أتشرف باسم الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بأن أساهم في مناقشة الميزانيات الفرعية التابعة للجنة الفلاحة والشؤون الاقتصادية لسنة 2013 وأن أعبر عن وجهة نظر الفريق في هذه الميزانيات في نفس الاتجاه الذي عبرنا عنه داخل اللجنة خلال ميزانيات التالية: - التشغيل والفلاحة والصيد البحري والسياحة والصناعة التقليدية والصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة والطاقة والمعادن والبيئة والجالية المقيمة بالخارج. حيث أدلينا بالعديد من الاقتراحات بهدف تقوية دور هذه القطاعات لما لها من أهمية استراتيجية ولما تلعبه من دور في الاقتصاد الوطني. واسمحوا لي في البداية أن أستحضر روح المناضل التقدمي والنقابي، شهيد الطبقة العاملة عمر بن جلون الذي نخلد ذكرى اغتياله على أيادي قذرة وجبانة، لنقول في هذه الذكرى المأساوية أن الطبقة العاملة لن تتوانى في خوض معارك نضالية من اجل تحقيق حياة كريمة لجميع المأجورين. التشغيل جاء الدستور الجديد بالعديد من المواد التي تقوي وتدعم حقوق الطبقة العاملة حول ممارسة الحق النقابي وسيادة القانون والمفاوضة الجماعية وإبرام اتفاقيات الشغل الجماعية، غير أنه لحد الآن ومنذ مجيء الحكومة الجديدة لم تتم ترجمة ما جاءت به هذه المواد على أرض الواقع حيث لازالت الكثير من الخروقات تمارس ضد العمال والعاملات من طرف الكثير من المشغلين، كما هو الشأن لما يتعرض له العمال والعاملات بإقليم وارززات من التضييق الممنهج على الحريات النقابية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالعديد من القطاعات الإنتاجية والخدمات من طرف العديد من المسؤولين المحليين بمعية الباطرونا ولوبيات الفساد. فعدم أداء الأجور ومستحقات CNSS وCIMR و AMO والمحاكمات الصورية للمسؤولين النقابيين والمؤامرات الدنيئة أصبحت ممارسة عادية ومألوفة مما يتناقض مع الشعارات التي ترفعها الحكومة بخصوص احترام الحقوق النقابية. كما أن ما يتعرض إليه عمال مناجم بوازار من ضغط وترهيب واستغلال بشع ومتابعات وهضم لأبسط الحقوق الاجتماعية والنقابية من طرف شركة مناجم المفروض فيها احترام حقوق العمال وصيانة وحماية البيئة وصون كرامة الساكنة بدل التنكيل والقهر والتسلط الممارس على الأرض والإنسان، إنه نموذج صارخ في انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. بالإضافة إلى ما يعرفه القطاع السياحي من توترات بالعديد من المناطق والتي كانت لها انعكاسات سلبية على الإنعاش السياحي بسبب الخرق السافر للمقتضيات القانونية وعدم تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة العمال والعاملات، من جراء ما تعرضوا إليه من طرد تعسفي وتشريد منذ 9 يونيو 2009، حيث لازالت الأحكام حبرا على ورق. إن ما يعيشه العمال الزراعيون بالعديد من الضيعات في جهة مراكش ? الحوز لا يقل جورا واستغلالا وهضما للحقوق وتضييقا على ممارسة الحق النقابي من جراء الطرد التعسفي للمسؤولين النقابيين لثنيهم عن مواجهة الاستغلال والمطالبة بالحقوق واحترام القوانين وتمتيع العمال الزراعيين بما تضمنه لهم المواثيق الوطنية والدولية من حقوق اجتماعية واقتصادية ونقابية وما يقوم به بعض ارباب العمل بأكادير وفاس وغيرها للتضييق على الحق النقابي والتهرب من تطبيق القانون والمس بالمكتسبات. وإذا كان الدستور الجديد للمملكة ينص على أن الرجل والمرأة على قدم من المساواة يتمتعون بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، كما ينص على أنه لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة معاملة