بمناسبة الذكرى السبعون على انعقاد مؤتمر أنفا بمدينة الدارالبيضاء، أجرتْ فريدة موحا حوارا مطوّلا مع المؤرخ محمد كنبيب، وصدر بيومية «لوماتان»، أمس الاثنين 21 يناير. في هذا الحوار، يستعيد الأستاذ كنبيب أهمّ الأسباب والأحداث التي سبقت وتلت مؤتمر أنفا الذي يخلّد المغرب وأمريكا ذكراه السبعون خلال هذا الشهر.انعقد المؤتمر بمدينة الدارالبيضاء من 14 إلى 24 يناير سنة 1943 بفندق أنفا بهدف إعداد استراتيجية الحلفاء الذين تساعدهم الجيوش القادمة من شمال إفريقيا. هذا اللقاء الذي نظّمه رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية فرانكلينْ روزفيلتْ، وشارك فيه الوزير الأول البريطاني وينستون تشرشيل، اللذيْن استدعيا للمشاركة كل من جوزيف ستالين، الذي رفض الدعوة، والجنرال الفرنسي هنري غيرو، الذي كان يحكم شمال إفريقيا، وإفريقيا الغربية الفرنسية، والجنرال دوغول. وكان اللقاء تاريخيا شكّل منعطفا حاسما في تغيير مجرى التاريخ. سبعون سنة مرّت على هذا اللقاء، فماذا تبقّى منه؟ بمدينة الدارالبيضاء تنعقد من 15 إلى 31 يناير ندوات ولقاءات وموائد مستديرة بكل من المكتبة الوسائطية التابعة لمسجد الحسن الثاني، وكلية الآداب بنمسيك، وفضاء المجازر القديمة بالدارالبيضاء. فيما يلي ترجمة لهذا الحوار. حاورته: فريدة موحا { مرّت سبعون سنة على حلول الحلفاء بالشواطئ المغربية، وانعقاد مؤتمر جمع بمدينة الدارالبيضاء الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفيلت، والوزير البريطاني وينستون تشرشيل، ومن الجانب الفرنسي الجنرال دوغول والجنرال غيرو. أين تكمن بالضّبط أهمّية هذيْن الحدثيْن؟ يتعلق الأمر، في الحالتيْن، بأحداث كبيرة أحدثت منعطفات حاسمة. وهذا ليس فقط بالنسبة للحرب العالمية الثانية، التي كانتْ في مصلحة قوى المحور قبْل 1942، مع ما رافقها بالخصوص من الانهيار السريع لفرنسا في يونيو 1940، واكتساح الاتحاد السوفياتي من طرف الفيالق الألمانية، ولكنْ أيضا بالنسبة لتطوّر العلاقات الفرنسية المغربية ومستقبل المغرب. { في البداية، كان هناك حلول الجيوش الإنجليزية والأمريكية بشمال إفريقيا تحت قيادة الجنرال دوايت إيزنهاور، في الثامن من نونبر سنة 1942 بمدن آسفيوالدارالبيضاء والمحمدية والقنيطرة. وهي ما يعرف بعملية «طورش». في أية ظروف تمّت؟ و كيف أثّرت على مجرى الحرب العالمية الثانية؟ ربّما ينبغي التذكير بشكل مختصر بأن الحلفاء، كانوا لعدة أشهر، يتعرّضون لضغط من طرف ستالين الذي كان يضغط عليهم من أجْل التخفيف من ضغط الألمانيين على الاتحاد السوفياتي. وكان اختيار الأمريكيين موجّها إلى شمال إفريقيا لجعلها قاعدة في المستقبل للانطلاق التدريجي للوحدات العسكرية الأمريكية في اتجاه إيطاليا، من ثمّ نحو ألمانيا. هذه الإرادة، المتمثّلة في ضرب الخناق على الألمانيين، باتت أكثر حدّة مع النّكبة التي تعرّض لها الألمانيون ب»سطالينغرادّ»، بعد سنتين سنة 1944. ولا داعي ربّما للوقوف كثيرا عند