«أوقفت الشرطة القضائية للحي الحسني شخصين، على خلفية تزوير لوحة ترقيم سيارة أجرة ورقم مأذونيتها ». خلاصة خبرٍ تُدُووِّل ، مؤخرا ، يبدو عاديا لا يختلف عن عشرات الأخبار التي تتناهى إلى سمع المنشغل ب«نبض» المجتمع البيضاويي يوميا ، لكن قراءة متأنية ل«حمولته» تُؤشر على ما هو أعمق ، وترفع ، مِن ثمّ ، من تصنيفه في سُلم الاهتمامات. كيف ذلك؟ كشفُ عملية التزوير التي جعلت سيارتي أجرة من نفس النوع (رونو لوكان) ، تتجولان بشوارع وأزقة البيضاء ب«هوية واحدة» ، يعد دليلا آخر على أن القطاع «اختُرق» من قبل عدد ممن لا يُقدِّرون جسامة الدور المنوط بسائقي الطاكسي، والذين تدفع سلوكاتهم «غير المسؤولة» إلى طرح العديد من الأسئلة «الثقيلة» على شاكلة : كيف لأب، سمع بحادث التزوير هذا، أن يأمن على أبنائه القاصرين ، المضطرين لامتطاء الطاكسي للذهاب إلى مدارسهم والعودة منها؟ وكيف لزوج أن يأمن على زوجته التي اختارت الطاكسي كوسيلة «لاشبهة فيها»، للتوجه إلى مقر عملها أو لقضاء الأغراض اليومية المختلفة؟ماهي العلامات الفارقة التي تمنح للراكب الإحساس المُطمْئن أن سيارة الأجرة التي تقله لا علاقة لها ب«الطاكسي الأسود»؟... لقد سبق لبيانات نقابية أن دقت ناقوس الخطر بشأن الارتجالية / العشوائية التي طبعت عملية منح «رخصة الثقة» للعديد من ذوي السوابق من قبل أحد الولاة الذين تعاقبوا على «إدارة» الدارالبيضاء ، تحت غطاء «محاربة العطالة وخلق فرص الشغل» ، لكن السلطات المعنية صمّت آذانها في وجه كل تنبيه ، لتكون النتائج، مع توالي السنوات ، ذات لون أسود قاتم صدمت المهنيين أنفسهم ، الذين طالما ناضلوا للإبقاء على صورة سائقي سيارات الأجرة في منأى عن أي خدش مهما بدا صغيرا . قتامةٌ تعددت تجلياتها في«حوادث» سُجلت في السنتين الأخيرتين دون العودة إلى تواريخ أبعد ! تراوحت بين اتهام «سائق» بالتحرش ومحاولة اغتصاب إحدى الزبونات بعد تغيير مسار الرحلة صوب منطقة معزولة. وتورّط آخر في «السطو» على أغراض وأمتعة مُسافر حلّ ب«المدينة الغول» لاكتشاف مُقومات نعتها ب«العاصمة الاقتصادية للبلاد». دون نسيان «آفة» الاستغناء عن العدّاد، التي تحولت إلى قاعدة في تعامل بعض السائقين ، خاصة المتمركزين منهم في بعض المحطات الرئيسية ( المحطة الطرقية لاولادزيان ، «كازا فواياجُور» ، «كازا بّور»...) وما ينتج عنها من ملاسنات مع الركاب ، من مُختلف الأعمار ومن الجنسين ، تصل أصداؤها ، أحيانا ، إلى الدوائر الأمنية ! وفي سياق النقائص ، دائما ، أشار بعض المهنيين إلى تزايد عدد «الغُرباء» ، الذين «يسوقون» الطاكسيات البيضاء بالأساس دون أن تكون بحوزتهم «رخصة الثقة» الضرورية لممارسة هذه المهنة، ويتواجدون أكثر ب «الخطوط» المرتبطة بالضواحي! إنها عناوين من بين أخرى تمتح مرجعيتها ، للأسف ، من كل ما يتناقض و«حساسية» القطاع ، الذي تسعى نقاباته وجمعياته الجادة ، إلى تقنينه والدفاع عن مصالح المنتسبين إليه حتى يحظى بالمكانة التي يستحقها ماديا واعتباريا. هي مؤشرات تستوجب تضافر الجهود بين المهنيين والسلطات المحلية والأمنية للحيلولة دون اتساع «دائرة اللاثقة»، الحاملة في طياتها لأوخم العواقب، في وقت سجّل المتتبعون للشأن المحلي البيضاوي ، بتفاؤل كبير ، دخول عدد مهم من حاملي الشهادات ل«ميدان» سياقة سيارات الأجرة، والذين يُشكلون دفعة قوية في اتجاه تمكين القطاع من لعب دوره الحيوي ضمن خُطط تحويل المدينة إلى «وجهة سياحية» وفقا للخطاب الرسمي ، حيث يعد سائق الطاكسي «سفيرا» من نوع خاص ، باعتبار أن سيارته مفتوحة في وجه زوار من مختلف الجنسيات، قد يشكل أدنى تصرّف «مُنحرف» ضربة موجعة لجهود سنوات ، ليس من اليسير تدارك تداعياته في زمن الأنترنيت ! بكلمة واحدة ، وحتى لاتتعدد الأيام التي يستفيق فيها المرء على أخبار تمس ب«سُمعة» قطاع كافح شُرفاء ، طيلة عقود ، من أجل إرساء دعائمه السليمة، القائمة على الثقة ونكران الذات ، لا بد من الإنصات إلى صرخات المهنيين الحقيقيين ،الذين بَحّت حناجرهم من أجل ضبط «موازين» هذا القطاع وتمنيعه من أي «اختراق» كيفما كانت ماهيته!