من خلال قراءة بسيطة وسطحية لمضامين البرامج التنموية التي تمت صياغتها وتنفيذها خلال العقدين الأخيرين، سواء بصفة منفردة أو في إطار شراكات متعددة الأطراف، تتضح الأهمية التي منحت لثلاثة محاور للتدخل، وهي: السياسة الترابية - التشغيل - التنمية المستدامة. وهي مجالات تجسد إجماع المتدخلين وباقي الفرقاء حول الطموح المشترك والمتمثل في التنمية الترابية وتحسين مستوى عيش الساكنة. فإذا كانت سياسة التعاقد تتبنى برامج وأهداف تختلف وتتباين حسب طبيعة مجال التدخل: حضري أو قروي، مركزي أو ضاحوي، ساحلي أو صحراوي، سهلي أو جبلي، غابوي أو واحي، مما يؤكد تغليب المقاربة الترابية المعتمدة عند إعداد المشاريع الملموسة؛ فعقد البرامج أو التخطيط التي سوف تبرم في إطار ما يطلق عليه بالجهوية الموسعة، والتي ستدشن لإطار تعاقدي من الجيل الجديد، ستمكن من الاستجابة بامتياز لتحدي تنوع مجال التدخل، ولكن في إطار العقدة الواحدة التي تجمع بين الدولة والجهة ذات الاختصاص الموسع، والتي ستتيح فرصة التكيف في نفس الآن مع طبيعة الأوساط المجالية المتنوعة والأنشطة المختلفة المزاولة بداخلها، كالتعاقد مع المراكز والتجمعات العمرانية وشبكات المدن، والتعاقد بخصوص المناطق الجبلية والواحات والمراعي والأحواض المائية والمناطق الساحلية. وستتيح هذه المنهجية الطموحة والبراغماتية لكل مجال ترابي، من بلورة مشروعه التنموي الخاص به، ولكن في إطار المشروع الشمولي المندمج للجهة، الذي غالبا ما يطمح إلى الاستجابة إلى ثلاثة انشغالات أساسية تفرض نفسها في جميع الحالات التعاقدية، وهي: _ انسجام المشاريع على المستوى الجهوي، _ اندماج المجالات المعزولة أو التي توجد في وضعية صعبة، _ التوطين الترابي للسياسات القطاعية. ولتمكين الاقتصاد الجهوي بجميع مكوناته من الانتعاش والتطور، رغبة في توفير فرص الشغل الكافية والعمل على المحافظة عليها، غالبا ما يتم التركيز على تكنولوجيا الإعلام والتواصل في ميدان المقاولات وخاصة الصغيرة منها، لضمان قدرتها على المنافسة والاستمرار، ولتشجيع الإنتاج من أجل التصدير ومبادرات الإبداع والابتكار، وكذا دعم المؤسسات الإنتاجية والخدماتية في وضعية صعبة. وبخصوص المبادرات المعتمدة لتحقيق التنمية المستدامة للتراب، فهي تصاغ غالبا في اتجاهين أساسيين: - تثمين الثقافة والتراث والموارد الطبيعية، ووضع سياسة استباقية لمرفق النقل ولميكانزمات التحكم العقاري للمدن وضواحيها. - العناية بالرهانات البيئية والايكولوجية للجهة، من قبيل تدبير المياه والمخاطر الطبيعية والتكنولوجية، والمحافظة على جودة الأوساط الطبيعية، من جبال وغابات ومراعي وواحات وسواحل ومناطق رطبة ومنتزهات...