هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ردا على أحمد الريسوني: دفاعا عن الدين والحرية المسؤولة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 23 - 08 - 2012

يقول الفقيه أحمد الريسوني أخبار اليوم عدد 824 ، 5/4 غشت 2012، ص 13 «للأسف بعض متصدري حركة 20 فبراير بقوا مصرين على أنانيتهم وبعض نزواتهم التي لا تنتج إلا العزلة والفشل، وأعني بذلك شعاراتهم ومواقفهم المجافية للدين، وخاصة منها تلك المستفزة والمنفرة للسواد الأعظم من الشعب ومن الحركات الفاعلة. لم يقرؤوا على التاريخ الحديث، لم يستوعبوا قرنا من الجهود اللادينية الاستئصالية الفاشلة في العالم الاسلامي، لم يستوعبوا بعد ان اي حراك شعبي ناجح لابد أن يكون على وفاق من الدين والمجتمع المتدين، وألا يكون، على الأقل، في خصومة مع الدين. ولذلك بقوا في النهاية وحدهم، تفرقوا وانصرفوا. اعتقدوا ان حركة 20 فبراير ماركة مسجلة لهم وفي ملكيتهم، فتركها الشعب لهم، وتبقى يقظة الشعب وحركية الشعب ماضية تعبر عن نفسها بصيغ مختلفة»..
مبدئيا وبداهة: هذا المقطع «النصي»، بملفوظه، من حيث اللغة، مقطعا يسير في ركاب سابقه الذي انطلقنا منه للتمثيل والاستشهاد، لكنه، بؤريا، يختلف عنه نسبيا، لأنه، حسب مؤشراته الأسلوبية، يتخلص من التمركز الذاتي السيري ليتقمص روح «الجماعة»«، روح «نحن» مع الاحتفاظ بنبرة انا المتكلم التي تتوارى وتسطو على «جهة»(Aspect) الكلام،هذا وجه من وجوه اشتغال الملفوظ الخطاب، أما الوجه الآخر، فهو السير في اتجاه تأميم المقصدية وفق استراتيجية تغييب وعي الآخر بما يفعل وكأنه مجرد عابر في مجريات الحدث، بالمعنى المادي لوجود «حركة» ظهرت في خضم معطيات متعددة الروافد والقناعات والانتماءات بغض النظر عن الدوافع المباشرة وغير المباشرة ثم عن الوازع :إنها حركة وهذا اعتراف ضمني من لدن الفقيه بأنها «حركة»، والحركات، كما نعلم، لا تحتاج الى من يوجهها أو يرسم خرائطها، المهم في التحليل هو أنها «الحركة». انها «الحركة»، وعندما تقبل أو تغيب، فإنها محكومة بعامل الزمن وعامل السياق. أما الأرضية، فهي رهينة بمدى استيعابها لأدوارها ووظائفها وتأثيرها وكون بعض متصدري هذه الحركة أصروا على «أنانية»، و»نزوات» فذلك ليس مقياسا للحكم عليها بعزلة أو فشل، لأنهما حكما قيمة نسبيان بدليل ان الفقيه «يعترف» ولا «يعترف» في نفس الوقت: مزاج يقابل مزاج ثم إن الأمر لا يتعلق ب»شعارات» لأن الشعارات تمضي نظرا لأنها ليست المنتهى وليست النتيجة. إنها مجرد تعبير لصيق بإبداع وإصرار ولا خوف على الدين من بعض المتصدرين وبعض الشعارات حتى نطوي كل شيء.
حركة 20 فبراير مكسب ضد الجمود والبياض، لنقل إنها رد فعل ضد الكساد وضد المقايضة بالسياسة، وضد نوع من الدين المغلق والمستغلق الذي يتجاوز الوعي البسيط وينفي علاقة المرء بخالقه، لصالح علاقة تلقي به في سديم توجهات غنوصية تقتل فيه بساطة التدين وتصر على الالقاء به، في اتون ما لا طاقة له به من المحددات والموانع و الالزامات والحواجز ليبقى طيلة اقامته في الدنياسجين سلطة علماء الدين والفقهاء والدعاة والمفتين وحدهم يوجهونه من فوق، ومن قريب، بتحكم الي لا حد له، وهو يغرق ويغرق من فرط الاكراه وكأنه /كأنهم في حرب دائمة الغلبة لهم،يحرمون عليه كل شيء ويحرمونه من متعة الدين برحابة، إذ الدين قدرة واستطاعة وفهم واستيعاب وحيوية وتوازن،وليس إرغاما على الخضوع والتدني:الدين حرية مسؤولة بين جميع الاطراف،الدولة،العلماء،الافرادنالجماعات.الدين تنظيم وليس «نظاما» قابلا للتنفيذ خارج المؤسسات المشتركة داخل المجتمع.