قاسية ، واللا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية، فإن الممارسة العملية والفعلية في العديد من القطاعات الإنتاجية تتنافى والمقتضيات الدستورية التي اعتبرها الشعب المغربي قطيعة مع الماضي وتفتح آفاقا وآمالا نحو المغرب الديمقرطي مغرب الحداثة الحرية والكرامة والمساواة. إن ما يتطلع إليه الشعب المغربي اليوم وفي مقدمته الطبقة العاملة أن يلمسوا التغيير في السلوك والممارسات والقطع مع ماضي انتهاكات حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنقابية وتفعيل آليات المصالحة إن على الصعيد الوطني أو المحلي والاحترام التام لمقتضيات مدونة الشغل. إننا لازلنا نؤكد على ضرورة أن تعمل الحكومة بجدية من أجل فتح باب الحوار بأقصى ما يمكن من الإنصات لصوت الطبقة العاملة، لتلبية المطالب المشروعة للمأجورين وإيجاد الحلول للقضايا المطروحة بهدف وضع حد لأشكال الاحتجاجات والاضرابات التي تعرفها الساحة الاجتماعية. ولهذه الغاية يستوجب الأمر استثمار ما تحقق من تراكمات ومنها. - التصريح المشترك لفاتح غشت 1996. - اتفاق 19 محرم أو23 ابريل 2000. - الإتفاق الإجتماعي 30 ابريل 2003. - التوافق على مدونة الشغل. - ما تحقق من إصلاحات التي عرفها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. - قانون 65.00 حول التغطية الصحية -اتفاق 26 ابريل 2011 إن هذا الرصيد جاء بفضل مجهودات كبيرة استغرقت سنوات طوال أدت إلى هذه الاتفاقات والتوافقات، وبالتالي لا يحق القفز عن ذلك والرجوع كل مرة للحديث عن منهجية الحوار وكأننا ننطلق من البداية، بل يجب الانطلاق مما تحقق واحترام دورية الحوار مرتين في السنة والاتجاه مباشرة لتلبية المطالب وإيجاد الحلول للقضايا المطروحة تجنبا لمضيعة الوقت وهنا يتطلب الأمر : - إحياء اللجنة المشتركة المتكونة من رئيس الحكومة والكتاب العامين للنقابات الأكثر تمثيلية ورئيس الإتحاد العام لمقاولات المغرب قصد متابعة تنفيد ما يتم الإتفاق عليه تطبيقا لآليات الحوار والتفاوض الجماعي المنصوص عليها في التصريح المشترك لفاتح غشت 1996 . - تنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 ابريل 2011. - فتح الحوار والتفاوض على مستوى القطاع العام والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية حسب كل قطاع - فتح الحوار على مستوى الجهات والأقاليم - إيجاد حل لمطالب الفئات العملين بالقطاع العام والمؤسسات العمومية. - مراجعة النظام الأساسي للوظيفة العمومية . - مراجعة شبكة الأجور - إصلاح أنظمة التقاعد - إصلاح القطاع التعاضدي - وضع برنامج حول تعميم الاتفاقيات الجماعية من خلال عقد اللقاءات على مستوى كل قطاع على حدة مع مراعاة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمهني بكل قطاع تفعيلا لما تنص عليه المادة 8 من الدستور. - التفعيل المكثف لآليات التشاور المنصوص عليها في مدونة الشغل: * مجلس المفاوضة الجماعية. * المجلس الأعلى لإنعاش التشغيل. * مجلس طب الشغل والوقاية من الأخطار المهنية. كما يتطلب إزالة الأسباب التي تؤدي إلى تكاثر نزاعات الشغل التي تعود إلى عدم تطبيق القانون الاجتماعي بشقيه ، قانون الشغل والحماية الاجتماعية وذلك بالعمل على : - تعميم بطاقات الشغل. - تعميم بيانات الأجر. - تطبيق الحد الأدنى للأجر. - وضع حد لظاهرة التشغيل المؤقت في حالة العمل المستمر. - احترام ما تنص عليه المادة 496 من مدونة الشغل حول مقاولة التشغيل المؤقت. - وضع حد لظاهرة تشغيل الأطفال. - حماية حقوق المرأة العاملة، وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - تعميم