طالب سكان الدواوير التابعة لجماعة إمين الدونيت قيادة أسيف المال دائرة مجاط عمالة إقليمشيشاوة، عامل الإقليم ، في رسالة تحمل مايفوق 150 توقيعا تتوفر الجريدة على نسخة منها بإصدار أوامره إلى المصالح المختصة بالعمالة من أجل تقصي الحقيقة في مشروع إصلاح مسلك أيت كاسا الرابط بين دوار إكلوان ودوار تغرات ، طوله 17 كيلومترا ودامت الأشغال به أكثر من سنة ، بل إن الشركة التي كلفت به لم تنجزه كما هو مسطر،واكتفت بما أنجزه سكان هذه الدواوير، وهي: دوار تلدامت دوار أنزلفي دوار إكرنتفي دوار تورار دوار تندري دوارأمي إغزر نعسي دوار البرج دوار أرك دوار تغرات دوار أرزومن توار تريست دوار أسقان ودوار أفور، ومن مواردهم الخاصة الضعيفة ، إذ يعتبر هذا المسلك مهما جدا والهدف منه فك العزلة عن هذه الدواوير ، خصوصا في فصل الشتاء، حيث تجد الساكنة صعوبات جمة قصد التنقل لقضاء الحاجيات أو الذهاب إلى المستشفات والمدارس التعليمية. وتعاني هذه المنطقة النائية من التهميش ومن عزلة تامة، حيث أكد بعض سكانها للجريدة:« أن العزلة التي نعيش داخلها تصنفنا ضمن المغرب المنسي ، إذ لا وجود لأبسط ظروف العيش الكريم من : الطرقات التزويد بشبكات الصرف الصحي والكهرباء ( بعض المناطق فقط)، ناهيك عن غياب شبه تام للمستوصفات والمدارس التعليمية، أما شبكة الإتصالات فليست بأحسن حال مما ذكر. إن صعوبة المسالك ووعورتها تشكل مشكلا عويصا أمام الساكنة المحلية لجلب المواد الغذائية، وكل ما تحتاج إليه،هذا في الظروف الطبيعية والعادية، فما بالك في فصل الشتاء والمنطقة يكسوها الثلج. لقد استبشر السكان خيرا حين تقرر إنجاز مشروع إصلاح مسلك أيت كاسا الرابط بين دوار أكلوان و دوار تغرات طبقا لطلب عروض مفتوح رقم 01-2011 ، إلا أنه ما لبثت الحقيقة أن انكشفت وعرت عن واقع مر، لم يستوعبه سكان هذه المنطقة . «إنها حقيقة الضحك على الذقون، يقول المشتكون ، فلا شيء تحقق رغم ما رصد لهذا المشروع من ميزانية مهمة ، ورغم المدة التي استغرقتها هذه الأشغال التي كانت تتوقف من حين لآخر لأتفه الأسباب، حيث دامت ما يزيد عن السنة. وفي الأخير لاشيء تحقق.فالحالة التي يوجد عليها هي في الأصل من عمل السكان ومجهوداتهم الشخصية، كما عبر عن ذلك العديد منهم.هذا الوضع المزري جعل السكان يعيشون حياة بدائية صرفة، إذ مازالوا يعتمدون في تنقلاتهم على الدواب (الحمير والبغال)،فهي الوسيلة الوحيدة التي تمكنهم من الوصول إلى وجهاتهم المعنية، لكن بعد ساعات طوال، حيث تصل إلى 3 ساعات للوصول إلى السوق الأسبوعي (الخميس)، وكل شخص لا يملك دابة ، فإنه يستأجر واحدة وبثمن لا يناقش - الحمير 100 درهم والبغال 150 درهما ، وفي المناسبات كالأعياد والعطل حين يعود أبناء المنطقة إليها، فإن المبلغ يتضاعف! بعض المصادر من عين المكان أكدت أن مجموعة من السكان جالسوا رئيس جماعة إمين الدونيت لمناقشة الأوضاع بجماعتهم وفي مقدمتها مسلك أيت كاسا وحين استفسروه عن وجود جرافة جامدة بالقرب من مقر الجماعة لما يفوق السنتين دون أن تتحرك وتستخدم في هذا المسلك ، كان جوابه (هاد شي ماشي شغلكم)! وأكد بعضهم للجريدة أن سيارة الجماعة تستعمل في أغراض سخصية للرئيس أو أغلب المستشارين بعيدة كل البعد عن المصلحة العامة، نفس الشيء بالنسبة لسيارة الإسعاف ،فبالإضافة إلى تسخيرها في نقل كل شيء هو خاص بالعديد من الأعضاء ، فإن المواطن العادي الذي إذا ما اضطرته الظروف لاستعمال هذه السيارة فهو ملزم بأداء مبلغ 400 درهم وأحيانا يصل المبلغ إلى 600 درهم دون تسليم أي فاتورة توضح أن المواطن أدى هذا المبلغ؟! .