عبر إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن القلق العميق لحزب الاتحاد من الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تنحو نحوها البلاد بسبب قرارات انفرادية لا شعبية من قبل الفريق الذي يقود الحكومة، آخرها حذف بنود من الميزانية، تهم الاستثمار العمومي في مجالات حيوية تهم التجهيزات والقطاعات الاجتماعية. واعتبر لشكر في ندوة صحفية عقدها أمس بالمقر المركزي للحزب بالرباط، هذا القرار المتخذ من قبل الحكومة، قرارا لا دستوريا وخارج القانون باعتبار أن أي تعديل في الميزانية يجب أن يمر عن طريق البرلمان، مضيفا في هذا السياق أن الاتحاد كحزب معارض لا يمكن له السكوت عن تهميش مؤسسة دستورية، مكنها الإصلاح الدستور من مكانة متميزة. وأوضح لشكر الذي كان مصحوبا بعدد من أعضاء المكتب السياسي في هذا اللقاء الصحفي، أن هذا القرار يكتسي خطورة كبرى لأنه يمس بالاستثمارات في التنمية وستكون له انعكاسات سلبية على مجالات حيوية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي حيث سيحد من فرص عمل جديدة، وتطور المقاولات المغربية وإلغاء مناصب عمل فضلا عن تقليص المداخيل الضريبية. كما أبرز لشكر في ذات السياق أن هذا الإجراء المتخذ، يضرب في الصميم الاستراتيجية التي اتخذها المغرب في العهد الجديد وخلال حكومة التناوب، والتي اعتمدت على تدارك التخلف الذي كانت تعيشه البلاد عبر تنفيذ استثمارات هيكلية كبرى كان لها أثرها البالغ في توفير التجهيزات الضرورية، وتطوير البنيات التحتية وتهييئ الشروط المواتية للإقلاع الاقتصادي كما تم العمل على تطوير مجالات اشتغال المقاولات، وفتح مئات مناصب الشغل وجلب الاستثمارات الخارجية. ودعا لشكر بنفس المناسبة قيادة الحكومة لمصارحة الشعب المغربي والجهر بالحقيقة، والابتعاد عن منهج التضليل الذي تم سلكه لحد الآن، والسعي نحو التفكير الجدي في المخرج الحقيقي من هذه الأزمة، مذكرا في هذا الصدد أن حزب الاتحاد الاشتراكي كان قد حذر من هذا التدبير الحكومي الذي يسير بالبلاد نحو المجهول، سواء من خلال أجهزته الحزبية وإعلامه وفريقيه في البرلمان. ونبه لشكر إلى أن الفريق الحكومي الحالي غير قادر على تجاوز الوضع المتأزم، أولا لأنه يفتقد لروح الإبداع والاجتهاد والمبادرات السياسية والاقتصادية الناجعة وذات الفعالية، وثانيا لأن داخل التحالف الحكومي هناك انتقادات واختلافات، مشددا على أن الاتحاد ليس من هواة تأزيم الأوضاع والمبالغة في تقديرها، لأنه حزب وطني وله غيرة و (الكبدة) على البلاد والعباد. ونادى لشكر في ظل هذه الأوضاع والارتباك في اتخاذ قرارات انفرادية غير محسوبة العواقب، بضرورة فتح حوار وطني حقيقي شامل، بدءا بالمؤسسات حول مآل التجربة الحالية وحول مصير المشروع المجتمعي الذي ناضلت من أجله القوى السياسية الديمقراطية والقوى النقابية وهيئات المجتمع المدني والحركات الشبابية والفعاليات الحقوقية والثقافية. وسجل لشكر أن الأزمة والعبث في التدبير الحكومي الحالي لا يمكن تغطيته بالغربال أو التهجم على المعارضة بغرض ترهيبها، كما يحاول ذلك منظر جماعة الإصلاح والتوحيد أحمد الريسوني. فبدل أن يتم الانكباب على الحوار والجدل البناء ومقارعة الحجة بالحجة، وتقديم أجوبة على قضايا تهم الاقتصاد والتشغيل والقدرة الشرائية للشعب، يحاول هذا الشخص تحوير النقاش عن مجراه الحقيقي، معتبرا أن ما أقدم عليه الريسوني محاولة لإلهاء الرأي العام عن المشاكل الحقيقية التي يتخبط فيها أصدقاؤه ومريدوه، ومحاولة لافتعال نزاع ديني، وتكريس منهج تكفيري وتحريض على الكراهية وإثارة الفتنة، الشيء الذي يجرمه القانون المغربي وكل المرجعيات الحقوقية والكونية. وطالب لشكر أمام هذا الوضع رئيس الحكومة بأن يخرج عن صمته، وأنه لا يمكن أن تعفي الحكومة نفسها