، أولا : المشروع الترابي الجهوي وهاجس التضامن المجالي، لوضع سياسة ترابية قوية ومنسجمة ومتوازنة وتنافسية، تكون كل من الدولة والجهة ملزمة بوضع برنامج عمل توجهه ثلاثة انشغالات أساسية: - تنمية وتهيئة المجال من خلال مشاريع التنمية المستدامة، - وضع هاجس التشغيل في قلب المشاريع الترابية، - هيكلة التراب الجهوي في إطار الاستجابة لانشغالات كل من الساكنة والفاعلين العموميين والخواص، بغية إعداد فضاءات قابلة للعيش. ومن المفروض أن تعكس المشاريع الترابية المصاغة، الإستراتيجية العمومية للتنمية بارتباط تام مع تراتبية بعدها المجالي وما سيتبعها من متطلبات التوطين الترابي للسياسة التنموية للدولة والجهة. ونسوق في هذا الصدد بعض الأمثلة موزعة حسب المستويات المجالية التالية: - المراكز، كتحقيق التنمية الاقتصادية المحلية ، التضامن، خدمات القرب، التهيئة المستدامة للتراب، - التكتلات العمرانية وشبكات المدن، كتحقيق التنمية الاقتصادية في بعدها الجهوي والوطني، التنمية الحضرية المتوازنة والمتحكمة في المجال، تثمين النسيج الحضري المتواجد ومحاربة التفاوت الحضري، جودة الإطار الحضري البيئي وخدمات المرافق الحضرية. ولعل الهدف المتوخى من اعتماد هذه المقاربة الترابية المبنية على التراتبية المجالية، هو تشجيع الجماعات الترابية، كل حسب اختصاصاتها، على تنظيم نفسها في إطار ترابي ملائم لفرز واحتضان المشروع التنموي المناسب والمستدام. ومن جهة أخرى، تساعد هذه المقاربة على إحلال المشروع التنموي المصاغ والمتوافق عليه جهويا من طرف جميع الفرقاء والمتدخلين، محل المبادرات العمومية العمودية والمنغلقة. وهو توجه ذكي، يمكن من القطع مع مقاربة « الشباك» لتمويل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتكريس مقاربة المشروع الجاهز والمندمج. ولتحقيق ما سلف ذكره، لابد من اعتماد إجراءات تنظيمية ممهدة، من قبيل وضع شراكات محلية قادرة على وضع تشخيص ترابي مشترك، يساعد على صياغة مشروع مندمج يتبناه الفاعلون، ويضع في صلبه هاجس التشغيل، ويعبر بشكل واضح عن توجه متماسك وترابي للفعل العمومي؛ تم بلورة مشروع ترابي في حدود مجال معين، قد لا تكون له علاقة بالتقطيع الإداري الرسمي الجاري به العمل، وذلك حتى يتمكن من الاستجابة لتحديات أربع أساسية: - تحسين التدبير الجهوي للشغل من خلال تفعيل آليات ملاءمة الموارد البشرية مع المؤهلات الاقتصادية، في إطار منظور توقعي مستمر، - دعم إمكانيات اندماج الأشخاص في وضعية صعبة، - إحداث وتنمية المقاولات المنتجة، وخاصة الصغيرة منها، ودعم قدرتها على التكيف مع المستجدات وتمكينها من الانفتاح على مختبرات البحث العلمي، - الحرص على تقديم أنشطة وخدمات جديدة تستجيب للحاجيات الجماعية والفردية الملحة وغير المشبعة، أو المقدمة بجودة غير مناسبة. ثانيا : المشروع الترابي الحضري وسياسة المدينة، تستهدف سياسة المدينة كل المدن والتكتلات العمرانية وكذا شبكات المدن التي تعرف صعوبات واختلالات حضرية واجتماعية، وذلك في احترام تام لمبدأ التضامن الترابي الذي يضمن التماسك الاجتماعي والانسجام الحضري. ويقتضي التحدي الديمقراطي وضع العنصر البشري في قلب سياسة المدينة. كما أن ربح رهان التشغيل والتنمية الاقتصادية سيضمن إلى حد كبير اندماج الساكنة بالمدن التي تقيم فيها. وحتى ينسجم ويندمج المشروع الترابي الحضري في بعده الترابي الجهوي، من الضروري