هيكلة لجنة المقاولة ولجنة السلامة والصحة بجميع المقاولات - إحداث النظام الداخلي بجميع المقاولات - وضع برنامج لهيكلة القطاع غير المهيكل. - حماية حق الانتماء النقابي. المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 الخاصة بالحريات النقابية وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي. كما يتطلب ? - تفعيل المادة 23 حول التكوين المستمر. - إحداث المجالس الجهوية لإنعاش التشغيل وفق ما تنص عليه المادة 524. - تفعيل ما تنص عليه المادة 511 بالإخبار بكل عملية التشغيل حين حدوثها. إعادة النظر في برنامج إدماج الذي تقوم به الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات حول العقد الأول للعمل ليتم العمل به لفترة واحدة فقط مع الاستفادة من خدمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. - إصدار القانون الخاص المتعلق بتنظيم العلاقات بين المشغلين والأجراء بالقطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف مع الاستفادة من الحماية الاجتماعية. - تفعيل مسطرة التحكيم. - إحداث قضاء مختص بالمجال الاجتماعي. - تسريع تنفيذ الأحكام - إحداث صندوق خاص لتنفيذ الأحكام. - احترام تركيبة لجان البحث والمصالحة على كل المستويات. - اتخاذ إجراءات صارمة في ما يتعلق بعدم احترام قانون الشغل . وبالنسبة للحماية الإجتماعية يتطلب : - تعميم التأمين على حوادث الشغل - تطبيق قانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي - تعميم التغطية الصحية والإجتماعية. - تعميم التغطية الصحية والاجتماعية على المأجورين والمهنيين بقطاع النقل تنفيذا لاتفاقية الشراكة الموقعة في 20 فبراير 2009 بين القطاعات الحكومية ( الداخلية? التجهيز- الإسكان- التشغيل-العمران ) - وضع برنامج مناسب لاستفادة العمال من السكن الاجتماعي - العمل على توفير مراكز ومرافق الاصطياف يستفيد منها الأجراء - تعميم مؤسسات الأعمال الاجتماعية بالقطاع العام والخاص. كل هذه القضايا طالبنا بها بمناسبة مناقشة القانون المالي لسنة 2012، وطالبت به الفيدرالية الديمقراطية للشغل في العديد من المناسبات، إلا أنه لم يقع لحد الآن أي تغيير، مما يجعلنا من جديد نعود لطرح هذه القضايا. وبالنسبة لتقوية جهاز تفتيش الشغل: نطالب بالعمل على: - توفير وسائل العمل والتحفيزات الضرورية ودعمه بالوسائل التي تمكنه من إنجاز مهامه تماشيا مع ما جاءت به الاتفاقية الدولية رقم 81 و 129 - اعطاء الصفة الضبطية لمحاضر مفتش الشغل . - مراجعة القانون الأساسي ليرقى إلى مستوى قانون بدل مرسوم؛ - الزيادة في التعويض عن التنقل مع توحيدها مراعاة ملاحظة التي قدمتها لجنة تطبيق المعايير الدولية المتفرعة عن منظمة العمل الدولية في مؤتمرها الدوري المئة لسنة 2011؛ - إعادة النظر في النظام الأساسي المنظم لجهاز تفتيش الشغل على ضوء أحكام الاتفاقيتين الدوليتين للشغل رقم 81 و 129، بشكل يراعي حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقه ، وإصداره في شكل قانون بدلا من مرسوم ؛ - تمكين جهاز تفتيش الشغل من وسائل العمل الضرورية بما في ذلك توفير الحماية القانونية ؛ - تفعيل المنصب المتعلق بالمفتش العام للشغل الذي اقره النظام الاساسي لجهاز تفتيش الشغل منذ سنة 2008 وأحكام القانون التنظيمي للتعيين في المناصب العليا؛ - توفير ظروف و وسائل العمل اللائقة بالمصالح المركزية والخارجية،(من بنايات لإستقبال المرتفقين ، ووسائل العمل والنقل)؛ - الرفع من أعداد جهاز تفتيش الشغل بكل مكوناته الثلاثة ( مفتشو الشغل ، أطباء مفتشو الشغل ومهندسو السلامة المهنية ) تلاءم حجم النسيج الاقتصادي؛ - ضرورة مأسسة الحوار القطاعي مع النقابات القطاعية والجمعيات المهنية؛ - امام ضعف عدد المناصب المحدثة بموجب مشروع قانون المالية الحالي (05 مناصب) لماذا لا تفكر الوزارة في تغيير اطار متصرف الى اطار مفتش الشغل لسد الخصاص الحاصل في الجهاز خصوصا وان عدد المفتشين الذين سيحالون على التقاعد مع متم سنة 2014 يتجاوز نصف عدد المفتشين الموجودين الان؟ علما أن الوزارة قد سبق لها أن لجأت اليها وأعطت ثمارها؛ - ضرورة بيان كيفية صرف مبلغ مليون درهم المخصص لجهاز تفتيش الشغل؛ - رصد ميزانية خاصة للتكوين ضمن ميزانية الوزارة ، بدلا من الاعتماد على التعاون الدولي في هذا المجال؛ - تخصيص اعتمادات مالية لمواكبة انتخابات مندوبي الإجراءات المقرر إجراؤها، ومراعاة الشفافية في تدبير صرف التعويضات لفائدة مفتشي الشغل المشرفين عليها؛ - المطالبة برفع الحيف عن شغيلة القطاع نتيجة التأخر في تمكين المكتب المسير لجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي وموظفات قطاع التشغيل من المنحة السنوية برسم السنة المالية 2012 ،الشيء الذي أدى الى حرمان الموظفين من مختلف الخدمات التي تقدمها ، وتوضيح اسباب ذلك، والعمل على الرفع منها برسم 2013؛ - توفير وسائل النقل والتغدية لفائدة موظفي وموظفات المصالح المركزية على غرار باقي القطاعات الاخرى؛ - تسوية وضعية موظفي وموظفات صناديق العمل، وذلك بإلحاقهم بوزارة التشغيل مباشرة بدل فرض خيار المغادرة الطوعية. أمام مستجدات الوضع الاجتماعي والسياسي الوطني والأهمية الاستراتيجية التي أضحى يمثلها قطاع التشغيل في السياسات العمومية، بالنظر لحيوية الخدمات العمومية التي يقدمها لمختلف الفئات الاجتماعية، و رهاناته المستقبلية في تحقيق التنمية واستتباب السلم الاجتماعي، الشيء الذي يفرض وجود إرادة قوية من طرف الساهرين على الشأن العام قصد النهوض به وإعطائه المكانة التي يستحقها، ومن أجل ربح هذه الرهانات نقترح التسريع بإعادة هيكلة الوزارة على ضوء أحكام اتفاقية الشغل الدولية رقم 150 حول إدارة العمل، والمصادق عليها من طرف المغرب. لابد ونحن نناقش ميزانية وزارة التشغيل أن نلفت نظر الحكومة لوضعية الفتيات القاصرات اللواتي تشتغلن عاملات في البيوت، حيث بالإضافة لتعرضهن للأذى البدني والعمل لساعات طويلة على مدار أيام الأسبوع مقابل أجور زهيدة، فإنهن يحرمن من حقهن الطبيعي في التعليم وفي الطعام الكافي أحياناً والاستشفاء، ناهيك عن غياب العطل الأسبوعية أو السنوية. إننا ندعو الحكومة لاتخاذ تدابير مستعجلة لتقليص معدلات عمل الأطفال في أفق الحد منه نهائيا. كما ندعوها إلى اتخاذ إجراءات محددة لحماية عاملات المنازل من غير القاصرات وتطبيق القانون بما يكفل الحماية لهن ويحفظ حقوقهن وكرامتهن. السيد وزير التشغيل، لقد صدمنا بعد اطلاعنا على شهادات فتيات فلبينيات تشتغلن كخادمات لدى بعض الأسر المغربية. لقد أصبنا بالذهول لما عاشته بعض هؤلاء الخادمات من حرمانهن من الراحة، والتلكؤ في دفع أجورهن كاملة وفي وقتها، بل إن بعض المعنيات روين كيف يتعرضن للضرب والتعذيب من لدن مشغليهن. إننا ومن منطلق دفاعنا عن مختلف أصناف العمال والمأجورين، فإننا إذ ندين هذه الممارسات التي تعود إلى قرون العبودية التي عفا عنها الزمن، فإننا نطالب الحكومة بالتدخل الفوري للدفاع عن الضحايا وتطبيق القانون، وذلك بفتح تحقيق جدي في كل ما يرد على القضاء في هذا الباب، وعلى السلطات الأمنية والإدارية من شكاوى وتظلمات، والحرص على احترام