حسن مبارك اسبايس لعله من نافلة "في التكرار فائدة"، أردنا أن نعود إلى هذا الموضوع من جديد ويتعلق الأمر بمطالبة المسؤولين في بلدنا على أعلى مستوى بالالتفات إلى شريحة من أبناء الوطن في جماعة اهديل شيشاوة التابعة لعمالة إقليمشيشاوة بولاية مراكش، حيث ظل الإقصاء والتهميش يطالهم على مر السنين ولم يلتفت إلى أوضاعهم الصعبة من فقر وقلة الحيلة وضيق ذات اليد وغياب تام لأبسط التجهيزات ومعاناة صغار الفلاحين منهم. في مقال سابق يصب في الاتجاه نفسه، كنا وضعنا اليد على الجرح ولفتنا نظر من يهمه الأمر إلى الوضع في الجماعة المذكورة وما يلاقيه مواطنونا هناك من معاناة يومية على مدار السنين التي مرت مع تعاقب الحكومات والسياسات باختلاف ألوانها الحزبية، ونفضنا وقتها بعضا من غبار النسيان الذي طال الساكنة مع مرور أعوام من التهميش والإقصاء، وأشرنا وقتها إلى أن السكان في دواوير الجماعة، التي حسب علمي تعد الأكبر في تراب الإقليم من حيث العدد، يعانون من نقص حاد في كل التجهيزات من طرق وتطبيب ودعم لصغار الفلاحين، علما أن كل الفلاحين هناك صغار بل الأصغر مقارنة مع باقي جهات المملكة؛ كما أنه إلى أمد قريب جدا لم يسبق أن زارهم مسؤول من كبار المسؤولين إلى أن قام السيد عامل إقليمشيشاوة مؤخرا بزيارة لدوار الكرينات ودشن ناديا نسويا لم ينطلق العمل به حسب علمي منذ ذلك الحين رغم مرور نحو السنة على تدشينه. ومن باب فائدة التكرار أيضا، نذكر أن وزارة الفلاحة بالخصوص لا تعير أدنى اهتمام لفلاحي سكان الجماعة( وأنا أتحدث عن جماعة اهديل شيشاوة) الذين يقاومون موجات الجفاف وقلة الإمكانيات وغياب تام وكامل للدعم الذي من المفروض أن تقدمه لهم الدولة كحق لهم عبر وزارة الفلاحة، وقد قدمنا وقتها نماذج لبعض الفلاحين الذي بادروا بمجهودات فردية ومساعدات عائلية إلى إقامة آبار ري واقتناء آلات سقي بسيطة (الموطورات) ولكن تكلفة الوقود وقطع الغيار وغلاء الحبوب كلها عوامل وقفت في وجههم عائقا لمقاومة الظروف الصعبة ناهيك عن مشاكل غياب طريق معبد يربط الجماعة بمدينة شيشاوة التي تبعد بحوالي 16 كلم، رغم سهولة المسالك ووجود طريق غير معبد منذ القدم. أما غياب وزارة الصحة على الجماعة فهذه معضلة أكبر كون الأمر يتعلق بما بقي من حيل في مواطن جماعة اهديل شيشاوة، ذلك أنه لتغطية علاج سكان ما يقارب 7 دواوير هناك مستوصف متهالك واحد بمقر اثنين اهديل يسكنه طائر البوم الذي يعوض غياب طبيب وممرضين؛ وغذا أضيف هذا المعطى إلى عدم وجود طريق معبد يسهل عملية نقل المرضى والحوامل والمتعرضين لتسمم نتيجة لدغات العقارب والأفاعي من الأطفال وغيرها فإن لكم أن تتصوروا حجم التهميش والظلم والحيف الذي تعانيه مواطنونا في هذه الجماعة وغيرهم كثير في مناطق أخرى. ومن المفارقة أن معضلة الصحة ليست فقط في الجماعة المذكورة فحسب بل إن المستشفى الإقليمي محمد السادس بشيشاوة لا يحمل من المستشفى إلا الاسم في غياب التجهيزات الضرورية خصوصا وأنه يقع في منطقة حيوية وقطب سياحي مهم غالبا ما تحدث في لا قدر الله حوادث سير مميتة تستدعي تجهيزه بما يلزم من أطر ومعدات في مختلف التخصصات. أما وزارة النقل والتجهيز، فيبدو أنها منشغلة أو كانت منشغلة حتى لا نظلم الوزير الحالي من باب أنه لا يتحمل أخطاء غيره، بأشياء أخرى تدر النفع وتملأ الجيوب في حين أن ميزانيتها لم تقو على تعبيد طريق بطول 16 كلم من شأنه تخفيف بعض من معاناة ساكنة 7 دواوير كاملة؛ وأملنا أن تبدي الوزارة الجديدة التي يقودها حزب العدالة والتنمية شيئا من العدل والتنمية لشبكة طرق العالم القروي ومنها طريق جماعة اهديل شيشاوة. وكباقي الوزارات فإن لوزارة الداخلية نصيبها الأوفر من التهميش الذي طال ويطال الجماعة. فمنذ فجر