تطبيقا لأحكام الدستور وخاصة الفصل الرابع والأربعين منه، يقر مجلس النواب نظامه الداخلي رغبة منه في أن يقوم بالمهام المنوطة به وفق أحكام الدستور، وأملا في أن يتسم عمله بالوضوح والعقلنة والفعالية، وأن يكون هذا النظام الداخلي أداة بين أيدي النواب لتوجيه وتوحيد أساليب العمل داخل مجلس النواب والهيئات الداخلية التابعة له، لتسهيل عملهم في نطاق احترام الدستور وما يحدده من اختصاصات لباقي المؤسسات الدستورية. لكن ما يلاحظ أن مجلس النواب الحالي لم يضع نظامه الداخلي إلى حد الآن واستمر في العمل بمقتضيات النظام القديم المتعلق بمجلس النواب الذي انتهت مهامه يوم 10 أكتوبر ,2002 إذ كان ينبغي على نواب الأمة أن يضعوا نظامهم مباشرة بعد تشكيل المكتب المسير للمجلس وانتخاب رئيسه. وجديربالذكر في هذا الصدد أن رئيس مجلس النواب عبد الواحد الراضي أكد صراحة في جلسة عامة، كانت مخصصة للمصادقة على تعديل المادة 44 من النظام الداخلي المتعلقة بتكوين الفرق النيابية بهدف الرفع من عدد أعضاء الفريق البرلماني من 12 إلى 20 عضوا في بداية الولاية التشريعية الحالية ، بأن مجلس النواب الحالي يجب أن يضع نظامه الداخلي الجديد وذلك عندما احتج بعض النواب على تعديل المادة المذكورة باعتباره غير قانوني لعدم احترامه مقتضيات النظام الداخلي الصادر سنة 1998 الذي يستوجب مجموعة من الإجراءات الخاصة بتعديل فصوله وعلى رأسها مناقشة المشروع في اللجنة النيابية المختصة وهي لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، هذه اللجنة لم تكن مشكلة إبان التصويت على مشروع تعديل المادة .44 وتبعا لأطروحة الأستاذ الراضي، فإن مجلس النواب صوت فقط على مقتضى فريد خاص بالعدد الواجب توافره في الفريق البرلماني، ولم يصوت على باقي المقتضيات الخاصة بمشروع النظام الداخلي الذي ما زال يتدحرج بين مكتب مجلس النواب ولجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، وبذلك نجد مجلس النواب يمارس حاليا ازدواجية في التطبيق: تطبيق مادة جديدة تتعلق بعدد أعضاء الفريق البرلماني الذي أصبح 20 وتطبيق مقتضيات النظام الداخلي القديم، وهذا تناقض بين يفند أطروحة رئيس مجلس النواب عندما دافع عن موقف قانوني لم يترجمه إلى واقع عملي، على الرغم من كون هذا الموقف له ما يبرره من الناحية الدستورية. وتأسيسا على ما سبق ذكره، فإن مجلس النواب قد خرق الدستور للأسباب التالية: 1 حول تعديل المادة 44 من النظام الداخلي المتعلقة بعدد أعضاء الفريق البرلماني. تنص الفقرة الثانية من الفصل 79 من الدستور على أن القانون الداخلي يعرض وجوبا على المجلس الدستوري للنظر في مطابقته للدستور، كما تنص المادة 304 من القانون الداخلي لمجلس النواب على أنه بعد موافقة مجلس النواب على التعديلات الواردة على النظام الداخلي يوجه رئيس المجلس نص التعديلات المصادق عليها إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها لأحكام الدستور. وتنص المادة 305 منه كذلك على أن التعديلات تصبح نافذة بعد تصريح المجلس الدستوري بمطابقتها للدستور. غير أن الذي حصل هو أن مجلس النواب الحالي، بعدما صوت على تعديل المادة المذكورة، شرع في تنفيذها دون أن يحيلها على المجلس الدستوري للبت في مطابقتها للدستور تطبيقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 79 من الدستور، وبالتالي فإن تنفيذ المادة 44 المعدلة يعد تنفيذا باطلا لعدم احترامه مقتضيات الدستور، وكل عمل باطل لا يرتب أي أثر قانوني. والغريب في الأمر أن نواب الأمة سكتوا عن هذا البطلان وساهموا في العمل به منذ حوالي سنة دون إثارة أي ردود فعل سياسي أو حتى التفكير لإحالة الأمر إلى المجلس الدستوري من أجل الطعن في عدم دستورية التعديل المذكور، خاصة بالنسبة للنواب الذين كانوا يرفضون الرفع من عدد أعضاء الفريق البرلماني من 12 إلى عشرين عضوا. 2 حول مسألة وضع نظام داخلي جديد: تطبيقا لأحكام الفصل 44 من الدستور يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت، ولكن لا يجوز العمل به إلا بعد أن يصرح المجلس الدستوري بمطابقته لأحكام الدستور، ويمكن قراءة هذا الفصل من زاويتين: النظام الداخلي الذي وضعه مجلس النواب السابق يمكن أن يسري على مجلس النواب الحالي، وهذه قراءة ضيقة لا تتم في روح النص. كل مجلس النواب ينتخب يجب أن يضع نظامه الداخلي وهذا الاتجاه نؤيده بناء على الحجة التالية: فالنظام