في هذه الفسحة الصيفية، نستعرض بعض الأسماء لشهداء مغاربة فقدناهم سنوات الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي، في تلك الحقبة المظلمة من تاريخ المغرب، الذي أطلق عليها سنوات الجمر، وسنوات الرصاص، والذي كان فيها المغرب يعيش انزلاقات خطيرة في كل المجالات منها مجال حقوق الانسان. من هؤلاء الشهداء من اختطف بمؤامرة دولية وتم قتله، ومن اختطفته المخابرات المغربية، خارج التراب المغربي وتم تخديره لينقل إلى المغرب في الصندوق الخلفي لسيارة ديبلوماسية مغربية وتم تصفيته. من هؤلاء الشهداء من جرفتهم الاعتقالات التعسفية، وتعاقبوا على الزنازن والأقبية المظلمة إلى أن زهقت أرواحهم، ومنهم من قدموا للمحاكم ظلما وتم إعدامهم ليلة عيد الأضحى، ومنهم من اختطفوا من منازلهم ببدلات نومهم، من طرف زوار الليل، وزج بهم في المعتقلات السرية إلى أن قتلوا، ورمي بهم في الأرصفة. من هؤلاء الشهداء مقاومون نفذوا أروع العمليات الفدائية ضد الإستعمار الغاشم، ومنهم مناضلون شرفاء مورست عليهم شتى أنواع التعذيب والقمع والارهاب والأحكام القاسية والاعدامات، لالشيء سوى أنهم خاضوا معارك نضالية من أجل مغرب يسوده العدل والحرية والمساواة والديموقراطية، ومن أجل دولة الحق والقانون. من هؤلاء الشهداء رموز مغاربة استشهدوا من أجل القضية الفلسطينية وانضافوا إلى رموز كثيرة صنعتها الثورة الفلسطينية. كما أن هناك شهداء آخرين أصحاب حوادث الصخيرات من العسكريين وأصحاب حادثة الطائرة الملكية وشهدائهم بمعتقل تازمامارت. من مواليد مدينة فكيك سنة 1924، كان من أفراد أسرة المقاومة المسلحة ضد الإحتلال الفرنسي، بعد الإستقلال انخرط في صفوف القوات المساعدة (مخزني) بدائرة فكيك، اعتقل من مقر عمله على الحدود الجزائرية بفكيك بتاريخ 17 أبريل 1973، بقي معتقلا في العديد من مراكز الإعتقال السري منها: المعتقل المعروف بالكوربيس بمطار آنفا ومعتقل درب مولاي الشريف إلى حدود يونيو 1973 ثم السجن المركزي بالقنيطرة، تحت رقم 18353. لفقت له تهمة: «إيواء أشخاص إلى منزله ينتمون إلى منظمة ثورية مسلحة هدفها إثارة حرب أهلية بين السكان»، وهي التهمة التي برأه منها القضاء العسكري المغربي بتاريخ 30 غشت 1973 ، ملف 8754 – 1784، لكن أياد الظلم والقمع التي لم تستسغ هذا الحكم امتدت إلى داخل السجن المركزي بالقنيطرة لتخطفه إلى مكان مجهول . ولم يظهر له أثر إلا بعد أن بعث برسالة من السجن المركزي بالقنيطرة. ثم اقتيد إلى معتقل سري بتمارة حيث قضى به مدة سنة، ثم رحل إلى معتقل تاكونيت ومن بعد إلى معتقل اكدز، (هذا المعتقل كان في الأصل قصرا من قصورالباشا التهامي الكلاوي)، وهناك لقي حتفه وذلك حسب تفاصيل أحد أبنائه في إطار شهادته أمام هيئة الإنصاف والمصالحة. في يوليوز 1979 أطلق سراح حمو وزان الذي كان معتقل في نفس الملف ويحكي أنه شهد بلقاسم وزان ابن عمه وزميله في القوات المساعدة، كان قد نقل معه في صيف سنة 1974 من تمارة على متن سيارة جيب في اتجاه مجهول. تبين فيما بعد أن مكان الإختطاف يوجد بسيدي بنور دائرة الجديدة دون أن يدري ماآل إليه مصير وزان. في أكتوبر 1998 وضع المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان إسمه ضمن لائحة المتوفين. ودفن بمقبرة مدينة أكدز التي تضم أكثر من 30 قبرا، وهي منطقة صحراوية معروفة بتمورها ، والتي تقع عند بداية واحة درعة قرب مدينة ورزازات ب 69 كلومتر. كما صدر حكم ببوعرفة بتقييد وفاته في سجل الحالة المدنية وعللت أسباب الوفاة بشهادة طبية قيل فيها بأن بلقاسم وزان توفي بمستوصف قروي بزاكورة، وحسب التقرير أنه رجل عادي سائح وافته المنية بعد وعكة صحية. لقد أقرت الدولة المغربية رسميا مسؤوليتها باختطافه وزعمت أنه توفي بأحد المعتقلات السرية بقرية أكدز إقليمورزازات، ودفن بركن معزول بمقبرة مجاورة للمعتقل مع 20 مفقودا. وبعد تشكيل هيأة الإنصاف والمصالحة التي عملت على تحديد مكان قبره. وبعد ذلك استجاب المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان لرغبة العائلة في التأكد من هوية الرفات المدفونة في القبر المنسوب لبلقاسم وزان، باعتبار تحاليل الحمض النووي وذلك بتاريخ 27 ماي 2006. وبقي أفراد أسرة بلقاسم تنتظر الجواب عن هوية الرفات، وحسب تبريرات الجهات المسؤولة فإن العملية معقدة وتحتاج إلى مزيد من الوقت...