تلك قيم اصيلة لمواجهة العالم الشرس ومغرياته.اما كون «فئة» تغالي فهذا لن يزعزع عقيدة من هم متشبثون بها لصلاح الفرد وصقل الشخصية،شخصية المواطننأقصد بلا افراط ولا تفريط او مبالغة او «تزيد» او تحريف.ومن حق من يملك هذه القيم الاصيلة ان يقف ضد سلطة فقهاء وعلماء ودعاة ومفتين متجبرين طغاةلا يؤمنون بها، اعني القيم الاصيلة،لكنهم يشغلونها لاحكام الطوق ومحاصرة الافراد من المتنورين والعلمانيين الصادقين،ومحاصرة كل مبادرة للقبض على الانحطاط الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي للتخلص من ذلك نهائيا،عوض تركه مستشريا،ويأتي العلماء والفقهاء والدعاة والمفتون ممن لايفقهون في العلم شيئا ليضعوا الناس في حجرات وزنازن وقماقم مغلقة ،مظلمة،دامسة
لتشريع القمع الفكري وتحنيط البشر في قوالب جامدة رغم ان الحضارة الاسلامية هي حضارة علماء اثروا التاريخ الفكري والمعرفي في حقول شتى وليس في الدين وحده: رياضيات، طب، حساب، جبر، منطق، فلسفة، علم سياسة، تاريخ، علم اجتماع، علم نفس، لغويات،ناهيك عن علم الكلام والهندسة والفيزياء والكيمياء والبصريات والتشريع والقانون والجغرافيا وعلوم الحياة والمعمار وتخطيط المدن والحدائق والساحات والمرافق العامة»
أليس مثل هؤلاء علماء ايضا ام وحدهم»علماء الدين» علماء؟لايستفيد علماء الدين من هؤلاء العلماء:نظارات طبيةشمسية،ساعات في حلي،بذلات،ربطات عنق،ألبسة داخلية،جوارب نسيارات رباعية الدفع،بواخر،طائرات،هاتف،برق،هواتف نقالة،حاسوب،كهرباء،وقس على ذلك.
إن الذين يفهم من كلام فقيهنا وربما من كل علماء الديننأن علوم الدين وحدها هي الضمان للعيش وللحياة والحضارة والتقدم والتطور،بلا عقل،بلا تفكير،بلا بحث ،بلا أفكار،بلا مواطنة فاعلة،هذا ما خرجت لاجله حركة 20 فبراير،وليس هناك من داع لجعل جماعة من متصدريها من الغوغاءو»الحائرين» سببا في التنكر لها ولومها،هؤلاءنظريون،أما العقلاء،داخل هذه الحركة،فقد عبروا وكانت مناسبة لمعرفة ما يدور في خلد شرائح واسعة من الشباب المغربي المتعطش للانعتاق.هذا أمر.أما الأمر الثاني،فهورهين بما يمكن، حسب السياق التداولي للّفظ والمعنى ثم الدلالة الحصرية، أن يُستخلص، بناء على المرجعية، من داخل الألفاظ والعبارات وهي تأتي مشحونة بمدلولات قائمة الذات لكنها غير ثابتة وتعني ما (قد) تعنيه حسب الاستعمال، ومن ذلك «»العزلة«« و «»الفشل»« و «»الاستئصال«« و »»الحراك الشعبي»« و »»الحركات الفاعلة»« و «»التاريخ الحديث»« و «»لم يقرؤوا«« و «»العالم الإسلامي»« و «»قرن من الجهود«« و »»الوفاق مع الدين«« وهكذا.
العزلة والفشل مفهومان فلسفيان، يوجدان أكثر في قاموس الوجودية.
الاستئصال بعدٌ من أبعاد الأدلوجات العسكرية والديكتاتورية والشمولية.
الحراك الشعبي حكم قيمة رهين بضرورة تمييزه عن حراك »»الدواب»« و »»الغنم»« وما شابه من »»تجمعات»« لا قائد لها الا عند الضرورة كسوق القطيع الى الرعي والارتواء.
الحركات الفاعلة مصطلح أفقي يعنيه ما يعنيه من النسبية والقيمة والوظائف والهدف والنتائج والتأثير قديماً وحديثاً حسب صيرورة التاريخ وثقافة الاحتجاج والدعوة إلى الإصلاح أو التغيير.