الحملات التي لعبت دورا في الحرب، وهي الحملات التونسية والإيطالية التي لعب فيها الجنود والقنّاصة المغاربة دورا كبيرا ولامعا، وبالخصوص خلال المعارك الضارية التي سمحت، في ضواحي مونتي كاسينو، جنوب مدينة روما، ومنطقة ليري، بضرب خطّ غوستاف، وبالتالي فتْح الطريق في اتجاه روما. ولكي نأخذ فكرة عن الأهمّية العدديّة للمغاربة خلال هذه الحملات الفرنسية التي قادها الجنرال جوانْ، ينبغي التذكير بأنهم كانوا يمثّلون تقريبا 30 في المائة من عدد الجنود الذين استعان بهم الحلفاء في بداية الحمْلة على إيطاليا. { ما فتئتْ الذاكرة الجماعية تحتفظ بجوانب من هذا الحدث التاريخي. وهو حدث لا يمكن أنْ يمرّ مرور الكرام، والذي كان له تأثير على التطور السوسيولوجي لعدد من المغاربة. كيف كان موقف هؤلاء من الحضور العسكري للأمريكيين فوق ترابهم؟ كان الأمريكيون، في حقيقة الأمْر، يحضّرون لهذا المجيء قبل تاريخ نونبر 1942. وقبل تنفيذ هذا الحضور، قاموا باسْتمْزاج ردود فعْل المغاربة. وذلك لكونهم كانوا يعون بالعداء الذي يكنّه المواطنون المسلمون لبريطانيا بسبب سياستها في فلسطين، حيث أنّ المغاربة لم يستسيغوا حلول الجيش البريطاني إلى جانب القوى الغربية بالأراضي المغربية. وفضْلا عن ذلك، وفي اللحظة التي وضع فيها الأمريكيون أقدامهم في المغرب، ألقى الرئيس روزفيلت، عبْر أمواج الإذاعة، خطابا تمّت ترجمته إلى الدارجة المغربية والأمازيغية، من جبل طارق، وذلك لكي يشرح ل»أبناء المغاربة» أهداف الحلفاء، والحرية التي سيحملها لهمْ «المجاهدون الأمريكيّون»، و»الاستقبال الأخويّ» الذي ينبغي أنْ يخصّصه المغاربة لهم. كما أنّهم رموا بالطائرات الأمريكية أوراقا تستنسخ المقاطع الهامة من خطاب روزفيلتْ، وذلك على المدن الساحلية للمدن الكبرى يوم 8 نونبر سنة 1942. ومما جاء في خطابه:» لقد جئنا إلى هنا... من أجل تحريركم. فنحن لسنا مثل الآخرين المسيحيين الذين يطؤونكم. فاعتبروا جنودنا بمثابة مجاهدين». { ما هو الموقف الذي عبّر عنه السلطان محمد الخامس تُجاه هذه الأحداث؟ فنحن نعرف أن له علاقات جيدة بالمقيم العام نوغيسْ الذي كان متابعا ومواصلا لسياسة الماريشال ليوطي؟ بعد انطلاق عملية «طورشْ»، تحت قيادة الجنرال بّاطونْ، أبدى نوغيسْ مقاومة شديدة ومعارضة لما سمّاه «الغزاة البريطانيون». ومن أجل تبرير وإضفاء الشرعية على هذه العملية، بما أنّ الأمر كان يتعلق بنظام حماية، سعى المقيم العام، دون جدوى، إلى إقناع السلطان بالانسحاب معه إلى مدينة فاس. كما «أهمل» كذلك أنْ يسلّمه رسالة من روزفيلتْ يوضّح له فيها، باعتباره «ملكا لدولة ذات سيادة تربطها بالولاياتالمتحدة علاقات أخوية»، الأسباب الاستراتيجية التي أدّت بالحلفاء إلى القيام بمثل هذه العملية. وببقائه في مدينة الرباط، واستقباله فيما بعد علانية للجنرال بّاتون، وتوشيحه بوسام الشرف، كان سيدي محمد بن يوسف يخلق مسافة بينه وبين المقيم العام. وقد كانت الرسالة التي أجاب بها رزفيلت أوضح في