تشهد شوارع وأزقة مدينة وجدة، على غرار مختلف أحياء الجهة الشرقية، حربا يومية بين المهربين ورجال الجمارك. وتتعدد وتتنوع السلع المهربة بين بنزين ووقود للسيارات، وأقمشة وملابس وأغطية، وحليب ومواد غذائية وأدوية، ويساعد على استمرار نشاط التهريب وانتشاره، اختلاف أثمنة السلع والمواد بين ضفتي البلدين، المغرب والجزائر، واستفحال ظاهرة العطالة في الجانبين واستفادة عدد من أباطرة التهريب. تعرف أسعار البنزين الجزائري المهرب والمعروض للبيع في عدة مواقع بالجهة الشرقية، ارتفاعا تتراوح نسبته بين 45 و 30%، وتفيد المعطيات المستقاة من الأسواق المحلية المتخصصة في عرض السلع المهربة من الجزائر أن البنزين الجزائري المهرب، الذي يعرض على نطاق واسع في أسواق وأزقة وحواضر وقرى الجهة الشرقية، قد سجل ارتفاعا في ثمنه وصل إلى زهاء 45%، فلقد قفز سعر الصفيحة البلاستيكية "جيريكان" ذات سعة 30 لترا من 110 إلى 200 درهم أي بزيادة تعادل 3 دراهم في اللتر الواحد، ومع ذلك تبقى أسعار الوقود الجزائري المهرب اقل بكثير من أثمان ما تعرضه محطات توزيع الوقود المحلية. وحسب مصادر جمركية في وجدة، فان هذا الارتفاع المسجل في أسعار المحروقات والمواد الأساسية المهربة من القطر الجزائري يعزى إلى كون السلطات الجزائرية قد عمدت، في الآونة الأخيرة، إلى تطبيق قانون الحصة على المناطق الغربيةالجزائرية المحاذية للشريط الحدودي الجزائري المغربي، وبالتالي تقليص نصيب هذه المناطق من المواد المدعومة خاصة من البنزين بنسبة بلغت حوالي 50% فضلا عن تعزيز المراقبة على الحدود، وهو ما أدى إلى تراجع نشاط المهربين بشكل واضح دون أن يفلح هذا الإجراء في توقيف تدفق المواد المهربة من الجزائر صوب التراب المغربي حيث يصل سعر ثلاثين لترا إلى 320 درهما . رصاص في الحدود وحرب يومية لا تنتهي في الخريف الماضي، اصيب مهرب بنزين بجروح خطيرة استدعت نقله إلى قسم الإنعاش بمستشفى الفارابي في وجدة عندما انقلبت السيارة التي كان يقودها على مقربة من حاجز جمركي على الطريق المؤدية إلى المركز الحدودي "زوج بغال" حينها كان مصدر جمركي قد أفاد إن سيارة (رونو 18) التي كانت تسير بسرعة فائقة صوب وجدة، فوجئ سائقها بحاجز جمركي حاول تجنبه عبر الاستدارة إلى الخلف، لكنه فقد السيطرة على المقود وهو ما جعل السيارة تنقلب ويصاب السائق (علي م) بجروح بليغة في الرأس وباقي أنحاء الجسم، في الوقت الذي تمكن فيه رفيقاه من الإفلات من قبضة الجمارك بعدما خرجا عبر نوافذ السيارة المنقلبة ولاذا بالفرار تماما كما يحدث في الأفلام الهوليودية، ولم يسلم رجال الدرك بعد هذه الحادثة من تعرضهم لوابل من السب والشتم من لدن بعض سكان الدواوير المجاورة قبل أن تحضر دورية للدرك الملكي. وفي السياق ذاته تعرض أفراد "اللجنة الإقليمية المختلطة لمحاربة البنزين المهرب لاعتداء بواسطة الحجارة، بحي المقسم في وجدة عندما كانوا يحاولون اقتحام منزل (ي.