كثيرة هي الحالات التي يلجأ فيها بعض الموظفين أو المستخدمين بأحد المكاتب الوطنية التابعة للدولة للقضاء الإداري إلى المطالبة ببعض الحقوق المادية أو الإدارية التي تم حرمانهم منها تجاوزا للقانون، فيصدر القاضي الإداري أمرا استعجاليا أو حكما -حسب الحالة- طبقا للقانون، ليعيد للموظف أو المستخدم ما حُرِمَ منه. عن المحكمة الإدارية بالبيضاء، وهي متكونة من الأساتذة: عبد السلام نعناني رئىسا، فكير عبد العتاق مقررا، وأحمد نفيل عضوا، بحضور الأستاذ المصطفى الدحاني مفوضا ملكيا وبمساعدة مصطفى عوان كاتبا للضبط، صدر حكم ابتدائي بتاريخ 25 ماي 2005 في الملف رقم 05/19 غ قضى بتسوية الوضعية الإدارية والمالية للمستخدم المدعي ابتداء من تاريخ تعيينه ضمن إطاره بالسلم 14. ندرجه تعميما للمعرفة القانونية ودعما لعمل القضاء الإداري المطبِّق السليم للقانون. بناء على المقال الافتتاحي للدعوى المقدم من طرف المستخدم بواسطة نائبيه الأستاذين عمر لكطيف والجيلالي البعزي المحاميين بالدار البيضاء أمام كتابة ضبط هذه المحكمة والمؤداة عنه الرسوم القضائية بتاريخ 10 يناير 2005، يعرض فيه أن مكتب استغلال الموانئ تمارس به عدة مهن تتنوع بتنوع الخدمات التي يقدمها وأنه قرر توظيف تقنيين تستجيب مؤهلاتهم للتكنولوجيا الحديثة. وبالفعل، تم توظيف أول فوج في سنة 1986 وتلته أفواج أخرى لتقنيين جدد، دون مراعاة مقتضيات النظام الأساسي المذكور، وأن هؤلاء التقنيين كان يجب -حسب مقتضيات النظام الأساسي لمكتب استغلال الموانئ- تسميتهم بالسلم 12 أو 14 وليس السلم 10، وأن الإدارة في بعض الموانئ قد التزمت بمقتضيات النظام الأساسي لمكتب استغلال الموانئ فعينت الملتحقين بها بالسلم المناسب قانونا، ويتعلق الأمر بمراكز: الناظور، المحمدية، القنيطرة، الإدارة العامة. ونفس الخطأ وقعت فيه الإدارة تجاه العارض إذ تم تعيينه بالسلم 10 بدل السلم 14 بتاريخ 1994/04/25، وأن إدارة مكتب استغلال الموانئ لايمكنها التنصل من التزاماتها وخرق مقتضيات النظام الأساسي. لهذه الأسباب يلتمس أساسا الحكم على مكتب استغلال الموانئ في شخص ممثله القانوني بتطبيق النظام الأساسي لهذا المكتب؛ وذلك بالقول إن العارض كان يجب أن يسمى عند التحاقه بمكتب استغلال الموانئ بالسلم 14وليس بالسلم 10 مع الحكم بإلغاء قرار التسمية بالسلم 10 وأمر مكتب استغلال الموانئ بتسوية وضعية العارض الإدارية حسب مقتضيات النظام الأساسي؛ وذلك منذ تاريخ توظيفه، واحتياطيا الأمر بإجراء خبرة واحتياطيا جدا الحكم تمهيديا بإجراء بحث بحضور الأطراف. وبناء على جواب مكتب استغلال الموانئ بواسطة نائبه يعرض فيه من حيث الشكل أن توظيفه المدعي، كان سنة 1994 وأن المدعي سجل مقاله بهذه المحكمة بتاريخ 2004/12/21، مما يعد خرقا لمقتضيات الفصل 23 من القانون 41/90 يستوجب عدم قبول طلبه. ومن حيث الموضوع فإن المدعي تم توظيفه لدى العارض في مهام إدارية وأنه تم ترتيبه في السلم 10 المطابق للإمكانية المتوفرة والتي من أجلها تم تشغيله. وتجدر الإشارة إلى أن المهام التي كلفه بها المدعي هي مهام إدارية وليست مهام تقنية وأن الدبلوم المستدل به يشكل فقط الحد الأدنى المطلوب لاجتياز المباراة. لهذه الأسباب يلتمس في الشكل الحكم بعدم قبول الطلب وفي الموضوع رفض الطلب. وبعد المداولة طبقا للقانون: في الشكل: حيث تمسك مكتب استغلال الموانئ بكون الدعوى معيبة شكلا لتقديمها خارج الأجل القانوني المحدد قانونا لتقديم دعوى الإلغاء. وحيث إنه حقا فإن دعوى إلغاء القرارات الإدارية يقتضي تقديمها داخل أجل الستين يوما الموالية لصدور القرار المطلوب إلغاؤه تحت طائلة عدم قبولها وهو الشيء الذي لا ينطبق على نازلة الحال التي لا يروم المدعي من ورائها إلغاء قرار إداري وإنما يطالب بمضمونها بتسوية وضعيته الإدارية والمالية لدى المكتب المدعى عليه ومن ثمة فلا يلزم المدعي أثناء تقديمها بالتقيد بأجل الستين يوما الواجب احترامها عند تقديم دعوى الإلغاء، مما يتعين معه رد هذا الدفع. وحيث إن الطلب قدم من ذي صفة ومصلحة للتقاضي وجاء مستوفيا لكافة الشروط المتطلبة قانونا، فهو بذلك مقبولا شكلا. في الموضوع: حيث إن الطلب يرمي إلى الحكم على مكتب استغلال الموانئ بتسوية وضعية المدعي؛ وذلك بإعادة ترتيبه في السلم 14 ابتداء من تاريخ توظيفه. وحيث إن اجتياز المدعي لمباراة انتقاء التقنيين بنجاح كان يتوجب معه على المكتب تعيينه في السلم 14 الموازي لمستواه التعليمي وللشهادة المحصل عليها من طرفه طبقا لمقتضيات النظام الأساسي لموظفي المكتب الذي يحدد بمقتضاه التعيين بالسلم 14 لكل حاصل على شهادة الباكالوريا زائد سنتين في الدراسات المتخصصة مصادق عليها بشهادة، وهو الأمر الذي ينطبق على المستخدم الذي بتوافره على هذه الشروط يكون محقا في المطالبة بضرورة تعيينه بالسلم 14. حيث إن ما تمسك به المكتب المدعى عليه من كون المدعي تم توظيفه في السلم المطابق للإمكانيات المتوفرة لدى المكتب وإن المهام التي كلف بها هي مهام إدارية توازي السلم العاشر يبقى غير ذي أثر في النزاع طالما أن الأمر يتعلق بحق يضمنه النظام الداخلي الأساسي لموظفي المكتب والذي يتوجب احترامه ضمانا لاستقرار الأوضاع الإدارية والمادية وانسجاما مع الغاية من إقراره الأمر الذي ينهض سببا لعدم الالتفات إلى الدفع المذكور. وحيث إنه واستنادا لما سبق بيانه يكون طلب المدعي مرتكزا على أساس قانوني سليم الأمر الذي يناسب التصريح باعتباره والأمر بتسوية وضعية المدعي بالسلم 14 ابتداء من تاريخ تعيينه به.