أن تستجيب مضامينه للمتطلبات التالية: - محاربة التفاوت الحضري، حيث أن إعادة التأهيل الحضري يجب أن تشمل جميع الأحياء في وضعية صعبة، وخصوصا السكن الاجتماعي والفضاءات المشتركة والأنسجة القديمة، على أن يرافق هذا التدخل إجراءات التدبير الحضري للقرب، كصيانة المساكن والملكيات المشتركة وتدبير الكراء والولوج إلى الخدمات العمومية للقرب، - ضمان التماسك الاجتماعي ومحاربة الإقصاء، ويمر ذلك عبر وضع برنامج يستهدف على وجه الخصوص الفئات الهشة، لتيسير ولوجها للخدمات التي تقدمها قطاعات التربية والصحة والثقافة والرياضة، كالمواكبة المدرسية ومحاربة الأمية وتأسيس النوادي وجمعيات الأحياء لاستغلال التجهيزات الرياضية، ودعم الممارسات الثقافية على مستوى الحي والمدينة، وتيسير وتقريب الولوج لمرفق العلاج والوقاية الصحية. - الولوج إلى التشغيل من خلال التكوين والتنمية، وهذا يتطلب تنسيقا دقيقا بين السياسات العمومية وتعبئة قوية للجهات المعنية بالتشغيل. - إدماج الساكنة المهمشة، من خلال دعم الاستثمارات المحلية وتشجيع المقاولات المشغلة، وخاصة الصغيرة جدا، وتفعيل التكوين المهني المناسب للأشخاص في وضعية صعبة ودعم المبادرات الفردية ومحاربة التمييز في الحصول على فرص الشغل. - الوقاية من الانحراف وضمان السكينة العامة والأمن وحفظ الحقوق، فبالإضافة إلى السياسات العامة المعتمدة في هذا الإطار، من المستحب إبرام عقود محلية للأمن لغاية تدقيق الانسجام والتنسيق في التدابير المتخذة من طرف المتدخلين في هذا المجال. - تيسير الولوج إلى الخدمات العمومية وضمان المساواة والجودة في الحصول عليها، وخاصة على مستوى الأحياء الهشة، - بناء فضاء ديمقراطي بمعية الساكنة، حيث أن مشاركة المجتمع المدني يعتبر شرطا أساسيا لتنفيذ ونجاح سياسة المدينة. من هنا كانت ضرورة دعم الأنشطة الجمعوية بتكوين المواطن على التواصل والمشاركة في إعداد المشاريع التنموية، وذلك من خلال تخصيص دعم مادي خاص بالجمعيات ضمن عقدة المدينة. ونظرا للمشاكل الحضرية المتعددة التي أصبحت تعاني منها المدن، وخاصة الكبرى منها، كتمركز الساكنة بالنسيج الحضري المتواجد على الشريط الساحلي الأطلسي وارتفاع النمو الديموغرافي للمجالات المحيطة بالحواضر وتوسع التمدن على حساب المجالات القروية والطبيعية للجهة وارتفاع الضغط على العقار وتصاعد ظاهرة المضاربات العقارية، كل هذه الأسباب أجهزت على الوظائف التقليدية التي كانت تضطلع بها مراكز المدن، وساهمت بشكل كبير في تدهور إطار عيش الساكنة، وعمقت من إشكالية ندرة العقار المخصص للتعمير، مما أنهك القدرة على إنتاج السكن الاجتماعي وتوفير التجهيزات العمومية، وصعب من إمكانية الاستقرار بالمراكز الحضرية، وشجع بالمقابل على الهجرة العكسية اتجاه المراكز الضاحوية من أجل الإقامة، نظرا للإمكانيات العقارية الميسرة التي تتيحها. وأمام هذه المعيقات العقارية التي من شأنها أن تجهز على كل سياسة لتدبير ومعالجة الأزمة الحضرية والاجتماعية للمدن، كان من الضروري أن تعنى سياسة