أ) المعروف ببيعه البنزين المهرب بالتقسيط وابرز مصدر مقرب ان سيارة المصلحة تعرضت لأضرار فادحة بينما حرر أعضاء اللجنة المختلطة، المشكلة من مصالح الجمارك والأمن الولائي والوقاية المدنية والقوات المساعدة، محضرا في الموضوع. ولم يكن حظ رجال الجمارك في بركان أحسن من حظ زملائهم في وجدة إذ تعرضوا لاعتداء عنيف من قبل ساكني بعض القرى عندما لقي مهرب حتفه عند حاجز جمركي على الطريق الثانوية الرباطة بين مشرع حمادي والعيون الشرقية اثر انقلاب السيارة التي كان يقودها بفعل مرورها على المشبكات الحديدية الجمركية في نفس الفترة، وكان من نتائج الاعتداء إصابة جمركيين بجروح وكسور تطلبت نقلهما إلى مستشفى الفارابي في وجدة. ويشهد طول الشريط الحدودي المغربي الجزائري بين الفينة والأخرى حوادث إطلاق النار من قبل الحرس الحدودي الجزائري صوب المهربين أو المهاجرين السريين الذين ترحلهم السلطات المغربية بعد أن يكونوا قد تسللوا إلى الترتب المغربي انطلاقا من الأراضي الجزائرية. وفي نفس الفترة، كان المواطن المغربي "فريد ب" قد نقل على وجه السرعة إلى مستشفى الفارابي في وجدة، بعد إصابته برصاصتين في الرئة أطلقهما الحرس الحدودي الجزائري عليه عندما كان يهم رفقة أخيه سعيد باختراق الحدود المغربية الجزائرية وأفادت مصادر من بلدة احفير الحدودية (38 كلم شمال وجدة) إن فريد وسعيد القاطنين في المركز 19، اولاد بنعزة دوار البغادة، ضواحي احفير، قد تعرضا لنيران الحرس الحدودي الجزائري وهما على متن سيارة يستعملانها في تهريب البنزين من القطر الجزائري إلى المغرب عند تجاوز الحدود الفاصلة بين المغرب والجزائر بطرق لا مشروعة وأضاف بان سعيد لم يصب بأذى في حين استقرت رصاصتان في إحدى رئتي فريد الذي نقل إلى مستشفى الدراق في بركان ومنه إلى مستشفى الفارابي في وجدة. ضيعة ببابين على الحدود كانت عناصر سرية وجدة المختلطة التابعة لشعبية مصالح الجمارك، قد نجحت بداية هذه السنة، في إيقاف ثلاثة مواطنين جزائريين من بينهم فتاة رفقة ثلاثة مغاربة، وحجزت سيارتين من نوع "بوجو 504" كانتا في حوزتهم. وحسب مصدر جمركي فان عناصر السرية لاحظت، أثناء قيامها بمهامها المعتادة، على طريق العونية في وجدة المؤدية إلى الشريط الحدودي المغربي الجزائري قدوم سيارتين في اتجاه وجدة، وبعد توقيفهما ومطالبة راكبيهما ببطاقات تعريفهم الوطنية تبين أن ثلاثة منهم من جنسية جزائرية، وهم ليلى فروالي وشقيقها عبد الواحد وسعيد مراد بالإضافة إلى سائقي السيارتين (عبد المجيد ع.) و(ادريس . ل) ومرافقهما (مصطفى ب). وأضاف المصدر ذاته انه بعد عملية تفتيش للموقوفين تم ضبط 3 آلاف و 600 دينار جزائري (حوالي 400 درهم) لدى الأول و 8 آلاف دينار(900 درهم) لدى الثاني فضلا عن فاتورة جزائرية قانونية لكميات من الملابس والأحذية الرياضية ذات قيمة مالية تعادل مبلغ 45 ألف درهم مغربي، موضحا أن المواطنين الجزائريين الثلاثة دخلوا التراب المغربي بطرق غير قانونية رفقة سلع مهربة تم توزيعها في أسواق وجدة، ومؤكدا أن مصالح الدرك حجزت السيارتين وأحالت الجميع، من اجل المنسوب إليهم، على العدالة في وجدة. وكانت عناصر سرية وجدة المختلطة التابعة لشعيبة مصالح الجمارك قد اعتقلت خلال نفس الفترة في إحدى الضيعات الواقعة على الشريط الحدودي المغربي الجزائري مهربا جزائريا وصف بأنه احد أباطرة التهريب رفقة المسؤول عن الضيعة، وحجزت 150 صندوقا مملوءا بالبرتقال و 200 صندوقا فارغ. وأوضح مصدر جمركي حينها أن أفراد السرية المذكورة انتقلوا إلى مكان الضيعة بعد توصلهم بإخبارية تفيد بوجود شاحنات مغربية تقوم بنقل فواكه وخضر إلى ضيعة تقع على الشريط الحدودي حيث تفرغ حمولتها وهناك لاحظوا اقلاع شاحنتين من نوع " فوكون 15" مرقمتين في الجزائر تتوغلان داخل التراب الجزائري وأضاف المصدر نفسه إن عناصر لسرية طلبت من المسؤول عن الضيعة الموافقة كتابيا على دخول الضيعة وتفتيشها، وقد اتضح إن