مضامينها ومراميها:» حين أكّد لنا قادة جيشكم بأنهم جاؤوا إلى هنا ليس كغزاة، بل كمحرّرين، وبأنهم سيقدّمون الأدلّة الملموسة على ذلك، قام جميع سكّان هذا البلد باستقبالهم كأصدقاء. وليس للمغرب أيّ مشكل مع الدولة الأمريكية الكبرى». لقد بدا واضحا أنّ السلطان، الذي كان قد طمأن الفرنسيين على ولائه، خلال أزمة ميونيخ سنة 1938، وشتنبر 1939، كان قد فهم حجم ومضمون التحوّلات العميقة التي ستحدثها الحرب، والآفاق التي ستفتحها أمام الشعوب المستعمرة وللحماة. كان السلطان يضع نصب عينية استقلال المغرب. { كان حضور السلطان محمد بن يوسف ووليّ العهد مولاي الحسن، خلال هذا المؤتمر، أكثر من رمزيّ، بحث كان بمثابة تمهيد لاستقلال المغرب. كيف تحللون هذا الحكم؟ من الناحية الديبلوماسية والسياسية والرمزية، كان حضور السلطان في هذا المؤتمر ذا رمزية كبيرة. فقد كان ذلك تأكيدا وترسيخا للوضع الاعتباري للمغرب ولملكه. ينبغي التذكير في هذا السياق، بأن الأمريكيين، بعد سنة 1912، لمْ يستعجلوا الاعتراف بنظام الحماية، بلْ إنهم لم يتوقّفوا عن انتقاده بسبب خرق فرنسا لاتفاقيات الجزيرة الخضراء سنة 1906، وخصوصا ما يتعلّق بالجانبين الاقتصادي والتجاري، ولم يستسيغوا كيف يحتكر الفرنسيّون استغلال مناجم الفوسفاط المغربية لوحدهم، عن طريق إنشاء المكتب الشريف للفوسفاط. يضاف إلى هذا أنّ الأمريكيين كانوا دائما، ومنذ القرن الثامن عشر، يقدّرون الأهمية الاستراتيجية للمغرب. هذا ما يفسّر على الأرجح، حتى نبقى في سياق الحرب العالمية الثانية، الاهتمام الذي أولوْه بعد يونيو 1940 لضرورة تموين المغرب ومدّه بالمواد الاستهلاكية الضرورية. كما حرصوا على أن تصل هذه المواد إلى المواطنين المغاربة ولا تذهب في اتجاه فرنساوألمانيا. أما بالنسبة للأمير مولاي الحسن، فمن خلال رؤيته مع والده السلطان إلى جانب الرئيس الأمريكي روزفيلت، وإلى جانب بّاتون وأعوانه، وأمام معدّات عسكرية وحربية، يمكن بكلّ سهولة تصوّر ما يمكن أنْ يمثّله ذلك في تكوينه وتطويره السريع لعلاقات القوّة على الصعيد الدولي. { ماذا جرى بين الرئيس روزفيلت والسلطان خلال لقاءاتهما؟ إنّ الشهادة التي يقدّمها ابن الرئيس الأمريكي، إليوت روزفيلت، في كتابه الأوتوبيوغرافي الذي يحمل عنوان «كما قال لي»، تورد بعضا مما جرى خلال هذا اللقاء. فقد عمد الرئيس روزفيلت، بطريقة غير مباشرة، على دفْع السلطان في اتجاه المطالبة بالاستقلال، وذلك بوعده بتقديم المساعدة الأمريكية للمغرب المستقلّ. كما وعده بكيفية ملموسة، بإقامة تعاون قويّ على الصعيد التقني والمالي. ولم يكن له ليقدّم أكثر من ذلك حفاظا على العلاقة بالفرنسيين. وقد حافظ السلطان على اتصالات سرّية بالأمريكيين، كما سعى إلى الحصول على توضيحات بشأن موقفهم من مستقبل المغرب. لذلك كلف السلطان الصدر الأعظم محمد المقري والحاجب محمد المعمري بربط اتصالات سرية بالأمريكيين (23 يناير 1943)، عن طريق المستشار الخاصّ لروزفيلت هاري هوبكينز والجنرال ويلبور لمعرفة موقفهم تجاه تطلعات المغاربة الوطنية. { ما الذي دار بين الرئيس روزفلت والسلطان خلال لقائهما؟ تشتمل شهادة ابن الرئيس الأمريكي، إليوت روزفلت، المتضمنة في سيرته الذاتية «كما قال لي»، بعض المعطيات حول هذه المحادثات. لقد شجع الرئيس السلطان بشكل غير مباشر على العمل في أفق الاستقلال، وذلك عبر وعده «بمساعدة الولاياتالمتحدة للمغرب المستقل» وعبر اقتراحه له، بشكل ملموس، لتعاون وطيد تقنيا وماليا. لم يكن باستطاعة روزفلت تقديم أكثر من هذا بكل تأكيد، نظرا لأنه لم يكن يرغب بجلاء في خلق عداوة مع ديغول وجيرو اللذين كانا متشبثين ببقاء الأوضاع كما هي في كل الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية. وبالمناسبة، فوينستون تشرشل أبدى ما يشبه عدم الاتفاق. ولقد سعت الخارجية الأمريكية لاحقا وبسرعة إلى التقليل من أثر موقف الرئيس مصرحة أنه تحدث بصفته الشخصية. لكنه من اللازم الإشارة إلى أن السلطان حافظ على اتصالات سرية مع الأمريكيين، وسعى إلى الحصول على توضيحات حول موقفهم حيال مستقبل المغرب. ولقد تكلف الصدر الأعظم محمد المقري، والحاجب الملكي محمد المعمري، باستطلاع رأي المستشار الخاص لروزفلت، هاري هوبكينس، وضابط سامي في المحيط الرئاسي، الجنرال ويلبور. { كيف أعطى المؤتمر، ومعه اتصالات السلطان بالرئيس روزفلت، دفعة للحركة الوطنية المغربية؟ ما يمكن قوله حول الدفعة التي أعطيت للحركة الوطنية هو أن موقف روزفلت إزاء قضية المستعمرات كان منسجما تماما مع روح ومنطوق ميثاق الأطلسي (14 غشت 1941)، ومع مبادئه السامية ونقده للنظام الاستعماري الكلاسيكي. وهذه قضية تناولتها قبل مدة من الزمن في محاضرة بعنوان «التأثير الأمريكي في الحركة الوطنية المغربية، 1930- 1947»، ألقيتها في إطار ندوة دولية انعقدت بنورفولك (فيرجينيا) تحت الرعاية السامية للعاهل الراحل الحسن الثاني والرئيس رونالد ريغان، بمناسبة ذكرى مرور قرنين على العلاقات المغربية- الأمريكية. ومن هذا الجانب، فإن مؤتمر أنفا، كما تلقاه المغاربة، شجعهم على العودة من جديد إلى الكفاح من أجل الاستقلال. وبهدف ضمان التعاطف الأمريكي، أسرع الوطنيون إلى خلق نادي روزفلت بالرباط وإلى الاحتفال بالتخفيف من معاناة السكان المغاربة المتولد عن الإمدادات الواردة من الولاياتالمتحدة. ومن جهة أخرى، فمن الدال جدا أن حزب الاستقلال تأسس في 1943 بالذات، بتشاور وطيد مع سيدي محمد بن يوسف، وأنه سنة بعد ذلك (11 يناير 1944) تم تسليم وثيقة المطالبة بالاستقلال للسلطان والمقيم العام والقوى العظمى الموقعة على معاهدة الخزيرات، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة. وحتى يكون تحليلي أكثر شمولية، فمن اللازم توضيح أن عددا من المناضلين الوطنيين، في المنطقة الفرنسية كما في المنطقة الشمالية، كانوا يتوفرون على بطائق حماية وعلى جوازات سفر أمريكية، وأنهم كانوا يوظفون حصانتهم كمحميين لفائدة القضية الوطنية، مثلما قام بذلك