الخلاصات والتوصيات في وثيقة مشتركة تم نشرها في يوليوز 2013، رسم المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان ومكتب المنظمة الدولية للهجرات بالمغرب صورة (1)، لازالت تحتفظ براهينتها، حول واقع الهجرة، التي أضحت تشكل اليوم، في جميع دول العالم تقريبا، موضوع انشغال ونقاش مستمرين، بل ومصدرا لكثير من الجدل، يساءل السلطات العمومية والمجتمع المدني والباحثين والآليات الدولية لحقوق الإنسان، خاصة أن عدد المهاجرين عبر العالم وصل، إلى حدود 2012، إلى 240 مليون مهاجر ومهاجرة (بالإضافة إلى 740 مليون مهاجر ومهاجرة داخليا)، ورغم أن تقريرا لبرنامج الأممالمتحدة للتنمية (PNUD) صدر سنة 2009 قد سلط الضوء على الدور المحوري الذي يلعبه التنقل البشري في التنمية البشرية، فإن المقاربات السجالية لا زالت قائمة بل وتتقوى. يتوزع المهاجرون بشكل غير متساو: 97 مليون مهاجر منهم من الجنوب إلى الشمال و74 مليون جنوب جنوب و37 مليون شمال شمال و40 مليون شمال جنوب، و«الباقي يتكون من مهاجرين يتدفقون من دول شرقية إلى دول غربية وآخرون، لكن نادرا، من الغرب إلى الشرق» (الخبيرة الدولية في مجال الهجرة كاترين دي ويندن (De Wenden) 2013). أول ما تشير إليه هذه المعطيات هو عولمة تدفقات الهجرة، التي تعتمل منذ عقدين أو ثلاثة، الشيء الذي ترتب عنه أن عددا متزايدا من البلدان أصبحت تعد اليوم، بغض النظر عن مستوى تنميتها، دول هجرة ودول استقبال وعبور. كما تعبر هذه المعطيات عن ظهور أنظمة هجرة إقليمية وشبه إقليمية معقدة وشبكات عبر وطنية للمهاجرين وشبكات متطورة متخصصة في الاتجار في الأشخاص. يشكل ارتفاع هجرة النساء وتمديد الطرق التي يسلكها المهاجرون وتنوع المسارات الشخصية للمهاجرين واللاجئين وارتفاع مستواهم الاجتماعي والثقافي سمات بارزة أخرى لموجة الهجرة الثانية التي نشهدها اليوم والتي بدأت بوادرها في ثمانينات القرن الماضي. لكن، إذا كانت التنقلات البشرية تشكل في نهاية المطاف عامل إغناء لمجتمعات الهجرة والاستقبال ومحفزا للاقتصاد ومصدرا لتنميتها الثقافية، فإنها تبقى مع ذلك مصدر انشغال وقلق وأداة يتم توظيفهما بشكل متزايد، خلال الاستحقاقات الانتخابية، مما يؤدي إلى بروز إطارات قانونية صارمة، على نحو متزايد، لمراقبة الدخول إلى التراب الوطني وإقامة الأشخاص المستقرين بصفة قانونية. على الصعيد الدولي، ومنذ إطلاق الأممالمتحدة للحوار الرفيع المستوى بشأن الهجرة، تثار إشكالية اعتماد حكامة دولية متجددة للتنقلات البشرية بشكل منتظم. من هذا المنطلق، تشكل المقاربة القائمة على حقوق الإنسان، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، البعد الأساسي والوحيد الذي من شأنه أن يضمن حقوق المهاجرين الأساسية، بغض النظر عن وضعهم الإداري، وبعدا ضروريا لبلورة سياسات في مجال هجرة طويلة المدى تضمن الحقوق وتتيح إمكانية التعايش الديمقراطي والتبادل المثمر بين الثقافات والحضارات. تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكننا فهم التغيرات التي يشهدها المغرب في مجال الهجرة واللجوء، إلا من خلال اعتبار تاريخ المملكة على امتداده من جهة والتحولات المسجلة على مدى العقود الأخيرة على المستوى الدولي في المجال من جهة ثانية. ذلك أن المغرب يعد أرض هجرة بامتياز منذ موجة الهجرة الأولى التي انطلقت مع الحرب العالمية الأولى، و أرض استقبال وتوافد، رغم أن الوعي الجماعي لم يستوعب بعد هذا المعطى التاريخي. لا يمكن للمغرب، كبلد ينتمي إلى القارة الإفريقية، التي تواجه تحديات التنمية وتعيش بانتظام على وقع أزمات سياسية ونزاعات مسلحة، أن يظل بعيدا عن عواقب هذا الوضع المضطرب والمرشح للاستمرار. كما أن المغرب يعاني بما لا يدع