كرامة وحقوق الضحايا، بالإضافة إلى ضرورة تعزيز الترسانة القانونية وملاءمتها مع المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وبالعمالة الأجنبية وبحقوق المهاجرين. الفلاحة السيد الرئيس، السادة الوزراء، السيدات والسادة المستشارون، وفي المجال الفلاحي، لا يمكننا أن ننكر المجهودات التي تبدل في هذا القطاع الأساسي والمهم لبلادنا. غير أن الحكومة مطالبة بالمزيد من الجهد في توفير الأمن الغذائي و العمل على توفير تغذية سليمة وكافية، وخصوصا للفئات الأكثر هشاشة. وانطلاقا من ذلك، فإننا ننبه إلى دور الدولة في توفير الأمن الغذائي للحاضر وكذا لأجيال المستقبل من جهة، ومن جهة ثانية ننبه إلى مسؤوليتها في حماية المجموعات الضعيفة اجتماعياً ممن يعانون الفقر الشديد، ويحتاجون إلى عناية خاصة من الدولة. وفي هذا السياق، لابد من التذكير بالنقص الحاصل في هذا المجال بالإضافة إلى ما تعرفه بعض المناطق من نقص في المجال البنيات التحتية وتوفير ظروف العيش الضرورية. فمن البديهي أن للفقر وضعف القدرة الشرائية لعدد كبير من السكان تأثيراً مباشراً على ضمان الأمن الغذائي، كما أن للتدهور البيئي دورا ملموسا في تقليص فرص الحصول على أمن غذائي مستدام، خاصة مع ازدياد وثيرة نهب الرمال ونهب المعادن والاستيلاء على الثروتين الغابوية والبحرية خارج القانون... لذا فإن التقدم بخطى مضطردة نحو استئصال الفقر ومكافحة الفساد أمران حاسمان لتحسين فرص الحصول على الغذاء. إن بلادنا التي اختارت تحرير مبادلاتها التجارية مع الخارج، تعاني اليوم من مخاطر الارتفاع المستمر لأسعار المواد الغذائية المستوردة وخاصة منها الحبوب والزيوت والسكر. وهذا الارتفاع المتزامن مع ارتفاع أسعار البترول والغاز، يضع المغرب في مواجهة مخاطر لا تُعد ولا تُحصى. وبالتالي أضحى من غير المقبول الاستمرار في تجاهل قضايا الأمن الغذائي، والسياسة الفلاحية وتدبير الموارد الطبيعية. بل على الحكومة أن تجعلها في صلب الأولويات الاستراتيجية للدولة، وذلك من خلال: 1 تعزيز القدرة التنافسية للفلاحة الوطنية حتى تتمكن من مواجهة التحديات الكبيرة والمتنامية، المرتبطة بتحرير المبادلات الفلاحية، المنصوص عليها بموجب الاتفاقيات العديدة للتبادل الحر التي وقعها المغرب مع مختلف شركائه؛ 2 تحسين الإنتاج وتطوير زراعة القمح ووضع سياسات لتعزيز وحماية الإنتاج المحلي وتشجيع الاستثمار بهدف تحقيق الأمن الغذائي وتوفير الاكتفاء الذاتي من المواد الأساسية؛ 3 التحكم في ارتفاع أسعار المواد الأولية وتمكين الفلاحة الوطنية من مقاربة عصرية وحديثة في مجال التنمية، من خلال التحكم في تكاليف الإنتاج والرفع من الإنتاجية إلى جانب التوسع في مساحات الحبوب والأعلاف مع ما يتطلبه ذلك من إحاطة وإرشاد؛ 4 الاهتمام بصغار الملاكين ومساعدة الفلاحين الصغار والمتوسطين، الذين يمارسون الفلاحة المعيشية وعددهم يزيد عن مليون نسمة، والذين يساهمون إلى حد كبير في تمويل السوق الداخلية والوسط القروي بحاجياته من الحبوب والعلف واللحوم والحليب ،، مما سيساهم في الحد من مخاطر الهجرة القروية نحو المدن وما يترتب عنها من اختلالات أمنية. وبالتالي فالسياسة الفلاحية لابد لها من اعتماد الفلاحين الصغار والمتوسطين كدعامة لأي مخطط يهدف فعلا إلى تحقيق التنمية القروية والاستقرار والعيش الكريم. فرغم الموقع الاستراتيجي للقطاع الفلاحي من حيث مساهمته ب 19% من الناتج الداخلي، فإن القطاع يعيش عدة مشاكل وصعوبات تزداد حدة كلما ضعفت التساقطات المطرية. كما تعاني الفلاحة من سوء التنظيم ومن تدبير تقليدي