و فعلا سيتم إدراج باب جديد، هو الباب الثالث من الجزء الخامس من النظام الداخلي - كما تم التصويت عليه في 12 يناير 2012 -، المعنون ب :مقتضيات خاصة، و وسيعنون هذا الباب كالتالي:علاقة مجلس النواب بمؤسسات و هيئات حماية الحقوق و الحريات و الحكامة الجيدة و التنمية البشرية و المستدامة و الديمقراطية التشاركية. سيتضمن هذا الباب مادتين 182 و183، الاخيرة تتعلق باستمرار العمل بالمقتضيات القانونية المتعلقة بعلاقة مجلس النواب مع المؤسسات و الهيئات المنصوص عليها في الفصول من 161 إلى 170 من الدستور، الى حين صدور القوانين المنصوص عليها في الفصل 171من الدستور. اما المادة 182، فتتعلق بوجوب تقديم المؤسسات المذكورة ،امام مجلس النواب مرة واحدة على الاقل في السنة، تقريرا عن أعمالها، و ان هذه التقارير تودع «لدى مكتب المجلس الذي يحيلها على اللجان الدائمة المختصة، التي تتولى مناقشتها بحضور رؤساء المؤسسات و الهيئات المعنية، و اعداد تقارير تحال على الجلسة العامة لمناقشتها» قرار المجلس الدستوري رقم 829 / 12 ، المتعلق بالبت في مطابقة النظام الداخلي لمجلس النواب للدستور، جاء بان ما تضمنته المادة 182، من ان المؤسسات و الهيئات المذكورة تقدم امام«مجلس النواب» وجوبا مرة واحدة على الاقل في السنة تقريرا عن أعمالها، و من ان اللجان الدائمة المختصة تتولى مناقشة هذه التقارير«بحضور رؤساء المؤسسات و الهيئات المعنية»، يتعين اعتباره مخالفا للدستور. حيثيات تفسير هذه المخالفة، تجلت فيما يتعلق بالفقرة الاولى من المادة 182، بكون الفصل 160، من الدستور، (لئن كان يتوجب على المؤسسات و الهيئات المشار اليها تقديم تقرير عن أعمالها مرة واحدة في السنة على الاقل، فإنه ينص على ان هذا التقرير يكون «موضوع مناقشة من قبل البرلمان» ولا ينص على ان هذه المؤسسات تقدم تقريرها «امام مجلس النواب» كما تقتضي ذلك الفقرة الاولى من هذه المادة، مما يعني ان مناقشة هذا التقرير، داخل مجلسي البرلمان، تكون بين اعضاء كل منهما فيما بينهم و بمشاركة الحكومة، و ليس مباشرة مع المسؤولين عن هذه المؤسسات و الهيئات) الملاحظة الاولى التي تطرح نفسها، هنا هي لماذا «منع» المجلس الدستوري المسؤولين عن هيئات الحكامة من الحضور و الاسهام في مناقشة البرلمان لتقارير هذه الهيئات؟ و هل هذا «المنع» بمثابة تحصين ضد اي امكانية للمساءلة ؟ثم مامعنى هذه الجملة الغامضة:«مناقشة هذا التقرير، داخل مجلسي البرلمان، تكون بين اعضاء كل منهما فيمابينهم «!!هل يعني ذلك داخل كل مجلس على حدى؟ام داخل المجلسين ؟و هل يتم ذلك عبر الجلسات العامة ؟ام عبر اللجان؟ الملاحظة الثانية التي يمكن تقديمها هنا، تتعلق بالتساؤل ،حول مدى انطلاق القاضي الدستوري في هذا الجزء من القراركذلك - كما تم الامر بالنسبة للفصل 101من الدستور الذي يتحدث عن تخصيص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية -، من قاعدة «وحدة معجم القانون»، ليقرا كلمة «البرلمان» بمعنى «مجلسي البرلمان المجتمعين»، و هو امر يبدو انه قد طاله نوع من عيب التاويل، انطلاقا من العناصر التالية: - قيام النظام الدستوري المغربي على قاعدة