- هل تعتقد أن ظهير 1963 المنظم للأمراض المهنية وحوادث الشغل، لا يزال يشكل مرجعا أساسيا في تعويض الضحايا الذين يتعرضون لحوادث داخل المعامل؟ هذا الظهير لايزال مرجعا في تناول القضايا التي ترتبط بحوادث الشغل والأمراض المهنية، حيث تتضمن مقتضيات هذا الظهير الاجتماعي قواعد أساسية في تعويض الضحايا المتضررين، فعندما تنجز الخبرة الطبية على الضحية ويتم تحديد عجز دائم في أقل من 9 بالمائة يحصل الضحية على رأسمال كتعويض من الشركة، وإذا حددت الخبرة نسبة عجز تفوق 10 بالمائة يحصل الضحية على إيراد سنوي، ويدفع هذا التعويض من قبل شركات التأمين على أربع مراحل كل ثلاثة أشهر لفائدة الضحية المتضرر. - في نظرك هل يجب تعديل ظهير 1963 الذي لا يزال يعمل به في القضايا المرتبطة بحوادث الشغل والأمراض المهنية، خصوصا أمام التطور الذي يعرفه المجتمع المغربي؟ في الحقيقة لا بد من تعديل الظهير الذي فاق العمل به أكثر من خمسة عقود، ويجب مراعاة التطور التكنولوجي وما أفرزه من إيجابيات وسلبيات في الآونة الأخيرة، والتي تكمن في الأضرار التي يتعرض لها الأجراء أثناء أداء عملهم داخل المقاولات الحديثة. - هل تتملص شركات التأمين من واجباتها تجاه الضحايا الذين يتعرضون لحوادث شغل، وتحكم المحاكم لصالحهم في الدعاوى القضائية؟ تملص الشركات من أداء واجباتها لا يزال موجودا في البلاد، وهو ما يزيد من تفاقم الكثير من المشاكل النفسية لضحايا حوادث الشغل، وهي ممارسات تسعى من خلالها شركات التأمين، في بعض الأحيان، إلى الضغط بوسيلة أو أخرى قصد الصلح مع الضحية، الذي يقبل في النهاية بالإملاءات التي تفرضها الشركات. - ما هي الطرق التي تسلكها شركات التأمين للتملص من واجباتها تجاه الضحايا الذين يرفعون دعاوى قضائية في الموضوع؟ المساطر والإجراءات القانونية تعرف وقتا طويلا في التقاضي، بالإضافة إلى الإجراءات المتعلقة بالتبليغ والتنفيذ، وبالتالي تتسبب مثل هذه المشاكل في تفاقم المشاكل النفسية لدى المتضررين، حيث يصطدم المتضرر في بعض الأحيان باستئناف الحكم من قبل الشركة المدعى عليها، التي تطالب بإجراء خبرة مضادة على المتضرر المدعي، بعدما يظهر لها خلل في الحجج المقدمة من قبل الضحية أمام المحكمة، وبناء على الأدلة الجديدة التي تكشفها الخبرات المضادة يمكن أن يتم إلغاء الأحكام الابتدائية على الرغم من تعرض الضحية لأضرار صحية بليغة، وأصبحت الشركات تطالب غالبا بإجراء مثل هذه الخبرات المضادة على الرغم من صدور الحكم في البداية لصالح المتضرر، وهو ما يدفع به إلى البحث عن وسائل غير قانونية للحصول على التعويض من قبل شركات التأمين. - ما هي طبيعة هذه الوسائل غير القانونية التي يمكن أن يلتجئ إليها الضحية المتضرر في القضايا المرتبطة بحوادث الشغل والأمراض المهنية في حالة اكتشافه أن الشركة تحاول التملص من واجباتها تجاهه؟ حينما يكتشف المتضرر أن شركات التأمين تحاول التملص من واجباتها، يلتجئ إلى البحث عن الشواهد الطبية المزورة، والتي على أساسها يمكن أن يضمن تعويضا لصالحه في الدعاوى القضائية المرفوعة، وهذه الشهادات التي تتوفر على معطيات غير صحيحة يبقى الاستعانة بها هاجس العديد من الضحايا. - في حالة الكشف عن الشواهد الوهمية، هل يصبح المتضرر متهما أمام القضاء وتتحول الشركة إلى ضحية في نهاية المطاف؟ طبيعي أن تتابع العدالة الشخص المتضرر في حالة اكتشاف تزوير الشواهد الطبية، حيث يتحول صاحب الشركة إلى متضرر من القضية في النهاية، وتتم إدانة المستخدم بالحبس النافذ وبغرامات مالية لفائدة المدعى عليه. - هل يمكن أن نتحدث عن صدور أحكام لا تطابق حجم الضرر الذي يتعرض له الشخص المتضرر في حوادث الشغل والأمراض المهنية ببلادنا؟ حينما يتعرض الضحية لفقدان عضو مهم من جسده ويتسبب له في عاهة مستديمة أو يلزمه الفراش وربما الوفاة بعد تطور تداعيات الحادثة، يكون التعويض في غالب الأحيان هزيلا في النهاية، وربما العدالة تصدر الحكم انطلاقا من الأدلة والحجج التي تتضمن ملفات كل من الشركة والشخص المتضرر. - ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها في حالة تملص الشركات من تنفيذ التعويض بعد صدور الحكم لصالح الضحية؟ الإجراءات تتطلب في هذا الاتجاه، الحجز على حساب شركات التأمين، وسلوك المساطر القانونية الجاري بها العمل، لأن الشركات، كما قلت، تلتجئ إلى التفاوض مع الضحية حول الصلح وهو ما يفقد معه المتضرر العديد من حقوقه، أو ربما يكون في حاجة إلى هذا التعويض لمتابعة العلاج ويقبل بالشروط التي تمليها شركات التأمين. - ما هي أشكال التملص الأخرى التي يمكن أن يصطدم بها الضحية المتضرر في حالة رفعه دعوى قضائية في الموضوع؟ في كثير من الحالات يلتجئ المشغل في حالة عدم تصريحه بالمستخدمين إلى حيل ماكرة، تتجسد في إنكار اشتغال المتضرر لديه في الشركة، ويبحث عن شهود في الموضوع ولو كلفه ذلك الإدلاء ببيانات كاذبة للسلطات القضائية والأمنية، وهو ما يدفع بالضحية هو الآخر إلى البحث عن شهود لصالحه أو حجج أخرى قصد إثبات عمله لدى المشغل. - ما هي الإجراءات التي تقترحونها للحد من تملص أرباب الشركات من مسؤولياتهم في ملفات حوادث الشغل والأمراض المهنية؟ التشريع يجب أن يتجاوب مع متطلبات المرحلة الراهنة، وإعادة مراجعة العديد من القوانين التي تنظم علاقة العامل بالمشغل، والتي قد تضمن تعويضا ماليا في المستوى لفائدة الضحية يتلاءم مع الأضرار التي يعرض لها داخل المقاولة، لأن الكثير من الحالات ترمي بالمستخدم في الفراش أو تحوله إلى عاطل عن العمل بعد حدوث عاهات مستديمة، وتتداعى هذه المشاكل ربما وتصل إلى حدوث وفاة المتضرر. - هل يجب أن يكون هناك اجتهاد قضائي في بعض الحالات الخطيرة، قصد حصول الضحية على تعويض مالي في المستوى يناسب حجم الضرر الذي يلحقه من جراء الحادثة أو المرض؟ الاجتهاد القضائي يبقى مرتبطا بالقاضي وجرأته في القضية المعروضة أمامه داخل المحكمة، لأن حوادث الشغل والأمراض المهنية تختلف درجة خطورتها، وهو ما يجعل الاستعانة بالاجتهاد القضائي أمرا حتميا قبل صدور الحكم، لأن فقدان المتضرر لأعضاء مهمة من جسده يستدعي تأملا أكثر في المشاكل التي قد تواجهه في المستقبل، كما يجب أن يتم التعامل بحزم مع الشركات التي تنهج طرقا غير قانونية قصد تفادي الالتزام بواجباتها تجاه الضحايا المتضررين، قصد الاستفادة من حقوقهم بالاعتماد على الأدلة في هذه الحوادث. سعيد بشيري، محام بهيئة الرباط