كشف محمد العلمي رئيس الفريق الاشتراكي في إحاطة تقدم بها باسم الفريق أول أمس بمجلس المستشارين ، عدم تقديم الحكومة الخطوط العريضة لمشروع الميزانية المقبلة ، مشيرا الى أن الحكومة التي تفتعل الصراعات بمناسبة وبدونها لم تكلف نفسها عناء القدوم الى البرلمان للقيام بهذا التقليد في علاقة السلطة التنفيذية بالتشريعية الذي تحول الى واجب بحكم تنصيص الوثيقة الدستورية عليه انطلاقا من مبدأ التشارك علما بأن الزمن المخصص لإطلاع البرلمان على مستجدات قانون المالية هو شهرا يونيو ويوليوز. وأضاف رئيس الفريق الاشتراكي بالغرفة الثانية أن الوزراء الأولين في الحكومات السابقة كانوا مبادرين إلى بعث مذكرة الى كافة القطاعات الوزارية من أجل إعداد الميزانية ابتداء من شهر أبريل من كل سنة، في حين أن رئاسة الحكومة الحالية فضلت الانشغال بأمورها الداخلية وبصراعاتها السياسوية. وأبدى رئيس الفريق تخوفه من تكرار سيناريو 2012 الذي أدى الى انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني. ودق محمد العلمي ناقوس الخطر الذي يهدد المالية العمومية، مستشهدا بتقرير البنك الدولي الذي أوصى بضرورة التعجيل بالإصلاحات الشيء الذي ما فتئ الفريق ينبه له ويدعو رئيس الحكومة لامتلاك الشجاعة لمواجهته، وهو الرئيس الذي لم يتقدم في إطار حكومته بإصلاح القانون التنظيمي للمالية. كما لم يتقدم بمشروع في ذلك رغم وعوده. وقال العلمي في إحاطته أن الحكومة اكتفت في المجال التشريعي بمعاكسة البرلمان عبر التصويت على مشروع قانون تنظيمي متعلق بتقصي الحقائق في وقت يشرف مجلس النواب على الانتهاء من دراسة مقترحي قانون في هذا الشأن. ودعا العلمي رئيس الحكومة الى تحمل مسؤوليته السياسية في ذلك، وأن يسارع إلى تفعيل الإصلاحات الضرورية عوض التوجه الى المنابر الخطابية التي لن تعالج تفاقم الأوضاع الاقتصادية وتأزم الأوضاع الاجتماعية. ومن جهته أثار محمد دعيدعة رئيس الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية، التزام الحكومة في برنامجها بمكافحة الرشوة والفساد ومنها دعم مؤسسات الرقابة والمحاسبة، وتقوية استقلاليتها، وتحديث المنظومة القانونية المؤطرة لتدخلاتها، وتحيين وتأهيل التشريع المرتبط بحماية المال العام، ووضع ميثاق وطني لمكافحة الفساد، واعتماد برنامج وطني للنزاهة وإرساء الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها ، المنصوص عليها في الدستور، إلا أن هذا الالتزام الذي تسرب الى مرافعات خطابية يتم تسويقها من طرف الحكومة، لا يمت للواقع بصلة. وأضاف دعيدعة أنه في الوقت الذي أبانت مختلف المؤشرات الدولية المتعلقة بالتنمية البشرية ومناخ الأعمال والتنافسية والحكامة عن عدة معيقات بالنسبة للمغرب، فإن الأمر تعلق بضعف المساءلة وغياب القانون التنظيمي الخاص بالحق في الولوج إلى المعلومة، وبطء وتعقيد المساطر الإدارية وضعف فعالية حكم القانون، واتساع ظاهرة الرشوة في العديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، كما يؤكد على ذلك التقرير الأخير لمنظمة ترانسبرانسي الدولية. وأشار رئيس الفريق الفدرالي الى أن محاربة الفساد لا تتم بتوزيع العبارات ، متسائلا : ما الذي يمنع السيد رئيس الحكومة من تعيين أعضاء الجمع العام للهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة ومحاربتها كما هو منصوص عليه في المادة 5 من مرسوم 13 مارس 2007، بعد أن انتهت ولايتهم منذ أواخر أكتوبر 2012، أو تجديد الثقة في الأعضاء الحاليين لولاية ثانية على الأقل ، وما الذي ينتظره السيد رئيس الحكومة لإحالة مشروع القانون حول الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، طبقا لمقتضيات الفصلين 36 و 159 من الدستور، بما يضمن استقلاليتها، وتدقيق مهام النزاهة والوقاية من الفساد، والتأهيل الدستوري لصلاحية المكافحة، واعتماد الآليات القانونية والإلزامية الضامنة للتعاون، وذلك باعتبار الهيئة من هيئات الحكامة الجيدة وآلية من آليات التصدي المباشر لأفعال الفساد بمختلف أشكاله الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وختم دعيدعة إحاطته بالقول :» أخرجوا البلاد من هذه الانتظارية القاتلة، واتركوا المعارك الهامشية والدونكيشوتية جانبا، وانتبهوا لأوضاع البلاد والعباد، وإياكم أن تقتلوا فينا الآمال التي فتحها الربيع العربي بأن التغيير ممكن ، وأن مغربا آخر ممكن، مغرب الكرامة والحريات الجماعية والفردية ، مغرب المؤسسات والديمقراطية الحقيقية، مغرب الحداثة والمساواة، مغرب الحكامة الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية، والحقوق الاقتصادية... أنقذوا البلاد من سنة اقتصادية بيضاء، وتجربة حكومية عرجاء، إن الزمن السياسي لا يرحم».