بدأ رئيس الجمهورية الفرنسية يوم أمس الأربعاء زيارة رسمية للمغرب تستغرق يومين، زيارة عنوانها البارز تعزيز علاقة متميزة مع بلد يبقى أهم شريك اقتصادي ويشكل ورشا ديناميكيا في منطقة شمال أفريقيا. علاقة المغرب وفرنسا لا تشوبها، حاليا، أية خلافات كبيرة، ولا تعاني من إرث ثقيل، كما هو الشأن بالنسبة للعلاقة المتذبذبة مع الجزائر التي دفعت الرئيس فرانسوا هولاند إلى أن يخصص أول زيارة له لشمال أفريقيا كرئيس إلى الجزائر قبل ثلاثة أشهر، وهو ما أثار وقتها بعض التعاليق السلبية لدى جزء من الأوساط المتتبعة في الرباط، بالنظر إلى العلاقات الفاترة بين المغرب والجزائر بسبب ملف الصحراء، والحدود المغلقة بين البلدين منذ 1994 . لكن ذلك لا يعني أية أفضلية، حسب الإليزيه، الذي يذكر بأن الملك محمد السادس كان أول رئيس دولة أجنبي يستقبله فرانسوا هولاند في الإليزيه بعد انتخابه في ماي الماضي، كما أن جلالة الملك العائد للتو من جولة أفريقية، كشفت عن عمق طموحات المغرب في محيطه الإفريقي، سيناقش مع ضيف المغرب الكبير، سبل تعزيز علاقات اقتصادية مكثفة ومتينة، لكنها مع ذلك لا يجب أن تدفع الشريكين إلى الاستكانة والارتياح. فالمغرب بحكم موقعه الاستراتيجي مطلوب من العديد من الشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم الولاياتالمتحدة أو إسبانيا، التي انتزعت من فرنسا السنة الماضية الصدارة كأول مزود للمغرب. لكن باريس التي بلغت مبيعاتها للمغرب حوالي 5 ملايير أورو السنة الماضية، تبقى مع ذلك أول سوق للصادرات المغربية التي قاربت 3 ملايير أور (حوالي 20% من صادرات المغرب)، كما أن فرنسا تبقى أول مستثمر في المغرب ببيانات تقارب 1+ 6 مليار حوالي 50% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. هذه الزيارة لكل من الدارالبيضاء والرباط ستكون لها صبغة اقتصادية واضحة يجسدها العدد الهائل والنوعي للمقاولات الفرنسية المرافقة للرئيس الفرنسي (حوالي 50 مقاولة منها حوالي 35 مقاولة مدربة في تصنيف cac40 لبورصة باريس ويجسدها كذلك المنتدى الاقتصادي الذي سيعقد صباح يوم غد الخميس والذي سيجمع حوالي 400 من رجال الأعمال من البلدين، ومن المتوقع أن تركز المباحثات حول مجال الصناعات الفلاحية ومجال الطاقات المتجددة التي يطمح المغرب لأن ينجز مشاريع كبيرة في إنتاج الطاقة الريحية والشمسية، بالنظرللمؤهلات الهائلة في هذا المجال. ومن المتوقع أن يتم توقيع خلال هذه الزيارة حوالي 15 اتفاقية بعضها يهم التعاون في العديد من المجالات كالجهوية أو خلق مناصب الشغل. ويتضمن برنامج هذه الزيارة تدشين محطة لمعالجة المياه بضواحي الدارالبيضاء، قبل أن يلقي الرئيس الفرنسي يوم غد الخميس خطابا أمام نواب الأمة. و يتوقع المتتبعون أن تكشف الزيارة عن ملامح تصور باريس لما تشهده الضفة الجنوبية للمتوسط من تحولات سياسية قبل أن يلتقي مع عينة من الشباب المغاربة في حوار مباشر بجامعة الرباط، هذه الشريحة من الشباب التي تبقى مهتمة بقوة بهذا البلد بدليل أن حوالي 50 ألف طالب مغربي يتابعون دراساتهم في فرنسا في مختلف التخصصات.