ماذا تكتب الآن؟ حاليا أكتب دراسات وأراجع أخرى تهم كتابي القادم حول الرواية العربية المعاصرة في الأردن، وهو الجزء الثاني من كتاب «السرد العربي: البناء والخصائص»، الجزء الأول يخص القصة القصيرة وهو قيد الطبع خارج المغرب، والثاني يخص الرواية وهو قيد التشكل ولا يمكنني الانتهاء منه إلا مع حلول العطلة الصيفية. إلى أي حد يسعفك هذا الفصل في الكتابة..؟ بصفة شخصية أحب فصلي الخريف والشتاء، أجد فيهما نشاطا ذهنيا ونفسيا يسعفني على التركيز أكثر والتفرغ إلى الكتابة ووضع مخططات مستقبلية لمشاريع كتابة قادمة. لا يعني هذا أنني لا أكتب في الفصول الأخرى، بل على العكس أكتب في كل الفصول وكلما دعت الضرورة؛ فيما يخص الحوارات والمقالات التي أرغب في نشرها بالدوريات، وأنجز فيها المخططات التي أكون قد وضعتها سلفا والمشاريع التي لم أنهها من قبل. أي فصل من فصول السنة يلهمك أكثر؟ لا أعرف تحديدا، بالنسبة لي الكتابة النقدية لا تحتاج إلى الإلهام تحتاج إلى الإصرار والمواظبة والعمل المتواصل بين قراءة الأعمال الأدبية وملاحقة الجديد منها وبين قراءة الدراسات النقدية والترجمات والكتب النظرية وغيرها.. الإلهام يحتاجه المبدع أكثر من الناقد والدارس والمحلل والباحث والمنظر، لكنني أجد أن كل الفصول تصلح للكتابة والإبداع وإذا كان ولا بد من التفاعل بين الكاتب وتقلبات فصول السنة، فإنني أعتقد أن لكل فصل إلهامه بما يمتاز به من خصوصية. أي شعور يعتريك عندما تنهي نصك..؟ طبيعي أن يشعر الكاتب بالراحة بعد الانتهاء من كتابة نص إبداعي، خاصة إذا كان الانتهاء من النص يراد منه المراجعة والتنقيح وإعادة النظر في جماع النص وتحقيق نسبة مهمة مما كان يرجى منه. شخصيا عندما أنتهي من كتابة مقالة مستقلة أو دراسة [فصل] من كتاب تنتابني حالة من الارتياح والقلق في آن، أرتاح لأنني أنزلت أهم الأفكار التي وضعتها سلفا في التصميم الأولي، وأفرح عندما أجد أن الكتابة قادتني في فورتها إلى نهايات ومواقف وآراء لم تكن قد خطرت لي على بال فأستحسنها، وبعدها يبدأ القلق هل تضيف المقالة أو الدراسة إلى العمل المنجز أم أنها خارج السياق، ما يقلقني هو شرود المقالة لأنني أعتبرها جهدا ضائعا فكل عمل لا يخدم المشاريع التي أرسمها قبلا يقلقني ويشعرني بالضياع؛ أي أنني أتحسر على الوقت والجهد الذي أخذته مني، لذلك لم أعد أنا الآن ما كنت عليه سابقا، في بداياتي كنت أكتب بدون توقف وبدون وبقلق كبير وفي كل الموضوعات والقضايا المستحدثة، اليوم لم أعد كذلك هناك خطوات مدروسة لأن الجهد لتقلص والوقت يضيق أمام تسارع الأحداث في الواقع والفكر وكل ما يحيط بنا. وأنت تكتب هل تستحضر المتلقي..؟ الحضور المقلق والفعلي أو حضوره كرقيب أبدا، لكنه حاضر أكيد في نمط التفكير ومستوى لغة الكتابة والقارئ الذي أخاطبه يجب أن يكون قادرا على مشاركتي أفكاري وفك شفرات لغتي، أتصوره قادرا على فهم عالمي الإبداعي والمناطق التي تشد اهتمامي وأسير نحوها، فالكتابة عندي ليست فقط رص المصطلحات المتداولة في السرديات بل هي طريقة فهم النص أولا وفك ما استغلق منه في سياقه العالم الخارجي؛ المجتمع والواقع المحيط بالذات الكاتبة خارج النص، وفي سياق تجربة الكاتب الإبداعية، لذلك على القارئ الذي يتابع كتاباتي ويقرأ كتبي أن يكون ملما بكثير من الأوليات [البدهيات]. هذا خاصة أما عادة وفي كتابة المقال الصحافي لتقديم كاتب أو كتاب يكون القارئ الذي أخاطبه قارئا متابعا ومحبا للتعرف على المضامين أكثر من القارئ الخاص. هل تمارس نوعا من الرقابة على ذاتك وأنت تكتب..؟ حاليا نعم، الكاتب النبيه يجب أن يكون رقيبا على كتاباته، ومعنى الرقابة هنا الوعي بالتيارات المختلفة والمتناقضة التي تتصارع في الواقع، والرقابة معناها اليوم الحرص على تقديم إنتاج أدبي يضيف إلى الساحة الثقافية المغربية لتقديم صورة حضارية مشرفة تدعم جهود مفكرين وجهود كتاب سابقين وضعوا لبنات ضمن الصرح الأدبي والفني الجمالي العربي. أما الرقابة بمعناها تغيير المبدأ والموقف والفكرة فلا تخدم الكاتب ولا الكتابة، وهي بعيدة عن تفكيري، فالكاتب الذي لا يكتب ما يؤمن به وما يراه صوابا لا يستحق أن يلقب بهذه الصفة، إنه بائع كلام ومواقف ودخيل على الكتابة لأنه يسوق بضاعة فاسدة لا تنتمي إليه. إلى أي حد تعتبر الكتابة مهمة في حياتك..؟ الكتابة مهمة عندي مادامت تقوم بوظائفها الجمالية والاجتماعية، وما دامت وسيلة ممكنة للتعبير عن رأيي في الكتابة والحياة والوجود ومادامت الطريقة المثلى لإعلان موقفي من حقيقة الضيق بين الحياة [الولادة] والموت.. إنها أنا وأنا هي. الكتابة..ما تعريفك لها..؟ هي المعادلة الجمالية والخيالية لما يجري في الذهن والفكر والنفس وما يمور به الواقع الذي تشكلت داخله الذات الكاتبة. وهي محاولة لفهم الذات والآخر والمجتمع ومحاولة التفاعل معه على مستوى معقد من الرموز [اللغة] للتعالي على سفائف العيش. إلى أي حد أنت راض عما كتبت..؟ كل ما كتبته يمثلني ولا أتنكر له صالحه وطالحه إن وجد، لأنه يؤرخ لمسار تجربتي الشخصية التي بدأت بسيطة وهي تتهجى الحياة وتتعرف على نفسها، وتختبر قدراتها وإمكانياتها الذاتية في فت القول وإنشاء خطاب يدل عليها، عندما أعود إلى ما كتبته قبل ثلاثة عقود أجد اختلافا كبيرا وقد أنتقد الكثير منه لكنه يظل في اعتقادي أنه يمثل المرحلة التي أنتجته بما لها وما عليها، وقد فعلت ذلك في الأيام الماضية وأنشأت صفحة خاصة بالنقد الأدبي على الفيسبوك مرتبطة بصفحتي المفتوحة والعامة الاجتماعية أنشر فيها بعض الكتابات التي نشر في ثمانينيات وفي تسعينيات القرن الماضي وقد كانت ذات نكهة خاصة جدا، مختلفة عني لكنها جزء مني في آن. عادة هل تعيد قراءة ما كتبت قبل اتخاذك لقرار النشر..؟ الناقد ملزم بإعادة قراءة ما كتب، لأن المقالة وخاصة الدراسة والبحث يحتاجون إلى مراجع وإحالات وتقويم أفكار وأساليب. وهناك مقالات لا أعيد قراءتها خاصة التي تكون مستعجلة كالإدلاء برأي في مسألة ثقافية أو سياسية تشهد الساحة المغربية أو العربية. محمد معتصم في سطور - ناقد أدبي من أعمال الكاتب المنشورة ورقيا : 1/ الشخصية والقول والحكي. توزيع مكتبة الرسالة. الدارالبيضاء. ط1. 1995م. المغرب. 2/ الرؤية الفجائعية: الأدب العربي في نهاية القرن وبداية الألفية الثالثة. منشورات الاختلاف. ط1. 2003م. الجزائر. 3/ المرأة والسرد. دار الثقافة. الدارالبيضاء. ط1. 2004م. المغرب. 4/ الصيغ والمقومات في الخطاب الروائي العربي. مكتبة المدارس. الدارالبيضاء. ط1. 2004م. المغرب. 5/ الرؤية الفجائعية: الرواية العربية في نهاية القرن. دار أزمنة. ط1. 2004م. عمان. الأردن. 6/ الذاكرة القصوى. دراسات في الرواية المغربية المعاصرة. دار الثقافة. ط1. 2006م. الدارالبيضاء. المغرب. 7/ بناء الحكاية والشخصية في الخطاب الروائي النسائي العربي. دار الأمان. الرباط. ط 1. 2007م. المغرب. 8/ خطاب الذات في الأدب العربي. دار الأمان. الرباط. ط 1. 2007م. المغرب. 9/ بنية السرد العربي (من مساءلة الواقع إلى سؤال المصير). الدار العربية للعلوم ناشرون ودار الأمان ومنشورات الاختلاف. ط1. 2010م. لبنان والمغرب والجزائر. 10/ بلاغة القصة القصيرة (بحث نقدي في التحول والخصائص). دار أزمنة. ط1. 2010م. الأردن. الجوائز: * جائزة المغرب للكتاب دورة 2005م صنف الدراسات الأدبية والفنية. على كتاب «الرؤية الفجائعية في الرواية العربية نهاية القرن العشرين» الصادر عن دار أزمنة. الأردن. 2004م