الثنائية المجلسية، يجعل من امكانية جمع المجلسين، عبارة عن اسثتناء احاطه المشرع الدستوري بكامل ضمانات التنصيص الدستوري الصريح؛ حيث حدد الفصل 68 في فقرته الرابعة الحالات التي تنعقد فيها جلسات مشتركة للبرلمان بمجلسيه، على وجه الخصوص، عند افتتاح الملك للدورة التشريعية و الاستماع الى الخطب الملكية الموجهة للبرلمان، المصادقة على مراجعة الدستور، الاستماع الى التصريحات التي يقدمها رئيس الحكومة، عرض مشروع قانون المالية، و الاستماع الى خطب رؤساء الدول و الحكومات الاجنبية، و فضلا عن هذه الحالات المحددة على وجه الخصوص أضاف الدستور امكانية عقد اجتماعات مشتركة، بطلب من رئيس الحكومة، للاستماع الى بيانات تتعلق بقضايا تكتسي طابعا وطنيا هاما. -بغض النظر عن المقتضى العام للفقرة الرابعة من الفصل 68، لجأ المشرع الى اعادة التأكيد الواضح بدون اي لبس لغوي، لطبيعة اجتماع البرلمان، كاجتماع مشترك بين المجلسين، في الفصول التي يستعرض فيها تلك الحالات، مثل الفصول 88، 174، - اعتبار مصطلح «البرلمان» يعني بالضرورة في المتن الدستوري، اجتماعا مشتركا للمجلسين، لايستقيم منطقيا مع منطوق عدد كبير من الفصول. اما فيما يتعلق بالفقرة الثانية، من المادة 182، من النظام الداخلي لمجلس النواب، فقدم المجلس الدستوري الحجة التالية (حيث ان المؤسسات و الهيئات المذكورة في الفصول من 161 الى 170 من الدستور، ومع مراعاة الطابع الاستشاري لتلك المذكورة في الفصول 163و164و168و169و170 ، تعد مؤسسات و هيئات مستقلة، اما بحكم ماينص عليه الفصل 159من الدستور من انه «تكون الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة مستقلة» واما بموجب الفصول الدستورية الخاصة بها، مما يجعلها لا تخضع لا للسلطة الرئاسية لوزير معين و لا لوصايته ،الامر الذي يمتنع معه تطبيق ما ينص عليه من «انه يمكن للجان المعنية في كلا المجلسين ان تطلب الاستماع الى مسؤولي الإدارات و المؤسسات و المقاولات العمومية ،بحضور الوزراء المعنيين و تحت مسؤولياتهم») الملاحظة المركزية هنا، تتعلق بان المجلس الدستوري الذي قدم تاويلا جيدا، للاستقلالية، في ارتباطها بالسلطة التنفيدية، لكنه في نفس الوقت اعتبر ان مناقشة اللجان الدائمة لتقارير هذه الهيئات ،أمرا مخالفا للدستور، و هو مايعني ان هذا المجلس قد توسع في تأويل الاستقلالية، من استقلالية تجاه السلطة التنفيدية، الى ما يكاد يكون استقلالية عن البرلمان. صحيح ، ليس في الدستور ما ينص صراحة على وجوب عرض هذه التقارير على اللجان، لكن تصور ذلك لا يصطدم بما من شانه ان يجعل من ذلك مخالفا لنصوص الدستور. و واضح ان القياس على حالة الفصل 102مسالة غير مفهومة في حالة هيئات الحكامة ،التي لا يعني عدم تبعتها للحكومة رفض امكانية مناقشة تقاريرها داخل اللجان النيابية الدائمة. سادسا: ملاحظات على سبيل الختم - ان اقتران الاستقلالية بالمساءلة، في حالة المرجعيات الدولية و الأممية للمؤسسات الوطنية ، و داخل التجارب المقارنة و الممارسات الفضلى، ينسجم مع البناء الدستوري المغربي الذي كرس استقلالية هيئات الحكامة من جهة، و تأسس على فكرة ربط المسؤولية بالمحاسبة ، كفكرة مركزية، من جهة اخرى. - يرتبط تدبير الإشكاليات الجديدة للعلاقة برلمان /مجالس و هيئات الحكامة، بحاجة ماسة لتكيفات الأنظمة و الفاعلين مع الأبعاد الجديدة لهذه العلاقة، و هنا فإن حالة استجابة مجلس النواب لاقتراح بعض الفرق لطلب رأي استشاري للمجلس الوطني لحقوق الانسان، حول مشروع الضمانات الممنوحة للموظفين العسكريين، يشكل تمرينا ناجحا لتدبير هذه العلاقة، حيث كان مجلس النواب مضطرا للاجتهاد و للاستناد الى مقتضى موجود في ظهير تاسيس المجلس الوطني لحقوق الانسان، و ليس للنظام الداخلي لمجلس النواب الذي يخلو لحد الان من تأطير لمسألة طلب إبداء الراي من احدى هيئات الحكامة. - ظلت هيئات الحكامة القائمة لحد الان، متمسكة في اقتراحتها و مذكراتها، بتصور متقدم للعلاقة مع البرلمان ، سواء من خلال مقترحاتها حول تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، الذي قدمته لليوم الدراسي المنعقد في تاريخ 21 مارس 2011، والتي دافعت من خلالها مثلا على ضرورة إقرار هذا النظام لصيغة لحضور هيئات الحكامة داخل لجن برلمانية، او كذلك من خلال المذكرة التي صاغ مثلا المجلس الوطني لحقوق الانسان حول تاسيس«هيئة المناصفة و مكافحة كل اشكال التمييز»، و التي عبر من خلالها عن تصور لاستقلالية هذه الهياة باعتبارها اساسا استقلالية تجاه السلطة التنفيدية. - امتلاك المجتمع المدني، في كثير من حالات الترافع من آجل تاسيس بعض هيئات الحكامة التي ينص عليها الدستور (هيئة المناصفة / المجلس الاستشاري للشباب و العمل الجمعوي..)، لتصور واضح لعلاقة كل من هذه الهيئات و المؤسسة التشريعية. -ان مجلس النواب، وهو يقدم على إصلاح نظامه الداخلي، مطالب بتقنين علاقة مؤسسية بين السلطة التشريعية، و هذه الهيئات مبنية على قاعدة المسؤولية، وعلى اعتبار «الاستقلالية» محدد لعلاقتها بالسلطة التشريعية و ليس بالبرلمان. - امام البرلمان ورش تشريعي يتعلق بالقوانين المنظمة لهيئات الحكامة الجيدة، و لا شك ان أحد تحديات هذه المهمة تتعلق بتفعيل طبيعة الاستقلالية، انسجاما مع المرجعية الدستورية، و مع الأدبيات الدولية و الأممية في الموضوع. - ان المعالجة القانونية، لايجب ان تخفي العمق السياسي للاشكاليات و الاسئلة التي تطرحها طبيعة العلاقة بين «هيئات للحكامة» تريد ملء مساحاتها كاملة و «برلمان» يبحث عن ترسيخ دور تمثيلي محاط بالتشكيك في شرعيته و قصوره المؤسسي، إشكاليات ترتبط عمليا بالطريقة التي سيدبر بها المغرب هذا «التوتر» البنيوي داخل مشهده المؤسسي الجديد، توتر موضوعه هو التدافع الطبيعي بين نوعين من الشرعية: شرعية التمثيل السياسي المبنية على سلطة الاقتراع العام وعلى فكرة المسؤولية، وشرعية المؤسسات الوطنية المبنية على سلطة «الاستشارة» وفكرة الديمقراطية التشاركية والحوار العمومي المدمج للمجتمع المدني. خامسا: الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة داخل النظام الداخلي لمجلس النواب، و موقف المجلس الدستوري وجد مجلس النواب الذي افرزته انتخابات 25 نونبر 2011 نفسه امام الحاجة الماسة الى وضع قانون داخلي جديد، تطبيقا للفصل 69 من الدستور، و ذلك للإجابة