التاريخ الحديث مقولة ومجال لقياس مسافات الاهتمام المعرفي والطرح المنهجي والأشكلة النظرية حسب وجهة نظر ... بعدد وقائع وأحداث وعناصر ومكونات أساسها التصنيف والفهم والقدرة، بل الجرأة، على التأويل.
»»لم يقرؤوا«« حكم مسبق بلا أس محكوم بالدراسة الميدانية والقياس والمقارنة والاستقصاء.
العالم الاسلامي تصور تاريخي، جغرافي، سياسي، ثقافي، حضاري، يتسع ويضيف بحكم الصيرورات والمسارات العامة. نقول »»العالم الأوربي«« ونعني شيئاً، ونقول «»العالم القديم»« ونعني شيئا ونقول »»العالم الافريقي»« أو »»العربي»« أو »»الآسيوي«« ونعني ما نعنيه، وكذلك «»العالم الأمريكي»« أو »»الأمريكي اللاتيني»« و «»المتوسطي»«.
قرن من الزمن حصر وتسييج دون تحديد لماذا؟ وكيف؟ بل اختزال داخل اختزال، لأن هذا »القرن« أو ذاك مجرد انتقاء بينما منطق الزمن التاريخي يتجاوز ذلك.
الوفاق مع الدين اختيار مرهون بما ينبغي أن يكون، لأنه لازم، أو لا يكون لأنه عائق بحسب ما يوجبه الوفاق كقناعة وليس كإديولوجيا.
هكذا يتحرك خطاب فقيهنا بين عدة »أفكار« و »منظومات« بحيث يفقد بوصلة الجهاز المفاهيمي، وهذا عجز بيّن لا نلوم فيه أحداً وإنما نلوم ما وقعت فيه لغانا التواصلية معرفياً من تسكّع في الكتابة والتفكير والتحليل. ولعل السبب يكمن في التسرّع والارتجال والتخطيط والمزج بين »لغة« و »لغة« بلا تأمل ولا استبصار، ورغم أننا نفترض أن الفكر هو اللغة، فإننا نتصور كذلك أن اللغة تقتل الفكر متى سقطت في شرك غواية القول والأحكام والآراء بقدر ما تئد البرهنة والاستدلال، ومما يسند ما تطرحه الأحكام النهائية:
- »بقوافي النهاية وحدهم« (؟)
- »تفرقوا وانصرفوا« (؟)
- »اعتقدوا أن حركة 20 فبراير ماركة مسجلة لهم« (؟)
- »تركها الشعب لهم« (؟)
- »»تبقى يقظة الشعب وحركية الشعب ماضية تعبر عن نفسها بصيغ مختلفة« (؟).
هذه الأحكام لا تليق بذات »»عالمة» لصيرورة التاريخ والواقع، لأنها مجرد أحكام تسقط في مغبة الملاحظة لا تكفي في العلم بالشيئ ومن ذلك العلم ب» الحركات» من منظور التفكير النقدي الذي لا يكفي فيه حكم القيمة العابرة، وتقديم حركة 20 فبراير فيه مافيه من الأخذ والرد بحسب الرؤيات والمداخل والإشكالات والتصورات ولا تكفي ا لقناعات وحدها: »»بقوا وحدهم«« (!): الحركات كلها أوجلها تبقى وحدها حتى كانت محدودة في الزمن والمكان أو افتقرت إلى وازع محد ديوجهها نحو تحقيق غاية أفضل. »»تفرفوا»«، هذا واقع، لكنه واقع مغلق يحتاج إلى الحفر والكشف والرصد. «»انصرفوا»«: هذا متروك للمؤجل ولاحتمالات عديدة لا تستشف بالعين الظاهرة »»ماركة مسجلة»«: حق تخوفا أو تأمينا ككل حركة تريد لنفسها ان تكون حيث ينبغي أن تكون أولا تكون بالمرة وقد استهلكت أو فرغت من محتواها، لكن الهوية تبقى »»تركها اشعب»«: هي أصلا لا علاقة لها بالشعب بمعناه المتقادم، بل هي »»نخبة» قريبة من الشعب متى أقحمنا ضرورة أن تكون كل حركة »شعبية« ليس بالمعنى الفطري الرائج إلى حد التسيط. »»يقظة الشعب»«: هذا تعويم وسوء تقدير في حق أي شعب لمجرد أنه شعب بمراعاة حضوره كميا ونوعيا في اللحظات الحاسمة والتاريخية النوعية كما يعلمنا التاريخ نفسه »»الصيغ المختلفة»»: هذا تسليم واضح بانسداد الآفاق لأننا لسنا في أجمة، نحن في دولة وفي مجتمع ولدينا مؤسسات مشروطة بالحوار وتبادل الرأي والاختلاف والتخطيط واختيار صيغ الحلول الواجبة والممكنة كما يستدعي ذلك المجتمع المدني الديموقراطي.