مجالا للشك من آثار السياسة الصارمة التي تعتمدها أوروبا لمراقبة حدودها الخارجية. لجميع هذه الأسباب، أصبح المغرب بدوره أرضا للجوء والاستقرار الدائم للمهاجرين، فقد بات يستضيف عددا من المهاجرين النظاميين الذي يقصدون المغرب للعمل وعددا كبيرا نسبيا من الطلبة الأجانب ومهاجرين في وضعية غير نظامية، يبقون في المغرب لسنوات عديدة أحيانا من أجل العبور، بالإضافة إلى طالبي اللجوء واللاجئين. علاوة على هذه التدفقات هناك مجموعات مستقرة منذ وقت طويل (مثل الجزائريين والسوريين ومهاجرين من جنسيات أوروبية مختلفة) بالإضافة إلى تسارع وثيرة التنقلات البشرية كما تشير إلى ذلك، على سبيل المثال، تنقلات النخب المهنية من ذوي المهارات العالية بين أوروبا والمغرب أو الإقامة المطولة للمتقاعدين الأوروبيين، خاصة الفرنسيون منهم. إن كون المغرب أضحى ملتقى لديناميات متنوعة للهجرة، يجعل من المملكة، بشكل تدريجي لكن لا رجعة فيه، بلدا متعدد الأجناس. فاستمرار هجرة المغربيات والمغاربة، بشكل نظامي أو غير نظامي، وبروز تواجد مهاجرين من دول بعيدة (الصين والفليبين و النيبال، كما كشفت عن ذلك بعض التوقيفات التي طالت البعض منهم) يشهد بدون شك على دخول المغرب في خانة الدول المعنية بعولمة التنقلات البشرية. بيد أن هذا الواقع المعقد، الذي يشكل في نفس الوقت تحديا بالنسبة للمغرب وعامل غنى، يختفي وراء الصورة النمطية المختزلة، والمتداولة إعلاميا بشكل واسع، لذلك المهاجر المنحدر من إفريقيا جنوب الصحراء الهائم على وجهه في الطرقات ولا يعيش إلا على إحسان الآخرين أو مجموعات المهاجرين الذي يحاولون بانتظام اختراق سياج سبتة ومليلية. وفي مواجهة هذه الوضعية التاريخية غير المسبوقة، تتدخل السلطات العمومية حسب الحالات، من خلال خطوات متتالية، دون أن تتخذ مبادراتها ، صبغة تصور شامل ومتكيف مع الواقع الجديد. صدر سنة 2003 قانون بشأن «دخول وإقامة الأجانب والهجرة غير المشروعة»، كما تم في سنة 2007 توقيع اتفاق لاحتضان مقر المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب يمنح المفوضية تفويض البت في طلبات اللجوء. بموازاة مع ذلك، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، تم وضع سياسة لمراقبة محاولات العبور بشكل غير قانوني للحدود، مكنت من تحقيق نتائج مهمة كما تبين ذلك الأرقام المرتبطة بإجهاض مثل هذه العمليات والتصريحات التي تعبر عن ارتياح دول أوروبية مختلفة. رافق تشديد مراقبة الحدود حملات منتظمة لمراقبة الهوية وإيقاف المهاجرين في مختلف المراكز الحضرية أو في الغابات المحيطة بسبتة ومليلية، تلتها عمليات ترحيل صوب الحدود الجزائرية أو الموريتانية. لقد خلفت هذه الحملات العديد من حالات انتهاك حقوق المهاجرين في وضعية غير نظامية (توقيف اللاجئين، العنف وسوء المعاملة، الترحيل دون حكم قضائي...)، ينضاف إليها العنف الممارس على هذه الفئة من قبل المنحرفين والمتاجرين في البشر فضلا عن أشكال العنف التي يعاني منها المهاجرون طوال رحلة الهجرة والتي تطالهم أحيانا حتى قبل دخولهم التراب الوطني. وتعلل السلطات هذا الأمر بحقها في ممارسة اختصاصاتها في ما يتصل بإيقاع العقوبة جراء كل دخول إلى البلد أو الإقامة به بشكل غير قانوني، وبمحاربة الاتجار في الأشخاص ومكافحة محاولات عبور الحدود الدولية للبلاد بشكل غير قانوني خاصة بسبتة ومليلية. كما تبرر ذلك بضرورة مواجهة العنف الصادر عن المجموعات التي تنظم تلك المحاولات. إن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ودون المجادلة في مبدأ حق السلطات المغربية في مراقبة دخول الأجانب للبلد والإقامة به وواجبها المتعلق بمكافحة الاتجار في الأشخاص، يعتبر أن السلطات العمومية لا يمكنها