على الاقل على تحديين أساسيين:الاول يتعلق بالملائمة الشكلية و «المعجمية»مع الدستور، وبتلك المتعلقة بالصلاحيات الجديدة التي منحها هذا الاخير للسلطة التشريعية، وخاصة لمجلس النواب. و الثاني يتعلق بمستوى اعمق يهم تجويد العمل البرلماني و ترشيده، خاصة فيما يتعلق بطبيعة التوازن المؤسساتي الجديد بين المجلسين. ولعل ضغط الزمن السياسي، والحاجة الى جاهزية مجلس النواب لتامين الانطلاقة الطبيعية للمؤسسة، و للتعامل مع متطلبات المرحلة السياسية التي تلت الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، قد سرعا من وتيرة إنجاز النظام الداخلي لمجلس النواب، في صيغة إصلاح اولي، بما يفي بشروط التجاوب مع هاجس الملاءمة في حدوده الدنيا، مع الاتفاق على الإبقاء على ملف إصلاح النظام الداخلي مفتوحا للجواب على الإشكاليات العميقة للعمل البرلماني، و هذا ما تجلى مصادقة مجلس النواب بتاريخ 12يناير 2012، على النظام الداخلي الجديد لمجلس النواب، الذي كان موضوعا لقرار المجلس الدستوري رقم829 / 12 بتاريخ 4 فبراير 2012، و امام حجم الملاحظات المقدمة من هذا الاخير، لجأ مجلس النواب الى معالجة جزئية همت بالأساس الملاحظات التي ترتبط بتأمين السير العادي لهياكل المجلس، وهي المعالجة التي شكلت - من جديد - موضوعا لقرار المجلس الدستوري رقم 838 / 12 بتاريخ 16 فبراير 2012، مما سمح للمجلس في المباشرة العادية لعمله البرلماني، و في نفس الوقت متابعة ورش الاصلاح الهيكلي للنظام الداخلي، وذلك انطلاقا من اليوم الدراسي الذي عقده بتاريخ 21 مارس2012، تحت شعار«اي نظام داخلي لتحسين الأداء البرلماني و التنزيل الدستوري للدستور»، ومن تشكيل لجنة لإعداد مشروع جديد للنظام الداخلي. وبمناسبة الاصلاح الاولي للنظام الداخلي، كان مجلس النواب مطالبا بتدقيق العلاقة التي باتت تربط دستوريا ، بين مجلس النواب، و بين مؤسسات و هيئات الحكامة، وفي هذا الإطار قدمت للمجلس مجموعة من الاقتراحات من طرف مسؤولي بعض هذه المؤسسات؛ التي عقد رؤسائها (المجلس الوطني لحقوق الانسان،الوسيط،الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة،مجلس المنافسة) اجتماعا مع رئيس مجلس النواب حول هذا الموضوع بتاريخ 30 دجنبر2011، وكانت الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، قد وجهت مراسلة للرئيس المذكور، بتاريخ 28 دجنبر 2011، ضمنتها مقترحاتها المتعلقة بتعزيز الحكامة البرلمانية، فضلا عن مقترحات تهم علاقة المجلس بهيئات الحكامة الجيدة، تتعلق بمايلي: - «إدراج باب جديد بمشروع النظام الداخلي، يحدد علاقة مجلس النواب بالهيئات المذكورة. - تضمين هذا الباب لمقتضيات تسمح لمجلس النواب على الخصوص ب: * استشارة هذه الهيئات في المقترحات ذات الصلة بمجالات تدخلها بطلب من المجلس او بمبادرة منها. * استشارة هذه الهيئات بطلب من المجلس او بمبادرة منها في شان مشاريع المعاهدات و الاتفاقيات ذات الصلة، بمجالات تدخلها و المحالة على المجلس قصد الموافقة قبل المصادقة عليها من طرف الملك. * طلب إبداء الراي في مختلف القضايا التي لها علاقة بمجالات تدخل الهيئات المذكورة. *استدعاء رؤساء