هذه مجرد ملحوظات نسوقها من أجل تعميق صورة دين يؤمن بعبقرية الإنسان مراعيا أوضاعه المختلفة و مطالبه الراجحة دينا ودنيا بعيدا عن سلطة رجال دين وعلماء وفقهاء ودعاة ومفتين يسيجون كل شيء بالمنع والتحريم والتفكير وبعيدا أيضا عن «»الوفاق»« وعن «»المصالحة»« فقط كما يتصور السي أحمد لأننا أصلا في وفاق مع الدين ولن نرجو مصالحة مع أمر هو منا و نحن له، يعيش فينا و نحياه دون أصولية أو تمامية أو شمولية أو تطرف أو تحريف أو هو طقة ، بوصلتنا في كل هذا ،مبدأ وقناعة الحرية المسؤولة.
{ ما طبيعة التغييرات التي قام بها مرسي؟
في سلسلة من المراسيم الرئاسية، عيّن الرئيس مرسي القاضي البارز محمود مكّي نائباً للرئيس، وأجرى سلسلة من التغييرات في المناصب العسكرية العليا، وأصدر إضافة إلى دستور مارس 2011 المؤقّت الذي يحكم مصر.
تُلغي هذه الإضافة الجديدة. إضافة سابقة أصدرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة في يونيو، والتي وضعت الجيش خارج إطار الرقابة المدنية، ومنحت المجلس العسكري دوراً تشريعياً، وسمحت له بتعيين جمعية تأسيسية جديدة إذا لم تتمكّن الجمعية الحالية من إتمام مهمّتها.
ينقل هذا الإجراء السلطات التي تولاها المجلس العسكري على مدى السنة ونصف السنة الماضية إلى الرئيس - وبالتالي يمنح الرئيس سلطة تشريعية مطلقة طيلة الفترة الانتقالية. فهو ( الإجراء)، يسمح له، على سبيل المثال، بتعيين جمعية تأسيسية جديدة إذا لم تتمكّن الجمعية الحالية من صياغة دستور جديد.
ومع ذلك، فقد أبقت هذه الإضافة على التسلسل الجديد للمرحلة الانتقالية الذي قرّره المجلس العسكري في يونيو، والتي ستتم فيها كتابة دستور جديد والتصديق عليه وبعد ذلك تعقد الانتخابات البرلمانية. (بعبارة أخرى لا يوجد أي تغيير كبير في التسلسل، الذي تغيّر هو أن التسلسل يقوم على سلطة الرئيس بدلاً من سلطة المجلس العسكري).
{ هل يمكن لمرسي القيام بذلك؟
الجواب القصير هو: نعم، لقد فعل ذلك. لكن الجواب الطويل أكثر تعقيداً بعض الشيء.
سلطة مرسي في تعيين نائب جديد للرئيس لم تكن موضع منازعة، حيث كان الشرط الوحيد هو أن يجد فرداً أو مجموعة من الأفراد الذين يمتلكون المؤهّلات القانونية لخلافة الرئيس.
كانت سلطة الرئيس على التعيينات العسكرية أقل وضوحاً بكثير، لكن من المرجّح أن تبقى التغييرات ثابتة. إذ يبدو أن الإعلان الدستوري المكمّل الذي أقرّه المجلس العسكري في يونيو 2012 قد قلّص الكثير من سلطة مرسي على مثل هذه الأمور. لكن خلال الأسبوع الماضي، اتّخذ مرسي سلسلة من الخطوات التي أكّدت بعض سلطاته بصورة رمزية، بموافقة المجلس العسكري على ما يبدو (وهذه تشمل بعض التغييرات الأقل دراماتيكية في صفوف الموظفين العسكريين وعقد اجتماع للمجلس العسكري برئاسة مرسي نفسه، في تناقض واضح مع الإعلان الدستوري المكمل في يونيو 2012).
