احتضنت مراكش يوم أمس الأربعاء 12 دجنبر 2012، الاجتماع الوزاري الرابع لمجموعة أصدقاء الشعب السوري . وتميزت جلسة الافتتاح بالرسالة الملكية التي تلاها وزير الخارجية والتعاون، والتي أكد فيها جلالته أن الوضع الخطير والمأساوي بسوريا يسائل الضمير الإنساني بالنطر للإعداد المتزايدة من الضحايا، وهي أعداد قابلة للارتفاع بشكل رهيب في غياب رد فعل دولي حازم وخاصة في ظل تهديد النظام السوري بإمكانية الأسلحة المدمرة والقيام بعمليات فتاكة.. ناشد جلالة الملك في رسالته السامية جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن تحمل مسؤولياتها كاملة في الحفاظ على السلم والأمن، واتخاذ موقف موحد وحازم في أقرب وقت من أجل تجنيب الشعب السوري المزيد من المآسي والآلام، ودعم عملية نقل السلطة في سوريا في أفق إقامة نظام ديمقراطي متعدد تلتئم في إطاره مختلف أطياف الشعب السوري ومكوناته، ويحول دون توسيع دائرة النزاع ويحد من مضاعفاته الإقليمية وانعكاساته المدمرة على مستوى دول الجوار والمنطقة برمتها.. وأشار جلالته الى أن تدهور الوضع الإنساني للسوريين داخل بلدهم وخارجه، يفرض ضرورة وضع آلية أممية ناجعة ومحكمة كفيلة بحماية المدنيين وإيصال المساعدات للمواطنين المتضررين والمنكوبين، وتوزيعها على المرحلين واللاجئين، وذلك في إطار من التعاون بين الدول ومنظمات الإغاثة الإنسانية الدولية منها والإقليمية والسورية، وبتنسيق مع البنيات المحلية والهياكل المختصة المنضوية تحت لواء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة . وأكد جلالته على ضرورة إنضاج وصياغة المقاربات الملائمة والخطط الفاعلة الكفيلة بمساعدة سوريا الشقيقة على تجاوز الأزمة العميقة التي تمر بها، وعلى تحقيق الانتقال الديمقراطي المأمول بما يحفظ لسوريا سيادتها، ويصون وحدتها الوطنية والترابية . وقال جلالته "إن تماسك وتوافق رؤى مجموعة أصدقاء الشعب السوري اليوم بخصوص هذه المأساة التي طال أمدها، يجعلنا نتشبث بضرورة الإسراع بالانتقال السياسي الكفيل بتجنيب الشعب السوري، مزيدا من العنف و إراقة الدماء وبضمان أوفر الحظوظ لبناء سوريا جديدة وتعددية لفائدة كل أبنائها . " وتحدث جلالة الملك عن المساهمة الفعالة للمغرب في فريق المراقبين العرب التابع لجامعة الدول العربية، وفي فريق المراقبين الدوليين المنبثق عن الخطة الأممية لتسوية الأزمة السورية، مبرزا أن المملكة المغربية شاركت بكل مسؤولية في اجتماعات مجموعة أصدقاء الشعب السوري في كل من تونس وإسطنبول وباريس، وجميع الاجتماعات التي عقدها فريقا العمل المنبثقان عن "مجموعة أصدقاء الشعب السوري"، والمعنيان على التوالي بالعقوبات وبإعادة بناء الاقتصاد السوري. واستجابة لطلب إغاثة ودعم الشعب السوري، أعرب رئيس الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، أحمد معاذ الخطيب عن امتنان الائتلاف للدعم والمساندة اللذين ما فتئ المغرب يقدمهما للشعب السوري من أجل تجاوز محنته، والمأساة التي يئن تحت وطأتها. وجدد الخطيب، في كلمة ألقاها خلال مأدبة عشاء أقامها يوم الثلاثاء وزير الشؤون الخارجية والتعاون، سعد الدين العثمان على شرف وفد الائتلاف المشارك في الاجتماع الوزاري الرابع لمجموعة أصدقاء الشعب السوري، الشكر للمغرب على استضافته لهذا الاجتماع. وأكد رئيس الائتلاف على ضرورة مواصلة العمل من أجل شرح قضية الشعب السوري، وحشد مزيد من الاعتراف الدولي بالائتلاف، ووقف حمام الدم بسورية، مشيدا بالمبادرة الإنسانية المغربية إلى إقامة مستشفى ميداني في مخيم الزعتري بالمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، يشمل مختلف الاختصاصات الطبية ويوفر العلاجات الضرورية والعمليات الجراحية لساكنة المخيم. كما واصلت المملكة مختلف أنواع الدعم للاجئين بطريقة مباشرة أو عبر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بكل من الأردن الشقيقة، ومؤخرا بتركيا، حيث تم إرسال مساعدات غذائية وعدد مهم من الخيم المقاومة للبرد. ومن جهته طالب معاد الخطيب ممثل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية