أن تبعد عنها شبهة التشكيك في مصداقية الانتخابات ونتائجها ومدى تمثيلها للشعب الجزائري. وأمام هذا الوضع، تكون عودة عبد العزيز بوتفليقة إلى رئاسة الجمهورية الجزائرية للمرة الرابعة أمرا لا يستسيغه الجزائريون العقلاء، خاصة بعد تدهور حالته الصحية، وتجازوه لصلاحيات الدستور التي لا تسمح له بالترشح، في حين يبقى غض الطرف عن تهريب البنزين من طرف جنرالات الشاي والسكر هو الهروب من تبعات أية عملية محاسبة من شأنها أن تطلق النار في جميع الاتجاهات، أمام الحديث الرائج عن تعديل الدستور الجزائري وإنهاء دور العسكر كلاعب مؤثر في السياسة.