في إطار اضطلاعها بهذه المهام عدم مراعاة المقتضيات الدستورية في مجال حقوق الإنسان وحقوق الأجانب وكذا الالتزامات الدولية للمغرب التي تكرسها مصادقته على مجموع الصكوك الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان لاسيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والاتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم والاتفاقية المتعلقة باللاجئين. وقد كان آخر هذه المبادرات، توقيع المغرب والاتحاد الأوروبي وست دول أعضاء في يونيو 2013 لإعلان مشترك يضع أسس الشراكة من أجل الحركية. انطلاقا من هذه العناصر، يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان السلطات العمومية ومجموع الفاعلين الاجتماعيين والبلدان الشريكة للمغرب إلى أخذ الواقع والمستجدات التي يشهدها العالم بعين الاعتبار والعمل بشكل مشترك من أجل بلورة وتنفيذ سياسة عمومية فعلية في مجال الهجرة، ضامنة لحماية الحقوق ومرتكزة على التعاون الدولي وقائمة على إدماج المجتمع المدني. فمن خلال رفع هذا التحدي، يمكن للمغرب أن يشكل نموذجا يحتذى به من لدن العديد من بلدان الجنوب التي تواجه إشكاليات مماثلة. يعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن هذه السياسة يجب أن تنتظم على الأقل حول المكونات الأربع التالية: 1 في ما يتعلق بوضعية اللاجئين وطالبي اللجوء يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان الحكومة المغربية إلى اتخاذ التدابير التالية: الاعتراف الفعلي بصفة لاجئ التي تمنحها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من خلال منح الحاصلين على هذه الصفة بطاقة الإقامة، وذلك في انتظار وضع إطار قانوني ومؤسساتي وطني ينظم اللجوء؛ وضع سياسة لإدماج هؤلاء اللاجئين وأفراد أسرهم في مجال السكن والصحة وتمدرس الأطفال والتكوين والشغل؛ تمكين الحاصلين على صفة لاجئ المتزوجين الذين يصلون بمفردهم للترب الوطني من التقدم بشكل قانوني بطلب الاستفادة من التجمع العائلي؛ ضمان احترام مبدأ عدم الترحيل بوصفه حجر زاوية القانون المتعلق باللاجئين كما تنص على ذلك المادة 33 من اتفاقية جنيف لسنة 1951 وذلك عبر تمكين طالبي اللجوء المحتملين من إمكانية تقديم طلب اللجوء لدى وصولهم للتراب المغربي؛ وضع إطار قانوني ومؤسساتي وطني منظم للجوء، يرتكز من جهة على المبادئ الواردة في تصدير الدستور المغربي لسنة 2011 وينظم من جهة أخرى وضع اللاجئ بالمغرب وشروط ممارسة حق اللجوء المعترف به في الفصل 30 من الدستور؛ العمل، في انتظار وضع الإطار المذكور، على تعزيز الشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومواكبة عملها لاسيما من خلال تيسير وصولها لطالبي اللجوء بمجموع التراب الوطني. يشيد المجلس الوطني لحقوق الإنسان بما أعربت عنه بعض الجهات المانحة الدولية من استعداد للمشاركة ماليا في الجهود اللازمة لإدماج اللاجئين بعد حصولهم على بطاقة الإقامة ويدعو المجلس كلا من الحكومة ومكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالمغرب والمجتمع المدني المغربي إلى بدء المشاورات من الآن من أجل بلورة سياسة لإدماج اللاجئين وتنفيذها. كما يعرب عن استعداده للمساهمة في هذا العمل. 2 في ما يتعلق بالأجانب الموجودين في وضعية إدارية غير قانونية: يعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن الوقت قد حان لكي تباشر الحكومة بشكل رسمي إعداد وتنفيذ عملية للتسوية الاستثنائية لوضعية بعض الفئات من المهاجرين في وضعية إدارية غير نظامية وذلك ارتكازا على معايير تأخذ بعين الاعتبار مدة الإقامة بالمغرب، الحق في العيش في كنف العائلة، شروط الاندماج في المجتمع المغربي، الاتفاقيات المتعلقة بالاستيطان المبرمة بين المملكة المغربية وبلدان صديقة ...