تحولت الأزمة الحكومية إلى مأزق سياسي بامتياز. ذلك أن أطرافا حكومية تدخلت لصلح ذات البين بين الاستقلال والعدالة ففشلت، وأحزاب المعارضة تمسكت بموقعها السياسي الحالي وأقفلت باب أي تغيير في تركيبة الأغلبية الحكومية. وتبين بشكل جلي وللجميع، نظاما وشعبا، أن حكومة غير قادرة على حل مشاكلها هي بكل تأكيد غير قادرة على إيجاد حلول لمشاكل شعبنا وبلدنا. فكان تلقائيا وسهلا إلصاق صفات الفشل والعجز وقلة الحيلة والوسيلة للطبقة السياسية ببلادنا. فإن كان نعت الحكومة بالفشل والعجز أمر بديهي، فلم يسري الوصف على المعارضة وأحزابها؟ المعارضة جزء من المشكل/المأزق وعليها أن تكون كذلك جزءا من الحل دفاعا عن الشعب ودفاعا عن اقتصاد البلد ودفاعا عن نفسها. أما وأنها اختارت البقاء في المعارضة إلى حين، فهذا لا يمنعها من أن تبادر لحلحلة الوضع السياسي بدل التفرج على تدبير سيء للأزمة الراهنة. اللعبة السياسية تقتضي من أحزاب المعارضة أن تعارض حتى إسقاط الحكومة ومن بين الوسائل الدستورية المتاح لديها أن تبدأ في حشد توقيعات أعضاء مجلس النواب لتقديم ملتمس رقابة للحكومة، وهو أمر سيفضي إلى إحدى الحالتين: * عودة الانسجام بين مكونات الأغلبية الحالية بعد كل هذا الإهدار لوقت الشعب ومقدرات الشعب ومستقبل الشعب. * تأجيج الخلاف داخل الحكومة المؤدي حتما إلى سقوطها والبحث آنئذ عن البديل: أغلبية جديدة أو انتخابات مبكرة. بذلك لن تساهم المعارضة البرلمانية في الخروج من المأزق فقط، بل وستكون المستفيد في كلا الحالتين من تعاطف أبناء شعبنا، لأنها وضعت كل السياسيين أمام مسؤولياتهم ورفعت الغموض واللبس عن مواقف الأحزاب والأفراد معا.