عرفت الأستاذ حسن إغلان منذ زمن طويل، لا أكاد أتذكر الآن بدايته، فقد أصبح بيننا من المودة والألفة والتوافق الفكري والفني ما يتهيأ لي معه أنني أعرف حسن منذ بدأت أعرف إخوتي الأشقاء وأنا طفل صغير، لأن حسن يملك من خفة الدم ومرح الروح وسعة المعرفة وما تسميه الثقافة الشعبية ( القََبول )، ما يتسرب به إلى قلوب أصدقائه، ويترسب في شغافها دون أن يشعروا، لكن كل هذا قد لا يهم إلا الأصدقاء الحميمين. أم الجانب العام في شخصية الأستاذ حسن إغلان، فيتميز بعدة ميزات أهمها في نظري: أولا: حب غامر وفياض لهذا الوطن، يتجلى في حديثه الشخصي، وفي مواقفه وكتاباته. ثانيا: التزام عميق بقضايا الشعب العامة، وانخراط تلقائي في معاركه الساخنة ضد المستغلين وضد اللصوص والفاسدي، والأهم ضد أعدائه الجدد: الذين يدّعون في الخطاب الديماغوجي الدفاع عن مصالح الشعب، بينما يتقاسمون دمه مع مصاصيه في الخفاء. وثالثا: قلم شريف ونزيه يعبر عما يؤمن به عن قناعة، ويستنكف عن ركوب الموجات وانتهاز الفرص والتهافت على أعراس التبرير. ورابعا: قلم جميل يبدع الجملة المختلجة التي تمس القلب وتهز الروح وتخلخل القناعات السائدة. وأخيرا: هذه الميزة الدقيقة ، أو لنقل هذه الهبة السماوية المرهفة والنادرة: القدرة على الجمع بين شيئين لا يكادان يجتمعان لكاتب، كأنما هما الماء والنار. وإذا كان المتنبي يرى أن الجمع بين الماء والنارأسهل من الجمع بين الذكاء والحظ ( الأذكياء سيؤو الحظ، والمحظوظون أغبياء ). وطبعا هذه وجهة نظر سيئة الحظ، إذا كان المتنبي يرى ذلك، فإنني أعتقد أن الجمع حتى بين الحظ والذكاء قد يكون سهلا إذا قورن بالجمع بين النضال والجمال. وفي بعض نصوص حسن الإبداعية هذا التفاعل الحر والحار بين هموم المواطن واهتمامات الكاتب ، بين التزام المناضل وحرية الفنان. إنهما قطبا الكتابة وحداها البائنان. ولن يعدل بينهما الكتاب ولو حرصوا. حسن يحرص دائما ويقارب العدل أحيانا. وتلك ميزة نادرة في الكتابة المغربية الحديثة على أي حال. لكل ما سبق، أعتقد أن تكريم الأستاذ حسن إغلان هو تشريف لنا نحن الذين نكرمه، أما هو فتشرفه أعماله، وتشرفه أخلاقه ومواقفه. صديقي حسن. شكرا لأنك موجود، ولأنك تكتب. وشكرا لأنك شرفتني بصداقتك. أحمد بوزفور