مستشار ترامب: الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه "قوي ولا لبس فيه"    لقجع يحث أشبال الأطلس على خوض النهائي أمام مالي بعزيمة وتنافسية    علاش الإمارات عطاوها؟ .. لطيفة رأفت تشعل إنستغرام بتعليق ساخر عن رجاء بلمير    يهم الناظوريين الراغبين في أداء المناسك.. السعودية تشدد إجراءات حج 2025    مسؤول أمريكي: تجديد تأكيد أمريكا دعمها لسيادة المغرب على صحرائه" "قوي" و"لا لبس فيه"    أرباب سيارات الإسعاف ونقل الأموات يطالبون بتنظيم القطاع وتحسين ظروف العمل    ماء العينين تنتقد "تخوين" المغاربة المحتجين على رسو السفن الحاملة للعتاد العسكري الإسرائيلي بموانئ المغرب    هل تعود لغة الحوار بين المغرب والجزائر بوساطة أمريكية؟    المتقاعدون يحتجون بالرباط للمطالبة برفع معاشاتهم مراعاة للغلاء وتدهور الأوضاع المعيشية    ضحايا زلزال الحوز ينتقدون خروقات توزيع الدعم ويحملون الحكومة مسؤولية استمرار معاناتهم    "ميرسك" تنفي نقل السلاح لإسرائيل عبر موانئ مغربية    "البرلمانات الداعمة لفلسطین" تعتزم إنشاء مجموعة للدفاع عن حقوق الفلسطينيين    جبهة: ميناء طنجة يستقبل فجر الإثنين سفينة "ميرسك" المحمّلة بمعدات طائرات "إف 35" المتجهة لإسرائيل    بورصة البيضاء .. أداء أسبوعي على وقع الأخضر    فوزي لقجع يحفّز "أشبال الأطلس" قبل نهائي الحُلم    كأس "الكاف".. نهضة بركان يواصل سعيه نحو ثالث تتويج قاري    إطلاق أول شهادة مغربية في صيانة بطاريات السيارات الكهربائية بشراكة مع رشيد اليزمي    طقس السبت حار بأقصى الجنوب وممطر في باقي المناطق    توقيف مواطن نرويجي مبحوث عنه دوليًا بالدار البيضاء    كيوسك السبت | أشغال إنشاء وإعادة تأهيل الملاعب "الكان" تسير بشكل جيد    حملة مراقبة في إكنيون بسبب السل    لماذا قررت أن أكتب الآن؟    العربية للطيران تدشن خطا جويا جديدا بين الرباط والصويرة    ملف التازي يُطوى في مرحلته الاستئنافية.. البراءة من الاتجار بالبشر والزوجة خارج أسوار السجن    المحكمة تدين المتورطة في الاعتداء على سلمى بتسعة أشهر نافذة    معهد أمريكي يقدم حججًا قوية تدعو واشنطن إلى تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية    المنتخب الإيفواري يظفر بالمركز الثالث بتغلبه على نظيره البوركينابي بركلات الترجيح (4-1)    وداعا للورق.. المغرب يدخل عصر رقمنة وثائق الحالة المدنية    تونس تُصدر أحكاما ثقيلة على معارضين    الإفراج عن 10 آلاف صفحة من سجلات اغتيال روبرت كينيدي عام 1968    اعترافات قضائية خطيرة.. هشام جيراندو "مسخوط الوالدين" وعائلته تتبرأ من جرائمه    هل يفوز برشلونة بدوري أبطال أوروبا؟ .. الذكاء الاصطناعي يجيب    القنصل العام الفرنسي يزور مركز التقاء الشباب بحي القصبة بطنجة ويؤكد استعداده لدعم التعاون الثقافي والاجتماعي    "كان" الفتيان.. كوت ديفوار ثالثا    بالأرقام.. وزير الفلاحة يفند مزاعم "المعارضة" بشأن استنزاف الفلاحة السقوية للثروة المائية    تكريم عمر أمرير بمعرض الكتاب.. رائدٌ صان الآداب الأمازيغيّة المغربية    الشارقة تضيء سماء الرباط: احتفاء ثقافي إماراتي مغربي في معرض الكتاب الدولي 2025    احتفالية "رمز الثقافة العربية ل2025" تكرم الشاعر بنيس والفنان الفخراني    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    عمر مورو: مشاريع البنيات التحتية لكأس إفريقيا 2025 تسير بوتيرة متقدمة بمدن الشمال    وفد رفيع من سفارة رومانيا بالمغرب يزور ENCG طنجة ويوقع بروتوكول تعاون أكاديمي    الأبيض والأسود من تقرير دي ميستورا: إن موعدهم نونبر؟ -3-    الحوامض المغربية تلج السوق اليابانية    خلال 2024.. المركز الجهوي للاستثمار بجهة الشمال وافق على مشاريع استثمارية بقيمة 85 مليار درهم قد تخلق حوالي 70 ألف فرصة شغل    وفاة الفنان المصري سليمان عيد    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    دعم إنتاج الأعمال السينمائية.. الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة برسم الدورة الأولى من 2025    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    الارتفاع العالمي لسعر الذهب ينعكس على محلات المجوهرات في المغرب    أولمبيك خريبكة يوضّح واقعة محاولة انتحار أحد لاعبيه    مهرجان "تيم آرتي" يختار مواهب الراب الشابة في دورة جديدة    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إريك رولو و كواليس الشرق الأوسط
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 29 - 08 - 2013

من سخرية الأقدار أن الملك خالد بن عبد العزيز، العاهل السعودي و حارس الحرمين الشريفين، و ملك المغرب، الحسن الثاني، سبط الرسول و أمير المؤمنين، هما مَن شَجعا السادات على الحوار المباشر مع الإسرائيليين. فالعاهلان معا، يتقاسمان مع بيغن العداء للشيوعية و للاتحاد السوفياتي، و يُشاطران غالبا رأي كارتر. و هكذا، تكفل رئيس المخابرات السعودية، كمال أدهم، بترتيب لقاء سري بين الجنرال دايان، وزير الشؤون الخارجية حينها، و حسن التهامي، نائب الوزير الأول المصري، ذي النزوع الإسلامي و الصديق الشخصي لأنور السادات. و قد فتح اللقاء، الذي انعقد بفاس في 17 سبتمبر 1977، آفاقا غير متوقعة. إذ أكد الوزير الإسرائيلي للمبعوث المصري بأن إعادة سيناء «لا تطرح أي مشكل غير قابل للحل»، و أن «الكل قابل للتفاوض» فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية الأخرى. الشرط الوحيد الذي وضعه الجنرال دايان هو أن يدخل السادات في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل.
فرح الرئيس المصري بهذا الانفتاح غير المأمول و قرر الاتصال بمناحيم بيغن. بقي الموضوع هو أين و متى. اقترح الرئيس كارتر أن يستقبل الرجلين في نيويورك بمناسبة انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة. لكن بسبب من حسه المسرحي الغريزي، اعتبر السادات أن السيناريو لا يَرقى إلى مُستوى الحدث فتقدم باقتراح أكثر بهرجة: يقوم رؤساء القوى العظمى الخمس و هو نفسه بزيارة لإسرائيل و لا يغادرونها إلا بعد إبرام «سلام شامل».
أجابه كارتر بأدب أن الاقتراح غير واقعي. حينها قرر الرئيس المصري التوجه شخصيا إلى القدس، دون أن يكشف نيته لأي شخص، بمن فيهم محيطه القريب، و ذلك حفاظا على طابع الإثارة في الحدث. و هكذا بدأ تطبيق، كما فسر ذلك مُعاونوه فيما بعد، «استراتيجية الصعقة الكهربائية».
و لأنه كان يهتم بالشكل أكثر من اهتمامه بالمضمون، فإن السادات لم يُقَدر الخطر الذي يكتنف مبادرته حق قَدره. كانت حساباته مبنية على التقاليد الثقافية، العربية و البدوية التي لا تتطابق نهائيا مع تقاليد يهود أوربا الشرقية الحاكمين في إسرائيل. فلوَضع حد لنزاع متواصل، من المُتعارف عليه في البوادي المصرية أن يقوم زعيم عشيرة أو قبيلة بزيارة الطرف الخصم كي يمسحا مشاكل الماضي نهائيا، فيتم حل الخلاف فورا و تَتم الاستجابة للمطالب الأساسية للطرفين معا، و يجري عقد زيجات عُرفية كتتويج نهائي للمصالحة. و لأنه لا زال يعتقد أن النزاع العربي-الإسرائيلي ليس في جزئه الأكبر إلا «نفسيا»، فإن السادات كان يظن بسذاجة أن مجيئه إلى القدس، عاصمة الدولة اليهودية، سيُقنع الإسرائيليين بصدق نواياه، و بإمكانية إبرام «سلام شامل» مع باقي المتحاربين، على أساس إعادة الأراضي المحتلة.