من الجواب والتوضيح في هذه القضية، خاصة أن العدالة سوف لن تتحمل مسؤوليتها في هذا الإطار باعتبار أن استقلالية القضاء مازالت إلى حاجة لتجسيد فعلي. وفي معرض رده على أسئلة الصحافين حول البديل الذي يقدمه الاتحاد الاشتراكي تجاه الأزمة التي فجأة عرفتها البلاد، أوضح لشكر أن الاتحاد اليوم يتموقع في المعارضة ويلعب دوره المعارضة التي خولها له الدستور، ويدق ناقوس الخطر، منبها الى أن الفريق الحكومي الحالي يقود البلاد الى المجهول عبر قرارات انفرادية غير مدروسة لتغطية عجزه عن تقديم الحلول المناسبة، مسجلا أن الاتحاد سيقدم البدائل في الوقت المناسب وحين يعترف هؤلاء بأخطائهم وتتوفر لهم الإرادة السياسية لذلك، ويطبقون المنهجية التشاركية التي جاء بها الدستور. وأوضح لشكر أن الاتحاد الاشتراكي حين كان في موقع التسيير والتدبير كان يثق في الفعاليات والإطارات والخبراء التي تزخر بها الإدارة المغربية، والقادرة على الإبداع واقتراح الحلول المناسبة واشتغلت معها في تناغم كبير وتعاون وتضامن من أجل إنقاذ المغرب من السكتة القلبية، عكس ما يقع اليوم من تهميش وإقصاء للكفاءات والخبرات المغربية، وإغراق الإدارة بالمريدين والمنتسبين للحزب الذي يقود الحكومة. وأوضح لشكر في رد على سؤال آخر عن تهديد رئيس الحكومة للسير قدما نحو انتخابات سابقة لأوانها، وهل سينجح فيها حزبه، وأن من يكون على رأس تدبير الشأن العام يجب أن يترفع عن الدخول في البوليميك ولغة التهديد الموجهة للمعارضة، سواء من قبله أو من طرف حزبه، معددا أمثلة واقعية لذلك «سننزل للشارع»، «الوزراء يلوحون بتقديم الاستقالة»، «التهديد بصناديق الاقتراع»، وقال لشكر «أنا لست عرافا أو شوافا لأرى هل سينجح في الانتخابات فهذا السؤال يجب أن يوجه لمن يهدد بانتخابات سابقة لأوانها، أما نحن في الاتحاد فنحن ديمقراطيون نؤمن بكلمة الشعب المغربي عبر صناديق الاقتراع في حينها». وفي سؤال لآخر حول هل هذا الإجراء المتخذ من قبل الحكومة مجرد ترحيل لهذه المبالغ المالية أم شيء آخر من هذا القبيل؟، أوضح لشكر أن الحكومة تقوم بمراوغات لإخفاء الحقيقة الواضحة والتي لا غبار عليها، باعتبار أن القرار هو حذف 15 مليار من ميزانية الدولة وليس إيقاف هذه الاستثمارات، معتبرا في السياق ذاته أن هذا تدليس وتحايل من الحكومة لأن الفصل 45 من القانون التنظيمي للمالية واضح في هذا المجال، وأن كل تعديل في بنود الميزانية يجب ان يعرض على البرلمان. وفي سؤال لأحد الصحفيين إن كان للاتحاد الاشتراكي رغبة أكيدة في إسقاط هذه الحكومة، قال لشكر «إن الاتحاد الاشتراكي ليس في أجندته أو برنامجه السياسي إسقاط الحكومة، كل ما في الأمر أننا كحزب يقوم بدور في المعارضة من تنبيه وتحذير وكشف الخلل في التدبير الحكومي، ودق ناقوس الخطر، والتنبيه للقرارات اللاشعبية والانفرادية والتي بإمكانها أن تزج بالمغرب إلى المجهول وترهن أجيالا بكاملها. وبكلمة إننا نقوم بمهمتنا كما منحها لنا الدستور». وقال لشكر ردا على سؤال حول أن الريسوني بطروحاته حول البيعة وإمارة المؤمنين قد أصبح أكثر حداثية وتقدمية من حزب الاتحاد الاشتراكي،» إن الاتحاد الاشتراكي كحزب قد حسم في هذا الأمر بتصويته الايجابي على الدستور، معتبرا أن إمارة المؤمنين بالمغرب هي الضمانة الوحيدة كي لا يتعسف علينا هؤلاء، وهي من ستحمي المغاربة قاطبة من مثل هؤلاء الذين يحتمون بالدين من أجل تكفيرنا نحن كمعارضين وأحيانا يكفرون الدولة ومؤسساتها». وذكر لشكر في هذا السياق أنه ينتمي إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي كان في قيادته الشيخ مولاي العربي العلوي وعمر الساحلي والحبيب الفرقاني وعبد اللطيف بنجلون.. هذا الحزب الذي أنجب علماء وسياسيين حقيقيين ورجال دولة ليسوا كأمثال علماء البيترو دولار. .