الكتابة ورشة،اشتغال حقيقي للذات والأنا والآخر،للنص وما قبل النص،عمل مضني على اللغة من أجل أن تقول الذات جرحها وكينونتها، تفجير الغامض فيها وفينا. - شاعر،عضو اتحاد كتاب المغرب - عضو بيت الشعر في المغرب - صدر له المجموعات الشعرية الآتية: اشتعال الثلج(1998 )؛خطوات تتقدم الموكب(2005)؛ حارس النبض(2010 ) ماذا تكتب الآن؟ إذا كنت تقصد الكتابة بشكل عام،فأنا أكتب يوميا بعض الشذرات،والإيميلات،والتعليقات في الفايسبوك مع بعض الأصدقاء الإفتراضيين،قد تكون تعليقا أو أراء أو مواقف من قضية ما،كما أكتب يوميات بشكل متقطع،وأشياء أخرى،أتمرن يوميا كي أحسن من أرقامي،أو من لياقتي الذهنية،الذاكرة مثلها مثل الجسد تحتاج إلى من يوقظ فتنتها لتبقى مستمرة على قيد الحياة. الكتابة تحتاج إلى تمارين في القراءة،حسب التخصص،أو حسب الاهتمام،وعادة ما تجرني الكتب الإبداعية والثقافية من قميصي إليها،وأنا منهمك في بحث تربوي،أو كتابة تقرير عن ندوة أو ما شابه لك.الآن أقرأ رواية «طوق الحمام» لرجاء عالم،عمل إبداعي كبير ومدهش. أما إذا كنت تقصد الكتابة الشعرية،فأنا أكتب بعض النصوص بين الفينة والأخرى،أحتفظ بها،أقرؤها وأعيد قراءتها على مهل.وتلك متعة أخرى،وعمل شاق يدخل في مطبخ الكتابة ويلازمها كظلها الهارب. إلى أي حد يسعفك هذا الفصل في الكتابة ..؟ تعرف أننا لسنا كتابا محترفين،أو متفرغين للكتابة.صحيح أن إيقاع الأشخاص يرتبط بإيقاعات الطبيعة ،في فصولها،في مدها وجزرها،في غضبها وفي هدوئها. الكتابة ليست مثل الفلاحة،في أوقات زرعها،أو في وقت حصادها و مردودها،ليست مرتبطة بزمن محدد،أو بفصل معين،أو حتى بمكان ما.أما فصل الشتاء فيعجبني أن أسير فيه لوحدي تحت المطر. أي فصل يلهمك أكثر؟ فصل في الجحيم،الكتابة عذاب،ألم حقيقي،لا يمكن أن تكتب نصا جيدا وجديدا إلا تحت العذاب،ولذلك أخاف منها ومني.الكتابة لا علاقة لها بالإلهام،لا أومن به في القرن الواحد والعشرين.الكتابة ورشة،اشتغال حقيقي للذات والأنا والآخر،للنص وما قبل النص،عمل مضني على اللغة من أجل أن تقول الذات جرحها وكينونتها، تفجير الغامض فيها وفينا. أي شعور يعتريك عندما تنهي نصك..؟ لا يتنهي النص إلا بالنص الآخر،أي حين يخرج إلى القارئ،أي بالنشر في جريدة،أو في مجلة،أو مجموعة شعرية.لأني أقرؤه وأعيد قراءته بصوت منخفض،صوت داخلي،مرات ومرات،أشذبه من كل الأدران،والشتلات الصفراء،التي تعلق بها في غفلة هبة ريح،أو نغمة قد تصلني من الخارج.لا نتهي النص بالنشر،ولكنه يبدأ رحلة جديدة في حياته،قبل أن ينتهي على رف بارد.حينما أنهي نصا ،آخذ دشا باردا،أشرب عصير ليمون،ثم أبدأ في البحث عن النص التالي. وأنت تكتب هل تستحضر المتلقي..؟ فعل الكتابة هو بالضرورة فعل تلقي،تلقي الكاتب لما يقرأ،ولما يشتغل عليه من تيمات وقضايا،وتلقي القراء للنصوص،النصوص علامات ،والمتلقي أصناف ،يختلف المتلقي من صنف إلى آخر،ومن جنس لآخر،حسب الذائقة،وحسب المعرفة بالحقول،في مختلف العلوم والفنون والأشكال الإبداعية.أنا حين أكتب أرى في المرآة وجهي الآخر هل يشبهني أم لا. هل تمارس نوعا من الرقابة على ذاتك حين تكتب..؟ عادة ما ترتبط الكتابة بالتداعي،بسقوط الفكرة التي تنساب في سيلها،تنحت في الطبقات الهشة،وأحيانا تخضع لفعل المخيلة،أراقب مجراها الذي يبتعد عني أحيانا،ثم أوجهه حسب بوصلتي التي تخفيها الأعماق،أحيانا يجرفني التيار،لكني أحفظ صرختي من صخرة قد ترتطم بها إحدى الغيمات في يدي. إلى أي حد تعتبر الكتابة مهمة في حياتك؟ أحيانا تبدو الكتابة لا أهمية لها في مجتمع لا علاقة له بالقراءة،حسب ما نرى،وحسب ما تخبرنا به الدراسات السوسيولوجية حول علاقة المغاربة بالقراءة وعزوفهم عنها.هناك عوامل متعددة لهذه الظاهرة.منها ما يتعلق بوضعية المدرسة المغربية اليوم،ومنها غياب استراتيجية للدولة في مجال القراءة،ومنها دور الأسرة في الولع بالقراءة،بالإضافة إلى عناصر أخرى.بالنسبة لي لا أتحدث عن أهمية الكتابة ولكن عن ضرورتها والحاجة إليها، مثلها مثل باقي عناصر الحياة. لا يمكن الاستغناء عن الكتاب،كما لا يمكن العيش بدون أخذ القلم وتسويد بعض الحروف.الكتابة توابل الحياة لا يحلو طعمها بدون حضورها في مائدة الغذاء. الكتابة،ما تعريفك لها؟ الكتابة نمط عيش،يشبه قبائل الرحل،سفر ليس دائما سالما من العثرات،معجم حياة خاص، بكل الأفكار والأشياء والكلمات التي أكتبها،أحياها كل لحظة،وفي كل مكان.مسار وجودي لذات الكاتب،كوجيطو الأثر. البصمة هي الكتابة التي تفضح صاحبها حين يلقى عليه القبض في ليلة باخوسية، ويودع في مخفر ما،متلبسا بنص مشاغب ،يبقى مدانا حتى تثبت كتابته. إلى أي حد أنت راض عما كتبت..؟ أنا لست راضيا عما كتبت،وإلا خرجت من اتحاد الكتاب. عادة هل تعيد قراءة ما كتبت،قبل اتخاذك لقرار النشر..؟ القراءة فعل متعدد،الكتابة قراءة ثانية للمكتوب.تمحيص وتدقيق،نسج على نول العنكبوت.طِرْسٌ يمحو صمغ العابرين،ويبرز نبضات تطل منها شعلة العروق.