تداول المراقبون انطباعاتهم حول ما إذا كانت هذه الخطوات رمزية فقط، أو أنها تبشّر بانتقال السلطة إلى مؤسّسة الرئاسة. ويبدو أن قرارات الأمس أوجدت حلاً لهذا النقاش. وتشير الطريقة التي تقبّل بها الأفراد المعنيّون التغيرات بسرعة إلى أنه بغضّ النظر عن الطبيعة الغامضة للسلطة الرئاسية، لن تكون هناك مقاومة لهذه الخطوة.
أخيراً، بشأن هذه الإضافة الجديدة إلى الإعلان الدستوري، سيحصل مرسي مرة أخرى على الأرجح على النتيجة التي يريدها، على رغم أن احتمال تعرّضه إلى تحدٍّ قوي على أسس قانونية لا يزال ممكناً تماماً.
في الشهر الماضي، قضت محكمة في القاهرة بأنه لامجال للطعن قضائياً في جميع الإجراءات الدستورية التي اتّخذها المجلس الأعلى للقوات المسلحة في الفترة بين إطاحة الرئيس مبارك وانتخاب مرسي، ورأت المحكمة أنه كانت هناك حالة ثورية، وأن الإجراءات التي اتّخذها المجلس العسكري غير قابلة للمراجعة من قبل المحاكم. لكن ضمنياً، لاوجود لمثل هذه الحالة الثورية في الوقت الحالي.
منذ أن تولّى مرسي السلطة، طالب كلٌ من الرئيس والمجلس العسكري، وبطرق مختلفة، بأن تكون العملية التشريعية من اختصاصه. لذلك يمكن لأي محكمة أن تحكم بسهولة بأن مرسوم مرسي الدستوري لايحمل الشرعية الثورية ولا التصديق اللازم من المجلس العسكري بوصفه سلطة تشريعية.
من شأن هذا أن يكون حجّة لها أساس قوي في نصّ الدستور والقانون العام، لكنها ضعيفة في مجال السياسة. إذ ربما ترفض المحاكم الإدارية أو المحكمة الدستورية العليا في الواقع احترام إضافة مرسي. لكن ما لم تكن هناك معارضة قوية من قوة سياسية مؤثّرة (ويبدو أن الخصم الأرجح، المجلس العسكري نفسه، يتوافق مع الرئيس بدلاً من ذلك)، فإن المحكمة التي تتخّذ مثل هذه الخطوة ستكون جريئة في الواقع.
{ هل نسّق مرسي خطواته مع المؤسّسة العسكرية؟
نعم، إلى حد ما. لكن قد لايتّضح مدى هذا التنسيق تماما.
وبشأن التعيينات، يوحي قبولها بشكل سريع من جانب المتضرّرين بحصول بعض المشاورات المسبقة على الأقل مع الجهات الفاعلة الرئيسة. بيد أن شروط التفاهمات التي تم التوصل إليها تبدو أقلّ وضوحاً.
جرت أيضاً بعض المشاورات بشأن الإضافة الدستورية التي أعلنت في 12 غشت (على رغم أنه قيل إنها مؤرّخة في يوم سابق). في بداية هذا الشهر، قال لي مسؤول كبير في الرئاسة إنه تجري صياغة مثل هذه الوثيقة. في تلك المرحلة المعنيّة، كان النقاش يتعلّق بإضافة أقلّ شمولاً في نطاقها، لكنها، مع ذلك، يمكن أن تعتبر محاولة قوية لتسلّم السلطة. وقيل لي أيضاً إنه جرت اتصالات ومفاوضات متواصلة مع القوات المسلحة كجزء من عملية الصياغة. وتولّد لدي انطباع قوي بأن هناك قدراً أقلّ من المشاورات السياسية تجري مع الجهات المدنية الفاعلة، على الأقل في ذلك الوقت.
{ وأين يبقي هذا مصر الآن؟
بعد تنصيب مرسي، حكم البلاد نظام استلزم حصول زواج قسري بين رئيس من جماعة الإخوان المسلمين ولجنة من الجنرالات. وعلى رغم طبيعة هذا الزواج، كان ثمّة دلائل قوية على أن الجانبين كانا يعملان على وضع مجموعة من الترتيبات - تستند إلى تفاهمات هادئة أكثر منها إلى قواعد دستورية مكتوبة - لحكم البلاد بصورة مشتركة. في البداية بدت مؤسّسة الرئاسة، إلى حدّ ما، شريكاً صغيراً مقيّداً في هذه الترتيبات.