المدينة، في إطار تشاركي يجمع بين الدولة والجماعات الترابية والفعاليات ذات الاختصاص، بوضع سياسة عقارية هدفها الأساسي التحكم في الوعاء العقاري، وخاصة بالأوساط الحضرية الحساسة، لغاية الرفع من منتوج السكن الاجتماعي والمساعدة على تهيئة وتجهيز التراب لاستقبال الأنشطة، وعقلنة استعمال العقار وتحسين إطار العيش، وكذا اتخاذ الإجراءات المناسبة للإبقاء على الأراضي الفلاحية الخصبة والحفاظ على المواقع الطبيعية الإستراتيجية بالمجالات الضاحوية. وحتى تحقق سياسة المدينة الأهداف المتوخاة، لابد من التوافق بين الدولة والجماعات الترابية على إحداث جهاز مناسب لتنفيذ هذه السياسة العقارية، حيث من المستحب أن يتم التنصيص عليها قانونا ( مدونة التعمير، الميثاق الجماعي، القانون التنظيمي للجهة ) أو الإشارة إليها رسميا كآلية من الآليات المعتمد عليها في التخطيط الترابي (التصميم الجهوي لإعداد التراب، المخططات المحلية والجهوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية )، ويعهد إليها بالمهام الثلاث التالية: - إحداث مرصد جهوي للعقار باعتماد آلية النظام المعلوماتي الجغرافي، للمساعدة على القيام بدراسات وتدخلات على المستوى العقاري، - إنجاز دراسات لتحديد حاجيات واستراتيجيات الحواضر والتكتلات العمرانية من العقار، كانجاز مخططات استرتيجية للعقار ووضع سياسة عقارية بالمجالات ذات القيمة العالية وتحديد العمليات العقارية ذات الأولوية مع تدقيق تركيبة التمويل ونوعية التدخل، - السهر على إبرام اتفاقيات إطار مع الجماعات الترابية المعنية والجهات الأخرى التي تملك أرصدة عقارية، من أجل ضمان ملاءمة التدخلات أو العمليات العقارية مع الاستراتيجيات المحلية أو الجهوية أو الوطنية للتعبئة والتدبير المعقلن للعقار ( بيع، اقتناء، تقنين عمليات التجهيز والبناء والاستغلال...). وبعد ضبط الملف العقاري، تأتي مرحلة الدراسات المرتبطة بعمليات التهيئة الحضرية والتكثيف الكمي والنوعي للعرض السكني، والتي يؤطرها توجهين أساسيين: مبدأ المساواة الحضرية والتمازج الاجتماعي. وتقوم كل من الدولة والجماعات الترابية وباقي الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين والبيئيين، بإعداد دراسات تشخيص لتحديد طبيعة ونوعية التدخلات الإستراتيجية وذات الأولوية، للتهيئة وإعادة الهيكلة والتجديد، وبتحديد مساهماتهم التمويلية لإنجاز العمليات المذكورة، والتي غالبا ما تسعى إلى تحقيق الغايات التالية: - تحسين الوظائف المركزية للمدينة والتأسيس لعلاقة متوازنة بين الحاضرة والمجالات القروية المتاخمة. - التوفق في إدماج مشاريع التأهيل والتنمية بمفهومها الواسع، ضمن المشروع الترابي الحضري الشمولي والمندمج، - تحسين إنسيابية الحركة والتنقل بداخل المدينة، مع تشجيع تجهيزات ووسائل النقل الإيكولوجية، - العناية بتحسين إطار العيش الحضري وتيسير الولوج لخدمات القرب بالنسبة للساكنة و المقاولة على حد سواء، وتفعيل التنشيط الاجتماعي. ثالثا المشروع الترابي ومقومات التماسك الاجتماعي القوي، تقدم