على إثر شكاية سجلتها شركة اتصالات المغرب لدى المصالح الأمنية بمنطقة أمن الحي الحسني، والتي تشتكي فيها هذه الأخيرة من تعرض معداتها للسرقة والتي طالت مجموعة مهمة من الأسلاك الهاتفية، الشيء الذي كبّد هذه الشركة خسائر مادية ملحوظة وتسبب بالتالي في تعطيل عدد من الخدمات المقدمة من طرفها، والمتمثلة في الهاتف الثابت داخل مجموعة من المنازل والشركات، وكذا خدمات الأنترنيت التي تعطلت، فقد تحركت عناصر فرقة الشرطة القضائية بهذه المنطقة الأمنية من أجل فك لغز تلك السرقات والوصول إلى مقترفيها ومعرفة مصيرها. وقد أسفرت مجهودات هذه الفرقة على إيقاف مجموعة من المتورطين في هذه السرقات من خلال عمليتين متفرقتين. وفي هذا الإطار ومن خلال تكاثف الأبحاث عن طريق دراسة للمواقع التي تمت بها السرقات، وإجراء كل المقاربات التي من شأنها إعطاء صورة تقريبية عن طريقة اقترافها والاتجاه المفترض أن تكون قد سلكته تلك المسروقات، تم القيام بمجموعة من الحملات التمشيطية بوشرت على إثرها عمليات مراقبة وترصد وتفتيش داخل كل أسواق المتلاشيات التابعة للمنطقة، والتي تكللت فعلا بالوصول إلى أحد الأشخاص الذي اتضح أنه يعد قبلة يقصدها كل الراغبين في تصريف الأسلاك النحاسية التي تتم سرقتها من داخل تلك الخزائن الموجودة بالشارع العام، والتي تضم أسلاكا هاتفية لشركة اتصالات المغرب وذلك بعد حرقها. ويتعلق الأمر بصاحب محل عشوائي لبيع وشراء المتلاشيات المتواجد على مستوى سوق دالاس للمتلاشيات الذي أجريت عليه عملية تفتيش مكنت من حجز كمية من الأسلاك النحاسية الهاتفية التي كان يخفيها لديه إلى حين ترويجها والتي تزن في مجملها 63 كيلوغراما، بحيث وبعرضها على الممثل القانوني للشركة أكد أنها تبقى فعلا أسلاكا هاتفية تعود ملكيتها لشركة اتصالات المغرب. تم اقتياده إلى مقر الفرقة الأمنية التي فتحت معه تحقيقا معمقا قاد إلى اعترافه بأمر شرائه لتلك المواد من أشخاص كثر تعذر عليه ذكر هوياتهم كلهم، غير أنه ذكر اسم شخص تعامل معه في حدود أربع عمليات بيع كان من بينها ما تم حجزه لديه من أسلاك، وهو ما دفع بالعناصر الأمنية إلى البحث والتحري في شأن هذا الأخير، الذي أفاد في حقه الموقوف أولا أنه قد باعه أسلاكا نحاسية كهربائية وأخرى هاتفية مقابل مبالغ مادية متفاوتة، حيث تم الانتقال رفقته وبدلالة منه إلى أحد الأوراش الكائنة بمنطقة حي المطار بالسيال وهناك تم التوصل إلى الفاعلين الثلاثة الرئيسيين بصفتهم من زودوه بالأسلاك التي ضبطت لديه، وقد اقتيد الكل إلى مقر فرقة الشرطة القضائية بمنطقة أمن الحي الحسني حيث فتح تحقيق مع الموقوفين الثلاثة الأخيرين. ومن خلال البحث معهم فقد أجمعوا جميعا ضمن محاضر قانونية على أنهم يشتغلون بورش واحد، إلا أنهم ونظرا لما يمكنهم أن يجنوه من وراء بيع الأسلاك النحاسية فقد فكروا في سرقة تلك الأسلاك الهاتفية المتواجدة بالمنطقة التي يعملون بها (بحي المطار)، وقد وزعوا الأدوار فيما بينهم على النحو التالي: الأول تكلف بالحفر، والثاني بصفته طوبوغرافيا كان يوجه عملية الحفر، وأما الثالث فقد تكلف بالحراسة، وهكذا فقد تمكنوا من سرقة تلك الأسلاك وتوجهوا بها فيما بعد على متن سيارة لنقل البضائع وبالتالي تصريفها لصاحب محل المتلاشيات المذكور أولا بسوق دلاس. أما بخصوص التدخل الثاني ونظرا لكثرة السرقات التي طالت محتويات البالوعات التحت أرضية من أسلاك هاتفية بمنطقة حي المطار، استمرت عمليات البحث والتحري في شأن مشتبه فيهم محتملين آخرين، إلى أن تم بالفعل الوصول إلى شخصين آخرين. ففي إطار العمل الأمني القاضي بضرورة التصدي إلى هذه الظاهرة بكل الوسائل الأمنية المتاحة، بما فيها القيام بحملات للتوعية والتحسيس استهدفت تجار المتلاشيات بسوق دالاس، تم تكليف مجموعة من العناصر الأمنية بزيارة القطاع وتحسيس التجار بخطورة هذه الأفعال، وبالصدفة فقد تم العثور على كمية مهمة من النحاس تم استخراجها عن طريق الإحراق وذلك عند بائع متلاشيات بنفس السوق. هذا الأخير عند استجوابه عن الكمية التي حجزت منه في الحال، اعترف تلقائيا أنه اعتاد اقتنائها من شخص أدلى بمواصفاته، مما ساعد على إيقافه، فتم إخضاعه بدوره لبحث مدقق مكّن من جمع مجموعة من المعطيات الأخرى حول طبيعة السرقة والطريقة التي نهجها في ذلك، إلى أن اعترف بأمر مشاركه الذي تم التوصل إليه بدوره واستقدامه إلى مقر هذه الفرقة وفتح تحقيق معه هو أيضا، فلم يجد بدا معه من الاعتراف بمشاركته للموقوف الأول. ومن خلال البحث أيضا فقد خلصت التحقيقات مع الموقوفين إلى أنهما قد قاما بأربع عمليات سرقة تمكنا من خلالها جمع كمية مهمة من الأسلاك النحاسية، وإحراقها وبيعها إلى صاحب المحل المذكور أولا مقابل مبالغ مالية متفاوتة تقاسموها فيما بينهما.