منذ وقت من الزمن، منذ بروز أول حزب مغربي «كتلة العمل الوطني» وبعد أن تلته أحزاب أخرى «حزب الوحدة المغربية، «حزب الاستقلال» وغيرها من الأحزاب قد تزايد وعي المواطنين فعملت نخبة مثقفة على تأهيل المغاربة للانخراط ضمن الأحزاب بتأطير من زعماء سياسيين كبار.وذلك من أجل إدارة المصالح الذاتية و الجماعية. إن السياسة فن تدبير الشؤون العامة للدولة و توجيهها أو كما يعرف أحيانا أنها فن تقنين وتنظيم استعمال السلطة في المجتمعات البشرية. وفي هذا المجال توجد أغلبية ومعارضة: فإن كانت الأغلبية تمدح سياسة تدبير الشأن العام وتدافع عن الاختيارات السياسية والبرامج المنبثقة عنها،فإن المعارضة تتسم بنقد هذه السياسة وتقدم تصورات وبرامج سياسية بديلة/مخالفة على ما هو عليه الحال و من المؤكد أن ما تتميز به المعارضة هو رؤيتها السياسية المغايرة لرؤية الأغلبية. وللتوفيق بين الطرفين يجب توفير جو يسود فيه احترام قواعد النقاش و التداول بين الفاعلين السياسيين. فإن كان أعضاء الأحزاب وممثليهم في قبة البرلمان يسعون للتعبير عن آرائهم بكل حرية، وطموحهم هو الدفاع عن مصالح المجتمع فيجب أن يتم ذلك في إطار نظام ديمقراطي يحترم الدستور لتجنب كل السلبيات المتوقعة. لكن الأمر الذي لازال مؤسفا في صفوف الفاعلين اليوم؛ هو أن الجل يعتبر أن المعارضة هي من أجل المعارضة و الواقع هو أن المعارضة هي معارضة البرامج السياسية لا الأشخاص عينهم. وما يجب أن يتكرس لدى السياسيين المغاربة هو أنه لا يجب تماما معارضة شخص لمجرد وسط انتمائه أو ظروفه المعيشة، واعتبار ذلك كافيا لمنعه من انخراطه السياسي، فلعل وضعه هذا هو الذي دفع به للانخراط في الحياة السياسية ليدافع عن حقوقه وحقوق غيره ويخدم الصالح العام غيرة على وطنه.في حين توجد حالات يجب فيها معارضة الشخص عينه في حالة كونه غير مؤهل لتمثيل جهته أو فئة معينة.فليس من الممكن لمنخرط فاسد أو سكير أو مختلس أن يدعو للنهوض بقيم المجتمع ومحاربة الفساد والدفاع عن تفعيل قوانين ضد الاختلاس، ويستعمل حرية التعبير والديمقراطية كعنوان لذلك رغم أخلاقه التي تتنافى مع أخلاق المواطن الصالح. صحيح أن الديمقراطية هي السبيل الوحيد لتسيير المجتمع و تدبير شؤونه لكن يجب أن ينتظم هذا في إطار معقلن وفق قيم سياسية وثقافية وأخلاقية ونبد كل الحسابات الشخصية. ففي ظل هذه العراقيل من الواجب خلق سياسة جديدة وبلورتها بتوطيد العلاقة بين السلطة والشعب، والبحث عن مكامن الاختلال وإصلاحها للحصول على مجتمع أفضل. حقا لا يمكن إصلاح كل ما سلف ذكره خلال مدة وجيزة تنحصر في سنة أو سنتين. لكن بالتضامن والعدالة والديمقراطية الحقة سندرك أولا منفعة إقامة سياسة جديدة على المجتمع،بعد ذلك سنقتنع بأن سياسة ناجعة تعني الرفع من مستوى تنمية الدولة، وأخيرا سيتم ممارسة هذه السياسة.