جهات المغرب من الناحية الاجتماعية، وضعيات متناقضة وحالات هشاشة متباينة ومختلفة، تتمثل في تعدد مؤشرات الفقر ونسبة البطالة، وخاصة لدى النساء، وفي نسب التمدرس والأمية والتغطية الصحية، وكذا في توقع نزوع الهرم العمري للساكنة اليافعة نحو الشيخوخة بعد العقدين المقبلين. وواقع الحال هذا، يجعل فئة معينة من الساكنة، مافتئت قاعدتها الديموغرافية تتسع، تخضع للضغط المتزايد للهشاشة والتهميش. وقد نص دستور المملكة لسنة 2011 في ديباجته على ضرورة إرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم. وحث في نفس الإطار، الدولة والجماعات الترابية وتنظيمات المجتمع المدني على حد سواء، بتكثيف الجهود لاتخاذ التدابير اللازمة لمحاربة الإقصاء والتهميش، وتيسير الولوج للجميع وبدون تمييز لكافة الحقوق الأساسية المتعارف عليها كونيا. فالدولة تسعى إلى تحقيق مبدأ التكافؤ بين الرجال والنساء (ف 19)، وتعمل بمعية الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة، من العلاج والتغطية الصحية والتعليم والتكوين المهني والسكن اللائق والشغل والحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة ومن التنمية المستدامة (ف 31). وتمكن السلطات العمومية الشباب من المشاركة في الحياة التنموية والجمعوية والولوج للخدمات القطاعية من ثقافة ورياضة وفن وعلم وتكنولوجيا وترفيه (ف 33). وتعمل على معالجة الأوضاع الهشة للنساء والأطفال والأشخاص المسنين، وتضمن إعادة تأهيل الأشخاص في وضعية إعاقة وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية وتمتعهم بحقوقهم وحرياتهم ( ف 34 ). كما تسهر الدولة على ضمان الرعاية الخاصة للفئات الاجتماعية الأقل حظا (ف 35).وتسهر في إطار الحكامة الجيدة والتماسك الترابي على ضمان الإنصاف في تغطية التراب الوطني بالمرافق العمومية والاستمرار في أداء الخدمات ( ف 154). وفي نفس السياق، تجد المدينة نفسها، بتنسيق وشراكة مع القطاعات الحكومية المعنية، ملزمة بوضع وتنفيذ برنامج متجانس ومنسجم، هدفه تقوية التماسك الاجتماعي بالحاضرة، يكون مرتكزا بالأساس على مفهوم الاقتصاد الاجتماعي، ويلامس في تقديرنا، استئناسا بما ورد من مقتضيات بالمتن الدستوري المذكور، محاور التدخل الستة التالية: 1 - تحقيق مبدأ المناصفة بضمان المساواة في الفرص بين الرجل والمرأة، الدولة والجماعات الترابية مطالبان بتشجيع وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، من خلال وضع برنامج للتحسيس والتكوين يستهدف على وجه الخصوص: * دعم ولوج الفتيات للشعب العلمية والتقنية، * تيسير ولوج الفتيات إلى الحياة المهنية، وخاصة منهم الحائزات على الشواهد العليا. * تشجيع المبادرات النسوية لخلق المقاولات، * تنويع تخصصات التكوين الموجهة للفتيات، وخاصة التي تهم المجالات المهنية. وتروم هذه التدابير بصفة عامة، دعم المساواة بين الجنسين، من خلال التكوين والتأهيل، من أجل ولوج مختلف المهن والمناصب بجميع المقاولات وبإدارات الدولة والجماعات الترابية. 