الهيئات المذكورة للمساهمة في أشغال بعض اللجان البرلمانية المخصصة لتدارس القضايا ذات الصلة. * تنظيم الجلسات المخصصة للاستماع الى التقارير السنوية المقدمة امام مجلس النواب من طرف هذه الهيئات، وفق برنامج يتم الاتفاق بشانه بين رئيس المجلس و رؤساء الهيئات المعنية.» و فعلا سيتم إدراج باب جديد، هو الباب الثالث من الجزء الخامس من النظام الداخلي - كما تم التصويت عليه في 12 يناير 2012 -، المعنون ب :مقتضيات خاصة، و وسيعنون هذا الباب كالتالي:علاقة مجلس النواب بمؤسسات و هيئات حماية الحقوق و الحريات و الحكامة الجيدة و التنمية البشرية و المستدامة و الديمقراطية التشاركية. سيتضمن هذا الباب مادتين 182 و183، الاخيرة تتعلق باستمرار العمل بالمقتضيات القانونية المتعلقة بعلاقة مجلس النواب مع المؤسسات و الهيئات المنصوص عليها في الفصول من 161 إلى 170 من الدستور، الى حين صدور القوانين المنصوص عليها في الفصل 171من الدستور. اما المادة 182، فتتعلق بوجوب تقديم المؤسسات المذكورة ،امام مجلس النواب مرة واحدة على الاقل في السنة، تقريرا عن أعمالها، و ان هذه التقارير تودع «لدى مكتب المجلس الذي يحيلها على اللجان الدائمة المختصة، التي تتولى مناقشتها بحضور رؤساء المؤسسات و الهيئات المعنية، و اعداد تقارير تحال على الجلسة العامة لمناقشتها» قرار المجلس الدستوري رقم 829 / 12 ، المتعلق بالبت في مطابقة النظام الداخلي لمجلس النواب للدستور، جاء بان ما تضمنته المادة 182، من ان المؤسسات و الهيئات المذكورة تقدم امام«مجلس النواب» وجوبا مرة واحدة على الاقل في السنة تقريرا عن أعمالها، و من ان اللجان الدائمة المختصة تتولى مناقشة هذه التقارير«بحضور رؤساء المؤسسات و الهيئات المعنية»، يتعين اعتباره مخالفا للدستور. حيثيات تفسير هذه المخالفة، تجلت فيما يتعلق بالفقرة الاولى من المادة 182، بكون الفصل 160، من الدستور، (لئن كان يتوجب على المؤسسات و الهيئات المشار اليها تقديم تقرير عن أعمالها مرة واحدة في السنة على الاقل، فإنه ينص على ان هذا التقرير يكون «موضوع مناقشة من قبل البرلمان» ولا ينص على ان هذه المؤسسات تقدم تقريرها «امام مجلس النواب» كما تقتضي ذلك الفقرة الاولى من هذه المادة، مما يعني ان مناقشة هذا التقرير، داخل مجلسي البرلمان، تكون بين اعضاء كل منهما فيما بينهم و بمشاركة الحكومة، و ليس مباشرة مع المسؤولين عن هذه المؤسسات و الهيئات) الملاحظة الاولى التي تطرح نفسها، هنا هي لماذا «منع» المجلس الدستوري المسؤولين عن هيئات الحكامة من الحضور و الاسهام في مناقشة البرلمان لتقارير هذه الهيئات؟ و هل هذا «المنع» بمثابة تحصين ضد اي امكانية للمساءلة ؟ثم مامعنى هذه الجملة الغامضة:«مناقشة هذا التقرير، داخل مجلسي البرلمان، تكون بين اعضاء كل منهما فيمابينهم «!!هل يعني ذلك داخل كل مجلس على حدى؟ام داخل المجلسين ؟و هل يتم ذلك عبر الجلسات العامة ؟ام عبر اللجان؟ الملاحظة الثانية التي يمكن تقديمها هنا، تتعلق بالتساؤل ،حول مدى انطلاق القاضي الدستوري في هذا الجزء من القراركذلك - كما تم الامر بالنسبة للفصل 101من الدستور الذي يتحدث عن تخصيص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية -، من قاعدة «وحدة معجم القانون»، ليقرا كلمة «البرلمان» بمعنى «مجلسي البرلمان المجتمعين»، و هو امر يبدو انه قد طاله نوع من عيب التاويل، انطلاقا من العناصر التالية: - قيام النظام الدستوري المغربي على قاعدة الثنائية المجلسية، يجعل من امكانية جمع المجلسين، عبارة عن اسثتناء احاطه المشرع الدستوري بكامل ضمانات التنصيص الدستوري الصريح؛ حيث حدد الفصل 68 في فقرته الرابعة الحالات التي تنعقد فيها جلسات مشتركة للبرلمان بمجلسيه، على وجه الخصوص، عند افتتاح الملك للدورة التشريعية و الاستماع الى الخطب الملكية الموجهة للبرلمان، المصادقة على مراجعة الدستور، الاستماع الى التصريحات التي يقدمها رئيس الحكومة، عرض مشروع قانون المالية، و الاستماع الى خطب رؤساء الدول و الحكومات الاجنبية، و فضلا عن هذه الحالات المحددة على وجه الخصوص أضاف الدستور امكانية عقد اجتماعات مشتركة، بطلب من رئيس الحكومة، للاستماع الى بيانات تتعلق بقضايا تكتسي طابعا وطنيا هاما. -بغض النظر عن المقتضى العام للفقرة الرابعة من الفصل 68، لجأ المشرع الى اعادة التأكيد الواضح بدون اي لبس لغوي، لطبيعة اجتماع البرلمان، كاجتماع مشترك بين المجلسين، في الفصول التي يستعرض فيها تلك الحالات، مثل الفصول 88، 174، - اعتبار مصطلح «البرلمان» يعني بالضرورة في المتن الدستوري، اجتماعا مشتركا للمجلسين، لايستقيم منطقيا مع منطوق عدد كبير من الفصول. اما فيما يتعلق بالفقرة الثانية، من المادة 182، من النظام الداخلي لمجلس النواب، فقدم المجلس الدستوري الحجة التالية (حيث ان المؤسسات و الهيئات المذكورة في الفصول من 161 الى 170 من الدستور، ومع مراعاة الطابع الاستشاري لتلك المذكورة في الفصول 163و164و168و169و170 ، تعد مؤسسات و هيئات مستقلة، اما بحكم ماينص عليه الفصل 159من الدستور من انه «تكون الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة مستقلة» واما بموجب الفصول الدستورية الخاصة بها، مما يجعلها لا تخضع لا للسلطة الرئاسية لوزير معين و لا لوصايته ،الامر الذي يمتنع معه تطبيق ما ينص عليه من «انه يمكن للجان المعنية في كلا المجلسين ان تطلب الاستماع الى مسؤولي الإدارات و المؤسسات و المقاولات العمومية ،بحضور الوزراء المعنيين و تحت مسؤولياتهم») الملاحظة المركزية هنا، تتعلق بان المجلس الدستوري الذي قدم تاويلا جيدا، للاستقلالية، في ارتباطها بالسلطة التنفيدية، لكنه في نفس الوقت اعتبر ان مناقشة اللجان الدائمة لتقارير هذه الهيئات ،أمرا مخالفا للدستور، و هو مايعني ان هذا المجلس قد توسع في تأويل الاستقلالية، من استقلالية تجاه السلطة التنفيدية، الى ما يكاد يكون استقلالية عن البرلمان. صحيح ، ليس في الدستور ما ينص صراحة على وجوب عرض هذه التقارير على اللجان، لكن تصور ذلك لا يصطدم بما من شانه ان يجعل من ذلك مخالفا لنصوص الدستور. و واضح ان القياس على حالة الفصل 102مسالة غير مفهومة في حالة هيئات الحكامة ،التي لا يعني عدم تبعتها للحكومة رفض امكانية مناقشة تقاريرها داخل اللجان النيابية الدائمة. سادسا: ملاحظات على