كان من حُسن حظي أن أكون متواجدا في إسرائيل، في اليوم الذي أعلن فيه السادات بالبرلمان المصري أنه مستعد «للذهاب إلى آخر الدنيا، بما في ذلك إلى الكنيست» من أجل تسوية النزاع الإسرائيلي-العربي. و رغم ردود الفعل الأولى المشدوهة، إلا أن المراقبين، لاحظوا أن ياسر عرفات، المدعو استثناء من طرف السادات إلى مجلس الشعب المصري، نهض مع النواب من أجل التصفيق طويلا للريس. و يبدو أن زعيم الثورة الفلسطينية قد اعتقد، مثل كثيرين آخرين، بأن الأمر يتعلق بواحدة من مزايدات الخطيب. و في المقابل لم تمنع وسائل الإعلام الإسرائيلية نفسها من شجب «الكذاب المتمرس»، مُعيدة إلى الأذهان ماضيه المُوالي للنازية و المُعادي للسامية. و لأني لم أكن على علم باللقاء السري بين موشي دايان و حسن التهامي، فقد كانت لي شكوكي الخاصة، رغم أني أعرف بأن الرئيس المصري كان بحاجة إلى وضع حد، مهما كان الثمن، للوضع المتفجر في بلده.
و في اليوم الموالي للخطاب، كذب بيغن مُحللي بلده حين استقبل إعلان الرئيس المصري استقبالا حسنا. لكنه أضاف، كي تكون الأمور واضحة، أن إسرائيل لن تعود أبدا إلى حدود ما قبل 1967 و لن تقبل إنشاء دولة فلسطينية. و بعد أن تأكد من نوايا الريس - التي كررها رغم احتجاج و استقالة وزيره في الشؤون الخارجية- وجه له بعد خمسة أيام دعوة رسمية.
و في اليوم التالي ، وجه الرئيس السادات رسالة حارة لدعم مناظرة السلام، التي كنتُ حاضرا فيها، و التي افتُتحت بتل أبيب بحضور 450 شخصية إسرائيلية و أجنبية و من زعماء اليهود الذين جاؤوا من سبعة عشر بلدا. كانت المناظرة منظمة من طرف مجلة «نيو أوتلوك»، تحت إشراف حزب «مابام» اليساري و يرأسها أحد أعضاء مكتبه السياسي «سيمحا فلابان». كانت رسالة السادات، غير المسبوقة، مثيرة، و هكذا تَصَدر مضمونُها الصحفَ كما رحبت بها القنوات و الإذاعات الإسرائيلية. فبعد أن وجه نداء حارا إلى الإخاء بين العرب و اليهود، استشهد الرئيس المصري بمهارة بالعهد القديم كي يقول بأن على «الرجال حَسَني النية أن يستبدلوا السيوف بالمحاريث» ، نهض «سيمحا فلابان»، و هو مناضل من مناضلي التصالح العربي-الإسرائيلي، مُشعا بالفرح، كي يقول تحت تصفيقات المجتمعين، أن «الأحكام المسبقة، و الارتيابات و التخوفات اللامعقولة ستنهار قريبا مثل جدار أريحا». و أصبح السادات بالنسبة لوسائل الإعلام بطلا بدون أي لطخة.
شهدت التدخلات التي جرت في مناظرة «نيو أوتلوك» على مدى قوة معسكر السلام، في تلك الآونة. ف»أمنون روبنشتاين» ، مؤسس الحزب الاجتماعي الدمقراطي «داش»، النائب و الوزير المقبل، لم يعُد يرى أية عوائق أمام تسوية مقبولة من طرف العرب. و المؤرخ الشهير «ساوول فريدلاندر»،المتخصص في «الشواه» (المحرقة) و الحقبة النازية، يفسر بصبر و أناة لماذا ينبغي إيلاء الأسبقية لحل المشكل الفلسطيني. و من جهته دعا «بيير مانديس فرانس»، على غرار آخرين، إلى قيام دولة فلسطينية باعتبارها أمرا ضروريا للشعبين اللذين يتنازعان حول نفس الإقليم. لم يكن معروفا آنذاك بأن الرئيس السابق للمجلس الفرنسي يعمل كوسيط في ترتيب لقاءات سرية بباريس بين مُمثلين عن ياسر عرفات و شخصيات إسرائيلية مناضلة من أجل السلام.