2 - إدماج الساكنة في وضعية صعبة، كما يطلب من الدولة والمجالس المنتخبة محليا وجهويا، وكذا من المؤسسات العمومية، توفير الإمكانات اللازمة والخبرة المطلوبة لتهيئة وتأطير وتعميم فضاءات خاصة بالشباب في وضعية صعبة، مهمتها توفير خدمات الاستقبال والتوجيه والمواكبة من طرف خبراء في مجال الاندماج الاجتماعي والمهني، والعمل على تنظيم هذه الفضاءات على شكل شبكات تعتمد التقنيات الجديدة للإعلام والتواصل. وبالنسبة للأشخاص الذين يتعذر عليهم ولوج سوق الشغل لاعتبارات اقتصادية واجتماعية، أو جغرافية تجعلهم بعيدين عن أحواض التشغيل، فالسلطات الحكومية والترابية مطالبة ببذل المزيد من المجهودات لتغطية المجال الترابي، وخاصة بالعالم القروي والمناطق الحضرية الهشة، بالهياكل والمؤسسات المتخصصة في المجال، مع إعداد مخططات محلية لتوضيح مسار الاندماج في الحياة العملية، في إطار شراكة بين الفاعلين الاقتصاديين والمسؤولين المحليين، ودراسة إمكانية صرف إعانة خاصة للأشخاص المعوزين، تيسر عليهم تحمل نفقات التنقل والإيواء لولوج التكوين المهني والشغل. وكذلك العمل على تقوية دور الأجهزة المتخصصة في تيسير الإدماج في سوق الشغل، من خلال تكوين بنك لفرص العمل التي تتيحها المقاولات الإنتاجية قطاعيا وحسب المناطق. وبالنسبة للفئات الاجتماعية التي تعاني من الأمية والإعاقة، فهي تستدعي عناية خاصة من قبيل توسيع الطاقة الإيوائية للمراكز المختصة باستقبالها، وعقد شراكات مع المؤسسات التي تقدم المساعدة الاجتماعية، لغاية تمكينهم من التكوين المهني المناسب، لتجاوز إعاقتهم وإدماجهم اقتصاديا واجتماعيا. 3 - إحداث ودعم أنشطة وخدمات جديدة تأخذ بعين الاعتبار متطلبات التنمية المستدامة، ويتم ذلك غبر مساندة دراسات الجدوى والمبادرات التجريبية والتقييم للمشاريع المنتجة لفرص الشغل في قطاعات البيئة، كالمشاريع المحافظة على جودة المحيط البيئي (الحدائق والبستنة وباقي الأنشطة المرتبطة بإعداد وصيانة المجالات الخضراء والأوساط الطبيعية)؛ والطاقة، كالأعمال المرتبطة بإجراءات الاقتصاد في استعمال الطاقة؛ والنقل الجماعي، كالخدمات المحسنة لظروف الاستقبال والسلامة؛ والفلاحة، كإنعاش الصناعات الغذائية التي تحرص على احترام معايير متشددة بخصوص الجودة والمذاق وحفظ الصحة؛ والسكن والحياة الحضرية، كأشغال رد الاعتبار للبنايات القديمة. 4 - تقوية الخدمات والتجهيزات المرتبطة بقطاعي الشباب والرياضة، ويتحقق ذلك من خلال التدابير التالية: - إحداث وتجديد وتأطير مراكز الاصطياف المخصصة للشباب مع دعم الجمعيات والنوادي العاملة في هذا الحقل، من أجل إنعاش السياحة الاجتماعية وتوفير التربية الجيدة، وكذلك لتنشيط الرواج الاقتصادي وتوفير فرص الشغل بالجماعات الترابية المجاورة للمراكز المذكورة، - تقوية المبادرات التي تستهدف الشباب كإحداث وتعميم شبكات التواصل لمدهم بالمعلومات المتعلقة بالتشغيل الموسمي والوقاية الصحية والحياة اليومية والتكوين، وتقديم الدعم المالي لجمعيات أوراش الشباب المتطوع لإنجاز مشاريعهم ولتحسين