من شأن زيارة الدولة، التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند للمغرب، اليوم وغدا٬ الأولى من نوعها منذ انتخابه في ماي 2012، "إعطاء نفس جديد" للتعاون، بتوفير وسائل جديدة من أجل أن يظل المغرب "الشريك الصديق والضروري" لفرنسا. وأكدت مصادر بالرئاسة الفرنسية عشية هذه الزيارة أن "كل شيء على ما يرام في العلاقات الفرنسية المغربية٬ فهي علاقات سلسة وممتازة ومتينة٬ سواء على المستوى السياسي٬ أو في ما يتعلق بالتعاون"٬ مضيفة أنه بالنسبة لباريس يتعين عدم الاكتفاء بذلك. وعلم لدى محيط الرئيس الفرنسي أن "الرهان الذي تقوم عليه هذه الزيارة المهمة، يتمثل في العمل على أن تسير الأمور٬ كما كانت٬ بشكل جيد٬ بتوفير الوسائل الكفيلة بالاستمرار في علاقة من مستوى عال٬ كما هي حاليا٬ وخلال السنوات والعقود المقبلة". و أضاف المصدر ذاته٬ أن الرسالة واضحة "فرنسا هي الشريك الأول للمغرب، ويجب أن تظل كذلك"٬ معتبرا أن التقدم الطفيف الذي أحرزته إسبانيا سنة 2012، في تعاملاتها التجارية مع المغرب على حساب فرنسا٬ ظرفيا ومؤقتا. إعطاء نفس جديد للشراكة من هنا أتت رغبة السلطات الفرنسية في "إعطاء نفس جديد" للتعاون مع المغرب٬ الذي تصفه ب"الشريك الصديق والضروري في الآن ذاته"٬ مع التأكيد على أنه يجب "تحديد عدد من أوجه التعاون المستقبلية"٬ لكون المغرب يعتبر، أيضا، "شريكا له مستقبل اقتصادي". فبالإضافة إلى العمليات المتعلقة بدعم ومصاحبة الإصلاحات السياسية والاجتماعية الجارية٬ بعد المصادقة على الدستور الجديد في المغرب٬ تطمح زيارة الرئيس هولاند إلى تعميق المسار، الذي تم رسمه منذ ثلاثة أشهر بالرباط٬ خلال انعقاد الاجتماع الفرنسي المغربي رفيع المستوى الذي ترأسه رئيسا حكومتي البلدين. وتوج هذا الاجتماع رفيع المستوى بالإعلان عن حوالي عشر اتفاقيات٬ أربع منها تهم قرضا بقيمة 280 مليون أورو منحته الوكالة الفرنسية للتنمية من أجل تمويل عدد من المشاريع التنموية بالمغرب (النقل الحضري- تراموي الدارالبيضاء، وإعادة تأهيل الموانئ الجهوية٬ وتنافسية الأقطاب التكنولوجية والتكوين المهني). وعلم لدى المصادر ذاتها٬ أن الرئيس هولاند سيحث المقاولات الفرنسية التي ستحضر بكثافة في منتدى رجال الأعمال المغربي الفرنسي بالرباط، (حوالي 400 مقاولة)٬ على الاستمرار في الاستثمار في "الأوراش المستقبلية: الطاقات المتجددة والنقل والخدمات الحضرية والشباب والتعليم". يذكر أن المقاولات الفرنسية تستقر بكثافة في المغرب٬ حيث يوجد حوالي 750 فرعا لشركات فرنسية٬ ضمنها 38 شركة مدمجة في بورصة باريس وتشغل حوالي 120 ألف شخص. كما تعتبر المملكة أول مستقبل للاستثمارات الخاصة الفرنسية في القارة الإفريقية٬ التي بلغت قيمتها 5,6 ملايير أورو خلال الفترة ما بين 2000 و2011. وخلال زيارة الدولة هذه٬ ينتظر أن يوقع الوزراء التسعة، الذين يرافقون الرئيس هولاند، سلسلة من الاتفاقيات والعقود تهم قطاعات الصناعة الغذائية والتعليم العالي وتنمية المدينة وميترو الدارالبيضاء والتكوين المهني (معهد لتدريس مهن السكك الحديدية بالنسبة للقطار فائق السرعة٬ وتشوير السكك الحديدية). وفي مجال الشراكة الخاصة٬ سيتم تشجيع المقاولات الفرنسية على تعزيز مفهوم التمركز المشترك٬ وهي صيغة "لتقاسم سلسلة القيم"٬ كما تطمح إلى ذلك الحكومة الفرنسية٬ من أجل تحقيق المشاريع التي تخلق فرص الشغل سواء بالمغرب أو فرنسا. نافذة إقليمية نحو إفريقيا هذا التوجه الجديد الفرنسي المغربي٬ الذي يصبو إلى تصحيح الجوانب السلبية لترحيل الأنشطة٬ بدأ العمل به في المغرب، سيما من خلال "التجربة النموذجية" بوحدة صناعة الطيران مع مجموعة (صافران)، بالدارالبيضاء٬ وفي قطاع صناعة السيارات مع مجموعة (رونو). وبالنسبة لفرنسا٬ تؤكد المصادر بالإليزيه٬ فإن هذا التوجه "مهم جدا وينظر إليه على كونه نافذة إقليمية" بالنسبة للمقاولات الفرنسية المهتمة بتطوير مشاريع مشتركة٬ سيما في اتجاه غرب إفريقيا والمنطقة المتوسطية والمغرب العربي٬ وهو فضاء شاسع " للمغرب دور فيه". من هذا المنطلق٬ تولي فرنسا أهمية بالغة لمسألة إحياء الاتحاد المغاربي والشراكة الأورو متوسطية حول "متوسط يزخر بالمشاريع" (الطريق السيار المغاربي٬ على سبيل المثال)٬ أو الرهانات المتعلقة بفتح الحدود بين الجزائر والمغرب، الذي "يعتبر أمرا مهما بالنسبة للتعاون الإقليمي". وعلى المستوى الاقتصادي٬ يضم الوفد الرسمي المرافق للرئيس هولاند٬ حوالي 60 رجل أعمال، ومكاتب دراسات تهتم بمختلف المجالات٬ لاسيما التهيئة الحضرية وسلسلة الصناعات الغذائية. وسيحضر أشغال المنتدى الاقتصادي بالرباط حوالي 400 مشارك من رجال الأعمال الفرنسيين، ونظراءهم المغاربة، وسيختتم أشغاله الرئيس فرانسوا هولاند.