المجتمع الدولي بالقيام بواجباته تجاه الشعب السوري ، وإنشاء صندوق دعم مفتوح لإعادة إعمار سوريا، والاعتراف بحق الشعب السوري بالدفاع عن نفسه بكل الوسائل . كما طالب بإعداد الملفات لتقديم المسؤولين السوريين الضالعين في الجرائم المرتكبة في حق الشعب للقضاء للمحكمة الجنائية الدولية ، مشددا على ضرورة تحمل روسيا مسؤوليتها كاملة في حال استعمال النظام للأسلحة الكيماوية في الشعب ، مع رفع التغطية السياسية عن النظام. كما طالب إيران بسحب خبرائها من سوريا، وحزب الله بسحبه مقاتليه. ووجه معاد الخطيب دعوته للشعب السوري بتدشين عصيان مدني ورفض الاستجابة لأوامره . هذا وقد أعلنت العديد من الوفود المشاركة عن اعترافها بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري. كما دعا الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى عقد مؤتمر دولي.. ويشارك في هذا الاجتماع الذي غابت عنه كاتبة الدولة في الخارجية الامريكية هيلاري كليلنتون وناب عنها مساعدها ويليام بون، حوالي 114 وفدا إلى جانب أعضاء الائتلاف الجديد للمعارضة السورية، وكذا ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية والمجتمع المدني. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما اعترف الثلاثاء بالائتلاف الوطني السوري الذي يضم أبرز المجموعات المعارضة لنظام بشار الأسد ك"ممثل شرعي" وحيد للشعب السوري، وذلك عشية الاجتماع الوزاري لمجموعة أصدقاء الشعب السوري بمراكش. وقال أوباما في حوار مع القناة التلفزية الأمريكية (أي بي سي نيوز) "لقد قررنا أن يصبح من الآن الائتلاف الوطني السوري، الذي يمثل الشعب السوري بشكل كاف، الممثل الشرعي للسوريين". ووصف الرئيس الأمريكي الاعتراف ب"الإجراء الهام" الذي يدشن مرحلة جديدة في الجهود الأمريكية الرامية إلى عزل نظام بشار الأسد. ويأتي هذا القرار بعد أن اعترفت بريطانيا والاتحاد الأوروبي في نونبر الماضي بالائتلاف الوطني السوري. وبالرغم من هذا الاعتراف فإن واشنطن لا تعتزم تزويد المجموعات المعارضة السورية بالسلاح حسب مسؤولين بإدارة أوباما. ودعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ، أمس الأربعاء بمراكش ، دول مجموعة أًصدقاء الشعب السوري إلى الاعتراف كل على حدة بالائتلاف الوطني السوري . وقال فابيوس ، في كلمة ألقاها في افتتاح أشغال الاجتماع الوزاري الرابع للمجموعة " يجب الاعتراف بالائتلاف .إننا نقوم به بشكل جماعي لكن يجب أن تقوم بذلك كل دولة على حدة " من جهته دعا رئيس الدبلوماسية الفرنسية الدول المشاركة في هذا الاجتماع والتي يفوق عددها 120 دولة إلى "تقديم كل أشكال الدعم الممكنة لجهود الائتلاف في خدمة الشعب السوري " . كما دعا الائتلاف الى مواصلة مساعدة السكان السوريين، وتعزيز انسجامه المدني والعسكري وضمان حماية كل الطوائف في سوريا سواء كانت تشكل أغلبية أو أقلية. وأعرب عن ثقته بأن سنة 2013 ستكون " سنة سوريا الديمقراطية الموحدة والحرة ". ويراهن الاجتماع الرابع المنعقد بمراكش على تفعيل النتائج المتوصل إليها في الاجتماعات السابقة لمجموعة أصدقاء الشعب السوري، وبحث أنجع السبل والوسائل الكفيلة بتحقيق انتقال سياسي نحو سورية ديمقراطية ومتعددة، ووضع حد للنزيف الذي يعانيه الشعب السوري الناجم عن الاقتتال اليومي الذي خرب البنايات التحتية لسوريا وقتل أزيد من خمسين ألف مواطن ودفع خمسين ألف أخرى للجوء إلى بلدان مجاورة . وكانت الاجتماعات الثلاثة السابقة لمجموعة أصدقاء الشعب السوري قد أسفرت عن مجموعة من القرارات تمحورت، على الخصوص، حول ضرورة التوصل إلى حل شامل وغير عسكري يستجيب لمطالب وطموحات الشعب السوري، ودعوة النظام السوري إلى تنفيذ قرارات منظمة الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس الأمن الدولي وخطة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة. كما أكدت المجموعة على ضرورة القيام بتغيير شامل للنظام، وأعلنت مساندتها للمعارضة السورية، واعترفت في هذا الصدد بالمجلس الوطني السوري كممثل شرعي لكافة السوريين.