من خلال كلّ المعطيات السابقة، التي استقيْناها بصورة موضوعيّة من كتب التاريخ والتفسير والسير والأخبار القديمة، والتي يتّفق الجميع على حجّيّتها، يمْكنُ أنْ نُجْملَ كلّ ما سبق فيما يلي: كانت أول امرأة ّ تزوّج بها الرسول قبل النبوّة، هي خديجة بنت خُويلد، وكانت قبله متزوّجة من عتيق بن عابد المخزومي، فولدتْ له ابنة سمّتها هندا، ثم تزوّجها بعد عتيق أبو هالة بن النباش بن زُرارة، فولدت له ابْنا سمّته هندا كذلك، ثم تزوّجها الرّسول، وهو يومئذ بن خمس وعشرين سنة، وخديجة ابنة أربعين سنة. فولدت له القاسم والطاهر، توفّيا قبل النبوة، وولدت له من البنات زينب، التي تزوّجها أبو العاص بن الربيع، وكانت أكبر بنات النبيّ، ثم رقيّة، تزوّجها عتيبة بن أبي لهب، فطلّقها، فتزوجّها عثمان بن عفان بعد النبوّة، ثمّ ولدتْ أمّ كلثوم التي سيتزوّجها عثمان بعد وفاة رقيّة. ثم ولدتْ فاطمة فتزوجّها عليّ بن أبي طالب. وتوفيت خديجة في السنة العاشرة من النبوة قبل الهجرة بثلاث سنوات وهي بنت خمس وستين سنة. ثمّ تزوج الرسول بعدها سوْدة بنت زمعة، وكانت قبله متزوجة بالسكران بن عمرو، وكان قد هاجر بها إلى أرض الحبشة ثم رجع إلى مكة فمات بها، فتزوجها الرسول في شهر رمضان، في السنة العاشرة من النبوة قبل أنْ يقدم المدينة. ثم تزوّج عليْها بعائشة بنت أبي بكر بمكة وهي ابنة ست سنين، في شوال سنة عشر من النبوّة، وبَنَى بها بالمدينة وهي ابنة تسع سنين. وتوفي عنها وهي ابنة ثماني عشرة سنة. ثم تزوّج حفصة بنت عمر بن الخطاب، وكانت قبله متزوجة من خنيس بن حذافة، فتوفي عنها ولم تلد منه، فتزوجها الرسول في شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة، قُبيْل معركة أُحُد بشهرين. ثم تزوّج أمّ سلمة، ابنة أبي أمية بن المغيرة، وكانتْ قبله عند أبي سلمة بن عبد الأسد، ولها منه أربعة أبناء هم: عمر وسلمة وزينب وبرّة. فتوفي أبو سلمة عنها بالمدينة بعد أُحُد. ثم تزوج جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار من بني المصطلق. وكانت قبله متزوجة من ابن عمّ لها يقال له صفوان ذو الشفر بن مالك، فقُتل يوم المريسيع، فكانتْ جوْيرية منْ نصيب الرسول من الفيْء، فأعتقها وتزوّجها في السنة الخامسة من الهجرة. ثم تزوّج زينب ابنة جحش الأسدية، وأمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم. وكانت قبله متزوجة زيد بن حارثة، ابن الرسول بالتبنّي، ولمْ يكن له منها ولد، وتزوجها الرسول الله في السنة الخامسة من الهجرة. ثمّ تزوّج الرسول بزيْنب بنت خزيمة الهلالية، أمّ المساكين، فتوفيت عنده بعد ثمانية اشهر من الزواج، وكانت قبله متزوجة بالطفيل بن الحارث بن المطلب. ثم تزوّج ريْحانة بنت زيد بن عمرو، وكانت قبله متزوّجة من رجل من بني النضير يقال له الحكم، فتوفيّ الحكم. وقدْ ماتتْ ريحانة في حياة الرسول الله حي وكانت غزوة بني قريظة في السنة الخامسة للهجرة. ثم تزوج أمّ حبيبة ابنة أبي سفيان بن حرب في الهدنة وهي بأرض الحبشة بعث إلى النجاشي يزوجه فزوجها إياه وولي يومئذ تزويجها خالد بن سعيد بن العاص وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم عند عبيد الله بن جحش وكان قد أسلم وهاجر إلى أرض الحبشة مع من هاجر من المسلمين ثم ارتد وتنصر فمات هناك على النصرانية. ثم تزوّج صفية بنت حيي بن أخطب، وكانت من ملك يمينه، فأعتقها وتزوجها. وكانتْ قبله متزوّجة منْ سلام بن مشكم، ففارقها فتزوجها كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، فقُتل عنْها يوم خيْبر، ولم تكنْ ولدت لأحد منهم شيئا. وكانتْ سُبيَتْ من القموص، وبنى بها الرسول بالصهباء في السنة السابعة من الهجرة. ثم تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية سنة سبع في ذي القعدة وهي سنة القضية [السنة التي قاضى فيها الرسول قريشا سنة الحديبية]. وكانت قبله عند أبي رهم بن عبد العزّى العامري فتوفي عنها ولم تلد له شيئا. وتزوّج فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابية، فاستعاذت منه ففارقها فكانت تدخل على أزواج النبي صلى الله عليه و سلم فتقول أنا الشقية ويقال إنما فارقها لبياض كان بها وكان تزوجه إياها في ذي القعدة سنة ثمان منصرفه من الجعرانة وتوفيت سنة ستين. وتزوج أسماء بنت النعمان الجونية ولم يدخل بها. وهي التي استعاذت منه وكان تزوجه إياها في شهر ربيع الأول سنة تسع من الهجرة وتوفيت في خلافة عثمان بن عفان عند أهلها بنجد. يقول ابن سعد مستخلصا: «وينكرونَ كلّ من ذكر سوى هؤلاء أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوّج غيرهنّ. ينكرون قتيلة بنت قيس أخت الأشعث بن قيس وينكرون الكنانية وغيرها ممن ذكر أنه تزوجها سوى من سمينا في صدر هذا الحديث وقالوا: «إنما تزوّج رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة امرأة، ستّ منهن قرشيّات لا شكّ فيهن: «خديجة بنت خويلد بن أسد، وعائشة بنت أبي بكر، من بني تميم، وسودة بنت زمعة من بني عامر بن لؤي، وأمّ سلمة بنت أبي أمية من بني مخزوم، وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية من بني أمية، وحفصة بنت عمر بن الخطاب من بني عدي بن كعب»، ومن العرب: زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية، وأسماء بنت النعمان الجونية ولم يدخل بها، وفاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابية، وزينب بنت خزيمة الهلالية أمّ المساكين، وتزوج ريحانة بنت زيد من بني النضير، وكانت مما جاء من نصيبه في الفيء، وتزوج صفية بنت حيي بن أخطب وكانت مما أفاء الله عليه». لذلك، فإنّ: «المجتمع عليه أنّ رسول الله تزوج الأربع عشرة المرأة اللاتي سمّينا في الحديث الأول، ففارق منهنّ الجونية والكلابية، وماتت عنده خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة الهلالية وريحانة بنت زيد النضرية، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسع لا اختلافَ فيهنّ، وهنّ: عائشة بنت أبي بكر الصديق وحفصة بنت عمر بن الخطاب وأمّ سلمة بنت أبي أمية بن عمر بن مخزوم وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب وسودة بنت زمعة وزينب بنت جحش وميمونة بنت الحارث الهلالية وجويرية بنت الحارث المصطلقية وصفية بنت حيي بن أخطب النضرية». انتهى