الضيعة المعنية تتوفر على بابين: الأمامي يطل على التراب المغربي أما الخلفي فيطل على التراب الجزائري ومنه تدخل وتخرج الشاحنات القادمة من الجزائر أو المتجهة صوبها، مؤكدا انه خلال عملية التفتيش عثر رجال الجمارك داخل إحدى غرف الضيعة على المواطن الجزائري (عمر ب.) وهو احد كبار المهربين وبحوزتهم مبلغ 80 ألف دينار جزائري وقد اعترف أن الشاحنتين اللتين غاردتا الضيعة قد شحنتا بالبرتقال، اذلي كان في ال200 صندوق التي وجدت فارغة، وقد امر وكيل لالة الملك لدلا ابتدائية وجدة باحالة المهرب الجزائري والمسؤول عن الضيعة على الدرك الملكي قصد التحقيق. من يقول ان الحمير غبية ولا تفهم في مغنية؟ في الجهة المقابلة، في مدنية مغنية الجزائرية تحول التهريب إلى مهنة، فأغلب السكان هناك يشتغلون في التهريب وحتى الدواب كوسيلة لنقل المواد المهربة داخل وخارج الحدود، ومن يقول الحمير غربية ولا تفهم في مغنية فقد كذب لأنها تعرف المسالك وتؤدي الأمانات إلى أهلها، حسب ما علق به أحد الظرفاء. فيوميا يقوم حراس الحدود بحجز كميات هائلة من الوقود الموجه إلى المغرب، وهو ما قد يفسر وجود 67 محطة بنزين بولاية تلمسان منها سبع محطات بمغنية مما أدى إلى إغلاق جل محطات البنزين بوجدة. وارتبطت مدينة مغنية الجزائرية ب "التهريب" خاصة تهريب الوقود الذي شكل بديلا لسكانها الذين يعيشون على إيقاع البطالة والفقر، مدينة تصنف في الجزائر بالمهمشة حيث الآلاف من الشباب الجزائريين وجدوا في التهريب قدرهم الذي يحقق لهم أرباحا طائلة مما سيفسر إلى حد بعيد عمليات توقيف نساء وقاصرين ينشطون في شبكات تهريب المخدرات والوقود والمشروبات الكحولية والمواد الغذائية وسلع أخرى ويتكيف هؤلاء مع تطور أساليب ووسائل مكافحة الظاهرة باعتماد تقنيات جديدة هم أيضا، واللجوء مسالك أخرى بعد إغلاق المنافذ وتشديد الرقابة عليها. وحسب بعض المهربين من مدينة وجدة، لا تكاد تخلو أي محطة بنزين في مغنية من طابور سيارات ودراجات نارية لاقتناء البنزين، اغلبها من نوع "مرسيديس" والوجهة معروفة، فالسلعة سيتم نقلها إلى المغرب بطرق ووسائل مختلفة والكل يعلم بذلك حتى مصالح الأمن المكلفة بمكافحة التهريب إلا أنها عاجزة عن توقيف هؤلاء الأشخاص الذين يقدمون أنفسهم على أنهم فلاحون يتزودون بتلك الكميات من الوقود لغرض السقي في نشاطهم الزراعي. وسواء في المغرب أو الجزائر يجمع المسؤولون الامنيون بالمناطق الحدودية على أن ابرز المشاكل التي تعتيق محاربة التهريب وجود تجمعات سكانية هامة على الشريط الحدودي وغالبا ما تربط بين سكان الضفتين علاقات قرابة ومصاهرة وان اغلب المنازل بها تحولت إلى مخازن للمواد المهربة قبل اقتناص الفرص لتبادلها، حيث يبدأ التهريب على بعد 200 متر فقط، من موقع التجمعات السكنية والحدود المغربية الجزائرية من الاتجاهين، بنقل السلع المهربة المختلفة على الدواب خاصة الحمير واستعمال العربات المختلفة قبل ان تتطور وسائل النقل خلال السنوات القليلة الماضية باستعمال سيارات قديمة. في الجزائر، يقوم اغلب المهربين باستغلال سيارات من نوع " مرسيدس" بإعادة توسيع خزانات الوقود، وينشط هؤلاء عادة في شبكات إجرامية منظمة بتوظيف قاصرين ونساء، واستغلال المعلومات عن تحركات حرس الحدود من الجانبين المغربي والجزائري، ومواقع الكمائن عن طريق الاتصالات بالهواتف الخلوية سواء الجزائرية أو المغربية لتتحول التكنولوجيا إلى خدمة تقدم كذلك للمهربين.