الاستقلال ودواوير الجماعة ضحية للسياسات العشوائية والحسابات الانتخاباتية الضيقة من حيث تبعيتها لعدد من العمالات والدوائر والجماعات. فمرة كانت تابعة لإقليمآسفي على بعد أكثر من 150 كلم، مع ان شيشاوة كانت دائما الأقرب بحوالي 16 كلم، ومرة لإقليماليوسفية، وأخرى لإقليمشيشاوة، وأحيانا لقيادة سيدي شيكر، وأخرى لدائرة أحمر في الشماعية، وثالثة لجماعة وقيادة إيغوذ، ولهذا تجد الواحد من أبناء الجماعة إن أراد الحصول على عقد رسم الولادة عليه أن يطوف بين كل هذه الجهات حتى يعثر على أصل لجذور ميلاده خصوصا مع البطاقة الذكية والتي تحتوي على بيانات غير ذكية بل إن من وضع تلك البيانات بناها على مستندات أمنية ضيقة من باب اسم امك واسم ابوك وكأننا في مخفر الشرطة وهي معلومات على اية حال لا تفيد أن توضع على صفحة بطاقة تعريف. كما أن الوزارة لم تكلف نفسها وضع قيادة ومقر للجماعة في قلب الجماعة من باب تقريب الإدارة من المواطنين، بل عكس ذلك اختار مقرا للجماعة والقيادة على طريق الصويرة- شيشاوة أو أربعاء سيدي المختار مما يزيد مواطنو الجماعة عناء فوق عنائهم إن هم أرادوا قضاء بعض الأمور الإدارية، وهنا أيضا نعود إلى أن سعادة القائد لا يمكنه أن يتنقل بين شيشاوة ومقر الجماعة في اثنين اهديل لأن الطريق غير معبد لسعادته في حين أن الأمر بالنسبة للمرضى والمسنين والمعاقين والأطفال والحوامل من أبناء دواوير الجماعة ليس مهما. إن الموسم الفلاحي الحالي، والعلم عند الله، لا يبشر بموسم فلاحي جيد في المغرب ككل، والأمر أكبر بكثير أدهى وأمر في إقليمشيشاوة وأشد مرارة وصعوبة في جماعة اهديل حسب ما يصل من هناك، ولهذا ندعو وزارة الفلاحة بالدرجة الأولى إلى تحمل مسؤوليتها كاملة، خصوصا وأنها من الوزارات التي لم تشهد تغييرا في الحكومة الجديدة ولذلك في هي مسؤولة عما فات وما هو قادم، وأن تقدم الدعم لساكنة الجماعة خصوصا وأنهم كلهم فلاحون أصغر من الصغار وفي حاجة ماسة لدعم من شاكلة تربية المواشي والدواجن والمساعدة في حفر الآبار وتجهيزها بآلات السقي( موطورات)، ودعم الحبوب والتجهيزات والوقود وتسهيل عملية امتلاك الجرارات بالنسبة للبعض وتشجيع المستثمرين في المنطقة التي أكدت التجارب أن المياه الجوفية قريب على السطح بكميات جيدة ثم غن التربة أيضا مواتية لإقامات ضيعات فلاحية تيسر فرص الشغل لأبناء الجماعة وتشجعهم على الاستقرار بدل من الهجرة إلى المدن وما يرافق ذلك من مشاكل. إن سكان الجماعة يعانون فيما يعانونه أيضا من غياب شبه تام للماء الشروب، ولم تكلف جهة حكومية نفسها عناء حفر آبار ومد أنابيب الماء الشروب إلى قرى ودواوير الجماعة لسد حاجياتهم من الماء الشروب، لهم ولما تبقى من ماشيتهم ودواجنهم، وإن كان المكتب الوطني للكهرباء قام منذ فترة بمد الكهرباء إلى عدد من الدواوير في الجماعة لكن يبقى مطالبا بالمزيد وتعميمها. وأخيرا التعليم الذي تعتبر الجماعة من أولى المناطق التي شهدت وجود مدرسة لتعليم أبنائها، حيث شيدت في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي مدرسة دوار الكرينات التي تعد بحق منارة لتعليم عدد كبير من ابناء الجماعة حتى قبل ان تصبح جماعة، وقد جاء آنذاك بمبادرة من أحد أعوان السلطة من أبناء دوار الكرينات الذي أقنع المسؤولين بضرورة بناء مدرسة وفعلا كان له ذلك ودعا السكان إلى المساهمة في بنائها وكانت منارة علم استفاد منها العديد من سكان الجماعة، وتخرجت منها شخصيات ساهمت وتساهم اليوم في خدمة وبناء الوطن فجازى الله الشيخ أحمد خيرا؛ لكن وزارة التربية مطالبة اليوم بتشييد مدارس أخرى وتوفير القاعات والأطر والظروف المواتية والمطاعم لأبناء الجماعة وبناء مدرسة إعدادية تكفي الشباب عناء السفر خارج تراب الجماعة.