أما المستوصف الوحيد الذي تتوفر عليه الجماعة، فهو صالح لأي شيء ماعدا كل ماهو متعلق بالصحة، فهو بدون طبيب، يتوفر فقط على مساعدة الممرضة ولا يشتغل إلا يوم السوق(الخميس) من كل أسبوع وفقط لمدة أربع ساعات قد تزيد وقد تنقص أحيانا.كذلك بالنسبة لموظفي الجماعة الذين لايشتغلون إلا ساعات معدودة من يوم السوق في حين تبقى الأغلبية الساحقة منهم عبارة عن موظفين أشباح تؤدى رواتبهم دون القيام بأدنى شيء من المال العام في غياب أي مراقبة من الجماعة نفسها أو من عمالة إقليمشيشاوة! إن الغريب في الأمر، يؤكد بعض السكان ، أن خريطة المنطقة والتي يصحبها معهم بعض السياح من حين لآخر، توضح أن هذا المسلك جاهز وحين يصلون إلى عين المكان يجدون واقعا آخر ، يتمثل في ممر ضيق متهالك وكأنه تعرض لقصف جوي غادر ، فتكثر لديهم الأسئلة المحيرة، والتي لاجواب لها عند المسؤولين، أما السكان فغالبا مايكتفون بترديد (اللهم إن هذا لمنكر) لأنهم يعرفون أن هذا المسلك الذي يبلغ طوله 17 كيلومترا هناك مشروع لتوسيعه إلى 5 أمتار عرضا رصدت له الجهات المسؤولة مايفوق 100 مليون سنتيم ، كما أن المصادر نفسها تؤكد أن تكلفة الدراسة لوحدها بلغت 18 مليون سنتيم، والآن لايزيد عرضه عن مترين وفي بعض المناطق إلى مترين ونصف. سكان أهالي هذه الدواوير المتضررة راسلوا أيضا الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تتوفر الجريدة على نسخة منها تحمل هي الآخرى مايفوق 150 توقيعا وبعد سرد الوقائع المرة التي يعيشون في ظلها يوميا ، طرحوا عدة أسئلة منها :هل نحن فعلا في الألفية الثالثة؟ وهل نحن فعلا في مغرب الديمقراطية التي تتضح من خلال مقاربة تشاركية تجعل المواطن عنصرا فاعلا وفعالا في شتى المجالات من السياسة إلى الإقتصاد وغيرهما؟ « نعتقد ، تقول الشكاية ، أننا لسنا معنيين بكل الخطابات الداعية لذلك رغم حملنا لبطاقة تعريف تدل على جنسيتنا المغربية، فبالكاد يحصل الفرد منا على قوت يومه لهشاشة الوضع من جهة وللتهميش الذي طال هذه المنطقة من جهة أخرى ! فحتى الدقيق المدعم من طرف الدولة نجد أصحاب النفوذ في السوق الأسبوعي وغيرهم يضيفون هامش الربح الخاص بهم مستغلين قلة حيلتنا ...إنها فعلا أمور تثير السخرية. فكيف يعلم المسكين منا، يضيف المتضررون، بثمن ذاك الكيس رغم أنه مكتوب عليه لأنه هو أصلا أمي لايعرف القراءة والكتابة.ثم من أين لهم بذلك الثمن؟ إنه يسمع فقط عن محو الأمية في ذلك الجهازالذي لايتقن حتى النطق باسمه، وهو ما أجبره إلى الإنتقال بأحد أبنائه ذكرا كان أم أنثى، إلى العمل بالمدينة مقابل دريهمات بخسة يؤدي بها فاتورة الكهرباء بدلا من أخذ مكانه في القسم...»! و يضيف المشتكون في رسالتهم «نحن أيضا تصلنا البطائق الإنتخابية ولدينا مقر للجماعة القروية ومرشحون نراهم فقط في الحملات الإنتخابية وفي السوق الأسبوعي، فقلما تكبد أحدهم عناء الوصول لأحد الدواوير النائية طبعا لغرض في نفس يعقوب! ويتساءل السكان: كيف يمكن إنشاء وتكوين مواطن منتج فعال مساير للتنمية وكل ماترمي إليه مخططات المغرب الراهن، وهنا كل الحقوق مهدرة ضمنيا، فلامسالك طرقية ولاتعليم ولامستوصفات... ويبقى مانسمعه في وسائل الإعلام كلمات فضفاضة لاتعدو أن تكون شعارات لاأقل ولاأكثر»!!