للاستغلاليات. ومن بين أهم معوقات النمو في القطاع عدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بإدماج الفلاحة التضامنية الصغيرة المتواجدة أساسا في المناطق الجبلية والواحات والمناطق البورية في السياسات الفلاحية وتيسير استفادتها من برامج الدعم، بالنظر لموقعها في النسيج الإنتاجي القروي، حيث تستوعب هذه الفلاحة 80% من الأراضي المزروعة تعتمد على التساقطات المطرية ويتميز إنتاجها بالتذبذب. وإننا إذ نؤكد على ضرورة اتخاذ التدابير الواجبة للوفاء بمسؤولية الدولة عن تحقيق الأمن الغذائي للأجيال الحاضرة والقادمة، فإننا ندعوها أيضا لاتخاذ التدابير اللازمة لاستئصال الفقر وتحسين الفرص المادية والاقتصادية للناس كافة خاصة أولئك الذين يعيشون أوضاعاً مزرية، والحد من تدهور الثروات الطبيعية والتدبير العقلاني المستدام للموارد الطبيعية وعلى رأسها الثروة المائية. كما ندعو الحكومة للاهتمام أكثر بالعالم القروي وخاصة بالفلاحين الصغار والمتوسطين عبر برامج تضامنية تهدف إلى مساعدة تجنب موجات الهجرة نحو المدن. الصيد البحري السيد الرئيس، السادة الوزراء، السيدات والسادة المستشارون، تمتلك بلادنا ثروة مهمة و متنوعة من الأسماك والرخويات والقشريات يوجه أغلبها نحو التصدير، غير أنها تتعرض في كثير من الأحيان، لاستغلال غير معقلن من طرف الأسطول الأجنبي، تكون له انعكاسات سلبية على اختلال التوازن ما بين الكميات المصطادة يوميا، وإعادة تجديد مخزون الثروة السمكية. حيث لا تستفيد فئات واسعة من المغاربة من السمك الأبيض، ولا يعرفون أنوعه، ويستهلكون فقط بعض أنواع السمك الرخيصة الثمن . كما يواجه مخزون الموارد البحرية مشاكل عدة منها: عدم احترام فترات الراحة البيولوجية، والصيد في المناطق المحظورة، و استعمال وسائل الصيد المدمرة، بالإضافة إلى مشكل تلوث المياه البحرية.. مما يهدد بانقراض بعض أنواع هذه الموارد البحرية. وذلك يستوجب حماية الثروة السمكية لضمان التنمية المستدامة والمحافظة على النظام البيئي لاستمرار عطائه سواء من الأسماك السطحية وأسماك المياه العميقة أو الأسماك المهاجرة. وللأسف إننا نسجل غياب آليات حكومية ناجعة للحد من استنزاف الثروات البحرية وحمايتها من الصيد غير العقلاني. كما نسجل بامتعاض كبير استمرار تدهور الحالة الاجتماعية للبحارة وعموم المشتغلين بالقطاع الذين يشتغلون في ظروف صعبة خاصة بالنسبة للصيد البحري التقليدي. وبهذه المناسبة ندعو الحكومة إلى الاهتمام بتحسين أوضاعهم المعيشية والاجتماعية، وكذا تحسين ظروف اشتغالهم. الطاقة والمعادن والبيئة السيد الرئيس، السادة الوزراء، السيدات والسادة المستشارون، يلعب قطاع الطاقة دورا أساسيا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث أصبح محركا حقيقيا للنمو، ومن بين عوامل الإنتاج التي تحدد بشكل كبير مستوى تنافسية الاقتصاد الوطني. وأمام الطلب المتزايد على الطاقة عملت عدة دول على التحكم في الطلب والاستعمال العقلاني للطاقة، وخلق بدائل لاقتصاد الطاقة الكهربائية أهمها تطوير استعمال الطاقات المتجددة وذلك لتلبية الحاجيات الطاقية في أحسن الشروط من ناحية التكلفة والأمن. في هذا الصدد ندعو الحكومة لإيلاء موضوع اقتصاد الطاقة الأهمية التي يستحق، خاصة أمام تزايد الاستهلاك الوطني من الطاقة. وذلك باتخاذ تدابير وإجراءات من شأنها تشجيع العمل بالطاقة الشمسية لتفادي التبذير والتخفيف من عبء تكلفة الطاقة على الاقتصاد الوطني. وكذا لمسايرة الالتزامات الدولية للمغرب في مجال الحفاظ على البيئة. كما ننبه الحكومة لضرورة تهييء كل التدابير