ظروف إيوائهم، - تكثيف التعارف وتبادل التجارب والخبرات بخصوص الأمور التي تهم الشباب والرياضيين والنساء من خلال تنظيم تداريب وندوات تكوين على المستوى المحلي والجهوي والوطني والدولي، - إحداث ونشر بنيات الطب الرياضي لتيسير ولوج أكبر عدد ممكن من الشباب للرياضة وللمواكبة الصحية للرياضيين، - دعم تكوين الرياضيين من مستوى عال لضمان إدماجهم في الحياة العملية كإحداث مقاولات أو مزاولة أنشطة تجارية أو خدماتية مرتبطة بمجال الرياضة، - إحداث مرصد لمهن التنشيط والرياضة كأداة للتحليل والتتبع وتقديم المقترحات لمسايرة التطورات التي تعرفها المهن الرياضية وعالم التنشيط. 5 - الحق في الصحة للجميع، كإحداث جهاز لليقظة والوقاية من المخاطر المهنية بالمقاولات لتحسين الوقاية من المخاطر المهنية وتشجيع التشخيص المبكر للأمراض. وكذلك وضع برامج جهوية للخدمات الصحية تهتم أولا بمحاربة داء السيدا والأمراض المعدية والتطبيب الخاص بالأطفال والشباب، وبخدمات الوقاية والعلاج المقدمة للسكان المعوزين، وخاصة بالجهات المهمشة والمعزولة، مع الاهتمام بعنصر التحسيس والتربية الصحية، وكذا المواكبة النفسية للمصابين بالأمراض الخطيرة والمدمنين على الكحول والمخدرات والأمهات العازبات والنساء المعنفات. تم العمل على أنسنة المؤسسات الخيرية بتحسين ظروف الإقامة والعيش وتوفير خدمات التطبيب بها، مع تشجيع بقاء الأشخاص المسنين الذين لا معيل لهم بدور إقامتهم، وتكوين وتكليف خادمات للعناية بهذه الفئة من الساكنة. وأخيرا، وضع آلية للمراقبة الاجتماعية بالجهة، هدفها رصد مظاهر الهشاشة والإقصاء الاجتماعي،وتيسير تكيف السياسات العمومية المختصة حسب تطور الأوضاع وتقييم آثار تدخلها. 6 - ضمان الولوج للعدالة للجميع ومكافحة الانحراف، ويمكن للدولة والجهة تنظيم شراكات بهذا الخصوص لاتخاذ تدابير من قبيل: - تقريب العدالة من المتقاضين في وضعية صعبة وتغليب التسويات الحبية للنزاعات، - تحقيق التوازن في المبادرات التي تستهدف كل من الضحايا لرد اعتبارهم والمنحرفين من أجل إعادة إدماجهم. وسيمكن هذا التوازن من تسوية النزاعات وتقليل الإحساس بانعدام الأمن وتحقيق التضامن المستدام، - تأسيس وساطات بين المتنازعين أو المقترفين لمخالفات، إما بطلب من المعنيين بالأمر في حالة الوساطات المدنية أو بطلب من السلطات القضائية في حالة الوساطات الجنائية، وذلك لتقريب وجهات النظر وتلافي العداوات وتحقيق مبدأ لا غالب ولا مغلوب، - تنظيم العمل التربوي والتوجيهي والتكويني على شكل شبكات بالأحياء لفائدة الشباب القاصرين المتورطين في أعمال الشغب والعنف الحضري، والملاحظ أن ساكنة المؤسسات السجنية والإصلاحية قد ارتفعت مؤخرا بسبب تطور الهشاشة والممارسات غير القانونية. وهذا الواقع أصبح يسائل المتخصصين في المجال لتفعيل التدابير اللازمة لتلافي ظاهرة العود، من قبيل مشاريع الإدماج والتكوين الموجه للمعتقلين، وكذا لتقديم المساعدات لعائلات السجناء من أجل الحفاظ على تماسك الروابط الأسرية، وخاصة بالنسبة للأطفال.