إلخ يهيب المجلس بالمنظمات الدولية التابعة لمنظومة الأممالمتحدة والبلدان الشريكة للمغرب خاصة الأوروبية والاتحاد الأوروبي للعمل بشكل فعال على إنجاح هذه العملية من خلال تعبئة الموارد البشرية والمالية الضرورية من أجل إرساء سياسة فعلية لإدماج المهاجرين المستوفين لشروط تسوية الوضعية. واعتبارا للإكراهات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها بلد مثل المغرب، فإن الانخراط القوي والطموح للتعاون الدولي أمر لا محيد عنه في هذا الصدد. ويرى المجلس أن هذا البعد يجب أن يمثل إحدى أوليات الشراكة من أجل حركية الأشخاص التي تم إبرامها مؤخرا. واعتبارا لكون المغرب، على غرار باقي دول العالم، سيستمر في استقبال مجموعات المهاجرين في وضعية غير نظامية ودون مصادرة حق السلطات في مراقبة دخول الأجانب للبلد وإقامتهم به، فإن المجلس يذكر بقوة أن هؤلاء الأجانب مشمولون بمجموع الضمانات الدستورية المناهضة للتمييز وسوء المعاملة والمحاكمات غير العادلة...إلخ وكذا بالحقوق المخولة لهم المنصوص عليها في القانون الدولي خاصة الاتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم والملاحظة العامة رقم 2 للجنة المعنية بإعمال الاتفاقية التي تم اعتمادها مؤخرا. في هذا الإطار، يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان الحكومة المغربية إلى اتخاذ التدابير التالية: ضمان حق المهاجرين الموجودين في وضعية غير نظامية في حالة توقيفهم أو وضعهم رهن الاعتقال الاحتياطي أو تقديمهم للمحاكمة في الولوج الفعلي للعدالة (إمكانية الاستفادة من خدمات المحامين ومترجمين أكفاء والولوج للسلطات القنصلية ومساطر اللجوء والولوج للعلاج... إلخ)؛ تطوير برامج تكوين وتحسيس موجهة لموظفي الإدارات المكلفة بمسألة الهجرة (قوات الأمن، شرطة الحدود، موظفو السجون، القضاة، الأطر الصحية... الخ)؛ إيلاء أهمية خاصة للتكفل المادي والقانوني بالقاصرين الأجانب غير المرفوقين والنساء المهاجرات مع الحرص بشكل خاص على ضمان المواكبة النفسية والصحية لضحايا العنف؛ حظر كل شكل من أشكال العنف الممارس عل المهاجرين في وضعية غير نظامية خلال عمليات التوقيف؛ اتخاذ تدابير كفيلة بزجر المشغلين الذين يستغلون المهاجرين غير النظاميين، وضمان حق هؤلاء المهاجرين في اللجوء عند الاقتضاء إلى مفتشية الشغل دون خوف؛ تسهيل تسجيل الولادات الجديدة وإصدار شهادات الوفاة. وإذ يحيي المجلس الوطني لحقوق الإنسان جهود المجتمع المدني العامل في مجال الدفاع عن حقوق المهاجرين والمهاجرات وطالبي اللجوء، فإنه يعتبر أن إشراكه بشكل فعال والتشاور معه أمر ضروري لمواجهة التحولات التاريخية المذكورة أعلاه. كما يدعو إلى إنشاء أرضية دائمة للتشاور بين السلطات العمومية والمجتمع المدني على المستوى الوطني والدولي بما يسمح بتبادل المعلومات وتعبئة المساعدة الإنسانية والخبرة القانونية الضروريتين ونشر الممارسات الفضلى والمساعدة على العودة الطوعية ... ويبقى إدماج جمعيات المهاجرين والمهاجرات في هذه العملية أمرا أساسيا بالإضافة إلى التسوية القانونية لوضعية بعض الجمعيات العاملة في مجال مساعدة المهاجرين مثل مجموعة مناهضة العنصرية والدفاع ومواكبة الأجانب والمهاجرين (GADEM). 