والوسائل المتاحة لإنجاح المشروع المغربي للنجاعة الطاقية كأداة للتنمية الاقتصادية ولتسريع وتيرة التنمية البشرية، الذي سيمكن من اقتصاد مليون طن سنويا من المحروقات، والحفاظ على البيئة عبر تجنب انبعاث 7ر3 مليون طن من ثاني أوكسيد الكاربون في السنة. وإذا نؤكد على المجهودات التي تبدل في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة، فإننا نطالب المزيد من المجهودات نظرا لما لهذا القطاع من أهمية بالغة وحيوية. السياحة السيد الرئيس، السادة الوزراء، السيدات والسادة المستشارون، يلاحظ الجميع أن نقص خدمات البنية الأساسية وارتفاع الأسعار أصبحا من معوقات تطوير السياحة في بلادنا، وبالتالي على الحكومة والقطاع الخاص تعزيز التعاون بينهما بهدف الاستفادة من فرص النمو الحقيقية في القطاع. وهذا ما يفرض أهمية الاستفادة من الإمكانات التي تتيحها مختلف الجهات، وتسليط الضوء على مناطق الجذب التي تتمتع بها بلادنا سواء الشاطئية أو الجبلية أو الصحراوية أو القروية. لايمكننا الحديث عن إنعاش القطاع السياحي في غياب خطوط جوية مباشرة بين المدن السياحية وبعض الأسواق السياحية التقليدية، كإيطاليا وبلجيكا وإسبانيا وسويسرا، والدول الإسكندنافية، مع إلغاء خطوط أخرى فرضته، تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وارتفاع أثمنة البترول بالسوق الدولية، لتشكل مجتمعة عوامل لتوجيه ضربة موجعة إلى قلب النشاط والرواج السياحي ببلادنا لا يمكننا الحديث عن إنعاش القطاع السياحي وجلب السياح في غياب سياسة فعالة لترويج المنتوج السياحي المغربي، أمام المنافسة الشرسة للعديد من المناطق السياحية. كما لا يمكننا الحديث عن سياحة قوية بدون تطوير المنتوج السياحي، وبهذه المناسبة أعرض أمامكم بعض الاختلالات والنواقص التي يعرفها القطاع السياحي في العديد من المدن السياحية ببلادنا، أذكر منها على سبيل المثال، سوء المعاملة التي ?يشتكي منها بعض السياح سواء المغاربة أوالأجانب من طرف بعض مستخدمي الفنادق التي تعتمد على يد عاملة غير مؤهلة، إضافة إلى رداءة تجهيزات الغرف، وتدني جودة التغذية بها بشكل لايلائم الأثمنة التي تطلبها أو الدرجة المصنفة فيها.?فضلا عن مشكل النقص الكبير في اللوحات المتعلقة بالمعلومات والاتجاهات والأمكنة، إضافة الى انعدام أكشاك الإرشاد السياحي وغيرها من الاختلالات التي يعاني منها القطاع السياحي والتي بدونها يبقى حديثنا عن مشروع 10 مليون سائح مجرد وهم وسراب لن يتحقق أبدا. لقد أولت الحكومات السابقة للقطاع السياحي الكثير من الاهتمام، غير أنها ركزت كثيرا على السياحة الخارجية بدل تقوية اهتمامها بالسياحة الداخلية خاصة مع فشل منتوج "كنوز بلادي" الذي لم يقم بالدور المنوط به ومع البطء الذي يعرفه إنجاز "برنامج بلادي" حيث لازال يسجل النقص في المرافق وأماكن الاستقبال الموجهة للسياحة الداخلية خاصة في فترات العطل، مما يتطلب الإسراع لتدارك النقص مع الأخذ بعين الاعتبار مستوى دخل فئات ذوي الدخل المحدود. إضافة إلى ذلك يتطلب من الحكومة أن تعمل على تشجيع الاستثمار في السياحة الداخلية. كما ندعوها إلى الاهتمام بشغيلة قطاع السياحة الذين يعانون من تدني الرواتب، وعدم وجود المحفزات الكافية بالإضافة إلى عدم وجود دعم يذكر من وزارة السياحة. الصناعة التقليدية السيد الرئيس، السادة الوزراء، السيدات والسادة المستشارون، تعاني بعض الحرف من عدة مشاكل تدفعها تدريجيا نحو الانقراض. وعلى الحكومة مساعدة هذه الحرف على استعادة وهجها كمكون تاريخي من مكونات الصناعة التقليدية المغربية. كما ندعوها