الآن تبدّلت الأحوال. الحكم المشترك نفسه لازال قائماً، ولكن أصبح الرئيس فيه طرفاً فاعلاً أكثر قوة. في الواقع، من خلال إلغاء الإعلان الدستوري المكمل الصادر في يونيو 2012 أعاد مرسي طرح نفسه الآن وبصورة قانونية بوصفه رئيساً للمجلس العسكري نفسه (أسند هذا المنصب للرئيس بالقانون، وبالفعل فقد كان مبارك يتولّى رئاسة المجلس حتى اضطر إلى الاستقالة).
هناك مجموعة من مؤسسات الدولة التي يمكن أن تقاوم الهيمنة الرئاسية والتي ستكون حريصة على تأكيد استقلاليتها. ومع ذلك، ربما تتّخذ مثل هذه المعارك شكل حرب عصابات طويلة الأمد بدل أن تكون مواجهة مفاجئة.
اختيار مرسي لمحمود مكي، وهو قاضٍ بارز، لمنصب نائب الرئيس - بعد اختيار أحمد شقيق محمود وزيراً للعدل - قد يكون محاولة لتحقيق مكاسب على حساب المعارضة القضائية. فقد كان الأخوان مكي من الأعضاء البارزين في حركة الإصلاح القضائي في العام 2005، وبالتالي فإنهما يتمتّعان بشيء من المصداقية في الأوساط المعارضة للنظام السابق. وقد تردّدت شائعات أيضاً بأن لدى الشقيقين ميولاًت إسلامية معتدلة، على رغم أن من الصعب تقييم مثل هذه الشائعات، لأنه نادراً ما يكشف القضاة عن مشاعرهم الحزبية، حتى عندما تكون لهم مثل هذه المشاعر.
لكن تعيين قضاة بارزين في مثل هذه المناصب , وانتشار تلميح لفترة وجيزة يشير إلى أن وزير العدل الجديد وضع مشروع قانون قضائياً جديداً سيصدر بموجب مرسوم رئاسي (لا ينتظر البرلمان الجديد) - ربّما يكون وسيلة لإرسال رسالة إلى السلطة القضائية مفادها أن تسوية الخلافات بدلاً من الهجوم المباشر الكامل قد تكون أفضل إستراتيجية بالنسبة لمن يشعرون بالقلق بشأن الرئاسة وصعود الإسلاميين. ليس من الواضح بعد ما إذا كانت مؤسّسة الرئاسة، المتحرّرة بصورة مؤقّتة من وجود عوائق قوية على سلطتها، ستركّز اهتمامها على إعادة هيكلة السلطة القضائية. لكن القضاة سينقّبون بالتأكيد في البيانات والقرارات الرئاسية بحثاً عن مؤشرات على نوايا مرسي.
{ ما هي حال العملية الانتقالية في مصر؟
يبدو من المرجّح أن تستمر الجمعية التأسيسية الحالية في مصر في أداء مهمتها، فإجراءات مرسي ربما تعطيها، في الواقع، بوليصة تأمين غريبة.
سيكون لزاماً على أي معارضين محتملين للجمعية التأسيسية أن يفكّروا مرتين بشأن التشكيك في شرعيتها أو عملها، لأن فشلها سيتبعه تشكيل جمعية تأسيسية يعيّن مرسي أعضاءها بالكامل. وبالمثل، فإن الأعضاء الحاليين غير الإسلاميين في الجمعية ربما يقدّرون أن العضوية القائمة - التي كانت تعمل إلى حدّ كبير من خلال النقاش والتوافق في الآراء - هي أفضل رهان على إنتاج وثيقة دستورية يمكنهم أن يرضوا بها.
أما المحاكم الإدارية، التي تفكّر حالياً في تحدّي الشرعية الدستورية للجمعية التأسيسية، فقد أظهرت دلائل على السماح للهيئة بمواصلة عملها. ومن المرجّح أن يكون القضاة متنبّهين إلى أنه إذا صمدت الإضافة الدستورية التي قام بها مرسي، فسيكون الخيار بين جمعية تضم الكثير من الإسلاميين، وأخرى يعيّنها شخص إسلامي بالكامل.
من المرجّح أن يسفر العمل السريع على تشكيل الجمعية التأسيسية عن وثيقة تشبه دستور العام 1971، لكن مع بعض التعديلات. ويتعيّن تقديم مسوّدة الدستور إلى الناخبين قبل نهاية السنة، وعلى افتراض أنه ستتم المصادقة عليه، فسيتبعه إجراء الانتخابات البرلمانية في غضون شهرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.