الداخلي القديم وضعه مجلس النواب الذي انتهت مهامه بعد انتخابات 27 شتنبر 2002 وبما أن النظام الداخلي نظام خاص بالنواب، فإن نواب المجلس الحالي يحق لهم أن يضعوا النظام الذي يرغبون فيه وبالشكل الذي يتلاءم مع طريقة العمل البرلماني التي يريدون السير عليها، وقد تكون مختلفة عن الطريقة التي أرساها النواب السابقون. كما أن من يذهب إلى القول بأن هناك استمرارية في العمل البرلماني بغض النظر عن مجلس النواب المنتخب حاليا يكون رأيهم مجانبا للصواب، لأن مبدأ استمرارية المرفق العام المكرس في الفقه والقضاء الإداريين لا يمكن إسقاطه على مؤسسة تتجدد كل ست سنوات عن طريق الانتخاب ومكتب من أعضاء يقررون في مصير المؤسسة من حيث انتخاب رئيس ومكتبها المسير أو من حيث وضع هياكلها وأجهزتها كاللجان والفرق البرلمانية في إطار نظام من كل ولاية تشريعية. لذلك، فإن روح الفصل 44 من الدستور تستوجب وضع نظام داخلي جديد خاص بمجلس النواب الحالي وهذا ما أكده رئيس المجلس عبد الواحد الراضي في بداية هذه الولاية التشريعية، إلا أن مشروع النظام الجديد ما يزال في رفوف لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان. خالد الشرقاوي السموني أستاذ باحث في القانون الدستوري كيفية تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب وأهمية أبوابه تم وضع النظام الداخلي لمجلس النواب، كما أقره المجلس في 16 ذي الحجة 1418 الموافق ل (14 أبريل 1998)، وتأتي أهمية النظام الداخلي لمجلس النواب من خلال الأبواب التي ينظمها ويحدد اختصاصاتها ومقتضياتها بشكل دقيق، ومن أهم هذه الأبواب مسألة تكوين مكتب المجلس ، و كيفية انتخاب أعضائه وإختصاصاته. ويتعرض أيضا إلى المرافق الإدارية و المالية للمجلس، واللجان الدائمة من حيث عددها وتكوينها والحضور والغياب فيها والأشخاص الذين يحق لهم حضور اجتماعها، والتصويت داخلها. ومن الأبواب الهامة في النظام الداخلي ما يتعلق بتنظيم سير أعمال المجلس وتحديد جدول أعمال الجلسات العامة والإشراف على سيرها وتنظيم تناول الكلمة فيها وضبط محاضرها، ومسطرة التصويت في الجلسات العامة و اللجان. ويتضمن النظام كذلك الأمور المتعلقة بالتنبيهات والتأديبات والحصانة البرلمانية. ويتناول النظام الداخلي لمجلس النواب موضوعا هاما، وهو الذي من أجله أحدث في البداية، وهو موضوع التشريع، حيث يبين مسألة وضع مشاريع و مقترحات القوانين، والأعمال التشريعية للجان، ومناقشة مشاريع ومقترحات القوانين في الجلسة العامة، ومناقشة مشروع قانون المالية، ودراسة كذلك مراسيم القوانين. ويتطرق النظام الداخلي كذلك إلى مسؤولية الحكومة أمام مجلس النواب، ومناقشة البرنامج الحكومي والتصويت عليه، وتصريحاتها أمامه، وطلبها منح الثقة من المجلس، ومسألة ملتمس الرقابة، وتنظيم الأسئلة الشفهية والآنية والكتابية، وإلى غير ذلك من الأبواب الهامة.. وحسب الفصل الرابع والأربعين من دستور المملكة المغربية، فإنه ينص على أنه يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت، ولكن لا يجوز العمل به إلا بعد أن يصرح المجلس الدستوري بمطابقته لأحكام هذا الدستور. ويحدد النظام الداخلي لمجلس النواب، كيفية تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب في الباب الثالث منه من المادة 312 إلى ,317 حيث يصبح هذا النظام الداخلي نافذ المفعول بعد أن يبت المجلس الدستوري في مطابقته للدستور تطبيقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل الحادي والثمانين(81) من الدستور، ولا يمكن تغيير أية مادة أو أي فقرة من هذا النظام إلا إذا تقدم بذلك عشر (1/10) أعضاء مجلس النواب . وحسب المادة 314 من النظام الداخلي، فإنه يقدم مقترح تعديل النظام الداخلي إلى لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان لدراسته وتقديم تقرير بشأنه ورفعه الى مكتب المجلس . ويقرر مكتب المجلس تاريخ مناقشة التعديل بالجلسة العامة ، وتتم مناقشة التعديلات بالجلسة العامة وفق المقتضيات الواردة في هذا النظام الداخلي، والمطبقة على مشاريع ومقترحات القوانين . وبعد موافقة مجلس النواب على التعديلات الواردة على النظام الداخلي يوجه رئيس المجلس نص التعديلات الموافق عليها الى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها لأحكام الدستور(المادة 316)، وفي النهاية تصبح التعديلات نافذة بعد تصريح المجلس الدستوري بمطابقتها للدستور .