لإيلاء أهمية خاصة للصناعة التقليدية كإحدى المكونات الأساسية للشخصية المغربية الإبداعية، وكتراث ثقافي وفني انصهر عبر سيرورة التاريخ. وإبراز الصناعات التقليدية ذات الحمولة الثقافية ودعمها أمام المنافسة الشرسة للمنتوجات القادمة من الخارج. وكذا منافسة الصناعة الحديثة. وهو ما يتطلب تشجيع استهلاك منتوجات الصناعة التقليدية واستثمار حب المغاربة جميعهم من نساء ورجال وشباب إلى هذه المنتوجات بوضع برامج عبر وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة وإحداث معارض بجميع المدن والقرى والاهتمام كذلك بالصناعة التقليدية الخدماتية التي تشغل أعدادا كبيرة من اليد العاملة. كما ندعو الحكومة إلى الاهتمام بالوضعية المادية للصانع التقليدي وكل الفئات التي تشكل الصناعة التقليدية مورد عيشهم. ونجدد مطالبتنا بالتعجيل بإصدار القانون الخاص المتعلق بتنظيم العلاقات بين المشغلين والأجراء بالقطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف مع الاستفادة من الحماية الاجتماعية. قطاع الصناعة والتجارة السيد الرئيس، السادة الوزراء، السيدات والسادة المستشارون، منذ حكومة التناوب أصبحت بلادنا تتوفر على العديد من الفرص والمؤهلات في المجال الصناعي ساعدها في ذلك قربها من الأسواق الكبرى خاصة الأوربية وتوفرها على التجهيزات الأساسية الضرورية بما في ذلك المناطق الصناعية المجهزة والبنيات الطرقية والمينائية وعلى الموارد البشرية المؤهلة. كما أصبحت ورشا مفتوحا لتحديث الاقتصاد ورفع تنافسية المقاولة وتحقيق التماسك الاجتماعي. ومع ذلك لا زال الاقتصاد الوطني يعاني من ضعف التنافسية نتيجة عدة عوامل من بينها عدم الاهتمام بالتطوير والتأهيل الصناعي والتجاري لامتلاك القدرة على المنافسة وضمان الجودة، مما يستوجب إعداد إستراتيجية وطنية لتأهيل الاقتصاد الوطني لضمان التحصين وتعزيز الاستثمارات، ودعم تنافسية المقاولة المغربية والحفاظ عليها، وتطوير وسائل الإنتاج والاهتمام بالتكوين والتكوين المستمر في عصر أهم ميزاته اشتداد التنافسية والمرشحة باستمرار للارتفاع والازدياد. وتوفير أحياء صناعية موضوعاتية بمختلف الأقاليم والجهات حسب خصوصياتها. كما أن الحكومة مطالبة بإرساء تدابير حمائية كافية للحيلولة دون انهيار المنتوج الداخلي والنسيج الاقتصادي جراء خطر غزو المنتوجات الصينية للأسواق الوطنية وخاصة في قطاع النسيج والألبسة، مما يلحق ضررا كبيرا بالاقتصاد الوطني. مما يستدعي معالجة هذا الاختلال باعتماد إجراءات حمائية وفرض معايير السلامة. وإذ ندعو الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها في توفير المناخ الملائم للمنافسة الشريفة ولحرية المبادرة وتكافؤ الفرص ومكافحة اقتصاد الريع، فإننا ندعوها ايضا إلى توفير التغطية الاجتماعية للتجار الصغار والمتوسطين والمشتغلين منهم لحسابهم الخاص. الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج وبمناسبة مناقشة ميزانية هذه الوزارة نطالب باسم الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بتحسين أوضاع الجالية المغربية خاصة في ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي تعرفها البلدان التي يقيمون بها مع إعطاء المجال الثقافي العناية اللازمة والتواصل المستمر معهم خاصة أمام الدور الهام الذي يقومون به سواء من الناحية الاقتصادية أو من حيث التعريف ببلادنا في بلاد المهجر. وفي هذا الصدد ندعو الحكومة لإعادة النظر في تصورها لقضايا الهجرة ولقضايا المغاربة المقيمين بالخارج بما يمكنهم من حقوقهم الدستورية كاملة غير منقوصة.