رفعت ساكنة كروشن، بإقليمخنيفرة، من سقف تهديداتها، إذ بعد تنفيذها لقرار الامتناع عن الدراسة، هددت في تظاهرة شعبية نظمتها، بعد زوال يوم الأحد قبل الأخير، بسنة دراسية بيضاء، إذ التمس المتظاهرون تدخلا ملكيا بزيارة من جلالته للمنطقة، وقد أكدت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن المظاهرة كانت الأكبر كثافة وحجما، مقارنة مع باقي التظاهرات السابقة، ما تم اعتباره «ردا واضحا على المشككين في قدرة الساكنة على الاستمرار في المقاطعة»، حسب رأي مصادرنا. بلدة كروشن مازالت تفور، منذ افتتاح الموسم الدراسي، على صفيح ساخن من التوتر والاحتقان، ومقاطعة الدراسة بها تدخل أسبوعها الرابع بمختلف مدارس وإعدادية البلدة، على خلفية الاحتجاجات السكانية المطالبة بإحداث نواة لثانوية تأهيلية، حيث شهدت البلدة عدة وقفات ومسيرات احتجاجية سلمية، شاركت فيها شرائح نسائية وشبابية، وفعاليات من مختلف الأوساط المحلية، وقد بلغ الوضع بالمحتجين إلى حد امتناع الأمهات والآباء عن متابعة أبنائهم للدراسة، حتى بالرغم من تهديدهم بالحرمان من الدعم المقدم في إطار برنامج «تيسير» في حال استمرار المقاطعة الدراسية. بعد النائب الاقليمي لوزارة التربية الوطنية ومدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، حاول عامل إقليمخنيفرة بدوره احتواء الأزمة، من خلال دعوة ممثلين عنهم إلى طاولة الحوار في سبيل التمكن من إقناعهم بتعليق قرار مقاطعة الدراسة، غير أن اللقاء لم يفلح في تغيير موقف المحتجين لعدم حمله لأي حل شافٍ قد ينتشل الوضع من عنق الزجاجة. وأكدت مصادرنا أن المسؤول الإقليمي لم يجد من الآراء والمواقف غير التي سبق تقديمها من طرف النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية ومدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، بينما فوجئ بعض الآباء بمراسلة من النيابة الإقليمية تجبرهم على ضرورة إخراج أبنائهم من موقف المقاطعة وإعادتهم إلى مقاعدهم الدراسية، وأي رافض لذلك يعرض نفسه للمساءلة والإجراءات القانونية المنصوص عليها في ظهير إلزامية التعليم. ومن جهته اضطر رئيس الجماعة القروية لاختبار حظه، حيث دخل على الخط، بشكل متأخر، وعقد لقاء تواصليا مع أمهات وأباء التلاميذ، في محاولة منه لإقناعهم بإمكانية إرجاع أبنائهم للدراسة، حتى أنه افتتح لقاءه باستعراض انتخابوي لمساره في التسيير، وكم كانت مفاجأة الجميع كبيرة حين قال ب»أنه مهدد من طرف السلطة ما لم يفك خيوط هذه الأزمة»، ما كشف للساكنة أن الرئيس تحول إلى موظف لدى سلطات وهمية بلسان مبطن بالتهديد، عوض القيام بدوره التمثيلي والتنموي في الدفاع عن مطالب سكان جماعته، وكانت خيبته عظيمة، تقول مصادرنا، عندما واجهته الساكنة برفض خطوته اليائسة، ما جعله يتسلل وينسحب من اللقاء. احتجاجات كروشن دفعت باتجاه عقد لقاء موسع، حضره إلى جانب النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية، قائد المنطقة ورئيس الدائرة ورئيس الجماعة القروية، وعدد من شباب كروشن وعناصر السلطة المحلية، حيث جدد النائب الإقليمي ما يفيد باستحالة إحداث مشروع نواة الثانوية خارج المعايير المعمول بها على مستوى عدد الناجحين إلى الثانوي، الأمر الذي اعتبره بعض السكان وسيلة تعجيزية، كما قال إن إنشاء دار للطالبة في سنة 2013 سيكون عاملا أساسيا في بلوغ العتبة، كما وقعت خلافات، خلال تحرير محضر اللقاء، حول بعض النقاط التي رفضها شباب كروشن، باعتبارها، حسب مصادرنا، مبطنة ببعض التلميحات الاستفزازية، منها رهن منحة برنامج «تيسير» بإرجاع التلاميذ للدراسة، وبعد الاتفاق على تعديل المحضر، غادر الجميع مكان اللقاء دون التوصل لأية تسوية أو حل، مع إصرار ساكنة كروشن على مواصلة مقاطعة الدراسة. وكانت «الاتحاد الاشتراكي» قد حملت ملف المشكل إلى مكتب النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بخنيفرة، هذا الأخير الذي اتضح له من خلال دراسة الإسقاطات المتوقعة للمواسم الدراسية، حسب تصريحه لجريدتنا، إلى حدود الموسم الدراسي 2015/2014، أن «الأعداد الضئيلة للتلاميذ الذين سيلتحقون بسلك الجذوع المشتركة بإعدادية 20 غشت في مركز كروشن لن يتجاوز 50 تلميذا سنويا على أبعد تقدير»، علما بأن في هذه السنة، حسب المسؤول الإقليمي عن قطاع التربية والتكوين، «لم يوجه من هذه المؤسسة إلى الجذوع المشتركة إلا حوالي 30 تلميذة وتلميذا، موزعين على شعبتي الآداب والعلوم»، وإعمالا لمبدأ ترشيد الموارد البشرية، فإن هذه الأعداد، يضيف ذات المسؤول، «لا تسمح بإحداث نواة للثانوية التأهيلية بهذه البلدة»، لأن التدريس بمستوى الجذع المشترك، على حد قوله، يستلزم عددا كبيرا من الأساتذة.