تميزت دورة الحساب الإداري للجماعة الحضرية لطنجة، التي انعقدت أول أمس الخميس، بالانقلاب المفاجئ في موقف مستشاري العدالة والتنمية من أسلوب تدبير العمدة فؤاد العماري لشؤون المدينة. فبعد أن تموقعت العدالة والتنمية في صف المعارضة منذ تولي القيادي بحزب الأصالة والمعارضة، منصب عمدة المدينة، حيث بنى حزب المصباح خطابه المعارض على اتهام البام بالتحكم في المشهد السياسي، إذ لم تخل أية دورة من دورات مجلس المدينة من كيل الاتهامات للعمدة بكونه رمزا من رموز الفساد والإفساد. لكن وبشكل فاجأ الرأي العام المحلي، وفي سابقة لها ما بعدها، قرر مستشارو حزب المصباح توجيه رسائل الود والغزل للعمدة فؤاد العماري حين أعلنوا قرارهم بفتح صفحة جديدة في تعاطيهم مع تدبير شؤون المدينة، والانتقال من صف المعارضة المبدئية إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرات العمدة، ولإعطاء الدليل على حسن النية قرروا الامتناع عن التصويت على الحساب الإداري في ما يشبه اعترافا من وراء حجاب بحسن تدبير العمدة لشؤون المدينة، بل إن لجنة المالية التي يرأسها عبد اللطيف برحو، القيادي في حزب المصباح، أوصت بالمصادقة بالإجماع على وثيقة الحساب الإداري. رسائل الود والغزل ترسخت أكثر بقرار مستشاري المصباح التصويت لفائدة برمجة الفائض ولأغلبية النقط الواردة بجدول أعمال الدورة أمام ذهول كل الحاضرين الذين بدوا غير مصدقين لما يحدث، والكل يبحث عن تفسير لهذا الانقلاب المفاجئ في موقف الحزب الأغلبي الذي كان زعيمه قبل أيام معدودة يعتبر البام أداة للتحكم في المشهد السياسي. قرار الامتناع عن التصويت على الحساب الإداري اعتبره متتبعون للشأن العام بالمدينة عربون محبة يؤشر على رغبة العدالة والتنمية في فتح صفحة جديدة مع حزب الأصالة والمعاصرة، بل إن استحضار اسم العمدة فؤاد العماري يوحي بأن الحزب الحاكم أراد من خلال موقفه هذا توجيه رسالة لمن يهمه الأمر بأنه مستعد لتطبيع علاقته مع حزب كان يعتبره خطا أحمر يستحيل التعامل معه. من جهة أخرى علمت الجريدة من مصادر متطابقة أن التحضير لهذا الانقلاب المفاجئ في موقع العدالة والتنمية تم بسرية تامة، وأن لقاء مغلقا جمع الكاتب الجهوي لحزب المصباح وعمدة المدينة، أياما قبل انعقاد دورة الحساب الإداري، تم فيه الاتفاق على كل الترتيبات المتعلقة بفتح صفحة جديدة بين الحزبين. وحسب ما تسرب من معلومات، فإن مسؤول العدالة والتنمية اشترط لتغيير موقفه من عمدة المدينة ضرورة استحضار مصلحة الحزب الانتخابية في تنفيذ برمجة الفائض التي تتجاوز 23 مليار سنتيم. وفي تعليق على هاته التسريبات، أكدت ذات المصادر أن الموقف الذي أعلن عنه حزب بنكيران أول أمس يؤكد، لمن لازال في حاجة إلى دليل، أن حزب العدالة والتنمية ليست له خطوط حمراء ثابتة، فهو مستعد دائما لتغيير مواقفه من النقيض إلى النقيض ما دامت تخدم مصالحه الانتخابية والفئوية.