في الآونة الأخيرة, امتلأت الصحف الأمريكية والغربية بعناوين وتقارير مفادها أن إيران تواصل شحن الأسلحة إلى حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، بالرغم من العقوبات الدولية التي تمنع حصول فعل هذا الأمر. وإذا ما تجاهلنا الرواية المعروفة ذات المعايير المزدوجة، بشأن كيفية قيام الولاياتالمتحدة بدعم حلفائها من الطغاة والديكتاتوريين، دون أن نسمع أو نقرأ شيئا عنها في وسائل الإعلام الرئيسية، نتأكد من وجود تعارض مباشر بين الروايتين. إن إدارة الرئيس أوباما ترسل أيضا أسلحة إلى سوريا، ولكنها ترسل فقط إلى مجموعة من المقاتلين المتمردين غير المنظمين، الذين لا يمكن الركون إليهم، حيث ان البعض منهم، على الأقل على علاقة وثيقة بتنظيم القاعدة. وإذا كان مجلس الأمن الدولي لم يحظر بالتحديد مثل هذا النشاط، كما فعل بالنسبة إلى مبيعات الأسلحة للنظام السوري، فإن حق النقض الذي مورس في الشهر الماضي، كان من شأنه أن يسمح بمثل هذه المساعدة للمتمردين. وقد حذّر المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية، إلى سوريا، كوفي عنان، من مغبة أي تدخل غربي لمصلحة المتمردين، لأنه، كما قال، من شأنه ان يزيد في خطورة الأوضاع والتدهور الآني. وأنا أطالب منذ أشهر عدة بالتوقف عن أي شكل من أشكال التدخل في الشؤون السورية الداخلية، سواء كان من جانب الولاياتالمتحدة أو بريطانيا أو فرنسا، أو دول الخليج أو روسيا أو إيران، لأن هذا التدخل هو السبب الرئيسي لتأجيج النار وإطالة عمر الأزمة. قد يكون من الصحيح القول ان إرسال أسلحة إيرانية إلى النظام السوري سياسة غير مسؤولة من شأنها ربما ان تزيد في عذابات السكان السوريين وآلامهم. غير ان سياسة الولاياتالمتحدة، هي بدورها، غير مسؤولة ايضا. فقد تحدث العديد من الخبراء والمحللين عن مساوئ تقديم المساعدة إلى المتمردين. وقال «إيد حسين» كبير المحللين في معهد دراسات الشرق الأوسط التابع لمجلس العلاقات الخارجية، ان مساعدة من هذا القبيل يمكن ان تصل إلى أيادي متطرفين. كما ان «مارك لنش» الأستاذ في جامعة جورج واشنطن، والخبير في شؤون الشرق الأوسط، أكد ان «تسليح المعارضة السورية، من شأنه ان يوسع نطاق العنف، وأن يزيد في عدد القتلى من السوريين، دون أن يسفر عن احتمالات إضافية لانهيار النظام. وكما شهدنا في ليبيا، فإن مجموعات المقاتلين ستبدأ بالتنازع على السلطة السياسية، فيما الذين كانوا يدعون إلى عدم اللجوء إلى العنف، أو إلى العمل للوصول إلى حلول سياسية، يصبحون مهمشين. ومن المؤكد أن تسليح المعارضة سيزيد في الطين بلة، ولكن عناوين الصحف الأميركية تصر على أن «إيران تتخطى المعايير والقرارات الدولية»، وذلك لأن هذه الصحف تريد عسكرة الأزمة السورية. إن واقع الأمر هو أن إدارة أوباما رفضت الإعلان بأننا سنرسل أسلحة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إلى المتمردين السوريين. فإذا كانت هذه سياسة بناءة، فلماذا تريد الادارة نفي ذلك؟ ولماذا تقوم به من خلال أنظمة ديكتاتورية في الخليج، تستخدم هي أساليب قمعية للقضاء على المتظاهرين الديموقراطيين؟ بقلم: «جون غليزر» محلل سياسي أمريكي، خبير في شؤون الشرق الأوسط