أصدرت إحدى محاكم الاستئناف المكلفة بقضايا الشغل في بريطانيا يوم الجمعة الماضي حكما تاريخيا يقضي برفع الحصانة الدبلوماسية عن المسؤولين بالسفارات في حال تعلق الأمر بانتهاك حقوق المستخدمين داخل التمثيليات الدبلوماسية الواقعة فوق التراب البريطاني. وجاء هذا الحكم الجديد إثر قيام مهاجرتين مغربيتين برفع دعوى ضد الحيف الذي تعرضتا له عندما كانت تشتغلان في مقر سفارتي السودان وليبيا بلندن. ويتعلق الأمر بفاطمة بنخربوش، التي كانت تشتغل كطباخة داخل السفارة السودانية بلندن، ومينة نجاح، التي اشتغلت كمربية لدى السفارة الليبية بنفس البلد. ويتضمن صك الاتهام في دعويي المهاجرتين المغربيتين مجموعة من الانتهاكات التي ارتكبها مسؤولو السفارتين في حقهما، ومن بينها الطرد التعسفي، عدم احترام الحد الأدنى للأجور، عدم احترام عدد ساعات العمل، الميز العنصري والتحرش. ولم تتمكن بنخربوش ونجاح من الحصول على حقهما أمام القضاء قبل سنة بدعوى الحصانة الدبلوماسية، غير أن هيئة الدفاع عنهما تمكنت مستهل هذا الشهر من إقناع إحدى محاكم الاستئناف بأن الحصانة الدبلوماسية تحول دون تحقيق العدالة، وبالتالي فهي في هذه الحالة تعتبر انتهاكا للفصل 47 من ميثاق الاتحاد الأوربي لحقوق الإنسان الذي يضمن استفادة المتضررين من محاكمة عادلة وجبر الضرر. ولقد صرحت إيميلي آنا غيبس، عن المؤسسة الخيرية لمناهضة الاتجار في البشر واستغلال العمال، بأن هذا الحكم يعد «نصرا عظيما». وأضافت في تصريح لمنابر إعلامية بريطانية أن «هذا الأمر يعني أنه لم يعد بإمكان السفارات التي تسيء معاملة مستخدميها الاختباء وراء الحصانة التي توفرها لهم الدولة، وبالتالي ستكون السفارات موضع مساءلة شأنها شأن باقي المشغلين، وهذا إقرار بأنه لا أحد فوق القانون». وقبل صدور هذا الحكم، لم يكن بمقدور مستخدمي السفارات متابعة مشغليهم، إلا في حالة تعرضهم لأضرار جسدية، غير أن الحكم الجديد يمكن أولئك المستخدمين، الذين لا يمارسون مهام حكومية، من الاستفادة من بعض الحقوق المتاحة للمواطنين البريطانيين، وبالتالي ستكون السفارات الأجنبية بالمملكة المتحدة لأول مرة معرضة بشكل أكبر للمتابعات القانونية في حال سوء معاملة مستخدميها.