3 فيما يتعلق بمكافحة الاتجار في الأشخاص يدعوا المجلس الوطني لحقوق الإنسان الحكومة إلى إدراج مقتضيات في الباب 7 من الجزء الأول من الكتاب الثالث من القانون الجنائي تنص على معاقبة استقطاب أو نقل أو تحويل أو إيواء أو استقبال الأشخاص عن طريق التهديد باستخدام القوة أو استخدامها أو غير ذلك من أشكال القسر عن طريق الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو الشطط في استعمال السلطة أو استغلال حالات الهشاشة، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة على شخص آخر لغرض الاستغلال . في السياق ذاته، يقترح المجلس أن يشمل تعريف الاستغلال، بموجب أحكام هذا الباب، على الأقل، استغلال الغير في الدعارة أو في أشكال أخرى للاستغلال الجنسي، أو الأعمال وخدمات السخرة أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء . يوصي المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتضمين القانون الجنائي مقتضيات تحمي المهاجرين القاصرين على وجه الخصوص، واعتبار ارتكاب جريمة الاتجار بهم أمرا موجبا لإعمال ظروف التشديد. من أجل ضمان الحماية الفعلية لضحايا الاتجار في الأشخاص المفترضين، يقترح المجلس تعديل المادة 82-7 من قانون المسطرة الجنائية بما يضمن حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين في ما يخص الجرائم المرتبطة بالاتجار في الأشخاص . وفي الأخير، ومن أجل تسهيل تنفيذ التوصيات المذكورة أعلاه، يقترح المجلس على الحكومة أن تسترشد بمقتضيات القانون النموذجي لمكافحة الاتجار بالأشخاص الذي أعده مكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة سنة 2009 . لمواكبة الإصلاحات التشريعية المقترحة، يوصي المجلس الحكومة بما يلي : إطلاق بحث وطني حول ظاهرة الاتجار بالأشخاص؛ بلورة خطة عمل وطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص على أساس مقاربة تشاورية؛ وضع برنامج تكوين خاص لتعزيز قدرات المسؤولين على إنفاذ القوانين المرتبطة بمكافحة الاتجار بالأشخاص؛ تعزيز التعاون بين مختلف المصالح المعنية بمكافحة الاتجار بالأشخاص (شرطة مراقبة الحدود، الأمن الوطني، الدرك الملكي، القضاء ....إلخ)؛ تعزيز الشراكة مع المنظمات العاملة في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص وحماية الضحايا. 4 في ما يتعلق بالأجانب في وضعية نظامية يدعو المجلس الحكومة إلى العمل على ما يلي: مراجعة المواد 24 و25 و26 من الظهير الشريف رقم 1-58-376 الصادر في 3 جمادى الأولى 1378 (15 نونبر 1958) بتنظيم حق تأسيس الجمعيات كما وقع تعديله وتتميمه بموجب القانونين رقم 75-00 و07-09 بما يضمن مطابقة الوضع القانوني للجمعيات الأجنبية مع نظيرتها الوطنية؛ مراجعة المادتين 3 و4 من القانون رقم 9-97 بمثابة مدونة الانتخابات كما تم تعديله وتتميمه بموجب القانونين رقم 23-06 و36-08، بما يضمن منح الأجانب المقيمين بالمغرب إمكانية المشاركة في الانتخابات المحلية إما بمقتضى القانون أو تطبيقا لاتفاقيات دولية أو ممارسات المعاملة بالمثل ، وفقا لمقتضيات الفصل 30 (?4) من الدستور؛ مراجعة المادة 416 من القانون رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل بشكل يسمح للعمال المهاجرين بولوج المناصب الإدارية ومناصب التسيير بالنقابات المهنية التي ينضوون تحت لوائها؛ المصادقة على الاتفاقيتين رقم 97 و143 لمنظمة العمل الدولية حول العمال المهاجرين، بالنظر لتأثيرهما الهيكلي على ضمان الحقوق الاجتماعية لهذه الفئة من العمال. وفي نفس السياق، ونظرا لأهمية الضمانات الجديدة المنصوص عليها في الفصل 8 من الدستور المتعلقة بالحريات النقابية، يوصي المجلس بالمصادقة على الاتفاقية رقم 87 حول الحرية النقابية وحماية الحق النقابي . وفي الأخير، يدعو المجلس الحكومة إلى الحرص خلال كل عملية تفاوض بمناسبة إبرام أي اتفاقية اقتصادية ثنائية أو متعددة الأطراف وعلى أساس المعاملة بالمثل، على فتح سوق الشغل مع إدماج مقتضيات ملائمة تحمي الحقوق الاجتماعية للعمال. ومن أجل إنجاح هذا العمل، يعتبر المجلس أن هذه السياسة العمومية الجديدة، التي بات إعمالها مستعجلا والتي يجب