قال سفيان خيرات عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية «هناك قراءات للمشهد السياسي اليوم، وهي ليست قراءات مجردة، بل هي تعبير عن توجهات سياسية ونزعات إيديولوجية حاضرة داخل المجتمع المغربي، وتعبر عن ثلاثة توجهات سياسية داخل هذا المجتمع، والمتمثلة في التوجه الإسلاموي والتوجه المحافظ والتوجه التقدمي الحداثي الذي ينتمي إليه حزبنا بمعية قوى أخرى»، وأضاف سفيان خيرات في لقاء نظمه مكتب فرع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمرتيل يوم الأحد 21 يوليوز حول موضوع « قراءة في المشهد السياسي المغربي»، أن « هذه التوجهات ليست بمجردة، بل هي توجهات تعبر عن قوى تتصارع داخل المجتمع المغربي لها نظرياتها» وأضاف أيضا « الوضعية التي يعيشها المغرب تحتاج إلى وقفة تأملية ، لأن الوضع لا يقتصر على الصراع السياسي، بل هناك صراع إيديولوجي وصراع حول القيم». وفصل سفيان خيرات في تفسيره لهذه التوجهات الثلاثة، حيث اعتبر أن التوجه الإسلاموي، باعتباره توجها ساد لمدة سنتين في المنطقة العربية الإسلامية، ليس بجديد، خصوصا وأن العالم يعيش نوعا من الصراع الحضاري بين حضارات مختلفة، وهذا هو الأساس النظري لهذا التوجه الذي بنى عليه فكره وتصوره داخل المجتمع المغربي، مؤكدا في نفس الوقت أن هناك فرقا بين الاسلاموية والإسلامية، مشيرا إلى مجموعة من الحيثيات التي ساهمت في بروز هذا التوجه باستفادتها من الصراع السياسي، أو ما اصطلح عليه بالربيع العربي . التوجه الثاني والمتمثل في التوجه المحافظ، يقول سفيان خيرات « يقوم على فكرة بسيطة مفادها أن المجتمع المغربي مجتمع له خصوصياته، وبالتالي هو مجتمع منفصل نوعا ما عن التأثيرات الخارجية ، كيفما كانت، سواء سياسية أو إيديولوجية». واعتبر أن هذا التوجه مازال لحد الساعة ، جوهر النظام السياسي المغربي منذ أن أرسى دعائمه المؤسساتية الملك الراحل الحسن الثاني وأساسه دستور 1962 » يقول سفيان خيرات « عشنا هذه الحقبة داخل هذه البنية وداخل هذا التوجه الذي يقوم على الجمع بين الحقلين ، حقل تقليدي تجسده إمارة المؤمنين، وحقل حداثي يضم المؤسسات المنتخبة والشرعية الديمقراطية ، وهذه المزاوجة هي جوهر النظام السياسي بالمغرب، وبالرجوع إلى دستور 2011 سنرى كيف فتح الباب أمام إمكانية إحداث قطيعة داخل بنية النظام السياسي المغربي». والاتجاه الثالث التقدمي والحداثي الذي ينتمي إليه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والذي بدأ بناءه منذ سنة 1975 ، أي منذ المؤتمر الاستثنائي، والمنبني على فكرة بسيطة « كونية القيم » ، بمعنى أن هناك مجموعة من القيم ارتبطت بما هو حضاري والتي لا يمكن بناء مجتمع متقدم إذا لم يتم استيعابها، وأضاف سفيان خيرات أن هذا النقاش أو الصراع الفكري امتد منذ مدة ليست بالقصيرة وانتقل من نقاش محصور في الصالونات ، حسب تعبيره، إلى نقاش مرتبط بما هو سياسي. وقارن سفيان خيرات الدساتير السابقة التي عرفها المغرب والدستور الجديد ، واعتبر أن هذا الأخير جد متقدم بالمقارنة مع الدساتير الأخرى، وأن الحكومة الحالية لم تفعل الدستور، مع العلم أن لها صلاحيات لم تكن عند الحكومات السابقة كحكومة التناوب ، التي اشتغلت في شروط صعبة، ومع ذلك استطاعت أن تخرج البلاد من عنق الزجاجة، أي من تهديد السكتة القلبية ، وأن الأوراش الكبرى التي نشاهدها الآن هي نتاج تلك الحكومة . وصرح خيرات أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية «قد بنى تصوره بأنه لا يمكن الحصول على استقرار سياسي في المغرب إلا ببناء ملكية برلمانية. وقد سجل حزبنا تعاونه الإيجابي مع دستور 2011 . لكن الحكومة الحالية لم تلتقط دلالات الدستور الجديد، ولم تتعامل معه كما ينبغي، ونعيش نوعا من التلكؤ من طرف الحزب الحاكم الذي هو ليس حزبا سياسيا، بل هو حزب إيديولوجي له هاجس إنتخابي ويقوم بحملة انتخابية كل يوم ، وما يهمه هو الحفاظ على السلطة».