كنت حاضرا في المقصورات الأولى خلال وصول الرئيس المصري إلى مطار بن غوريون، و هو الحدث الذي ترك لدي ذكرى لا تُمحَى. كل ما لدى إسرائيل من زعماء، و على رأسهم رئيس الدولة، متبوعا برئيس الوزراء و أعضاء حكومته، و قادة القوات المسلحة، و رؤساء الحكومات السابقين، و كبار الموظفين و أعضاء السلك الدبلوماسي و الحاخامات الكبار، كانوا مصطفين إلى جانب الطائرة. استقبلوا بوابل من التصفيقات، لدى نزوله، رئيس أقوى دولة في العالم العربي. بعضُهم كانت عيونه تدمع تأثرا. و قد خَلد المصورون تلك العناقات و المصافحات بين مُقتَرفي أربعة حروب دموية. كانت العديد من الأعلام المصرية ترفرف إلى جانب الراية الصهيونية الحاملة لنجمة داوود. و وقف الإسرائيليون و المصريون تحية، لأول مرة منذ ثلاثة عقود، للنشيد الوطني الناصري، الذي عزفته الجوقة العسكرية الإسرائيلية. كانت شوارع تل أبيب، و الطريق الواصلة بين المطار و القدس، فارغة بشكل غريب. لم يكن أي راجل و لا أية سيارة تتحرك، فيما أغلقت المتاجر أبوابها. كان الإسرائيليون من مختلف الفئات يتابعون، من خلال الشاشة الصغيرة، مشهدا سورياليا كما لو أن واحدا من سكان الفضاء ينزل إلى كوكبنا.
لن تبدأ الاحتفالات المُنتشية إلا في الغد و في الأيام الموالية. لم يكن يعرف أي أحد في العالم بأن اللعبة لم تكتمل بعدُ. قام السادات بعمل كل ما يمكن أن يُكسبَه رضا مضيفيه. فقبل أن يتحدث أمام الكنيست، و هو الحدث الأهم في زيارته، توجه ، و الكيبا (الشاشية) على رأسه، إلى «ياد فاشيم»، النصب التذكاري لضحايا الهولوكوست، ثم وضع باقة أزهار أمام نصب الجندي المجهول. و بذلك اعترف ضمنيا بالمأساة، التي كانت أحد أسباب «عودة الشعب اليهودي إلى أرض أجداده»، و بحق الإسرائيليين في الدفاع عن دولتهم بالقوة المسلحة. و لكي ينال رضا العالم الإسلامي أدى الصلاة داخل المسجد الأقصى، حيث عبر له الفلسطينيون الحاضرون عن تعاطفهم، آملين أن يُحقق لهم التحرر من الاحتلال.
كان الوهم الآخر الذي سقط فيه الرئيس المصري ، هو الاعتقاد بأن التنازلات الأُحادية الجانب، في مجال العلاقات الدولية، تكفي لإرضاء الخصم. و الأكثر غرابة هو سوء تقدير السادات لصلابة مناحيم بيغن. هل بإمكان الرجلين المختلفين تمام الاختلاف أن يتفاهما؟ من المحقق أن الرجلين معا مؤمنان و مُطبقان، و هما معا انحازا ضد الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية لصالح دول المحور. و باسم مكافحة الاحتلال لجآ ، معا، إلى الإرهاب، مع تفوق بيغن في عدد العمليات الأكثر دموية ضد المدنيين. و في مقال وقعه لنيويورك تايمز كل من «ألبرت إنشتاين» و «حنا أرندت» ، شبها حزب هذا الأخير بالتشكيلات الفاشية و النازية «سواء من حيث إيديولوجيته أو من حيث تنظيمه و شعبويته». كما أن دافيد بن غوريون شجب بيغن عَلَنا معتبرا إياه «عنصريا هتلريا مستعدا لإبادة كل العرب من أجل الحصول على كل الأرض الموعودة». و قد رفض مؤسس الدولة لعدة سنوات أن يتحدث إلى خصمه السياسي ممتنعا عن ذكر إسمه في جميع خُطَبه. فيما كان بيغن ينعت العماليين ب»البولشفيك».
و من جهتي، و قد تابعت عن كثب المسار السياسي للزعيم الإسرائيلي و التقيته عدة مرات، فقد كان لدي حكم مختلف نوعا ما عن الرجل. فقد تصرف دائما كدمقراطي، على الأقل حُيال مُواطنيه اليهود، محترما دستورَ و قوانينَ بلاده تمام الاحترام. و قد أثرت تجربتان شخصيتان على علاقاتنا. ففي البداية كان يستقبلني بلياقة تامة، مُجيبا على أسئلتي بالمنطق الذي كان منطقه. كان الرجل متوسط القامة، أصلع تقريبا، مع أنف بارزة يضع عليها نظارتين، كان يرتدي دائما بدلة من ثلاث قطع. كنت أراه في مقصف البرلمان يحيي السيدات بتقبيل أيديهن بشكل احتفالي، على طريقة أرستقراطيي بولونيا، مسقط رأسه. لكن تجربة ثانية كشفت لي وجها آخر، وجهَ الوطني المتعصب الذي لا يقبل «الاختلاف»، و الذي نَعَتني - كما أشرت إلى ذلك سابقا- خلال لقاء جماهيري ضم أكثر من مائة ألف شخص، و في خطاب مبثوث مباشرة، بالنازي المؤيد لمعسكرات الموت.
الحلقة المقبلة:
بين السادات و بيغن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.