أن تشكل قطيعة مع الوضعية والممارسات الحالية، تقتضي إشراكا فعليا لمجموع الفاعلين الاجتماعيين والشركاء الدوليين للمغرب. وفي هذا الصدد يقدم المجلس لهؤلاء الفاعلين التوصيات التالية : بالنسبة للبرلمان: اعتبارا للمكانة المؤسساتية البارزة التي أضفاها الدستور الجديد على المؤسسة البرلمانية من خلال اعتبارها المصدر الوحيد للمصادقة على القوانين، يدعو المجلس البرلمان إلى ما يلي : التفاعل السريع والفعلي مع المشاريع المحالة عليه من لدن الحكومة، وذلك إعمالا للتوصيات الواردة أعلاه؛ الإسراع بالنظر في مقترحات قوانين قدمتها فرق برلمانية بخصوص مناهضة التمييز ومكافحة الاتجار بالأشخاص. بالنسبة لوسائل الاعلام: يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان وسائل الإعلام والصحافيين المغاربة إلى ما يلي: الامتناع عن نشر أي خطاب يحث على عدم التسامح والعنف والحقد وكراهية الأجانب والعنصرية ومعاداة السامية والتمييز إزاء الأجانب؛ اعتماد معالجة صحافية وتحليلات متوازنة لظاهرة الهجرة مع التركيز أيضا على جوانبها الايجابية؛ محاربة الصور النمطية والخطابات السلبية حول الهجرة؛ - المساهمة بشكل فعال في تحسيس الساكنة حول العنصرية وكراهية الأجانب. ويوصي المجلس الصحفيين بشكل خاص بالاسترشاد في إطار ممارستهم لأنشطتهم المهنية بالتوجيهات الواردة في «إعلان المبادئ الأساسية المتعلقة بمساهمة وسائط الإعلام الجماهيري في توطيد السلم والتفاهم الدولي وفي تعزيز حقوق الإنسان ومناهضة العنصرية والفصل العنصري والتحريض على الحرب» و «إعلان المبادئ المتعلقة بالتسامح» المعتمدان على التوالي من لدن منظمة اليونيسكو سنتي 1978 و1995 . وأخيرا، يوصي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مختلف مؤسسات تكوين الصحفيين المهنيين سواء العمومية أو الخصوصية باتخاذ كل التدابير اللازمة الكفيلة بتعزيز وتطوير مواقف وسلوكات لدى الطلبة الصحفيين المكونين، مرتكزة على الاعتراف بالمساواة مع الحرص بشكل خاص وعبر وسائل بيداغوجية ملائمة على مناهضة الأحكام المسبقة والصور النمطية إزاء الأجانب. بالنسبة للمقاولات: يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المقاولات إلى: الامتناع عن تشغيل الأشخاص الموجودين في وضعية غير قانونية والعمل على تسوية وضع المستخدمين الموجودين في نفس الوضعية؛ ضمان المساواة في المعاملة من حيث الأجور والحقوق الاجتماعية؛ تنفيذ برامج خاصة بالتوعية والتكوين حول عدم التمييز خاصة بالنسبة للمقاولات المتعاملة مع الأجانب على غرار البرنامج الذي سيتم تنفيذه لفائدة المضيفات وباقي العاملين في قطاع النقل الجوي بناء على مبادرة من الخطوط الملكية المغربية بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان. بالنسبة للنقابات: يشكل اصطفاف النقابات في جميع بقاع المعمور إلى جانب قضايا المهاجرين قيمة مضافة ليس فقط للدفاع عن حقوقهم، ولكن أيضا كبنيات لتيسير ادماجهم في العمل المدني الديمقراطي. وفي هذا الصدد يشكل بروز مجموعة نقابية للعمال المهاجرين داخل المنظمة الديمقراطية للشغل، مبادرة ممتازة . وفي هذا السياق، يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المنظمات النقابية إلى: أخذ الوضع الهش للعمال المهاجرين بعين الاعتبار وإدماج هذه الإشكالية في عملهم النقابي؛ تنظيم حملات تحسيسية لتشجيع انخراط العمال المهاجرين في النقابات؛ دعم المهاجرين في مساعيهم للبحث عن تسويات عادلة لنزاعات الشغل. (1) أرضية الندوة الإقليمية حول «حكامة الهجرة وحقوق الإنسان» المنظمة بتاريخ 5 يوليوز 2013 بالرباط من لدن المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومكتب المنظمة الدولية للهجرة بالمغرب.