رفاقهم المحميون البريطانيون بين 1930 و1938. ولم تتنازل الولاياتالمتحدة على امتيازاتها في المغرب كدولة أجنبية إلا في 1956. ولم تعط المطالبة بالاستقلال في 1944 نتائج فورية، لكنها شكلت محطة حاسمة في مستقبل البلاد. وفي زخمها يتموقع خطاب طنجة (أبريل 1944)، و»إضراب الخاتم» الذي واجه به السلطان مشاريع الظهائر التي كانت ترمي الإقامة العامة من خلالها إلى إقامة نظام مفارق للسيادة المزدوجة في البلاد، وفي آخر المطاف إعلان الاستقلال عقب عودة السلطان من المنفى بفضل كفاح الشعب المغربي. { إذا ما تناولنا الأمور من وجهة نظر الأمريكيين، يمكننا أن نطرح سؤال المصالح المتولدة لفائدتهم جراء مساندة تطلعات المغاربة إلى الاستقلال. ما الحوافز التي حركتهم؟ عادة، لا يخفي الأنجلو- ساكسونيين براغماتيتهم. وهي، كما تؤكد إحدى مقولاتهم: «واضحة وضوح الشمس». علينا أن لا ننسى أن الولاياتالمتحدة شرعت في فرض نفسها كقوة عظمى ابتداء من القرن التاسع عشر. وهي التي أجبرت اليابان، تحت تهديد مدافع «كومودور بيري»، على الانفتاح على التجارة العالمية حتى قبل بداية سلالة المييجي. كما أنها حصلت على امتيازات جغرافية في الصين، في شنغهاي وغيرها. مثلما ساهمت في مغادرة الإسبان لكوبا والفيليبين. وفي مطلع القرن العشرين وعقب الأزمة الناتجة عن زيارة الإمبراطور غيوم الثاني إلى طنجة (1905)، فرض رئيس آخر يحمل كذلك اسم روزفلت، ثيودور، نفسه كوسيط بين الفرنسيين والألمان وحلفاء كل واحد منهما. وإذا كانت قوة الولاياتالمتحدة قد تدعمت أكثر بعد الحرب العالمية الأولى، فإن الدولار بدا، تدريجيا، أخذ مكان الجنيه الإسترليني ولعب نفس دور الذهب في احتياطي البنوك المركزية ومؤسسات صك النقود. وعبر دعمهم لبلدان مثل المغرب، كان الأمريكيون يسعون إلى توسيع دائرة نفوذهم. وبعد 1945، وفي سياق الحرب الباردة، كانت قواعدهم الجوية والبحرية وقواعد اتصالاتهم في كل من بنكرير والنواصر وبو القنادل و القنيطرة وبن سليمان تحظى بأهمية قصوى. ومن جهة أخرى، وعلاقة بالمصالح الاقتصادية والتجارية، ورغم أن السوق المغربي كان هامشيا نسبيا بالنسبة لهم، فالأمريكيون لم ينقطعوا عن تذكير الفرنسيين بالحقوق التي كانت تخولهم إياها معاهدة الخزيرات. كما أنهم لم يترددوا، في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، في تقديم شكاية ضدهم إلى محكمة لاهاي الدولية والحصول على رأي لصالحهم. ولكي نختم حوارنا بشكل أقل جدية، يجب أن لا ننسى أنه في 1943، «عام البون» في الذاكرة الجماعية المغربية، تم إنتاج فيلم «الدارالبيضاء»، ذلك الشريط الناجح الذي جسد بطولته هامفري بوغارت وإنغريد بيرغمان. ولقد أخصب هذا الفيلم، خلال مدة طويلة من الزمن، تمثلاث الأمريكيين للمغرب، كما أنه لم يندثر اليوم كليا من مخيلتهم. ولا بأس اليوم، في ظل الأزمة الحالية، أن يساهم في رفع عدد السياح الوافدين إلى المغرب من الضفة الأخرى للأطلسي. عن «لوماتان» المغربية، الاثنين 21 يناير 2013