سبيل الختم - ان اقتران الاستقلالية بالمساءلة، في حالة المرجعيات الدولية و الأممية للمؤسسات الوطنية ، و داخل التجارب المقارنة و الممارسات الفضلى، ينسجم مع البناء الدستوري المغربي الذي كرس استقلالية هيئات الحكامة من جهة، و تأسس على فكرة ربط المسؤولية بالمحاسبة ، كفكرة مركزية، من جهة اخرى. - يرتبط تدبير الإشكاليات الجديدة للعلاقة برلمان /مجالس و هيئات الحكامة، بحاجة ماسة لتكيفات الأنظمة و الفاعلين مع الأبعاد الجديدة لهذه العلاقة، و هنا فإن حالة استجابة مجلس النواب لاقتراح بعض الفرق لطلب رأي استشاري للمجلس الوطني لحقوق الانسان، حول مشروع الضمانات الممنوحة للموظفين العسكريين، يشكل تمرينا ناجحا لتدبير هذه العلاقة، حيث كان مجلس النواب مضطرا للاجتهاد و للاستناد الى مقتضى موجود في ظهير تاسيس المجلس الوطني لحقوق الانسان، و ليس للنظام الداخلي لمجلس النواب الذي يخلو لحد الان من تأطير لمسألة طلب إبداء الراي من احدى هيئات الحكامة. - ظلت هيئات الحكامة القائمة لحد الان، متمسكة في اقتراحتها و مذكراتها، بتصور متقدم للعلاقة مع البرلمان ، سواء من خلال مقترحاتها حول تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، الذي قدمته لليوم الدراسي المنعقد في تاريخ 21 مارس 2011، والتي دافعت من خلالها مثلا على ضرورة إقرار هذا النظام لصيغة لحضور هيئات الحكامة داخل لجن برلمانية، او كذلك من خلال المذكرة التي صاغ مثلا المجلس الوطني لحقوق الانسان حول تاسيس«هيئة المناصفة و مكافحة كل اشكال التمييز»، و التي عبر من خلالها عن تصور لاستقلالية هذه الهياة باعتبارها اساسا استقلالية تجاه السلطة التنفيدية. - امتلاك المجتمع المدني، في كثير من حالات الترافع من آجل تاسيس بعض هيئات الحكامة التي ينص عليها الدستور (هيئة المناصفة / المجلس الاستشاري للشباب و العمل الجمعوي..)، لتصور واضح لعلاقة كل من هذه الهيئات و المؤسسة التشريعية. -ان مجلس النواب، وهو يقدم على إصلاح نظامه الداخلي، مطالب بتقنين علاقة مؤسسية بين السلطة التشريعية، و هذه الهيئات مبنية على قاعدة المسؤولية، وعلى اعتبار «الاستقلالية» محدد لعلاقتها بالسلطة التشريعية و ليس بالبرلمان. - امام البرلمان ورش تشريعي يتعلق بالقوانين المنظمة لهيئات الحكامة الجيدة، و لا شك ان أحد تحديات هذه المهمة تتعلق بتفعيل طبيعة الاستقلالية، انسجاما مع المرجعية الدستورية، و مع الأدبيات الدولية و الأممية في الموضوع. - ان المعالجة القانونية، لايجب ان تخفي العمق السياسي للاشكاليات و الاسئلة التي تطرحها طبيعة العلاقة بين «هيئات للحكامة» تريد ملء مساحاتها كاملة و «برلمان» يبحث عن ترسيخ دور تمثيلي محاط بالتشكيك في شرعيته و قصوره المؤسسي، إشكاليات ترتبط عمليا بالطريقة التي سيدبر بها المغرب هذا «التوتر» البنيوي داخل مشهده المؤسسي الجديد، توتر موضوعه هو التدافع الطبيعي بين نوعين من الشرعية: شرعية التمثيل السياسي المبنية على سلطة الاقتراع العام وعلى فكرة المسؤولية، وشرعية المؤسسات الوطنية المبنية على سلطة «الاستشارة» وفكرة الديمقراطية التشاركية والحوار العمومي المدمج للمجتمع المدني.